عادت المفاوضات بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية في الشمال إلى المربع الأول، مع اقتراب المدة التي قررتها الآلية رفيعة المستوى التابعة للاتحاد الأفريقي بنهاية الشهر الجاري، وأكدت الخرطوم بقاء وفدها في مقر المحادثات في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، متهمة الحركة بالتراجع عما جرى الاتفاق عليه حول مقترح الاتفاق الإطار. في وقت عبر فيه أحد أعضاء فريق الخبراء عن تشاؤمه من الوصول إلى اتفاق في هذه الجولة، وأكد أن الحركة الشعبية لديها الإرادة السياسية لإحداث اختراق في المفاوضات، وأنه لم يلمس ذلك من الوفد الحكومي. فيما جدد وفد الحركة تمسكه بضرورة الوصول إلى اتفاق إطار قبل تشكيل عمل اللجان المقترحة من قبل الوساطة الأفريقية. وقال مساعد الرئيس السوداني، رئيس الوفد الحكومي، إبراهيم غندور للصحافيين أمس عقب اجتماع مطول جمع وفدي التفاوض بحضور الوساطة الأفريقية إن المفاوضات عادت إلى المربع الأول، وإنه «بعد ثلاثة أيام من المناقشات تركزت حول مقترح الاتفاق الإطار، فوجئنا بأن وفد الحركة الشعبية يشير إلى أن ما جرى مناقشته ليس اتفاقا إطاريا، وإنما مقترح للوصول إليه». وقال غندور: «كان ردنا أن هذه مضيعة للوقت.. وما دام ما نناقشه بكل هذه التفاصيل سيقودنا إلى اتفاق إطار، فلماذا لا نناقش الاتفاق الإطار مباشرة؟ خاصة أن لدينا مقترحا في السابق مقدما من الآلية رفيعة المستوى الأفريقية في 18 فبراير (شباط) الماضي». وأوضح أن المقترح كانت الحركة الشعبية ترفضه منذ تقديمه، مؤكدا أن الطرفين سيناقشان مقترح الوساطة حول الاتفاق الإطار للاتفاق عليه، ليمثل مرجعية لعمل اللجان الأربعة التي جرى الاتفاق عليها بحضور رئيس الوساطة ثابو مبيكي قبل يومين. وأوضح غندور أن وفده سيظل مرابطا في مقر المفاوضات حتى الوصول إلى سلام، وأضاف: «نحن جئنا من أجل التفاوض والوصول إلى سلام ولن يغادر وفدنا إلا في حال رفعت الوساطة هذه الجولة». من جانبه، قال المتحدث الرسمي باسم وفد الحركة الشعبية في المفاوضات، مبارك أردول ل«الشرق الأوسط» إن الوساطة الأفريقية بذلت مجهودات كبيرة مع الطرفين من أجل الوصول إلى اتفاق، وإن وفده جاء إلى هذه الجولة للوصول إلى اتفاق إطار يستند على اتفاقية 28 يونيو (حزيران) عام 2011 ومقترح الوساطة. وأشار أردول إلى أن «هذا لم يناقش طوال هذه الجولة، والأطراف عكفت على مناقشة فكرة العمل في شكل أربع لجان قبل الوصول لاتفاق». وأن رأي حركته حول اللجان أنها تحتاج وتنبع من وجود اتفاق سوف تعمل على أساسه». من جهته، عبر عضو فريق الخبراء الذي استعانت به الحركة الشعبية، المحامي كمال الجزولي عن تشاؤمه في إمكانية إحداث اختراق في هذه الجولة فيما تبقى من الفترة التي حددتها الوساطة بنهاية هذا الشهر. وقال ل«الشرق الأوسط» إن «فريق الخبراء كان يرى أنه ليس هناك استحالة مع وجود الصعوبات. كان لدي أمل حتى مساء أول من أمس، ولكن منذ صباح الأمس لم يعد لدي مثل هذا التفاؤل. والمسافات أصبحت متباعدة أكثر من أي وقت مضى». وأكد الجزولي أن الوساطة بذلت كل ما يمكن ولكن ليس بالقدر الكافي، وأن الوساطة فضلت أن يتفاوض الطرفين مباشرة، ومبيكي نفسه ترك طاولة التفاوض وغادر بعد تنبيهه بضرورة أن يتوصلا إلى تقارب. وأضاف: «في مثل هذه الجولة كان الأمر يحتاج إلى حسم ووضوح وجدية أكثر من الوساطة»، مشيرا إلى أن وفد الحركة الشعبية لديه الإرادة السياسية الكافية للوصول إلى اتفاق، «ولكن وفد الحكومة ليس لديه إرادة سياسية كافية، وقد يكون لدى بعض أعضائه لديهم الرغبة ولكن هل يمتلكون التفويض لتجاوز العقبات؟ لا أعتقد أن لدى الوفد الحكومي هذا الاستعداد».