فيما بدأ العالم أمس المؤتمر الدولى حول العنف ضد النساء اثناء الصراعات، تشير الخرائط الاحصائية التى تنشرها (حريات) من موقع احصائيات المرأة بان السودان فى قائمة أسوأ الدول من حيث ممارسة العنف الجنسى. وانطلقت في العاصمة البريطانية أمس الثلاثاء أعمال المؤتمر الدولي حول العنف الجنسي أثناء النزاعات ، بمشاركة 48 وزير خارجية، ووفود اكثر من مئة دولة تشمل ممثلين حكوميين ومنظمات غير حكومية وشخصيات دينية وأكثر من 900 من الخبراء والقانونيين وممثلين عن جمعيات خيرية وشخصيات من المجتمع المدني، بالإضافة إلى عدد من الضحايا والشهود. ويحمل المؤتمر اسم (القمة الدولية لإنهاء العنف الجنسي في الصراعات)، وهي حملة مدتها عامان بدأها كل من وزير الخارجية البريطانى وليام هيغ وسفيرة النوايا الحسنة للمفوضية العليا للاجئين الممثلة المشهورة انجلينا جولي ، لنشر الوعي بهذه القضية، ومنذ ذلك الوقت صادقت 141 دولة على (إعلان الالتزام بإنهاء العنف الجنسي في الصراعات). وقال بيان من وزارة الخارجية البريطانية ان المؤتمر الذي يستمر أربعة ايام يهدف إلى (انهاء ثقافة الإفلات من العقاب على ارتكاب العنف الجنسي في النزاعات، وذلك من خلال إطلاق بروتوكول دولي جديد يتضمن معايير دولية للتوثيق والتحقيق في العنف الجنسي في مناطق النزاعات وإمداد الناجين بالمزيد من المساعدة). وأضاف أن البرتوكول الدولي الجديد (سوف يساعد على تعزيز الملاحقات القضائية بتهمة الاغتصاب أثناء النزاعات، ويشجع البلدان على تعزيز قوانينها المحلية بحيث تتم محاكمة المسؤولين عن العنف الجنسي سواء داخل أو خارج البلدان التي ارتكبوا فيها جرائمهم المروعة على حد سواء، وسيشمل أيضا إدخال القوانين التي تدعم أهداف وغايات للمحكمة الجنائية الدولية). وقالت أنجلينا جولي فى افتتاح المؤتمر (مقولة إن الاغتصاب هو جزء لا يتجزأ من الصراع، أسطورة. لا شيء منه يعتبر أمرا لا مفر منه. إنه من أسلحة الحرب، التي تستهدف المدنيين. لا علاقة له بالجنس، بل بالسلطة. يتم اللجوء إليه لتعذيب وإذلال الناس الأبرياء، وغالبا الأطفال الصغار جدا). وتشير (حريات) الى ان السودان تحت سلطة المؤتمر الوطنى يحتل قائمة أسوأ البلدان فى كل المعاير الرئيسية المتعلقة بالمرأة ، سواء تفشى الاغتصاب ، او غياب الأمن الجسدى ، وتشويه الاعضاء التناسلية ، والاتجار بالنساء ، وعدم المساواة فى القوانين ، وفرض الزى ، فضلاً عن وفيات الامهات وعمر النساء ، كما تبين خرائط الاحصائيات المرفقة . وجاء السودان ضمن (21) دولة مارست الإغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي في الصراعات ، في التقرير السنوي للأمم المتحدة حول العنف الجنسي ، الصادر 24 ابريل 2014. وحسب التقرير فان الدول التي استخدمت الإغتصاب والعنف الجنسي في الصراعات ، هي : أفغانستان ، أفريقيا الوسطى ، ميانمار ، سوريا ، السودان ، جنوب السودان ، الكونغو ، ساحل العاج ، مالي ، ليبيا ، اليمن ، أنغولا ، البوسنة والهرسك ، كمبوديا ، كولمبيا ، غينيا ، نيبال ، سيراليون ، الصومال وسريلانكا. وحل السودان في المركز السابع بقائمة أسوأ دول العالم من حيث ممارسة العنف الجنسي في الصراعات ، بحسب تقرير مابلكروفت Maplecroft – أشهر مؤسسات تحليل المخاطر العالمية ، مارس 2013 . وبحسب التقرير فإن أسوأ عشرة دول في العالم ، هي على التوالي : افريقيا الوسطى ، كولمبيا ، الكونغو ، ميانمار ، الصومال ، ساحل العاج ، السودان ، سريلانكا ، يوغندا وزيمبابوي . ودعت الحملة الدولية لإيقاف الإغتصاب والعنف الجنسي إلى تشكيل لجنة تقصي حقائق حول السودان من قبل المقرر الخاص للأمم المتحدة حول العنف ضد النساء لتقديم تقارير عن وضع المرأة في السودان إلى الأممالمتحدة . وتأسست الحملة الدولية لإيقاف الإغتصاب والعنف الجنسي في مناطق النزاع The International Campaign to Stop Rape & Gender Violence in Conflict في مايو 2012 بقيادة مبادرة (نساء نوبل) – النساء الحائزات على جائزة نوبل للسلام – وإلتحقت بها أكثر من (700) منظمة على نطاق العالم . وأكدت الحملة في تقريرها الصادر 6 ديسمبر 2013 أن النساء في السودان يعشن في أزمة من العنف الجنسي . ويوثق التقرير كيف يستخدم العنف الجنسي كأحد أسلحة الحرب من قبل القوات الحكومية السودانية والمليشيات المتحالفة معها ، وقالت إحدى نساء جبال النوبة بمعسكر (ييدا) للاجئين : ( رأيت فتاتين من أنقولو تم القبض عليهما وإستمر إغتصابهما حتى الموت . إذا لم يمت الشخص بسرعة يجهزون عليه بسكين أو رصاصة . هذا ما يحدث لنا . رأيت ذلك بعيني) . وأضاف التقرير أن العنف الجنسي يستخدم كذلك كآلية للإخضاع والقمع السياسي ، وأورد كنموذج حادثة إغتصاب الناشطة صفية إسحق من قبل ثلاثة من ناصر جهاز الأمن عام 2011 ، وكذلك تعرض الذين حاولوا دعم صفية للملاحقة . ومن أهم إستنتاجات التقرير ان النساء في السودان يتعرضن للمعاقبة إذا أبلغن عن الإغتصاب أو تحدثن علناً ، حيث يتعرضن للتهديد والسجن ، وفي بعض الحالات يدفعن إلى مغادرة البلاد ، كما يحرمن من الوصول إلى العدالة والرعاية الصحية . وأضاف التقرير ان النظام السياسي والقانوني يقوم على الحصانات ، حيث إعترف وزير العدل بأن حوالي 25% من السكان – منسوبي الأجهزة العسكرية والأمنية والسياسية – يتمتعون بحصانات من التقاضي ، إضافة إلى انه وبحسب القانون فان عبء إثبات الإغتصاب يقع على الناجية من الإغتصاب ، والتى تواجه تهمة (الزنا) إذا لم تأتي بأربعة شهود أو تحصل على إعتراف من المعتدي وفي حال إدانتها تتعرض للجلد أو الرجم إذا كانت متزوجة . وهذا فضلاً عن تطلب ملئ أورنيك (8) من التي تتعرض للإغتصاب ، ورغم ان تعديلاً في القانون لعام 2005 ألغى الحاجة إلى أورنيك (8) إلا أن النساء لا زلن يطالبن بإحضاره ، هذا في حين يخشى عديد من الأطباء ملئ الأورنيك خوفاً من السلطات ، وهذه الإجراءات ليست وسيلة للإرباك وحسب وإنما تاكتيك متعمد لمنع الإبلاغ عن الإغتصاب ، ومن ثم تطبيع الإغتصاب . وأضاف التقرير أن الناشطات اللاتي ينخرطن في أنشطة ضد العنف الجنسي أو للدفاع عن حقوق النساء يتعرضن بصورة منتظمة للملاحقات وتشويه السمعة . وقالت الناشطة الحقوقية الأستاذة ولاء صلاح في التقرير ان ( النساء العاملات لمساعدة الناجيات من العنف الجنسي على المستوى المحلي يفعلن ذلك سراً ، وهن بحاجة إلى مساعدة المجتمع الدولي.) ، واضافت ولاء ( مرتكبى العنف الجنسي يرتكبون جرائمهم في حصانة من العقاب فيما يعيد النظام القانوني الإعتداء على المغتصبات مرة أخرى.) وقالت السيدة ديانا ساروزي من مبادرة (نساء نوبل) : ( رغم المخاطر ، لن يتم إخراس النساء، .... وان الناجيات من العنف الجنسي في كل أنحاء السودان يتكاتفن معاً ويصلن إلى ما وراء الحدود من أجل خلق بيئة آمنة للنساء) . وأرسل مجلس الأمن الدولى 25 يونيو 2013 رسالة قوية إلى مرتكبي جرائم العنف الجنسي، تؤكد على عدم التسامح مع أفعالهم، وذلك من خلال اعتماد قرار يعزز الجهود الرامية إلى إنهاء الإفلات من العقاب . وفي ثلاثة قرارات سابقة – 1820 (2008)، 1888 (2009) و 1960 (2010) – أكد المجلس أن العنف الجنسي، عندما يرتكب بشكل منهجي ويستخدم كأداة للحرب، يشكل تهديدا أساسيا للسلام والأمن الدوليين، ويتطلب عمليات أمن واستجابة قضائية. وخلال المناقشة التي دارت حول المرأة والسلام والأمن، أصدر المجلس بالإجماع القرار 2106، والذي يؤكد بشكل أكثر اتساقا وصرامة، إجراءات وملاحقة جرائم العنف الجنسي باعتبارها جانبا أساسيا من جوانب الردع والوقاية. وطلب المجلس من الأمين العام بان كي مون وكيانات الأممالمتحدة ذات الصلة بتسريع إنشاء آليات الرصد والتحليل، وترتيبات الإبلاغ وإعداد التقارير بشأن جرائم العنف الجنسي المرتبطة بالصراع.