قال الخبير الأمريكي في الشؤون السودانية البروفسير اريك ريفز ان صمت إدارة أوباما عن القصف الجوي المتعمد للمدنيين في السودان والذي لم يسبق له مثيل في تاريخ الهجمات الجوية ، هذا الصمت (يشكل عاراً على أمتنا). وفي رسالة مفتوحة للرئيس أوباما 30 نوفمبر ، بعث بنسخة منها إلى (حريات) ، قال ريفز ( ان فشل إدارتكم الأخلاقي في مواجهة الفظائع المستمرة التي يرتكبها نظام الخرطوم ينمو يومياً .. وان رفضك لإدانة جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المستمرة التي يمارسها نظام الجبهة الإسلامية – المؤتمر الوطني ، بأقوى العبارات ، يتناقض بقوة مع كلماتك كسناتور وكمرشح للرئاسة وكرئيس منتخب . وكسناتور في عام 2004 وصفت الفظائع في دارفور كإبادة . وكررت ذلك كمرشح للرئاسة في عام 2007 ووبخت إدارة بوش على توافقها مع الخرطوم . وأعلنت ( عندما نرى إبادة في رواندا ، بوسنيا أو في دارفور ، فإن ذلك عار علينا جميعاً ، ولطخة على أرواحنا .. لا يمكن أن نقول ليس مرة أخرى ثم نسمح بحدوثها مرة أخرى ، وكرئيس للولايات المتحدة لا أنوي التخلي عن الناس أو إغماض العين عن الذبح ) . واضاف ريفز ( ولكن رغم هذه اللغة القوية فان إدارتك جاءت لتستبدلها بكلمات الترضية ، وإدعاء الجهل بجرائم الفظائع ، وبالمساواة الأخلاقية الغريبة ما بين الخرطوم وخصومها – تساوي ما بين تدمير نظام الإبادة وما بين أفعال حركات التمرد التي نشأت لمقاومة طغيان الخرطوم). وقال ريفز في رسالته المفتوحة ( .. ان مبعوثك الخاص الأول للسودان – سكوت قرايشن – أعلن إستراتيجيته في مواجهة نظام الإبادة في كلمات صارت نموذجاً للسخف الدبلوماسي : ( يجب ان نفكر في الحلويات cookies …. الأطفال ، البلدان ، تستجيب للنجوم الذهبية ، الوجوه الضاحكة ، المصافحات ، الإتفاقات ، الحديث والتعامل) . وفي مارس 2009 طردت الخرطوم من دارفور (13) من أفضل منظمات الإغاثة الإنسانية ، التي كانت تقدم حوالي نصف مجموع الإغاثة الإنسانية الدولية لملايين الأشخاص . وأعلن ممثلك الدبلوماسي البديل جون كيري – كان وقتها سناتوراً والآن وزيراً للخارجية – في أعقاب الطرد القاسي : لدينا إتفاق ( مع الخرطوم ) بأنه في الأسابيع القادمة ستعود مائة بالمائة من طاقة الإغاثة) . وكانت تلك كذبة بلغاء ، كما يعلم جيداً كيري وأي أحد في مجتمع الإغاثة العامل في دارفور …. وحقاً ، ان تلك كانت كذبة مفضوحة لا تزال حتى اليوم تفوح منها رائحة الذرائعية العظمى. وأعلن مبعوثك الخاص الثاني ، برنستون لايمان ، في أواخر يونيو 2011 بأنه لا توجد أدلة كافية تدعم التقارير عن القتل الواسع والموجه إثنياً للنوبة في جنوب كردفان …. وفي الحقيقة كانت تتدفق أدلة دامغة من كادوقلي ، توضح بجلاء طبيعة الفظائع الجارية والتي ترقى إلى إبادة أولية . ومرة أخرى هذه التشككية تحمل رائحة الذرائعية التي لا يمكن التسامح معها…) . وأضاف ريفز ( من الصعب عدم الإستنتاج بانه في الإندفاع غير اللائق لضمان التعاون الإستخباري في مكافحة الإرهاب مع الخرطوم فانك وإدارتك تجاهلتم بصورة متعمدة ومتكررة التقارير عن أفظع وأوضح جرائم النظام ، أو على الأقل قررتم عدم التحدث عنها في العلن بأي صورة متسقة وذات معنى ….) ( وهنا فإن ما يقارب الصمت الكامل عن القصف المتعمد للمدنيين – رغم ان عملية عسكرية من هذا النوع تشكل جريمة حرب وفي المجموع تشكل جريمة ضد الإنسانية – هذا الصمت هو الاكثر مثابرة والأكثر خزياً). وقال ريفز في رسالته المفتوحة ( منذ التسعينات هناك تقارير مؤكدة عن (2000) هجمة جوية على المدنيين وأهداف إنسانية في