"لنذهب الى غدنا واثقين …. بصدق الخيال ومعجزة العشب …." محمود درويش …… نحن ازاء نزيف دم فى الريف والحضر لوّث مياه النيل الابيض والأزرق والنيل سليل الفراديس ولوّث خضرة الفيافي وغناء السافنا أيها المثقفون المنفيون فى وطنكم لا تأخذوا على اللُّبّادة الشعب الوحيد الذي حكم عليه الطبقي الجيوسياسي ان يرزح طويلاً تحت شكلين من الاستبداد فى ذات اللحظة : الاستبداد العسكري والاصولي … انقسم الوطن وتم تجهيله وقتل من لم تتم اباداته دموياً ببطء بالتجويع والامراض. ورغم ذلك يري ساسته الحالمون ان العملية الثورية لن تتخذ اشكالاً عنيفة. نعم تم نفي شعب السودان بإكمله بواسطة تحالف لصوص راس المال والموارد ؛ تجمع التعيس العسكري والاصولي مع الطائفي خائب الرجاء (وتحالفت معهم شرائح من رعاع النخب التى باعت سراويلها فطفقت تغني للعصافير الجميلة وتأكل الجمبري وتمسح شواربها) ؛ وجميعهم معزولين ويعرفون جيداً خواء بنية مشروعهم الراسمالي الاجتماعي الثقافي وفشله. اما شعب السودان المتنوع يعرف الباطل الذى هو بين ويعرف اعداءه كما جوعه ولا يحتاج ان يلحس كوعه ؛ وتتحالف معه مؤسسات نخب فى الداخل والخارج والهامش ؛ تحالفت النخب فى مصر مع العسكريتاريا ضد الأصولية ؛ اما فى السودان الباطل بين وهو الحلف الطفيلي الأصولي العسكري الطائفي ؛ ولكن مكمن ضعفهم الجانب العسكري كون جزء من نخبه تقف مع الشعب على سبيل ان جميع الموارد العسكرية والمالية ذهبت الى اجهزة خارج المؤسسة العسكرية من الامن والدفاع الشعبي والمليشيات. مازال جزء من عتاة مثقفينا لا يقوون حتى علي الوقوف عند محطة المثقف مابعد الحداثي وهي قول الحقيقة للسلطة ونصيحتها كونهم يسترزقون من موائدها غير المباشرة . نحتاج الى مثقف عضوي على قدر عزم الضحايا ودمائهم/ن ؛ مثقف على قدر بساطة وتعقيد مطالب الشارع وركوضه وشعاراته التحررية : حرية ، سلام وعدالة.. مثقف يرى ويسمع أنين المختبئين والمختبئات الجوعي فى كهوف جبال النوبة ومعسكرات دارفور وشرق السودان وشماله ؛مثقف يشتم روائح دماء شهدائه فتسيل فى حبره وحربه الكتابية. هل تعي نخبنا ان مرحلة الإصلاح والبحث عن لغة مشتركة مع السلطة الدموية فى السودان قد ولت دون رجعة ؛ وان قول الحقيقة للسلطة الدموية قد قاد الي مهانة المثقف. مثال واحد ان د. عبدالوهاب الأفندي قال فى شهر أكتوبر هذا "إن الفساد والاستبداد هما السياسة الرسمية للحزب والنظام" وهذا ما لم يستطع قوله مايسمي بمثقفي اليسارالجدد والذين دنقروا طويلاً حتى تقاعسوا عن قول الحقيقة للسلطة ؛ دعك عن تعبيد الطريق للتحرير والتحرر والاستنارة التي طلبوها فى بسطام !!!! لم تتبق لنا غير شرعة أخلاقية لا لبس فيها هي شرعة الجوعي الراكضين ودمائهم وأنين مجروحي الهوامش (فى الهامش والمركز معاً ) وصدي الموتي الان وهنا. لقد دمرت سلطة راس المال الطفيلي المتاسلم كل الجسور الاصلاحية وأحرقت المراكب ولا سبيل الى التفاوض معها … ليس هناك شرعة او مبرر أخلاقي للتفاوض مع السلطة الا حول موائدها التى تطفح بكل ما يدعو للطراش . اي ضربة فى لوحة المفاتيح وأي حبر تكتبه بعض النخب السودانية اليوم لا يحمل وعد الدم المنسكب ورائحته لا أخلاق له ويصب فى خانة إصلاح سلطة دمرت الدولة والإنسان والزرع والضرع … خلاص المثقف السوداني البرجوازي الصغيرالان وهنا هو مراجعة أسس مشروع تحرري واستنارة تقرا تواريخ البكاء فى العالم (فى إفريقيا والعالم العربي الاسلامي وجنوب شرق اسيا والشرق الأقصي) ونضالات شعوبها وتستوعب خلاصاتها. خلاصه فى الانتماء الى شرف اخلاق برجوازية صغيرة حديثة تنتمى الى مشروع تحرر استناري يليق بانسانيته وانسنته . مشروع سريرته المستضعف الذي ينتمى اليه المثقف موضوعياً وليس من باب الغواية والتطواف الرومانسي.. ——- * اللُّبّاد هو الصوف المضغوط الى بعضه فى إحْكام