معارك ضارية ب (بابنوسة) والدعم السريع تقترب من تحرير الفرقة 22    "وثائقي" صادم يكشف تورط الجيش في استخدام الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين (فيديو)    السودان.. وفد يصل استاد الهلال في أمدرمان    مسؤول بهيئة النظافة يصدم مواطني الخرطوم    اللواء الركن (م) أسامة محمد أحمد عبد السلام يكتب: التقديم الالكتروني (الموحّد) للتشكيل الوزاري    السودان.. كامل إدريس يعلن عن 22 وزارة    هل ستتأثر مصر في حال ضرب المفاعلات النووية؟    إيران تغرق إسرائيل بالصواريخ من الشمال إلى الجنوب    كامل إدريس وبيع "الحبال بلا بقر"    إنريكي: بوتافوجو يستحق الفوز بسبب ما فعله    "كاف" يعلن عن موعد جديد لانطلاق بطولتي دوري أبطال إفريقيا وكأس الاتحاد الإفريقي    عندَما جَعلنَا الحَضَرِي (في عَدّاد المَجغُومِين)    حكومة أبو نوبة.. ولادة قاتلة ومسمار آخر في نعش "تأسيس"    نص خطاب رئيس مجلس الوزراء "كامل ادريس" للأمة السودانية    السفير عدوي يشيد بدراسة إنشاء منطقة لوجستية على الحدود السودانية    الاهلي المصري نمر من ورق    الجمعية العمومية الانتخابية لنادي الرابطة كوستي    السجن والغرامة على متعاون مع القوات المتمردة بالأبيض    ميسي يقود إنتر ميامي لقلب الطاولة على بورتو والفوز بهدفين لهدف    فقدان عشرات المهاجرين السودانيين في عرض البحر الأبيض المتوسط    عودة الخبراء الأتراك إلى بورتسودان لتشغيل طائرات "أنقرة" المسيّرة    6 دول في الجنوب الأفريقي تخرج من قائمة بؤر الجوع العالمية    30أم 45 دقيقة.. ما المدة المثالية للمشي يومياً؟    الإدارة العامة للمباحث الجنائية المركزية تتمكن من ضبط منزل لتزييف العملات ومخازن لتخزين منهوبات المواطنين    بين 9 دول نووية.. من يملك السلاح الأقوى في العالم؟    لماذا ارتفعت أسعار النفط بعد المواجهة بين إيران وإسرائيل؟    وزارة الصحة تتسلّم (3) ملايين جرعة من لقاح الكوليرا    "أنت ما تتناوله"، ما الأشياء التي يجب تناولها أو تجنبها لصحة الأمعاء؟    ماذا قالت الصحف العالمية عن تعادل الهلال مع ريال مدريد؟    نظرية "بيتزا البنتاغون" تفضح الضربة الإسرائيلية لإيران    السودان والحرب    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية فائقة الجمال تبهر المتابعين وتخطف الأنظار بتفاعلها مع "عابرة" ملك الطمبور ود النصري    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل زفاف بالقاهرة.. العازف عوض أحمودي يدخل في وصلة رقص هستيرية مع الفنانة هدى عربي على أنغام (ضرب السلاح)    شاهد بالصورة والفيديو.. مطربة أثيوبية تشعل حفل غنائي في أديس أبابا بأغنية الفنانة السودانية منال البدري (راجل التهريب) والجمهور يتساءل: (ليه أغانينا لمن يغنوها الحبش بتطلع رائعة كدة؟)    هل هناك احتمال لحدوث تسرب إشعاع نووي في مصر حال قصف ديمونة؟    ماذا يفعل كبت الدموع بالرجال؟    الإدارة العامة للمباحث الجنائية المركزية تتمكن من الإيقاع بشبكة إجرامية تخصصت فى نهب مصانع العطور بمعاونة المليشيا المتمردة    الصحفية والشاعرة داليا الياس: (عندي حاجز نفسي مع صبغة الشعر عند الرجال!! ولو بقيت منقطها وأرهب من الرهابة ذاتا مابتخش راسي ده!!)    كيم كارداشيان تنتقد "قسوة" إدارة الهجرة الأمريكية    "دم على نهد".. مسلسل جريء يواجه شبح المنع قبل عرضه    التهديد بإغلاق مضيق هرمز يضع الاقتصاد العالمي على "حافة الهاوية"    السلطات السودانية تضع النهاية لمسلسل منزل الكمير    المباحث الجنائية المركزية ولاية الجزيرة تنفذ حملة أمنية كبري بالسوق العمومي وتضبط معتادي إجرام    مباحث شرطة الولاية الشمالية تتمكن من إماطة اللثام عن جريمة قتل غامضة وتوقف المتورطين    المملكة تستعرض إستراتيجية الأمن الغذائي لدول مجلس التعاون الخليجي    خسائر ضخمة ل"غانا"..تقرير خطير يكشف المثير    والي الخرطوم يصدر عدداً من الموجهات التنظيمية والادارية لمحاربة السكن العشوائي    أدوية يجب تجنب تناولها مع القهوة    (يمكن نتلاقى ويمكن لا)    بالصورة.."أتمنى لها حياة سعيدة".. الفنان مأمون سوار الدهب يفاجئ الجميع ويعلن إنفصاله رسمياً عن زوجته الحسناء ويكشف الحقائق كاملة: (زي ما كل الناس عارفه الطلاق ما بقع على"الحامل")    3 آلاف و820 شخصا"..حريق في مبنى بدبي والسلطات توضّح    معلومات جديدة عن الناجي الوحيد من طائرة الهند المنكوبة.. مكان مقعده ينقذه من الموت    إنهاء معاناة حي شهير في أمدرمان    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    ما هي محظورات الحج للنساء؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



االاجراءات الاقتصادية وحقيقة الخديعة..لماذا لم يحدث التغير؟
نشر في حريات يوم 25 - 10 - 2013

يهدف المقال لا الى سرد وتحليل الاجراءات الاقتصادية متعددة التسميات التى تمت ،فهي ،اجراءات تقشفية ومرةاصلاحات اقتصادية ومرة رفع الدعم عن السلع والخدمات لتغطية عجز الميزانية وتخرج في كل مرة في صورة أزمة في سلعة محددة ،كسلعة السكر التى عرفت على نطاق واسع بانها وحدها الكفيلة بزعزعة عرش الحكومات المتعاقبة في السودان ،واشهر الاحتجاجات التى تمت في عهد حكم الرئيس البشير قد ارتبطت بها وعرفت بمظاهرات السكر ،وقبلها التى اطاحت بحكومة الجنرال نميرى ،وقد تم تصوير الاحتجاجات الأخيرة في الاعلام الداخلى والخارجي على انها احتجاجات في وجه ارتفاع اسعار الوقود وهذه هي الخديعة او التضليل ( ام الاكذوبة ودايتها)فهل الأزمة هى أزمة مصطلحات أم هى عملية مقصودة للتلاعب باللغة لتضيع الحقيقة وراء الالاعيب ،فكما يقال أن من شأن اللغة أن تساهم في اخفاء الحقيقة ،لذلك لن نسهب في التحليل الاقتصادي لهذه القضية لسببين ،اولها انها ليست المرة الاولى خلال حكم الانقاذخصوصا فيما يتعلق بتغطية عجز الميزانية إذ لم يتم إنجاز ميزانية بفائض او بدون عجز طالما أن أمرالبلاد ظلت طوال سنواتها تدار بعقلية الابتلاءات ،وليس باقتصاد تبنى عليها الموازنات ،وماالعبارات الاقتصادية المستخدمة الا غرابيل لزر الرماد في العيون ،وليس هناك جديد لم يقال من قبل او مايمكن اضافته سوى المسعى الجاد لكشف حقيقة الخديعة فيما قيل ومايدور الآن ،وثانيها لان من الصعب التكهن ورسم صورةللاقتصاد السوداني في ظل حالة العجز الادراكي للطبقة السياسية المناهضة لهذه الاجراءات ،لذلك لن تكون هي الاجراءات الاخيرة طالما اصلاانها ليست اجراء لتغطية نفقات الحكومة لمدة محددة في آخر السنة المالية ،بل هي عملية أعمق بكثير مما يقال ،وضمن نسق يطال النظام السياسي كله وبنية الدولة وعلاقاتها الدولية ،فياترى ماذاستسمى الاجراءات القادمة ،فقد شاركنا في مظاهرات السكر في نهاية التسعينات ،وقد كانت قبلها كذلك بنفس المسمى ،وشاركنا في ارتفاع اسعار الوقود الاولى في 2004،وغيرها الكثير باسماء مختلفة والحال هو نفسه ،فهل ياترى القادمة بالنظر لواقع الضائقة المعيشة وفش الموسم الزراعي ان تكون في صورة ازمة (رغيف الخبز)..؟ومامدى تأثيرها ،وهل ستصمد الحكومة امامها ،؟لذلك فمن الصعب ايضا خصوصا لغير اصحاب التخصص من امثالي ان يرسم مسار محدد يتوقف فيها قطارالتموُل من جيب المواطنين ، لذلك ارتأيت أن اكشف مااراها خديعة وارجو أن يحالفنى التوفيق لاطرح الحقيقة التى يجب ان يسعى اليها الناس الساعون الى التغير ويتحقق اهداف التغيرالاقتصادي الذي يسلك درب (التنمية) بدلا عن مشروع الافقار وتدمير قدرات الانسان السودانى والتلاعب بقدره بالاكاذيب وبالقمع المدعوم بدلا عن القمح المدعوم .
اصل الخديعة الأولى :رفع الدعم لتغطية العجز في الموازنة العامة هى الجملة الاقتصادية لتبرير الحزمة الضريبية ،او( الجبائية) تحريل للدقة والكلام المباشر.
لصالح الدولة ولصالح تغير تركيبة الدولة الاقتصادية والاجتماعية ضمن سياسة التحرير الاقتصادى التى التزمت بها الدولة ضمن اندماجها في النظام الدولى ماليا واقتصاديا ،فما يترافق مع كل اجراء اقتصادى تقوم به الدولة في اتجاه فرض مذيدا من الضرائب بانواعها قيمة مضافة وضرائب ارباح الاعمال ورفع قيمة الدولار الجمركي ومايترافق معها من ارتفاع اسعار السلع والمواد الاستهلاكية الناتج عن انخفاض قيمة العملة المحلية وهو مايعرف في عالم الاقتصاد بالتضخم ، والتضخم هي الجملة الاقتصادية الوحيدة الصحيحة في فيما يحدث باعتبارها السياسة المتبعة لادارة شأن الاقتصاد ،المعروفة بالادارة بالتضخم وهى المحافظة على مستوى محدد من التضخم لاغراض (السياسة )،وهى نتيجة لالتزامات تحقق فوائد مالية للمدينين الدوليين ،ومذيدا من التمكين للنظام السياسي الذي يلجأ لتطبيق السياسات بالقمع المنظم وتقديم قرابين الدم لنظامها المالي ،لذلك فان مايحدث هو نتيجة لالتزامات مشروطية الديون التى يقع السودان واقتصاده ضحية لها ،فبمجرد أن تقلل الحكومة انفاقها حتى على نفسها بموجب التزاماتها المزكورة تلجأ الى ان تتموَل من المواطن ،وهى تقتطع في صورة ضرائب وجبايات لانهائية ،ففي كل مرة يصل التضخم مستوى لاتستطيع الحكومة معها تغطية نفقاتها نتيجة لفراغ خزينة البنك المركزي من العملات الاجنبية ولانخفاض سعر صرف العملة المحلية تلجأ الى فرض مذيد من الضرائب والتى تقود بعد مدة محددة الى ارتفاع نسبة التضخم متمثلة في ارتفاع اسعار المواد الاستهلاكية وانخفاض قيمة العملة المحلية امام العملات الاجنبية ،وبعبارة اوضح هي التحوَل الذي يحدث للألف جنيه فيصبح جنيه ،الى جانب حوجة الدولة الى العملات الاجنبية تلجأ الى الاقتراض او( المنح ) وهي وسيلة الحكومة السودانية لتقديم طلبات دعم لخزينتها بالعملات الاجنبية لتغطية نفقاتها الخارجية ،كالمؤتمرات ورسوم الاشتراك في المنظمات الدولية ،وستظل حكاية عجز الحكومة عن سداد اشتراكها في الامم المتحدة من القضايا التى تدفع الحكومة الى الاقتراض او طلب المنح،والمنح هي العبارة الخادعة للتسوُل بالأزمات ،بما أن القروض تقدم لاغراض مرتبطة بالتنمية والمشاريع التى تتطلب انفاق الدولة ضمن خطط التنمية ،ونظرا لغياب هذه الخطط لدى الحكومة ،فهي تلجأ الى استراتيجية اطفاء الحرائق التى تصنعها ،كحرب دارفور وشرق السودان ،وهي الورقة النقدية التى توضع كخلفية لمؤتمرات المنح بشأن السودان في كل بقاع الارض ،وبما أن التعهدات التى تقطعها الدول المانحة تدفع بالدولار فان الحكومة لابد وأن تقوم باجراءات تحافظ بها على مستوى التضخم حتى يتم دفع التعهدات التى يتم قطعها في مؤتمرات المانحين ،والتى تضيع في الغالب في صورة نفقات حكومية للتدابير السياسية كمؤتمر المانحين الذي انعقد في الكويت المتعلقة بمعالجة الصراع في شرق السودان، او كالذي انعقد في الدوحة بخصوص اتفاق سلام دارفور ،وقد كان قبلهم الذي انعقد في اوسلو بخصصوص السلام في جنوب السودان ،لذلك فلن يضيع للمراقب أن بعد كل إجراء يتم يقوم البنك المركزي بالاعلان في الصحف عن ضخ دفعات من الدولار للجهاز المصرفي او المصارف ،اذن على اهل السودان أن يدفعو الثمن مركبا ،في حالة الحرب وفي حالة السلام ،وعليهم الا يستبشرو خيرا كما يقولون اذا تناقلت الصحف ذات صباح أن الحكومة بصدد إجراء مفاوضات سلام في شأن جنوب كردفان او النيل الأزرق ،وفي نهاية الأمر يتسع نطاق الفقر وينحسر مساحات الحقوق الاساسية وحقوق الانسان ،فلكي تطبق الدولة السياسات المذكورة آنفا لابد وأن تنشط آلة الدولة القمعية ويتسع نطاق حرب الدولة مع المواطن وقواه المدنية فتضيع حقوق اساسية بل قيًم عادية مثل حق التعبير دعك من الحقوق الاقتصادية التى تقمع بالإجراءات الجبائية المعروفة بالكشات لجماهير التجار الفقراء الذين تستمر الدولة في توليدهم باستمرار،وهم الذين يستمرعجلة النظام السياسي في الدوران بهم ،فتزج بهم في حروبها الوهمية ،وتملأ خزينتها منهم بالجبايات .
الخديعة الثانية : ففي هذه الفترة التى تشهد هذه الاجراءات يبدو النظام السياسي كله في حالة غليان وانتفاض صحيح أن الوضع الاقتصادى هو السبب الرئيسي في الاخلال باستقرار الحكومات وقد سبق أن اطاحت في وقت سابق بحكومة جعفر نميرى الا انها كانت ضمن نطاق حيويى كامل للحياة السياسية في السودان لذلك ساعدت في قيام ثورة مارس ابريل التى اطاحت به ،ولكن بنظرة للمشهد السياسي في السوادن قد لايفوت للمراقب أن الاجراءات الاقتصادية وحدها لايمكن أن تساعد في الاطاحة بالنظام الحاكم ،وهذا مااريد أن اكشفه ضمن الخدع التى ظلت تداعب مخيلة اولئيك الذين يفتقدون الحس التاريخي الى جانب الكسل المعرفي وعدم معرفة العدو من الصديق وهذا الذي يقال له (المبدل)الواقع الذي ظلت تجكمه الطبقة التجارية منذ الاستقلال الى انقلاب الانقاذ وأرج أن يسعى الجميع الى تقفي أثر نشأتها وقياتها الفعلية ،حتى المرحلة الحالية التى شهدت فيها عملية تطور خطيرة بعد أن تهياءت لها الظروف الدولية بشيوع اقتصاد العولمة والتحرير الاقتصادى الكامل للنظام المالى عالميا ،هذا اذا لم نقل تواطئت معها ،بالاضافة للطبيعة الانتهازية للطبقة التجارية التى تفتقد اى رؤية او لم يكن ضمن اولوياتها الاهداف التنموية لاقتصادياتها بعكس العديد من الدول الفقيرة التى تمتلك القيادة والقدرات لفرض إجراءات حمائية لاقتصاداتها ضمن النظام الدولى نفسه لتلافي انعكاسات التحرير على دولها ومجتمعاتها ،لذلك فان الطبقة التجارية في السودان التى يعتبر فيها الحركة الاسلامية اقصى حالات وتجليات تمكينها قد وجدت ضالتها في التمكين الاقتصادى من خلال اتباع سياسة التحرير الاقتصادى (الخصخصة) والتى سارعت فيها الى التخلص من المؤسسات والمشاريع المملوكة للدولةبابخس الاثمان لصالح انصارها ومنسوبيها ولصالح تمكين الطبقة اقتصاديا لذلك يبدو واضحا أن الانقاذ كانت مشروع تمكين اقتصادى في الاساس ،بل هو الشكل الأكمل للسيطرة على الدولة ،لذلك انحصرت السيطرة على الدولة وجهازها الادارى في يد التكوينات الاجتماعية والعرقية المكونة تاريخيا للطبقة التجارية (الجلابة )وهى طبقة استغلالية ظلت مرتبطة بجهاز الدولة ومشكلة طبقتها السياسية ،بما أن النتيجة النهائية لفسيفساء هذه الطبقة أن تتولد منها الطفيلية الرأسمالية كامكانية كامنة لديها ، واظن من الواضح تماما أن الاستغلال مفردة تستتبع اخواتها فى قاموس الفساد ،فاوجدت الافساد السياسي ضمن لعبتها في التمكين ،فالاجراءات الاقتصادية التى تتم كل فترة هى بوابة لدخول اثرياء جدد ضمن الطبقة التجارية المرتبطة بالضرورة بجهاز الدولة فالتضخم والتلاعب بالاسعار يؤدى الى كسب اموال طائلة من البسطاء وتركيزها في ايدى حفنة من الناس ،وسيادة تجارة السوق السوداء والمضاربة في اسعار السلع الاستهلاكية والتهريب بالتواطئ مع الجهاز العسكرى أمن ومخابرات والجيش ويعتبر الجنوب في وقت سابق والآن دارفور سوق نشطة لهذه الانشطة حيث الارباح الطائلة هى القاعدة بالاضافة الى واقع النزاع الذى يسيطر فيه الجهاز القمعى للدولة جيش وأمن على الحركة التجارية.ففي الوقت الذي تسعى فيه اطراف الطبقة السياسية او تدعي انها بصدد تغير النظام بسبب ماتسميه الضائقة الاقتصادية والتى بلغ فيها جالون البنزين 21جنيه وجالون الجازولين 9نجد انه في دارفوربلغ سعر جالون الجازولين 40جنيه حينما كان سعره في الخرطوم 8جنيهات منذ فترة طويلة الا انها لم تدفع بهم الى الدعوة لتغير النظام ،وهذا مايقدح في مصداقية الداعون لتغير النظام بأن ليست لديهم رؤية لمعالجة الخلل في الهيكل الاقتصادي او امكانية طرح رؤية للنهوض بالاقتصاد بعيد عن المسار الذي سارت عليه اشواطا بعيدة،والتشكيك في قدرة الطبقة السياسية انما هي تحريض للاطراف الواسعة المتضررة بصورة مباشرة من النظام السياسي والاقتصادي المتبع حاليا وهى دعوة لادراك حقيقة أن ماتعبر عنه المعارضة السياسية هى ليست المواقف الحقيقية والرؤى التى يجب أن تتبناها وتسعي الى طرح البديل الاقتصادي الذي يقود الى تفكيك النظام السياسي بكامله ،وذلك ببساطة لانها ستصبح في حكم العدم لو انها سعت الى طرح بديل اقتصادي او تقديم رؤية نقدية للنظام المتبع حاليا ،فاكثر اساطين المعارضة السودانية الآن هو وليد شرعي للطفيلة بل هو النبت الطفيلي عينه الناتجة من اقتصاد النظام السياسي اي لولا هذه السياسات لما كان لهم ذكر ،بل ربما كما قال الكواكبي أن لهم الفضل في بقاء النظام الاستبدادي اذ انهم ضمن نطاق التوزيع الداخلي للسلطة ،فالسكان والمجتمع لايشكلون خطرا محدقا بسبب ضعفهم لأن ثروة البلاد ومراكز قوتها موجودة بايدي حفنة من الناس ،الى جانب انهم لم يشهد لهم اتباع سياسات اقتصادية مغايرة للمتبعة حاليا ،بل تروس في عجلة النظام الاقتصادي و لم يشهد لهم اتباع اى سياسات انتاجية تهدف للنهوض بالريف مثلا ،انما مذيدا من التغلغل في سوق الاقتصاد الرأسمالى والنشاط المربوط بخصخصة الخدمات كالمدارس الخاصة والمستشفيات الخاصة كمراكز غسيل الكٌلى وخلافه ،الى جانب النشاط الاقتصادي الاستهلاكي كالمراكز التجارية الفخمة وسط الاحياء الفقيرة .
افهم تماما أن من شأن التجارة وهدفها هو التربح ومذيدا من تراكم الارباح وهو ليس عيبا أن يكون للتاجر نشاط في اى سلعة طالما أنه صاحب عقلية ربحية لايتميز بخلافها(تاجر شاطر) ،ولكن ليس تصدُر المشهد السياسي بدعوى الدفاع عن مصالح الفقراء الذين يتضررون من نشاطهم او تجارتهم ،وهم يساهمون في نهب قوتهم ومداخيلهم ،حينما تضيع كتلة نقدية ضخمة في مشاريع تكرٍس التخلف الاقتصادي ، ولا تخدم الا مصالح فئات مستفيدة من النظام سياسيا واقتصاديا ،الى جانب الشكوك العميقة التى تعززها عدم طرح اى مسارسياسي ديمقراطي في العمق يهدف الى توسيع ونشر القٍيم الديمقراطية والدفاع عنها ،اذن فالأمر ينطوى على خديعة ،بل هى اكثر من خديعة ،ولكن حتى لانقع في طائلة سؤ الظن ،علينا ايضا الا نحسن الظن بأن الاوضاع الاقتصادية يمكن أن تنصلح اذا لم تكشف الخديعة كاملة ،وهو أن النجم السياسي لذلك الرجل في اوقات الأزمات السياسية ،لن يغطي على كونه قمرا منيرا في سماء اقتصاد هذا النظام السياسي الذي يدعي مقاومته ، وقد حقق الثراء ضمن النظام المالي للانقاذ ،ولكن هى الخديعة دوما ،لاتستحي .
يجب أن يدرك قادة الفقراءوطلائعهم (اننا)في حاجة الى التنظيم في قواعد اجتماعية و (اننا)في حالة صراع وجود مع هذا النظام سياسيا واقتصاديا وأن علينا ان تقترح مبادرتنا للدفاع والتعبير عن مصالحنا بلغة مفهومة ومحددة واهداف يجب أن تلتزم بها الذين يزعمون بانهم في صفناالى سلوك درب التنمية وممارسة النشاط الاقتصادي الانتاجي الذي ينهض بالجماهير الفقيرة الواسعة ،وحتى نستطيع أن نتفق على رؤية نحدد بها الرأسمالية المنحازة للجماهير ،او غير المرتبطة بجهاز الدولة ،رأسملية تؤمن بالقيم الرأسمالية وثقافتها التى تزدهر من خلالها وهى الثقافة الديمقراطية والشفافية وحقوق الانسان .
والاهداف التى يمكن أن تطرحها جبهة الفقراء أمام قادة الطبقة التجارية يمكن أن يكون إلزامهم بالمبادرة بقيادة حملة رفض للجبايات الجديدة والامتناع عن رفع سقف الضرائب على القيمة المضافة ،وأن تطرح رؤية اصلاح للنظام الضريبي او مقاومته حتى يتحقق الاستقرار مستقبلا على نظام واضح ومحدد يلزم النظام السياسي القادم على سلوك درب التنمية بدلا عن الاعتماد على الجبايات لدعم خزينتها ،الى جانب أن تنشط الطبقة السياسية الصاعدة في هذا الواقع ان تدرك انها ملزمة بطرح مشروع اصلاح تقدمي يتأسس على مسار بعيدا عن ماتطرحه الحكومة من فعل عبر سياساتها الاقتصادية فتستجيب هى برد الفعل فتنشط ثم تهمد مرة اخرى وهى تضع في حسبانها بانها تراهن على تغير النظام بحركة جماهيرية مقموعة اساسا ومحتضرة ،تضع رهانها على دخان اطارات السيارات كوسيلتها للتعبير ،فلا هي تعي الدرس وتخسر الجماهيرفي نهاية الأمر ،بل عليها أن تدرك وهنا نقتبس قول كاتب عربي يعزى تطاول أمد الأزمات الاقتصادية الى أن غياب مشروع اصلاح تقدمي فعلا ،وديمقراطي في العمق تتوافق عليه قوى التغير هو العقبة الرئيسية أمام تبلوُر كتلة شعبية ضاغطة ترغم النظام على سلوك درب التنمية _ذات المواصفات المعروفة جيدا أو تتهيأ لتكون بديلا عنها) .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.