بقصد أو بدونه تسللت صراعات ولاية شرق دارفور القبلية التي وقعت مؤخرا بين بعض مكوناتها الاجتماعية الى قبة البرلمان المؤسسة التشريعة القومية الأولى في البلاد بعد تراجع بعض أعضاءها من الانتماء المركب (القومي) الى الانتماء البسيط (القبلي) في خطوة أدهشت المتابعين، وتعود تفاصيل إنقسام الهيئة البرلمانية لنواب شرق دارفور بالبرلمان الى الاتهام الذي أطلقه نورالدائم البشرى رئيس الهيئة ضد قبيلة الرزيقات وإتهامها بخرق اتفاق وقف العدائيات الموقع في مدينة (الطويشة)أغسطس الماضي بين (المعاليا والرزيقات). وكان نورالدائم البشرى رئيس الهيئة طالب أمس الأول (الاثنين) في التصرحيات التي فجرت الخلافات داخل الهيئة بإقالة عبدالحميد موسى كاشا والي شرق دارفور من منصبه لفشله في إدارة الولاية وحفظ أمنها، وإتهم كاشا بأنه جزء من أزمة الولاية لفشله في إدارة أمن الولاية وتابع (أي زول لو سألوه عن الذي حدث في الولاية بقول دا فشل من الوالي) وطالب الحكومة أن تقوم بترتيب أمر الولاية، واستعجل الحكومة في المركز نشر قوات حدودية محايدة بين القبيلتين لحفظ الأمن إنفاذا لمقررات وثيقة (الطويشة) حتى لاتتكرر الاعتداءات بين الطرفين. ولكن البشرى بخلاف أنه رئيسا للهيئة البرلمانية لنواب شرق دارفور إلا أنه نائب برلماني عن دائرة (عديلة) وحينما إتهم الرزيقات بخرق إتفاق وقف العدائيات وأكد أن كل المستندات التي بحوزته ستسلم للجنة التحقيق المكلفة من وزارة العدل أخذت تصريحاته وفهمت في سياق الصراع بين قبيلتي (المعاليا والرزيقات) وقال البشرى في سياق حديثه ل(اليوم التالي) أن الأجراء الذي أتخذ ضده في الهيئة غير لائحي ولايستند للائحة والقانون، وأشار الى أن إعتذاره عن الاجتماع لايعرضه للمساءلة ولايعتبر جريمة لجهة أنه رئيسا للهيئة، وأكد البشرى أن التصريحات التي أدلى بها للصحف لاعلاقة لها بنشاط الهيئة وقطع بأنه من حقه كنائب برلماني أن يصرح في أية قضية، وإعتبر عمل الهيئة عمل طوعي وتكليفي وليست تشريفي ووصف الاجراء الذي أتخذ ضده بأنه متعجل وغير قانوني وأكد رفضه للإجراء وقال أنه يأتي في إطار نقل الصراع القبلي للهيئة. وفي سياق تطور الصراع والخلاف داخلها أعلنت الهيئة البرلمانية لنواب شرق دارفور تجميد عضوية نورالدائم البشرى رئيس الهيئة والنائب البرلماني عن دائرة عديلة، وأرجع موسى محمد علي مادبو نائب رئيس الهيئة والنائب البرلماني عن دائرة الضعين القرار للتصريحات التي أدلى بها البشرى دون تفويض من الهيئة والتي وصفها بأنها سالبة ودمغه بخرق ميثاق وقف العدائيات الموقع في (الطويشة) وخاصة بند إيقاف التصعيد الاعلامي، ونفى أن تكون الهيئة طالبت باقالة كاشا حسبما صراح البشرى، فضلا عن أنها لم توجه أي إتهامات للمعاليا والرزيقات بخرق الاتفاق ووصف تصريحه بالرأي الشخصي. وفي ذات المنحى أكد مادبو أن الكتلة إتفقت على أن تكون محايدة في الصراع بين الطرفين وأرجع خطوة تجميد عضوية البشرى في الهيئة الى الخروقات التي قام بها والتي من بينها عقد مؤتمرا صحفي والمطالبة فيه باعفاء