* مات عوض عشيب صاحب القلب الكبير , والمنطق القوي والإنسان الطيب, والعصامي الذي استطاع أن يشق طريقه بنجاح مطرد. * توفى أمس الأول علماً من إعلام العمل الإداري في كرة القدم.. توفي عوض عشيب الذي كان يصلح ذات البين بين كل الرياضيين وحدثت وفاته بعد أن ظل يصارع المرض لعدة سنوات. ورغم ذلك لم يبتعد ليظل هو نفسه عوض عشيب الذي كانت الابتسامة لا تفارق شفاهه. * عوض عشيب كان يعتبر من دهاقنة العمل الرياضي بالسودان واكتسب ذلك بالتجارب والممارسة. عوض عشيب رغم بساطته كان صاحب رأي قوي وكان باستطاعته مقارعة أكبر المتعلمين بحجته القوية وتمرسه الذي اكتسبه من حبه للعمل الرياضي ليصبح عوض عشيب حجة في قوانين الكرة التي ظل يحفظها عن ظهر قلب. * عوض عشيب أول بدايته في العمل الرياضي كان بنادي الهلال الذي من خلاله استطاع عوض عشيب أن يكسب تجارب عديدة وصداقات كثيرة .. كلهم عرفوا معدنه إذ كان عوض عشيب من معدن لا يصدأ. * عوض عشيب قبل أن يبدأ العمل الرياضي بالهلال والاتحادين المحلي والعام عمل إدارياً في بعض الأندية الصغرى ومن خلالها تعلم وتعلم أكثر وأكثر عندما بدأ العمل بنادي الهلال. * شخصية عوض عشيب وشغله لعدة مناصب في الاتحادات والأندية جعلته يشغل العديد من المناصب, وكمثال لذلك استطاع عوض عشيب عندما عمل إدارياً باتحاد الكرة الخرطوم أن يشغل مناصب عديدة إلى أن صار نائباً لرئيس اتحاد الخرطوم في نهاية السبعينات. * الأخ عوض عشيب كان شعلة نشاط متحركة ما أن يحدث أي خلاف في أي اتحاد كرة بالسودان إلا ويكون عوض عشيب هو واسطة خير.. إذ كان دائماً يجعل الأمور لتعود إلى نصابها والمياه إلى مجاريها بين أصحاب الخلافات ليكون عوض عشيب دائماً واسطة خير من شدة احترامه كانت الخلافات التي تحدث تذوب سريعاً بتدخل عوض عشيب صاحب القلب الكبير. * هناك موقف شخصي بيني وبين عوض عشيب عندما كان نائباً لرئيس اتحاد الكرة بالخرطوم.. ففي إحدى المباريات رأى شخصي الضعيف يقف في صف تذاكر الدخول لإحدى المباريات وأنا ذاهب لقطع تذكرة الدخول وعندما دخلت إستاد الخرطوم رأيته ينتظرني بالداخل وقال لي: لماذا تقطع تذكرة وأنت صحفي لازم تكون عندك بطاقة دخول للمباريات ؟ .. فقلت له إنني لم أطالب ببطاقة دخول وأفضل أن أقطع تذكرة لدخول المباريات فكان أن وجه لي لوماً شديداً قائلاً لي: إن بطاقة الدخول هي حق يكفله صفتك كصحفي.. فشكرته على ذلك الشعور الذي أبداه نحو شخصي الضعيف فكان أن طلب مني أن أذهب في اليوم التالي لإستاد الخرطوم مع إحضار صورة لاستخراج بطاقة دخول للمباريات، وقال لي: أنا سأكون في انتظارك بمكاتب الاتحاد إلا أنني للأسف الشديد لم أذهب كما وعدته.. وبعد عدة أيام قابلني بسوق أم درمان ووجه لي اللوم لعدم حضوري للاتحاد كما وعدته فما كان منه إلا أن طلب مني إحضار الصورة وتسليمها له بدار الرياضة بأم درمان حيث كان من المداومين على دخول دار الرياضة وفعلاً سلمته الصورة ولم أسأل عن البطاقة.. وفي أحد الأيام وأنا في طريقي للجلوس في المسطبة الوسطى بدار الرياضة بأم درمان كان عوض عشيب جالساً في الصف الأمامي فحياني تحية طيبة وأدخل يده في جيبه وأخرج لي ظرفاً استلمته منه فوجدت في داخله بطاقة باسمي لدخول دور الرياضة فشكرته كثيراً. * هكذا كان عوض عشيب هو أول من استخرج لشخصي بطاقة دخول للمباريات وكان ذلك موقفاً لم أنساه له لأن ما أقدم عليه أكد لي مدى تقديره لخشي وما أكتبه من كتابات توثق تاريخ الكرة والمباريات والأحداث الرياضية. * كل ذلك تذكرته عندما سمعت بوفاة عوض عشيب أمس الأول إذ لاح أمامي شريط أول مقابلة لي معه وماحدث فيها من تقدير لشخصي الضعيف. * عوض عشيب رغم أنه فقد بصره قبل عدة سنوات إلا أن ذلك لم يجعله يتوقف عن مجاملة الكثيرين إذ دائماً تراه موجوداً في المناسبات سواءً كانت مناسبات أفراح أو مناسبات أتراح.. عوض عشيب كان دائماً يكون أول الحاضرين رغم ما كان يعاني منه وهذا أن دل على شئ إنما يدل على مدى احترام عوض عشيب وتقديره للكل. * رحم الله عوض عشيب – الإنسان الطيب, الودود, العصامي, صاحب القلب الكبير والسيرة الحسنة.. رحمه الله رحمة واسعة وأدخله فسيح جناته مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقاً.