إجتماع مهم لمجلس المريخ غدا    صلاح-الدين-والقدس-5-18    المضادات الأرضية التابعة للجيش تصدّت لهجوم بالطيران المسيّر على مواقع في مدينة بورتسودان    ما حقيقة وجود خلية الميليشيا في مستشفى الأمير عثمان دقنة؟    محمد وداعة يكتب: عدوان الامارات .. الحق فى استخدام المادة 51    الولايات المتحدة تدين هجمات المسيرات على بورتسودان وعلى جميع أنحاء السودان    التضامن يصالح أنصاره عبر بوابة الجزيرة بالدامر    اتحاد بورتسودان يزور بعثة نادي السهم الدامر    "آمل أن يتوقف القتال سريعا جدا" أول تعليق من ترامب على ضربات الهند على باكستان    شاهد بالفيديو.. قائد كتائب البراء بن مالك في تصريحات جديدة: (مافي راجل عنده علينا كلمة وأرجل مننا ما شايفين)    بالفيديو.. "جرتق" إبنة الفنان كمال ترباس بالقاهرة يتصدر "الترند".. شاهد تفاعل ورقصات العروس مع فنانة الحفل هدى عربي    بالفيديو.. "جرتق" إبنة الفنان كمال ترباس بالقاهرة يتصدر "الترند".. شاهد تفاعل ورقصات العروس مع فنانة الحفل هدى عربي    شاهد بالفيديو.. شيبة ضرار يردد نشيد الروضة الشهير أمام جمع غفير من الحاضرين: (ماما لبستني الجزمة والشراب مشيت للأفندي أديني كراس) وساخرون: (البلد دي الجاتها تختاها)    شاهد بالصورة.. المذيعة المغضوب عليها داخل مواقع التواصل تسابيح خاطر تنشر صورة حديثة وتسير على درب زوجها وتغلق باب التعليقات: (لا أرىَ كأسك إلا مِن نصيبي)    إنتر ميلان يطيح ببرشلونة ويصل نهائي دوري أبطال أوروبا    الهند تقصف باكستان بالصواريخ وإسلام آباد تتعهد بالرد    برئاسة الفريق أول الركن البرهان – مجلس الأمن والدفاع يعقد اجتماعا طارئاً    ترمب: الحوثيون «استسلموا» والضربات الأميركية على اليمن ستتوقف    والي الخرطوم يقف على على أعمال تأهيل محطتي مياه بحري و المقرن    من هم هدافو دوري أبطال أوروبا في كل موسم منذ 1992-1993؟    "أبل" تستأنف على قرار يلزمها بتغييرات جذرية في متجرها للتطبيقات    وزير الطاقة: استهداف مستودعات بورتسودان عمل إرهابي    أموال طائلة تحفز إنتر ميلان لإقصاء برشلونة    بعقد قصير.. رونالدو قد ينتقل إلى تشيلسي الإنجليزي    ما هي محظورات الحج للنساء؟    شاهد بالصورة والفيديو.. بالزي القومي السوداني ومن فوقه "تشيرت" النادي.. مواطن سوداني يرقص فرحاً بفوز الأهلي السعودي بأبطال آسيا من المدرجات ويخطف الأضواء من المشجعين    توجيه عاجل من وزير الطاقة السوداني بشأن الكهرباء    وقف الرحلات بمطار بن غوريون في اسرائيل بعد فشل اعتراض صاروخ أطلق من اليمن    الأقمار الصناعية تكشف مواقع جديدة بمطار نيالا للتحكم بالمسيرات ومخابئ لمشغلي المُسيّرات    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المقارنة والتأويل في منظور عبد الله العروي ..عبد المالك البيار
نشر في حريات يوم 12 - 06 - 2013


تمهيد
يعد التاريخ في أحد معانيه، سلسة من الأحداث والظواهر والبنيات المتعاقبة سواء اتصلت أو وقع فيها انكسار، امتد السند والرواية أو توقفا لعامل من العوامل المرتبطة بالمؤرخ/ الفقيه، أو لعوامل خارجية فرضت الانكسار، أما تعاريفه فهي مختلفة لحد أنها تتعدد بتعدد الزوايا التي تتم من خلالها النظر إليه.(1)
وعندما كان المؤرخون القدامى يكتبون التاريخ، كانوا يدونون بالطبع ما يرون في نظرهم أنه مهم، ويغفلون أو يتغافلون، لأسباب ذاتية أو موضوعية، عن أشياء لم يروا أي داع لذكرها ولا التنبيه إليها، لكنهم لم يتساووا في تدويناتهم. فكان منهم المقل في الخطاب، ومنهم المكثر في الحديث عن نفس الحدث التاريخي. كما كتب الرحالة ما شاهدته أعينهم واتسعت له عقولهم، فأحاطوا بأشياء لم يحط بها سابقوهم، وعندما كتب مؤلفو المناقب أضافوا أشياء جديدة لم يتعرض لها غيرهم، وهكذا توالت كتابات الإسطغرافيا التاريخية كما توالى ظهور تآليف لا تصنف ضمنها، ولكنها شكلت بحق كنوزا سماها الفقيه محمد المنوني رحمه الله بالمصادر الدفينة.
هكذا أصبح المؤرخ المعاصر مدعوا للتنقيب في الأثار والبحث في المصادر والعروج على تآليف الجغرافيا، والاستعانة بكتب االمناقب واستنطاق الرواية الشفوية من أمثال شعبية وحكاوي وغيرها إلى الاطلاع في كتب الأجانب سواء الدبلوماسية أو العسكرية أو الاقتصادية،…
وفي كل عمل المؤرخ المنصب على المخلفات التاريخية (مكتوبة أو دفينة، منقوشة أومسكوكة، مكشوفة أو مضمرة…) يجاهد الزمن والموضوع وذاته لكي يقوم بدوره الدراسي تجاه ما بين يديه، قبل أن ينتقل إلى تقمص شخصية القاضي لكن بالطبع في محكمة التاريخ عندما يتوفر على الشاهد المادي/ الصامت.(2)
يرى المشتغلون بعلم التاريخ، أن الإنتاجات القديمة رغم أهميتها القصوى من حيت الكم أو الكيف، لا تحقق ذلك الهدف السامي الذي يطمحون إليه عندما يبحثون في مفهوم التاريخ من حيث أنه "تساؤل عن المصير والبداية والنهاية، عن الزمان، وعن الوجدان الإنساني…"(3)
يذهب الباحثون في التاريخ المغربي مذاهب شتى في طرح الحل لملء ما يسميه محمد الأشعري ب"مناطق البياض"(4) في هذا التاريخ. فيدعو صنف إلى إعادة كتابته من جديد، ويرفض أخرون تلك الدعوى ويصفونها بأنها "مجرد تقلعيات" تحت مبرر أننا لم نصل حد الكفاية من التأليف والبحث في مضان التاريخ المغربي لجمع شتات الحلقات المفقودة منه، (نموذج الحسين بولقطيب)(5) وينطلق أخرون بكثير من الإصرار في مسيرات بحثهم نحو التاريخ الاجتماعي (حالة الأستاذ عبد الأحد السبتي ومن يسايرونه).
أما الأستاذ العروي الذي يمكن أن أزعم أنه يشكل لوحده مدرسة تاريخية قائمة الذات، فإنه يقترح علينا الاستفادة من باقي العلوم لمزيد من القراءات المتعددة الأوجه للوثيقة التاريخية. غير أن المؤرخ المغربي المتميز يواصل سبر أغوار المصادر والتفكير في المناهج والآليات التي يمكن أن تحقق سد هذه الفجوات التاريخية. وهكذا اقترح في درسين افتتاحيين بكليتي الآداب مراكش والبيضاء مسارات جديدة أو بالأحرى عمق التفكير فيما سبق الإشارة له ببعض مؤلفاته الغزيرة.
إن الباحث مهووس بطرح الأسئلة وهو في مستوى الاستفهام عن الشيء مرتبط بالإجابة عن سؤال "ما هذا"؟ بينما ينتقل عند مستوى التفسير الذي يفترض التعمق في الإجابة عن سؤال "لماذا"؟ وفي مجال التاريخ يكون المؤرخ رهينا باستنطاق المصادر والشواهد بكل أنواعها.(6)
تتوخى هذه الورقة طرح إشكالية معالجة الانقطاع التاريخي، كما يقترح ذلك الأستاذ العروي عبر آليتي المقارنة والتأويل بهدف التضييق أو سد تلك الثقوب في المسار التاريخي لموضوع معين أو جماعة ناشئة أو طائفة حزبية،… في أفق استكمال كتابة التاريخ المغربي وتحقيق تلك المراجعات الحقيقية على مستوى الهيكل الجامعي بجمع التاريخ مع علوم المجتمع الأخرى وهي "السياسة والجغرافيا البشرية تم علم النفس تم التربية" حيت نجدها اليوم موزعة عندنا ومجتمعة عندهم (الغرب)(7).
إن العروي لا يقصد في كتاباته كل تأويل ولا أية طريقة من المقارنة، ولكنه يؤسس مقاربته للانقطاع التاريخي على نوع خاص من التأويل(8) ويعتمد مقارنة هادفة منهجية.(9) فأي تأويل يقصد المفكر المغربي؟ وإلى أي مقارنة يستدعينا للتفكير فيها كمهتمين؟ ثم أي صنف من الشواهد يراه حاسما في التأويل التاريخي فيحثنا على التعامل معه؟ وهل استخدم العلامة ابن خلدون – حسب العروي- التأويل والمقارنة أم افتقدهما؟ وأين توقف وتقدم غيره؟.
تستدعي الإجابة على هذه الأسئلة التطرق لدرسين افتتاحيين لعضو أكاديمية المملكة المغربية بكل من كليتي الآداب بمراكش سنة 2000، وبن مسيك السنة الجارية، تم العودة إلى كتابيه مفهوم التاريخ، وثقافتنا في ضوء التاريخ.
وسأعمد إلى مقاربة الموضوع من خلال:
لمحة تاريخية عن المفكر عبد الله العروي، فمقدمة تحدد دواعي ابن مدينة أزمور في الحديث عن موضوع التأويل والمقارنة كاجتهاد لحل مشكل توقف السند التاريخي، وتشبيهه في الدرس الثاني لدور المؤرخ بدور القاضي في الحكم على الغير، وأهم دليل يجب أن يعتمده الإثنان. وفي المبحث الأول سأتحدث عن مفهوم المقارنة عند العروي وأصنافها وتلك التي يدعو إلى اعتمادها، تم أنتقل إلى تحديد نوع المقارنة التي وظفها ابن خلدون كما يحلل الأمر عبد الله العروي.
أما المبحث الثاني فأخصصه لمفهوم التأويل واجتهاد الأستاذ السابق بجامعة كاليفورنيا فيما بين 1976 و1970، في الانتصار لنوع خاص منه عله يشكل مدخلا سليما لرأب الصدع في المسارات التاريخية غير المكتملة، وأرصد فيه حديث العروي عن ابن خلدون ومدى تمثله للتأويل في تآليفه.
وأختم في الأخير بالحديث عن دعوة مفكرنا إلى إعادة هيكلة التعليم الجامعي المغربي لتجميع علوم يسميها "علوم المجتمع" يرى ضرورة أن تجتمع لتجاوز إعاقة المسيرة الإصلاحية بالمغرب.
لمحة عن حياة عبد الله العروي.
بدأ عبد الله العروي الكتابة في سن مبكرة فزاوج بين التأليف الفكري والأدبي، دون أن ننسى إنتاجاته كمؤرخ وهي الصفة المحببة إلى نفسه. ولد عبد الله بن الحسن العروي سنة 1933 بمدينة أزمور، وهو ينتمي إلى أسرة ذات وجاهة في ق19 وبدأ تعليمه الابتدائي الفرنسي بالكامل في نفس المدينة. وفي سن السادسة فقد والدته، فحكى عن جزء من هذا الفقدان في روايته "اليتيم" التي ألفها سنة 1978. انتقل بعد ذلك إلى مدينة مراكش حيت واصل دراسته قبل أن يحصل على الباكلوريا بمدينة الرباط.
واظب العروي على القراءة لكبار المفكرين الغربيين مثل "نيتشة" و"شكسبير"، واختار في الجامعة دراسة العلوم السياسية التي حصل فيها على الإجازة، ثم انتقل إلى دراسة التاريخ فنال شهادة الدراسات العليا سنة 1958 حول موضوع التجارة والملاحة العربية في المحيط الهندي بين القرنين العاشر والرابع عشر، ثم سيحصل على التبريز في الإسلاميات سنة1963، وسيشرع في التدريس في كلية الأداب بالرباط. أربع سنوات بعد ذلك سيصدر مؤلفه الأول "الأيديولوجيا العربية المعاصرة" الذي انتقد فيه النخبة العربية والمغربية، وأعلن فيه دفاعه القوي على الحداثة كاختيار فكري وصريح وواضح سيبرز في جميع ما سينتجه المفكر المغربي.(10)
وسيصدر لاحقا ابن مدينة أزمور إنتاجا أدبيا متميزا تمثل في رواية "الغربة" سنة 1974. ستتوالى إنتاجاته الفكرية والأدبية مثل "العرب والفكر التاريخي" سنة 1973، و"أزمة المثقفين العرب" سنة 1971، تم أخرج إلى القراء رواية "اليتيم" سنة 1978، وبعدها سيتحول إلى الكتابة حول المفاهيم فجاءت ثلاثيته "مفهور الأيديولوجيا" سنة 1980، وبعدها بسنة جاء كتابيه "مفهوم الحرية" و"مفهوم الدولة". تتابعت إنتاجات العروي المتميزة بحبكة المؤرخ والمفكر والأديب فكانت رواية "أوراق" سنة 1989، تم جاء كتاب "مفهوم العقل" سنة 1996، وبعده بثلاثة سنوات جاءت رواية "غيلة". وتميزت كتبه باللغة الفرنسية بالنضج والعمق الشديدين. وأغنت كتب التاريخ الخزانة المغربية في المجال، ومن بينها "مجمل تاريخ المغرب" كما أنتج "خواطر الصباح" التي باح فيها ببعض حميميته.
إن هذا التنوع بين مجالات التاريخ والأدب والفكر هو ما دفع الباحث مصطفى النحال إلى وصفه بأنه "كاتب واحد في جبهات متعددة"،(11) أو بالأحرى إنه مفكر بصيغة الجمع، يقوم مشروعه على مدخلين هما الطرح الفكري لقضايا أساسية تهم المجتمع والطرح الإبداعي حيت تحضر المواقف والأنساق الفلسفية.(12)
تعد القضايا التي تشغل بال المؤرخ عبد الله العروي متعددة بتعدد الإشكالات التي تواجه المجتمعات العربية، لكن تبقى مواقفه ودفاعه المستميت على الحداثة أحد أهم القضايا الكبرى التي تبرز في مؤلفات الكاتب الخاص للمهدي بن بركة. هذا التعاطي مع الحداثة ينطلق من صفته كمؤرخ.(13)
ويعتبر محمد سبيلا دفاع العروي عن الحداثة بما هي "ثورة صناعية وسيادة العلوم والمنطق العلمي في طريقة التفكير والأداء الديموقراطي في مجال السياسة وتدبير الشأن العام"(14) مرده إلى أنها تعتبر التاريخ صيرورة موضوعية وحتمية".(15)
يدافع المفكر المغربي المتميز عن ضرورة امتلاك المغاربة لمدرسة تاريخية وطنية تدرس تاريخهم وتكتبه، وهو بذلك يريدنا أن نبحت في ماضينا لا أن نترك غيرنا يكتبه لنا، حتى يمكننا أن نصنع مستقبلنا.
مقدمة
يطرح الدكتور عبد الله العروي إشكالات منهجية تتعلق بالكيفية الأمثل لملء الفراغ في التاريخ المغربي ويحاول المؤرخ أن يجرب أفضل السبل لتقديم الإجابات عبر اقتراحات فكرية ومنهجية للإجابة على هذه الإشكالات على أمل سد هذه الفراغات.
في درسه الافتتاحي بكلية الآداب بمراكش حول علوم المجتمع تحت عنوان "تأصيل علوم المجتمع: المقارنة والتأويل"، بادر المحاضر إلى طرح أسلوبي المقارنة والتأويل في التعامل مع الحدث التاريخي لمزيد من فهم حركية التاريخ حتى يمكن "تطويعه" والتعامل معه بشكل أفضل، ويرى العروي أن ما يحفز الباحث في التاريخ على الخوض في المقارنة هو أنها "مجال في علوم المجتمع، والتاريخ جزء واحد منها، في اتساع مستمر"، عكس ما يقع في عالم النبات والحيوانات، حيت نلاحظ استقرارا في الأشياء المقارنة. ويؤكد أن "العينات المجتمعية التي يمكن أن تصلح للمقارنة في خلق مستمر"،(16) الأمر الذي يسمح لنا كدارسين في التاريخ أن نخضع الأحداث والبنيات التاريخية للمقارنة حتى يمكن الوقوف على جوانب التشابه ومواطن الاختلاف.
ورغم أن دعوته شديدة إلى إجراء مقارنة أو مقارنات واسعة فإن صاحب كتاب مفهوم الحرية لا يجوز "الوقوف على نوع واحد من المقارنة مهما تكن أهميته التاريخية"،(17) فيدعو بالمقابل إلى درجات من المقارنة وأنواع منها.
ويعتبر المحاضر أن العلامة بن خلدون مثلا "عندما اكتفى بالمتاح من المقارنة فإنه لم يتجاوز التنظير لمرحلة معينة من حياة المجتمعات وهي مرحلة الانتقال من البداوة إلى الحضارة".(18) ومن هنا كان حكم العروي على ابن خلدون مزدوجا، فقد اعترف بعبقريته وأهميته على المستوى العالمي من جهة، ولكنه من جهة أخرى خلص إلى أننا "لا نستطيع أن نقيم على اجتهاداته صرح علم مجتمع عصري ومنفتح على المستقبل أي قادر على استكشاف التطورات المحتملة".(19)
لا يكتفي أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة محمد الخامس، في طرحه لطرق علاج السرد التاريخي بالمقارنة، ولكنه يربطها بممارسة التأويل لأن الوقوف عند الأولى دون تجاوزها إلى الثاني يعد فقط "تصنيفها" كما هو الحال عند عالم الطبيعة.(20) فممارسة التأويل ضرورية والحاجة إليه تزداد عندما ننتقل من محيط إلى أخر أو عند حدوث أمر طارئ (مثل مجرد مرور الزمن، سكوت الراوي،…) ويتوقف التأويل على الفهم الجيد، أما المؤرخ فيضطر إليه عند انقطاع السند.(21)
أما في الدرس الثاني الذي ألقاه مؤلف كتاب مفهوم الدولة في افتتاح الموسم الدراسي الحالي بكلية الأداب بنمسيك بمدينة الدارالبيضاء، تحت عنوان "المؤرخ والقاضي"، وخصصه للحديث عن دورهما، فقد حاول فيه الانتصار لضرورة اعتماد الشاهد الصامت/ المادي على استعمال الرواية الشفوية، من كل من المؤرخ والقاضي على حد سواء، لأن "مفهوم الشهادة واحد عندهما وطرق التمحيص أيضا واحدة".(22)
وهكذا يمكن للمؤرخ، أن يتقمص دور القاضي في محكمة التاريخ بالنسبة لقضايا الماضي، ويمكن للقاضي أن يطمئن على أحكامه اعتمادا على الشاهد المادي. ومرد تخصيص العروي درسه لموضوع "المؤرخ والقاضي" هو ما شهدته فرنسا على شاشات قنواتها الإعلامية من مراجعة لمحاكمات قضائية شهيرة كحالة ملكة فرنسا "ماري أنطوانيت" التي اتهمت بالخيانة العظمى والتآمر مع العدو، فأدينت وأعدمت سنة 1794.(23)
تجدر الإشارة إلى أن العروي ينبه إلى كون المنطق الذي تحكم في إعادة النظر في هذه المحاكمات هو "حكم المؤرخ على القاضي بإيعاز من الصحافي".(24) مع أنه يجب أن نستوعب جيدا أن شروط الأخير، أي الصحافي، تتميز ب"الآنية والتبسيط وسرعة القرار، وأن منطق المؤرخ يقوم على نسبية القوانين والأحكام وهو ما لا يتوفر عند القاضي عندما يقضي".(25) وفي العمق يريد أن يؤكد الكاتب على أن الشاهد المادي هو ما يمكن أن يحسم في الأحكام القضائية كما في الأحكام التاريخية.
لهذه الأسباب: مراجعات الأحكام القضائية، والابتعاد عن الرواية الشفوية أو على الأقل جعلها ثانوية، حشد العروي في درسه المتميز حججه للانتصار لقانون طبيعي يطبق على مجموع الجنس البشري وعلى تاريخ عام يهم البشرية كوحدة. وهو قانون يراه ثمرة من ثمار الثورة العلمية التي أخذت مسارا عميقا في القرن 19، عندما أبدلت علومها الشاهد البشري بالشاهد المادي.(26) إذن فماذا يقصد عبد الله العروي بالمقارنة وأي نوع يحثنا عليه؟
المبحث الأول: مفهوم المقارنة عند العروي وأصنافها وما سلكه ابن خلدون
1- مفهوم المقارنة وأصنافها
يتحرك التاريخ عندما تتعارض الإرادات وتتصارع بين الفاعلين فيه، فينطلق السرد التاريخي ليصف بدقة "مواقف بطولية مأساوية"، وتلك من خصوصيات التأليف العربي، الذي يهدف إلى "استخلاص العبرة" التي هي في العمق"تربية للإرادة"، هكذا يتحول التاريخ بهذه الطريقة إلى "مجموعة أدوار ومواقف" تعكس البداية والنهاية وأهم الانعطافات في تاريخ الدولة.(27) فيهيمن "الموقف الأخلاقي" في الكتابة ونكون أنداك بصدد "التاريخانية" حيث يصبح المؤرخ "مخبرا عن الأخلاق وبالتالي عن السياسة" فأين الاقتصاد والاجتماع والثقافة وعامة الناس وضعفاؤهم ومواقف المعارضة والمجاعات والأوبئة والماء والأرض؟.
إن المؤرخ الذي يتعاطى للجانب السياسي، تحت سطوة الأخلاق والعبرة، غالبا ما يكون سكوته عن رصد الأحداث السياسية والبطولية للحاكم انقطاعا تاريخيا، كما أن الأخير قد يكون نتاجا لبعد زمني أو لحديث محتشم للمؤرخ عن مالا يعتبره حدثا تاريخيا يستحق الاهتمام.
إن المقارنة في ظل هذا الصمت/ الانقطاع تبدو ضرورية، وعلى المؤرخ أن يستعد لها نفسيا وأن تكون له القابلية في الذهاب فيها بعيدا. وأول ما يستعد به لإجراء مقارناته هو "الموضوعية" حيت يضع نفسه في مقابل الموصوف، ب"اعتباره من البدء خارج الذات غير خاضع لأوامرها". وذاك إن تحقق جزء من الفكر العلمي.(28)
على أنه يبقى التحدي الأكبر أمام المشتغل على فعل المقارنة هو إدراكه أنها أثناء وبعد إنجازها لا تستلزم بالضرورة الموافقة، وهنا يجب التحذير من أن المؤرخ الذي يعمد إلى إجراء المقارنة بمعنى "المعادلة والمماثلة"، وهو الصنف الأول منها، فإنه قد تنحرف به إلى التلفيق حتما، وإن سمّى أعماله "توفيقا".(29)
إن المؤرخ أمامه أيضا صنف ثان من المقارنة لابد أن يسبقه بعملية وصف دقيقة وأمينة للظواهر قبل تعريفها وتصنيفها.(30) إن هذا الصنف يقوم على المعارضة والمفارقة، والنظر إلى الأحداث والوقائع كما هي باعتبارها "وحدة تعكس المجموع في جزئية أو حالة أو خاصية".(31) يعني هذا حسب العروي أنه "لا يجوز الوقوف عند نوع واحد من المقارنة، مهما تكن أهميته التاريخية".(32)
إن المقارنة كما هي أصناف، فهي درجات تختلف بحسب مجال المقارنة وامتداداته فهي داخلية عندما يقتصر المؤرخ على إجرائها ضمن تقليد ثقافي واحد (المقارنة بين العرب والبربر، بين عقيدة الأشعرية والسنة)، بمعنى أن المقارن لم يتجاوز مجاله الفكري والديني للاستدلال بمجال أخر مغاير ومختلف تماما حتى تظهر الفروق والاختلافات، وتصبح المقارنة واضحة وكاشفة عن المشترك والمغاير. ويمكن اعتبار ابن خلدون وماكيافيلي وتوقديدس نماذج لهذه الدرجة من المقارنات. كما أن المقارنة تعد خارجية عندما تتجاوز تقليدا ثقافيا واحدا إلى آخر لا يقع ضمن نفس المنظومة الفكرية كمقارنة الخلافة الإسلامية بالإمبراطورية البيزنطية أو الرومانية أو بين النحو اليوناني والنحو العربي…(33)
إن المقارنة التي تقوم على المعادلة تستهدف التماثلات والتشابهات، هي غير المقارنة التي تتأسس على المعارضة والمفارقة التي ترتكز على الخلافيات. وبالنتيجة فإن الخلاصات التي يتوصل إليها كل صنف من المقارنة سيكون مختلفا إلى حد بعيد عن الأخر، لأن مجال المقارنة مختلف ولأن الآليات غير موحدة وحتى السياقات غير متشابهة.
ماذا يعني ما سبق؟ يريد صاحب كتاب الإيديولوجيا العربية المعاصرة أن يؤكد أن المقارنة الخارجية هي الأجدى لكونها تسمح بالاطلاع على تجارب الأخرين، مما يتيح للمقارن إنتاجا معرفيا أقرب إلى الشمولية من حيت القواعد والأسس الحاكمة لتفسير الظواهر وفهمها. إن هذا يحيلنا إلى الحديث عن صنف المقارنة التي اعتمدها ابن خلدون في إنتاجه المعرفي وخاصة مقدمته الشهيرة.
2- مقارنة ابن خلدون
استفاد العلامة عبد الرحمان خلدون من رحلاته في مجال شمال إفريقيا في كتاباته، وفرضت عليه تنقلاته في المجال "الاهتمام بالغير وبالتالي مقارنة ما يستغرب منه بما يعرف عن نفسه ومحيطه".(34) فعندما قرر مؤلف ديوان المبتدأ والخبر اعتماد المقارنة أسس علم الاجتماع، لكنه عندما اكتفى منها بالمتاح (أي المجال الداخلي: العربي الإسلامي) فإنه لم يتجاوز التنظير لمرحلة من حياة المجتمعات وهي مرحلة الانتقال من البداوة إلى الحضارة.(35)
إن هذا المعطى يفيد أن ابن خلدون الذي تكون مجال المقارنة لديه من رحلاته في الغرب الإسلامي وقراءاته عند الرحالة كالمسعودي والمقدسي وابن حوقل، أدرك بالمقارنة ما يجمع بين شعوب ثلاثة (العرب، البربر، الترك) وما يمايزهم. لكن هذه الشعوب كانت كلها ضمن مجال واحد هو الخلافة الإسلامية وهو ما جعل مقارنته داخلية.
لقد كان على ابن خلدون، حسب العروي، أن يتجاوز هذه المقارنة إلى أخرى أشمل تتسع لإجرائها باستحضار أمم مقابلة كروما القيصرية أو الإمبراطورية البيزنطية. لو فعل ذلك لتحولت الخلدونية إلى "سوسيولوجية علمية" لكن هذا الأمر كان يستلزم في عصر ابن خلدون، ثورة مضادة في النظام التعليمي، لا تعرف نتائجها مسبقا،(36) ثورة شبيهة بتلك التي حدثت فعلا فيما بعد لكن في مجال مغاير وهو أوربا القرن 19.
إن الذي فرض مواطن النقص في المقارنة الخلدونية هو أن المؤرخ الإسلامي كانت تنقصه المادة التي عكف على تمحيصها. فالمجموعات غير العربية وغير الإسلامية المعروفة لديه لم تتجاوز الفرس واليهود والنصارى وهذه كانت ضمن المجال العربي الإسلامي، أي أنه افتقر إلى المقابل الحقيقي لإجراء المقارنة الخارجية وهو الإمبراطورية الرومانية، بمعني أنه افتقد عمرانا مدنيا يجعله موضع مقارنة بالعمران المدني المتمثل في الخلافة الإسلامية. فجعلته مادة المقارنة محصورا في مقارنة داخلية "لم يتجاوز بها طور تأسيس الحضارة".(37)
إن هذه المحدودية الخلدونية في مسنده دفعت العروي إلى رفض الكلام عن استثمار اجتهادات بن خلدون داعيا إلى تجاوزه عبر تحديد ما كان محتملا عنده حتى لا نحكم على أنفسنا بالوقوف حيت وقف.(38)
المبحث الثاني: التأويل عند عبد الله العروي وأنواعه
يعتقد عضو أكاديمية المملكة المغربية أن رواد الاجتماع ظهروا في فترات انتقالية كما هو الشأن للعلامة عبد الرحمان بن خلدون، هذا الأخير شأنه شأن توقديدس وفولتير تحولوا من الاهتمام بالفرد إلى الجماعة ومن السياسة إلى الثقافة. أي من الحديث عن الموقف الدرامي (البطولي) الذي دأب المؤرخون التركيز عليه إلى الكتابة عن اللوحة الحضارية. فسمح لهم هذا الانتقال بتجديد فكرة التاريخ، لكنهم "لم يستطيعوا كسر وتفجير بنية السرد التاريخي".(39)
وعندما كان ابن خلدون يعقد مقارناته في مقدمته الشهيرة، فإنه بالضرورة كان أقرب إلى التأويل لأنه حين كان يصف الأشياء والظواهر كان وصفه يحمل في طياته المقارنة التي بدورها تشير إلى كلمة تأويل.(40)
إن التاريخ بما هو أحداث تقع فيه انقطاعات وانكسارات، يحتاج إلى تأويل الذي هو إصلاح وتعديل وجبر لهذه الانكسارات، لأنه لا إصلاح بدون تأويل ولا يتحقق الأخير بدون وعي عميق بتغير الأحوال أي بالتاريخ نفسه.(41) فإذا كان "للوعي بالتاريخ… بداية، ألا يحتمل أن تكون له نهاية؟ ".(42)