والي شرق دارفور الى جانب تبنيه قضية المعاليا باسم الهيئة التي تجاوزها وتحدث باسمها دون علم الأعضاء، فضلا عن أنه رفض قيادة الهيئة التزاما بقرار هيئة شورى قبيلة المعاليا القاضي بمقاطعة جميع مؤسسات شرق دارفور التشريعية والتنفيذية، وقال مادبو أن البشرى عاد مرة أخرى وصرح باسم الهيئة وطالب باعفاء الوالي وأعتذر عن حضور اجتماعاتها الى جانب أنه لم يساعد في حل القضية، وأضاف بعدها إتخذت الهيئة مسارها القانوني وقررت تجميد عضوية البشرى معتبرا الاجراء لائحي وقانوني، ونفى أن يكون الصراع بين الطرفين إنتقل الى البرلمان. وفي الضفة الأخرى رفض المهندس حمدان عبدالله تيراب عضو الهيئة والنائب البرلماني عن دائرة (أبوكارنكا) خطوة تجميد عضوية البشرى وطالب بعقد إجتماع عاجل لمعالجة الخلافات التي ضربت صفوف أعضاء الهيئة بسبب صراع (المعاليا والرزيقات) وإعتبر تيراب الأجراء الذي أتخذته الهيئة ضد البشرى فيه قدر كبير من التعجل وليست لديه سند لائحي من الهيئة البرلمانية التي وصفها بأنها جسم معني بالبرلمانيين وليست له علاقة بمايدور من صراعات قبلية، فضلا عن أنه ليس طرفا فيها لكنه يسعى لعالجة مشاكل الطرفين وليس تعقيدها، وأشار الى أن الاجتماع الذي أتخذ فيه القرار كان رئيس الهيئة غائبا عنه وتمت فيه اقالته، وأرجع خطوة تجميد عضوية رئيس الهيئة لحساسيات شخصية وقال أن الخطوة فيها تسرع وتعجل وأنها غير مسنودة منطقيا، وأكد أن رئيس الهيئة لديه مساحة للتحدث وأن مانسب إليه في الصحف ومطالبته باقالة كاشا يعبر عن رأيه وتقديره الشخصي. وعطفا على الاتهامات المتبادلة بين أعضاء الهيئة البرلمانية لنواب شرق دارفور يبدو أن أعضاءها إنقسموا على أساس قبلي الى مجموعتين المجموعة الأولى بقيادة موسى محمد علي مادبو نائب دائرة الضعين وتمثل هذه المجموعة قبيلة الرزيقات والمتحالفين معها، والمجموعة الثانية بقيادة نورالدائم البشرى نائب دائرة عديلة وحمدان تيراب نائب دائرة أبوكارنكا وتمثل هذه المجموعة قبيلة المعاليا، وفي السياق وصف الفاضل حاج سليمان رئيس لجنة التشريع والعدل بالبرلمان الخلافات التي ضربت صفوف الهيئة البرلمانية لنواب شرق دارفور بأنها غير مبررة لجهة أن الهيئة تعبر عن مجموع برلمانيين الولاية، وطالب أن يتوقف نشاط الهيئة ويجمد بسبب الصراعات التي ضربت صفوفها حتى تعالج الخلافات بين أعضاءها. وفي ذات الاتجاه طالب مواطنين من شرق دارفور الحكومة بالإسراع في توفير وتعزيز الأمن وبسط هيبة الدولة ونشر القوة العسكرية المحايدة بين القبيلتين تفاديا لتجدد النزاع، وأشارو إلى أن أي تجدد للصراع ستتسع دائرته وتصعب السيطرة عليه، في الأثناء كشفت مصادر(اليوم التالي) أن الحكومة المركزية دفعت بعدد(60)عربة عسكرية مجهزة بالأسلحة من وزارة الداخلية وجهاز الأمن الوطني والمخابرات لوقف العدائيات بين القبيلتين وحفظ الأمن في الولاية، وذكرت المصادر أن العربات تحركت أمس الأول (الاثنين) ومن المتوقع وصولها اليوم الى ولاية شرق دارفور ليتم نشرها على الحدود الفاصلة بين القبيلتين.