سيف الحق حسن كان الناس يصطادون، كأفراد، السمك المتاح لهم، و يأكلون منه ما يعجبهم بلا وسيط. ثم ظهرت مهنة الصيد كحرفة. فقدم الصيادون أنفسهم كوسطاء، وبرعوا في إصطياد مختلف أنواع السمك ما يمكن ان تأكل منه على كيفك. ثم ظهرت كيانات أكبر من الصيادين، احتكرت صنعة الصيد، و وفرضت شروطا عليه. وهذه هي شركات صيد الأسماك. كل شركة تروج لنوع السمك الذي تبرع في إصطياده، ليستهلكه الأفراد الذين تركوا الصيد، فيكونوا زبائنها الدائمون. فهل لاحظت هنا ان شركات صيد الأسماك هي تماما كما الإسلاميين بمختلف نحلهم ومللهم. فالإيمان موجود في صدور الناس مثل السمك في البحر، مختلف ومتنوع الشكل واللون والطعم. ولكن تجار الدين، الإسلاميين، فرضوا شروطا على إيمان الناس، ليجعلوه حكرا لهم، كما تحتكر شركات صيد الأسماك السمك. وإذا دققت أكثر ستكتشف تفوق الإسلاميين على شركات صيد الأسماك بالجرأة في تجارتهم. فهم يدعون المحافظة على الدين في قلوب الناس؛ بينما لم تبلغ بشركات صيد الأسماك الصفاقة بإدعاء المحافظة على الأسماك في البحار. تجار الدين نصبوا أنفسهم وسطاء إيمان، وروجوا أن المشتري منهم يحصل ويتمتع بأفضل نوع منه. ولأجل ذلك صاروا قراصنة يسيطرون على كل بحار المهن والفضاء الإعلامي، ولا حشاش غيرهم يمكن يملا شبكتو. و مع بسط شباكهم على كل المرافق، ابتدروا مهن كوزير الإرشاد و وزير التأصيل و وزير الحج والعمرة، وهيئات ومؤسسات كالذكر والذاكرين، و صياديهم الهواة في مختلف الاماكن. غير سيطرتهم على الإعلام ببرامج تلفزيونية متكررة، مدفوعة الثمن، كعمليات صيد يومية. كبرامج الفتاوي التي لا تنتهي وتتحدث في عدة أمور حياتية بحتة، ليس المجيب فيها بأفقه من السائل، كالخلافات الزوجية وتربية الأولاد، وفى أوجه إنفاق الأموال، واختيار أنواع العمل والزواج..الخ. ولا إعتراض على الفتوى في حد ذاتها ولكن أن تسمعها بتكرار ممل و تصبح هاجس و هوس معيق لأقل الأفعال الحياتية هذا هو الخطر. فكل عمل تود فعله يجب أن يدرج تحت القيم العليا للإنسانية التي هي من صميم الدين. فتتعامل بخلق وإحترام وتهذيب وأمانة وصدق من تلقاء نفسك، وأنتم أعلم بشؤون دنياكم. فعندما تستفتي قلبك سيدلك على الصحيح بالفطرة. فأنت أعلم بنفسك، ((إن الإنسان على نفسه لبصيرة))، (إستفتي قلبك ولو أفتاك الناس- أو ولو أفتوك وأفتوك). وبذلك تحيا الضمائر نفسها بنفسها وتستشعر مسؤوليتها المنوطة بها. ولكن تجار الدين يريدونك أن تعتمد عليهم هم فقط، ويريدون عقول لا تفكر، مكبلة، ليست حرة، يفكرون عنها، مطية لهم. وضمائر يتحكمون فيها، ولا حبذا لوكانت ميتة وتضحك كما يضحك السمك، فيكونوا على هواهم. ليس هذا فحسب فإنهم لا يباولون ويصيدون في الماء العكر مباشرة. فقد وزعوا لك طعوما في مساجد الله التي من المفترض أن لا يدعو فيها أحد مع الله أحدا. فتجد أأمتهم الذين لا نعرف مؤهلاتهم الدينية فضلا عن الدنيوية يقبضون أموالا ليؤموا الناس في الصلوات، ويخطبون في الجمعة، وغيرها، ويوم يسبتون لا تأتيهم. وقد نجحوا بالفعل. فتجد خلف هذا أو ذاك الصارقيل كثير من الشباب المثقف منبهر به، وصنايعية علمتهم الحياة، وآخرون ذوو شهادات علمية رفيعة ينصتوا ويستمعوا له. وتجده يلقي خطبه محاولا بسذاجة ربط الأحداث والعلم بالدين، ولكنه في الحقيقة يرنو لدعم إحتكار كبار التجار. و يلقي الخطب المكررة لترسخ في عقول المستمعين الشطار!. الكل عرف إن هؤلاء تجار دين ليس إلا، وإن شاءت الأقدار أن يكون أمثال هؤلاء فوق صدورنا وعنوانا لمجتمعنا، فلماذا نستسلم لصناراتهم وشباكهم التي يتفنون في تجديدها كل مرة ويلقونها في بحر الله. لماذا ننصت ونستمع لغثاءهم. لماذا نردد خلفهم "آمين" وهم يسبون من يخالفونهم سياسيا وكل العالم، من شيوعيين وعلمانيين ولبراليين ومسيحيين وأمريكا وغرب، ويتمنون لهم الهلاك، من أجل إحتكارهم للدنيا بحذافيرها ويقولون هذا دين الله تعالى. لماذا نسلم عقول أطفالنا لأمثال هؤلاء ليستمعوا لهم؟، فنضيع دينهم ودنياهم و مستقبلهم. لماذا، ومقابل ماذا؟! أين العائد والفائدة التي نجنيها كما يجنيها هم. لماذا نسمح لأمثال هؤلاء الفاشلين الإدعاء بأنهم وكلاء الله على الأرض؟ أو أن الله رب العالمين يفضل أناس على أناس، أو حزبا سياسيا على آخر؟. لماذا نسمح لأمثال هؤلاء بزرع الفتنة والتفرقة والكراهية بيننا و للآخرين وللإنسانية جمعاء. لماذا نصدق أوهامهم التي تستند الى روايات نصفها خيالية تماما ولا منطق فيها، وإذا دققت لا تجد لها أصلا، ونحن لدينا القرآن الذي لم ترد فيه خزعبلاتهم؟. لماذا نعطيهم كل هذه السلطة الدينية والروحية؟! ماذا نأخذ منهم في المقابل؟! لا شىء. أياديهم فى جيوبنا من الزكاة والضرائب والعوائد وتوثيقات العقود ودمغة الجريح والشهيد، وتبرعات الجهاد والوطن و المساجد التى يوجهونها لخدمة أغراضهم السياسية الدنيوية و الشخصية وتنظيماتهم السرية. وهم في الأساس يزايدون على بعضهم البعض بأن سمكي هو الأفضل والصحي والممتاز، وغيري فاسد، ولن ينجح فيهم أحد. إلى متى تقدس شركات صيد الأسماك وتسير مع الدعاية، وتعشق تونة الوابل، والتي يمكن ان تاتيك بعدة أشكال جديدة. بحر الله واسع وفي أحشائه الدر كامن، فسألوا الغواص، ولا تسألوا التجار، عن صدفاته. الدين واحد وهو الإسلام، وإسمنا واحد هو المسلمون.