نعماء فيصل المهدي يقول المفكر العالمي نعوم تشومسكي : ان التغيير لا يصنعه الافراد ولا تصنعه القيادات- بل تصنعه الجماعه، حين تنظم نفسها في مجموعات- وتطالب بالتغيير -ولكن روايات كتب التاريخ تخدعنا، بتركيزها المتعمد علي قيادات التغيير، متجاهلة بذلك الآلاف التي ساهمت في احداث التغيير ، هذه هي الخدعه التي تجعلنا نؤمن -بان التغيير لا يحدث الا من خلف قائد او قيادة ما" . في السادس عشر من نوفمبر ،2011- اعتقلت السلطات بولاية نهر النيل الطالب قسم الله علي قسم الله ، والطالب أحمد النزير ، والطالب أحمد إبراهيم والطالب يحي ود الدامر من امام بوابة جامعة شندي.وذلك بسبب دعوة الطلاب لمسيرةً حاشدةً واعتصام أمام مبني رئاسة الحكومه بالولايه- تسعي للمطالبه بدفع التعويضات المستحقه لأهالي منطقة المناصير، الذين شردتهم إدارة سد مروي قبل اربع سنوات الى رؤوس الجبال وتسببت في اغراق منازلهم وممتلكاتهم واراضيهم. ما تلي حادثة الاعتقال هذه كان حراكاً جماهيريا واعتصاماً تاريخياً ساهم في اطلاق سراح الطلاب المعتقلين الفوري و استمر مدة 107 يوماً متواصله في ميدان العداله، امام مقر حكومة نهر النيل بالدامر -للمطالبه بالحقوق. في غضون عشرة ايام فقط انضمت لحشود المعتصمين التي قُدر عددها ب1200 شخص -حسب تقرير البي بي سي [i] – وفود من ابوحمد من قبيلة الرباطاب، ومن ثم وفود شندي من قبيلة الجعليين، ووفود من الحماداب من قبيلة الحماداب، ووفود من كجبار من قبيلة المحس، كما انضم اليهم كل من شيخ الطريقه القادرية الشيخ أحمد الجعلي (كدباس(، والامام الصادق المهدي، ووفد قيادات الحزب الاتحادي الديمقراطي، ووفد قيادات قوي الاجماع الوطني، والاستاذ كامل ادريس. اما في اوساط الحركات الشبابيه ، فلقد فجرت قضية المناصير، مظاهرات استمرت لمدة ثلاثة ايام متتالية في جامعة الخرطوم، ومظاهرات متقطعه في جامعة النيلين، ومخاطبات جماهيريه في جامعة وادي النيل ، ووقفة احتجاجيه امام ادارة السدود- في العاصمه الخرطوم اعتقل علي أثرذلك الحراك، كل من أبراهيم مجذوب من جامعة وادي النيل والطالب تاج السر جعفر من جامعة الخرطوم والطالب محمد إدريس محمد جدو رئيس رابطة طلاب دارفور بجامعة الخرطوم، كما تم اعتقال كل من قسم الله علي قسم الله ، و يحي ود الدامر مجدداً ولكن من قلب الخرطوم هذه المره. كما ضجت الاوساط الاعلاميه داخل السودان وخارجه بالتضامن معهم ومتابعة وشرح قضية متضرري السدود ، والاضرار التي تسببت فيها السدود، وقصور النظام الحاكم في حل معضلة المناصير، وطرحت اوجه عده من وجوه استبداد وتسلط وتعنت النظام ورفضه تعوضيهم -بل وجه مليشياته للهجوم عليهم واطلاق من دون سبب، الهجوم الذي قامت به مليشيات النظام في ابريل 2006 -أودى بحياة 3 اشخاص وجرح ما يفوق ال50 شخصاً واعتقل اعدادً كبيره من متضرري السيول من باحة مدرسه كانت تاؤيهم.[ii] مع استمرار الاعتصام -استمر تضامن التيارات المختلفه من الشعب السوداني معهم في تزايد ، حتي تحولت قضية المناصير من قضيه قبليه، مطلبيه، لقضيه وطنيه واسعة النطاقواصبح تكتل المناصير الذي يطالب باحقاق الحقوق او تغيير الحكومه مهددً خطيرً لأستمرار حكم النظام. حين هدد المناصير بترحيل الاعتصام لشوارع الخرطوم، هرول النظام الحاكم للاستجابه لندائهم ووقع معهم اتفاقية تاريخية- بتاريخ 9 مارس 2012. بموجبها وافق النظام السوداني رسمياً علي مطالب المعتصمين- وان كان الاتفاقيه لم تنفذ حتي اليوم واصبح شأنها كشأن اتفاقيات الحكومه مع حركات التمرد علي حكمها من حملة السلاح- والتي لم تنفذ بعد ايضاَ. حين عزم البرلمان السوداني الاعلان عن السياسات التقشفية، والتي أقرها الحزب الحاكم في السودان والتي تتضمن هيكلة الحكومة والإعلان عن رفع الدعم عن المحروقات، خرج طلاب وطالبات جامعات شندي والخرطوم ونيالا