تم إطلاق سراح الصحافي زياد الهاني بكفالة 200 دينار تونسي، وبالتوازي نظم مئات الصحافيين التونسيين، أمس الاثنين، تظاهرة احتجاجية أمام قصر الحكومة بالعاصمة، وذلك احتجاجاً على إيداع الصحافي زياد الهاني السجن يوم الجمعة الماضي، بتهمة "الإساءة للقضاء"، وذلك وسط حضور أمني مكثف، ورفع المتظاهرون عدة شعارات من أهمها "صحافة حرة..قضاء مستقل". وكانت نقابة الصحافيين التونسيين قد دعت، الجمعة، أيضاً إلى إضراب عام في قطاع الإعلام يوم 17 سبتمبر، ومقاطعة نشاط الرؤساء الثلاثة (رئيس الجمهورية، رئيس الحكومة ورئيس المجلس التأسيسي) إلى حين إطلاق سراح الهاني. مخاوف تدجين الإعلام كما تم تشكيل خلية أزمة بمقر النقابة تتكون من صحافيين وحقوقيين ومن هيئة الدفاع في قضية الصحافي الموقوف، والدخول في اعتصام مفتوح بمقر نقابة الصحافيين. وفي تصريح للعربية نت قال الصحافي توفيق العياشي "إن التحركات الاحتجاجية تأتي كردة فعل طبيعية على استهداف ممنهج من قبل الحكومة، خاصة حزب النهضة الإسلامي الحاكم، فقد تبين في أكثر من مناسبة أن قيادات النهضة تعمل على إسكات أصوات الإعلاميين". وأضاف العياشي أن الحكومة تريد معاقبة الإعلاميين الذين انتقدوا أداءها من خلال تطبيق نصوص قانونية سالبة للحرية، ذكرت الحقوقيين بما كان يجري في زمن حكم الرئيس بن علي". وأشار العياشي إلى وجود حملة على الإعلاميين والعمل جارٍ على إرجاعهم إلى "بيت الطاعة"، وهذا خطأ لم تدركه الحكومة التي كان عليها التعاطي بأكثر "عقلانية" و"مرونة" مع السلطة الرابعة، وأن تضع في اعتبارها أن الإعلاميين الذين اكتووا لأكثر من عشريتين، من الإسكات والتهميش قد تحرروا من "الغبن" وقرروا إحداث قطيعة مع الوضع السابق. النهضة واستنساخ سياسة بن علي كما يرى الإعلامي والمحلل السياسي خميس الكريمي أن "الحكومة الحالية تعيد نفس ممارسات النظام السابق في التعاطي مع الاعلاميين". وقال الكريمي في تصريح للعربية.نت: "لقد حافظت حكومة النهضة على نفس المعايير التي كان معمولاً بها زمن بن علي، في اختيار المشرفين على مؤسسات الإعلام العمومي، بل إنها تمادت أكثر من خلال "الإقدام" وفي خطوة غير مسبوقة، على تعيين رؤساء ومديري التحرير، بهدف ضمان "تأمين" الولاء، فالأولوية – كما في السابق – دائما للأجدر والأقدر على تنفيذ "التعليمات" كما هي ومن دون اجتهاد، وهذا ما دفع العاملين في القطاع إلى "الثورة"، والتداعي إلى وقفات احتجاجية، وجدت مساندة من قبل كل الديمقراطيين، نظراً لعدالة المطلب وحتى لا يكون ما حصل في الإعلام "بروفة" تطبق وتنقل إلى بقية القطاعات الأخرى. الإعلام يربك حكم الإسلاميين وبالنسبة للكريمي فإن الإعلام أثبت أنه هو القطاع الوحيد القادر – بعد توفر الحكومة الحالية على أغلبية برلمانية – على الوقوف ضد هيمنة السلطة الحالية، فالسلطة بطبعها تنزع نحو الهيمنة واحتكار العنف المادي وكذلك الرمزي، وخاصة في فترات الانتقال الديمقراطي، المتسمة بغياب التقاليد الديمقراطية وضعف تنظيم وهيكلة الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني. ويؤكد خميس الكريمي أنه رغم وجود بعض الهنات في أداء الإعلام، وخاصة التلفزيوني، فإن الإعلام مثل سلطة أجبرت حكومات ما بعد الثورة على تعديل أوتارها. ومثل هذا الدور لا يمكن أن يستمر ويشتد عوده، لو سمح الإعلاميون للحكومة بالتدخل في تسيير المؤسسات الإعلامية، وبالتالي فرض خط تحريري مساند لها، وهو ما عملت على تحقيقه الحكومة الحالية من وراء بعض التعيينات . وتجد تحركات الصحافيين مساندة من قبل الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، وفي هذا الإطار أكد الاتحاد العام التونسي للشغل "وقوف النقابيين مع حرية الإعلام والتصدي لمحاولات التدجين" وفق ما جاء في بيان نشر في الصفحة الرسمية للاتحاد على موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك". وكان القضاء التونسي قد أصدر الجمعة قراراً بإيقاف الصحافي التونسي زياد الهاني على خلفية انتقاده قراراً قضائياً بتتبع مصور صحافي صور حادثة رشق وزير تونسي ببيضة. ويواجه الهاني تهمة "التهجم على المؤسسة القضائية في حق وكيل جمهورية المحكمة الابتدائية بالعاصمة". وقد أقرت محكمة تونسية إطلاق سراح وقتى للهاني بكفالة ألفي دينار تونسي. موقف الحكومة وتعليقاً على تفاعل وسائل الإعلام في خصوص التتبّعات القضائية المثارة ضد الإعلامي زياد الهاني أصدرت وزارة العدل بلاغاً أكدت فيه "أنه لا علاقة لها بمسألة إيقافه الذي تم بمقتضى قرار قضائي ولا علاقة لها أيضاً بقرار الإفراج عنه الصادر بدوره عن جهة قضائية مختصة". كما أشارت الوزارة الى "أن القرارات الناتجة عن التتبعات القضائية هي من اختصاص السلطات القضائية وحدها، وأن علاقة وزارة العدل بالنيابة العمومية تنظمها أحكام مجلة الإجراءات الجزائية والتي لا تخوّل لوزير العدل التدخل في مسار القضايا المنشورة". ودعت الوزارة "الإعلاميين وكافة المهتمين بالشأن القضائي إلى معاضدة مجهوداتها في القطع مع ممارسات النظام البائد القائمة على التدخّل في الشأن القضائي كما تهيب بهم كل من موقعه على مساعدة السادة القضاة في تثبيت دعائم دولة الحق والقانون وعدم إقحامهم في الاختلافات السياسية".