يشدد صاحب كتاب الإسلام والحداثة، على اعتماد التأويل في معالجة السرد التاريخي عند انقطاعه أو غيابه. إلا أن العملية التأويلية تبقى غير ممكنة إلا إذا كانت المادة المدروسة "وحدة منسقة".(43) فعندما تستوفي الأحداث التاريخية شروط الشمولية والكمال والانتظام، فإن المؤرخ يصبح قادرا على استعمال منهج التأويل في التعامل مع انقطاع السند (كوارث، حروب،…). فالتأويل في الثقافة العربية هو "استعادة معنى أصلي غاب عن الذهن، بسبب النسيان أو الخلط أو التحريف"،(44) وفي التاريخ نوظفه عندما ننتقل تلقائيا من محيط إلى أخر أو عند حدوث أمر طارئ (مجرد مرور الزمن مثلا) فتُحوَّر أو تحرَّف المعاني أو تصبح غامضة بعد أن كانت واضحة. ويبدأ المؤرخ عملية التأويل انطلاقا من تصوره للقيمة/ المحور الذي يشتغل عليه، فيشرع بعملية المقايسة بين الظواهر والأحداث، ثم يقابل بينها ويخضعها للمعارضة، ليرتبها في أخر المطاف.(45)
ويهدف المؤرخ من هذا العمل النقدي بلورة فكرة تكون مفسرة لأحداث المحور/ المجموعة، وبالتالي إعادة تركيبها حتى يحصل الفهم والتصديق من جديد. وتتم عملية التأويل هنا إما باستحضار المحيط الأول حتى يتضح من جديد المعنى أو بتطويع المعنى الأول حتى يتطابق مع المحيط الجديد.(46)
يقسم عبد الله العروي أنواع التأويل إلى صنفين:
صنف يقوم على وعي خاص بالتاريخ، ويرمي إلى معاكسة التاريخ ومحو أثاره، فهو لا يحتاج إلى مقارنة توضح مدى التغيير، بل إنه ينفر من المقارنة وخاصة الخارجية منها. وهذا الصنف من التأويل يسمى "الاستنباطي" ويتأسس على "استئصال المعنى من ثقافة واحدة بدون أدنى التفات إلى غيرها".(47)
صنف ثان، يركز على الوعي الذي يرمي إلى مسايرة التاريخ واستيعاب أثاره، ويعتمد أساسا على المقارنة ويسمى "التأويل الاستنتاجي"، وهو عكس الأول لأنه نابع من صلب الوصف والمقارنة، فكلما تعمق مجال المقارنة تعمق وتجدد التأويل.(48)
يهتم بالصنف الأول أهل الحكمة والمتصوفة ويستخدم الصنف الثاني العلماء المشتغلون بعلوم المجتمع.
أقام الديبلوماسي السابق بوزارة الخارجية، عند حديثه على التأويل المطلوب استعماله مقارنة بين الإمام بن حزم الظاهري والعلامة ابن خلدون المالكي، فخلص إلى أن ظاهرية ابن حزم كانت شاملة أوصدت أمامه باب علوم المجتمع، فيما ظاهرية ابن خلدون كانت جزئية (حصرت في التعبدات) فنفذ إلى علم العمران. ويزيد العروي أن بن حزم يعارض التأويل في كل صوره، قياسا على قوله: "لا حقيقة إلا عينية".(49)
يخلص صاحب كتاب مجمل تاريخ المغرب في درسه الافتتاحي بكلية الأداب بمراكش حول "تأصيل علوم المجتمع: المقارنة والتأويل"، إلى ضرورة اعتماد التأويل الاستنتاجي عندما يتعلق الأمر بمقاربة مشاكل مجتمعية (التخلف، الديمقراطية، تحرير المرأة…)، وإعمال التأويل الاستنباطي فقط في الجوانب غير المجتمعية. فعالم المجتمع يصف ويقارن ويؤول ليظهر المنفعة الجماعية. أما الباحث من منظور جلب النصوص فمنتهاه استحضار المعنى المتواتر.(50)
ينبه المحاضر إلى أن علوم المجتمع وهي "السياسة والتاريخ والجغرافيا البشرية تم علم النفس تم التربية" تظهر وتختفي، فظهرت بوادرها مع ابن خلدون واختفت، ونقلت إلينا ضمن عُدًّة الاستعمار فغدت كل أدبيات النهضة. وفي الوقت الذي كان من المتوقع أن تتقدم هذه العلوم مع الحركة الوطنية عادت "متهمة، محاصرة مبعثرة بين معاهد كثيرة" فبدا التقهقر في هذه العلوم في مقدمة معوقات المسيرة الإصلاحية بالمغرب، كما يرى العروي أن دوافع الإشمئزاز منها لدى العديد من الجهات المسيرة للبلد لا مبررة لها.
