تنذر الازمة السياسية في انقرة بالتاثير سلبا على الزيارة التي سيقوم بها رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الثلاثاء الى بروكسل لتشكل عودة للعلاقات بين تركيا والاتحاد الى الوراء بدلا من خطوة الى الامام كان يفترض ان تجسدها. وخلال هذه الزيارة الاولى لبروكسل منذ خمس سنوات، يلتقي اردوغان على مادبة غداء مع رئيس الاتحاد الاوروبي هيرمان فان رومبوي ورئيس البرلمان الاوروبي مارتن شولتز ووزيرة خارجية الاتحاد كاترين اشتون. وقبل ذلك يجري اردوغان مباحثات مع رئيس المفوضية الاوروبية جوزيه مانويل باروزو حول وضع ترشح بلاده لعضوية الاتحاد الاوروبي المتعثرة منذ 1999 وبشان النزاع في سوريا التي تتقاسم تركيا معها حدودا بطول 900 كلم. وسيكون المؤتمر الصحافي لاردوغان ورومبوي فرصة لمعرفة اجواء هذه المباحثات. لكن عموما ومنذ الان اعتبرت الاجواء "سيئة" بحسب مصدر اوروبي. وقال هذا المصدر انه من خلال رده على اتهام حكومته بالفساد، باجراء عمليات تطهير واسعة في الشرطة والقضاء وتقديم مشروع اصلاح للنظام القضائي، فان اردوغان ابدى، في نظر بروكسل، استخفافا بدولة القانون في تناقض مباشر مع جوهر تعهداته الاوروبية. وذكر المفوض الاوروبي للتوسيع ستيفان فولي مرارا في الاسابيع الاخيرة تركيا بواجباتها. وفي لقاء الخميس في ستراسبورغ مع وزير الشؤون الاوروبية التركي مولود تشاوش اوغلو، اكد فولي ان الاتحاد الاوروبي يريد ان تتم استشارته قبل عرض مشروع مراجعة النظام القضائي. وقال المصدر الاوروبي ذاته انه "بناء على رد اردوغان سنعرف ما اذا كان جادا ام لا" في رغبته في انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي. واردوغان الذي ظل طويلا المسيطر بلا منازع على الحياة السياسية في تركيا وصانع عملية تحديث اشاد بها الاتحاد الاوروبي، لم يبد حتى الان اي رغبة في تقديم اي تنازل لمخاطبيه الاوروبيين. وقال امام السلك الدبلوماسي التركي "لا يحق لاحد الادلاء بتصريحات بشان رغبة تركيا" في اصلاح قضائها مضيفا "لا اقبل تصريحات مثل ‘هذه المقترحات تتنافى مع مكتسبات الاتحاد الاوروبي'". ويريد اردوغان اقناع مخاطبيه برؤيته للازمة التي يواجهها باعتبارها "مؤامرة ضد الحكومة" والحصول على دعمهم، بحسب ما قال سنان اولغن الذي يدير مركز الدراسات الاقتصادية والسياسية الخارجية في اسطنبول. وتوقع ان "ذلك لن يكون سهلا". وتامل تركيا مع ذلك في الاستفادة من هذا اللقاء الاوروبي "لدفع علاقاتها مع الاتحاد الاوروبي مع فتح فصول جديدة" في مفاوضات الانضمام، بحسب ما ذكر احد دبلوماسييها. وكان هذا السيناريو متوقعا في الاصل في تشرين الثاني/نوفمبر مع استئناف مفاوضات الانضمام التي بدات في 2005 لكنها جمدت لفترات طويلة. وبعد القمع الشديد لحركة الاحتجاج الشعبي في حزيران/يونيو، يريد الاوروبيون منع حدوث تراجع ديمقراطي من خلال تركيز الحوار على الحقوق الاساسية والقضاء. وقبلت تركيا في المقابل في كانون الاول/ديسمبر ان توقع اتفاقا للحد من عمليات عبور عشرات آلالاف من المهاجرين غير الشرعيين باتجاه اوروبا خصوصا مع الاضطرابات التي تشهدها دول الشرق الاوسط المجاورة لتركيا. وقال مصدر اوروبي "كل الخيارات الان تنطوي على مخاطر" حيث ان "فتح فصول جديدة سيمنح اردوغان مبررات" لتكميم الاحتجات الداخلية كما ان "غلق هذا الافق سيمثل عودة للوراء مع خيبة امل في الجانبين". وقال المحلل مارك بييريني في مؤسسة كارنيجي "ان التطورات الاخيرة تنطوي على تهديد حقيقي ب'فك ارتباط سياسي' بين الاتحاد الاوروبي وتركيا في ظرف يشكل فيه هذا البلد اهمية استراتيجية لاوروبا اكثر من اي وقت مضى".