السودان الكبير ، وتفوق أعداد الهجمات التي حدثت فعلاً هذه الأرقام عدة مرات ، وتستمر في التصاعد بصورة سريعة …. وهذه غير مسبوقة في تاريخ الهجمات الجوية ، فلم يحدث أبداً أن تمكنت قوة عسكرية من قصف شعبها بلا هوادة ، بصورة مقصودة ، ولفترة طويلة وممتدة ، وصلت الآن إلى أكثر من 15 عاماً ، دون ان تتعرض للعقاب …. وهذا القصف الإجرامي ينتهك بوضوح قرار مجلس الأمن الدولي والقانون الدولي الإنساني….) . وأشار ريفز إلى فشل قوات اليوناميد وإلى انها لم تعد سوى ذريعة وورقة توت لعدم إتخاذ إجراءات حقيقية لحماية المدنيين . وأضاف ريفز ( حقاً ، من الصعب عدم رؤية العلاقة المباشرة ما بين صمتكم على القصف المستمر للمدنيين في دارفور وما بين قراركم بفصل de couple الإقليم عن أهم محددات سياستكم تجاه السودان ….) وان ( حساباتكم عن قيمة المعلومات الإستخبارية التي يقدمها نظام الخرطوم ، التي يشكك فيها الخبراء خارج الحكومة ، إلا انها على كل ، حسابات تتم مع معرفة كاملة بالأضرار التي يستمر يسببها النظام على شعب السودان….) . واضاف ريفز ان مبعوثك الخاص السابق أعلن في ديسمبر 2011 بعد إجتياح الخرطوم العسكري لمنطقة أبيي المتنازع عليها : ( بصراحة ، لا نريد ان نرى الإطاحة بالنظام ، ولا تغيير النظام . نريد أن نرى النظام يجري إصلاحاً عبر إجراءات دستورية ديمقراطية ) . وقال ريفز ( وإضافة إلى ذلك ، في اللحظة التي أدى فيها سوء الإدارة الضخم للإقتصاد السوداني طيلة (24) عاماً ، والصرف العسكري الفاحش ، وصناعة الحرب غير المبررة على الجماهير المهمشة في الأطراف ، والنهب الواسع للثروة القومية من النخبة السياسية ، أدت فيها هذه الأسباب إلى ظروف إقتصادية تجعل التغيير فرصة حقيقية ، في هذه اللحظة تبدي إدارتك النية على تخفيض الضغوط الإقتصادية…) . واضاف ( بدلاً عن تشديد العقوبات التي تهدد بصورة متزايدة النظام الذي بدد الثروة النفطية في أقل من عقد وليس لديه إمكانية الوصول إلى الإئتمان الدولي أو إحتياطات العملات الصعبة ، بدلاً عن ذلك نقرأ عن ان التجارة بين الولاياتالمتحدة والنظام تبدأ في الإزدهار..) . واشار ريفز إلى إعلان شركة سكر النيل الأبيض 3 نوفمبر 2013 عن توقيعها عقداً مع الشركة الأمريكية جنرال اليكتريك للحصول على خدمات لمصنع السكر الذي يساوي مليار دولار . وأضاف ان المدير التنفيذي لشركة سكر كنانة كشف بان الشركة لديها تعاملات مع (18) شركة أمريكية مصرح لها من مكتب مراقبة الأصول الأجنبية الأمريكي . ومؤخراً قدمت شركة أمريكية طلباً للسماح لها بإستيراد الإيثانول من السودان . وأكد ريفز ان ( العقوبات التي قررت من عدة إدارات سابقة والكونقرس الأمريكي يبدو انها لم تعد ذات معنى عبر وسائل (التعديلات الإجرائية) …. والسؤال للرئيس أوباما : لماذا سمحت إدارتكم بحدوث هذا ؟ وهل الخرطوم محقة في قولها بأن الإدارة الأمريكية تريد رفع العقوبات بالتدريج حفاظاً على ماء وجهها ؟ أم ان رفع العقوبات بصورة سرية جزء من صفقة أكبر مع نظام الخرطوم ؟ وهل هي جزء يتسق مع إدعاء برنستون لايمان الأخرق بأن النظام يمكن ان يقود التحول الديمقراطي في السودان ؟ وختم ريفز رسالته المفتوحة إلى الرئيس أوباما ( ان رفضكم إدانة الهجمات الجوية المتعمدة على المدنيين العزل ، بصورة مترتبة مستمرة وقوية ، هذا الرفض يشكل عاراً على أمتنا ويجعل من الصعب نهائياً ان نؤمن بأن سياستنا الخارجية يوجهها أي شئ غير (سياسة واقعية) شرسة ( سياسة واقعية – مصطلح يصف السياسة التي تقوم على المصالح دون أي مبادئ) . ( النص بالانجليزية أدناه) : اضغط للقراءة