ويقترح المحاضر في الأخير، لتجاوز هذا الإشكال إعادة النظر في الهيكل الجامعي حتى تأخد علوم المجتمع مكانتها التي تستحقها إلى جانب العلوم الأخرى وبتعاون معها وتلاقح فيما بينها.(51)
الهوامش
1- خرباش عبد اللطيف، تعريف التاريخ، محاضرات الفصل الأول لماستر الماء في تاريخ المغرب، كلية الأداب مراكش، سنة 2012.
2- العروي عبد الله، المؤرخ والقاضي، الدرس الافتتاحي لكلية الأداب بن مسيك، موسم 2012- 2013، جريدة أخبار اليوم، ع: 882، ص 6
3- العروي عبد الله، ثقافتنا في ضوء التاريخ، ط 1، المركز الثقافي، 2002، ص: 23.
4- بولقطيب الحسين، جوائح وأوبئة مغرب عهد الموحدين، منشورات الزمن، قضايا تاريخية، ع: 4 بدون سنة طبع. ص: 125.
5- بولقطيب الحسين، مصدر سابق، ص: 125.
6- العروي عبد الله، مفهوم التاريخ، ج 2، ط: 1، المركز الثقافي العربي، بيروت، 1992، ص: 308.
7- العروي عبد الله، تأصيل مفهوم المجتمع، المقارنة والتأويل، الدرس الافتتاحي الأول لكلية الأداب مراكش، سنة 2000، ص 4.
8- العروي، نفسه، ص 15.
9- نفسه، ص 5.
10- سبيلا محمد، نظرية الحداثة والتحديث في فكر عبد العروي، مجلة الثقافة المغربية، النسخة الإلكترونية، ع 36، تاريخ الزيارة 12-2-2013
11- النحال مصطفى، عبد الله العروي أديبا، الاتحاد الاشتراكي، الملحق الثقافي، عدد 16-11-2012. تاريخ الزيارة 12-2-2013
12- نفسه، عدد 16-11-2012
13- سبيلا، مرجع سابق، ع 36
14- نفسه، ع: 36
15- نفسه، ع: 36
16- العروي عبد الله، تأصيل علوم المجتمع، مصدر سابق، ص: 11
17- نفسه، ص: 11
18- نفسه، ص 10
19- نفسه، ص 7
20- نفسه، ص 12
21- العروي، مفهوم التاريخ، مصدر سابق، ص: 315
22- العروي، المؤرخ والقاضي، مرجع سابق، ص: 6
23- نفسه، ص: 6
24- نفسه، ص: 6
25- نفسه، ص: 6
26- نفسه، ص: 6
27- العروي، ثقافتنا في ضوء التاريخ، مرجع سابق، ص: 13- 14
28- العروي، تأصيل علوم المجتمع، مصدر سابق، ص: 17
29- نفسه، ص: 20، الهامش 2
30- نفسه، ص: 7
31- العروي، مفهوم التاريخ، ج، 2، مرجع سابق، ص: 287
32- العروي، تأصيل علوم المجتمع، مرجع سابق، ص 12
33- العروي، تأصيل علوم المجتمع، مرجع سابق، ص: 10
34- نفسه، ص: 6
35- نفسه، ص: 10
36- نفسه، ص: 8، 9، 10
37- العروي، تأصيل علوم المجتمع، مرجع سابق، ص: 9
38- نفسه، ص: 9
39- العروي، ثقافتنا في ضوء التاريخ، مرجع سابق، ص: 16
40- العروي، تأصيل علوم المجتمع، مرجع سابق، ص: 12
41- نفسه، ص: 12-13
42- العروي، ثقافتنا في ضوء التاريخ، ص: 9
43- العروي، مقهوم التاريخ، ج2، مرجع سابق، ص: 315
44- العروي، تأصيل علوم المجتمع، ص: 12
45- العروي، مفهوم التاريخ، ص: 313
46- العروي، تأصيل علوم المجتمع، ص: 12
47- العروي، تأصيل علوم المجتمع، مرجع سابق، ص: 13
48- نفسه، ص: 15
49- نفسه، ص 14
50- نفسه، ص: 18
51- نفسه، ص: 19
**********
المراجع
مراجع عبد الله العروي
- العروي عبد الله، المؤرخ والقاضي، الدرس الافتتاحي لكلية الأداب بن مسيك، موسم2012-2013، جريدة أخبار اليوم، ع 882، 883
- العروي عبد الله، تأصيل مفهوم المجتمع، المقارنة والتأويل، الدرس الافتتاحي الأول لكلية الأداب مراكش، سنة 2000
- العروي عبد الله، ثقافتنا في ضوء التاريخ، ط: 1، المركز الثقافي العربي، 2002
- العروي عبد الله، مفهوم التاريخ، ج2، ط: 1، المركز الثقافي العربي، بيروت، 1992، ص: 308.
مراجع أخرى
- بولقطيب الحسين، جوائح وأوبئة مغرب عهد الموحدين، منشورات الزمن، قضايا تاريخية، ع: 4 بدون سنة طبع
- خرباش عبد اللطيف، تعريف التاريخ، محاضرات الفصل الأول لماسترالماء في تاريخ المغرب، كلية الأداب مراكش، سنة 2012


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.