والبحر الاحمر في يوم 17 يونيو 2012- في احتجاجات قابلها النظام بالردع والبطش و الارهاب والاعتقال . في ذات السياق شنت مجموعة شروق الثقافيه بالقضارف احتجاجاً (مبادرة الخلاص بالقضارف لاحقاً)، استمر لمدة ثلاثة ايام، انتج هجوماً عنيفاً من الشرطه والامن، مما حول مدينة القضارف في صباح السادس والعشرين من يونيو2012 -الي ثكنه عسكريه للبطش بالمتظاهرين ولحماية بقاء النظام الحاكم. ما تلا تلك الاحتجاجات ، كان حراك واسع النطاق شمل اغلبية مدن السودان بشكلً او اخر و شمل جل جامعات السودان والحركات الشبابيه (قرفنا و التغيير الآن و شباب من اجل التغيير شراره وشباب من اجل التغيير العمل الميداني وحشد حشد وكفايه السودانيه ) وكل الاحزاب السياسيه المعارضه ، بما في ذلك الاحزاب السياسيه من حملة السلاح -وللمرة الأولي في تاريخ السودان الحديث- شمل الحراك السودانين في المهجر، حيث تضامن شتات الشعب السوداني في كل من الهند وباكستان وماليزيا واستراليا وكندا والولايات المتحدهالامريكيه والمملكه المتحده وفرنسا والنرويج وهولندا وجمهورية مصر العربيه مع حراك السودان. في الرابع عشر من يوليو 2012 كانت السلطات السودانيه قد اعتقلت -ما يفوق ال-3621 ناشط وطالب وسياسي وصحفي وحقوقي ومدون، من كل ولايات السودان المختلفه ولكن وبالرغم من ذلك، استمر الحراك الجماهيري وان كان قد غير من مساره وتوجهه وانتقل من احتجاج مطلبي ضد سياسة الحكومه لرفع الدعم عن المحروقات الي حراك مطلبي ينادي باطلاق سراح المعتقلين. حيث خرجت بعضً من اسر المعتقلين والمتضامنين معهم للاعتصام امام مباني الامن والسجون احتجاجاً علي اعتقال افراد اسرهم التعسفي, كما اطلق الأسر والنشطاء الحمله تلو الاخري للمطالبة باطلاق سراح المعتقلين حتي افرجت السلطات عنهم جميعا -في 16 اغسطس 2012- ذلك بعد ان قضي الاغلبية منهم قرابة الشهرين في العزله والسجون و التعذيب. تأتي مبادرة تذكرة التحرير والتي اطلقها حزب الامه القومي في يوم 29 يونيو 2013 كنوع اخر من الحراك المطلبي الواسع النطاق- فالتذكره ، تضع الجماهير الموقعه عليها تحت العهد لشعب السودان ، بمطالبة النظام الذى استولى على السلطه بالانقلاب المخادع ، واستمر فيها بالتمكين الاقصائى، افقر الناس، واهدر حقوق الانسان، ومزق البلاد واخضعها للتدويل بالرحيل والعمل من اجل اقامة نظام جديد يحرر البلاد من الاستبداد والفساد، ويحقق التحول الديمقراطى الكامل والسلام العادل الشامل. يأمل حزب الامه القومي في جمع 2 مليون تعهداً من خلال مبادرة تذكرة التحرير ، خلال شهر يوليو المنصرم و شهر اغسطس الجاري وشهر سبتمر القادم ولقد تم تدشين التذكره في كل من ولاية الخرطوم والنيل الابيض ونهر النيل وولاية غرب كردفان، ،حيث ينتقل بعدها الحراك الجماهيري الي مرحلة الاعتصامات والاحتجاجات من قبل كل من وقع وقطع عهدا ووعداً امام الله والوطن- بالمشاركه في مبادرة التحرير. اليوم والشعب السوداني يواجه كارثة الفيضانات والسيول -تكتل شباب ومنظمات( ديل اهلي، صدقات ، تعليم بلا حدود، اطباء بلا حدود، وكل المجموعات الشبابية التطوعية ). والحزب الاشتراكي الديمقراطي الوحدوي (حشد الوحدوي) وحزب المؤتمر السوداني وشتات الشعب السوداني في كل من المملكه العربيه السعوديه والولايات المتحدهالامريكيه والمملكه المتحده ودولة قطر ودولة الامارات العربيه المتحده وجمهورية مصرالعربيه حول حملة – نفير – لجمع التبرعات لنجدة المتضررين من السيول والفيضانات واعانتهم وتوفير بعضً من احتياجاتهم بعد ما كنست السيول والامطار منازلهم وممتلكاتهم وتركتهم في العراء . التغيير لا يقتصر فقط علي انتفاضة الشعب لتغيير الحكم، او لتبديل النظام الحاكم بنظامً اخر ولكنه عمليه مطلبيه مستمره ، حثيثه ومضنيه -تسعي وتنادي وتبشر بوضعً افضل. نعماء فيصل المهدي