[email protected] و نستطيع ان نجزم بأن اي انتهاك لحقوق المرأة تتم ممارسته يكون تأثيره السلبي ظاهرا على المجتمع بأكمله فالعلاقات الثقافية و الإجتماعية التي تربط بين افراد المجتمع هي التي تكون هوية و عقلية الفرد و كيفية تفاعله مع بقية المجتمع و هكذا تتكون صفات و اطباع و عادات مشتركة تصبغ المجتمع و هذه الصفات و الطباع بدورها تتسم بالديناميكية اذ انها تتغير و تتأثر مباشرة بعوامل اخرى كالتراتب الإجتماعي و الاحداث السياسية و الاقتصادية و الهجرات الجماعية او الاحتلال و غيرها و تبعا لهذه المؤثرات تنبت طباع و افعال جديدة (او قديمة) في المجتمع و تتكون أطر تنظيمية تشكل كافة العلاقات الإنسانية كما ينطبق كل ما سبق على علاقات الكيانات و المؤسسات كشريك في البناء الاجتماعي. إن الركيزة الأساسية في تطور البشرية جمعاء هي المحافظة على حقوق الفرد غض النظر عن جنسه ذكرا كان او انثى و قبل التطرق لقضية المساواة بين الجنسين يجب لفت النظر الى ان لكل منهما حقوق تختلف في طابعها عن الأخرى فنجد ان هناك حقوق مشتركة للرجل و الانثى مثل حق الإعتقاد و التعبير و العمل و هناك حقوق منحتها الطبيعة للأنثى لا يحق للمجتمع سلبها اياها بطريقة مباشرة او غير مباشرة و مثال للتمييز ضد المراة هي الفصل من العمل اثناء اجازة الأُمومة فمن حق المرأة ان تمارس حياتها كأنثى دون ان يضر هذا بحقوقها الأخرى مثل حقها في العمل او ايا كان دورها كفرد من افراد المجتمع و حين يقع هذا الإنتهاك لحقها تكون العائلة هي المتضرر الحقيقي و ليس فقط المرأة التي وقع عليها الضرر المباشر و الذي يمكن ان ينعكس في شكل سلوك سلبي نسبة للأثار النفسية و المادية الواقعة جراء الانتهاك و من المستغرب ان الكثير من المدافعين عن حقوق المراة يظنون ان الرجل هنا هو الخصم في حين ان الرجل هو متضرر مثله مثل المراة مع اختلاف شكل الضرر و درجته. ويجدر بنا النظر الى مسببات انتهاكات حقوق المرأة والتي لا يمكن تعدديها لكن يمكننا ادراجها في فئات و اولها الانتهاكات الناتجة من المعتقدات و التي تشمل كل الاضرار التي تقع على المرأة نسبة لإعتقاد ديني او عادات و تقاليد و موروثات قبلية مثل زيجات الاقارب و هناك انتهاكات تمرر عبر القانون و غالبا ما ترتبط هذه الانتهاكات بالفئة السابقة فالقانون السوداني و تبعا لرأي الكثير من الناشطين و الباحثين يقيد حرية المرأة ولا يساويها مع الرجل في المواطنة و هذا لانه يستمد قوانينه من التشريع الإسلامي و الفئة الثالثة يمكن ان تكون انتهاكات بسبب الجهل و التقليل من قيمة المراة و الذي لا نستطيع انكاره في مجتمعنا و مثال لهذا هو التحرش و الذي يحتاج لتحليلات نفسية و اجتماعية و اخلاقية و مثال اخر هو منعها من التعليم و الذي لا يوجد له اي مسوغ ديني او تقليدي بل هو نتاج للعقلية الذكورية التي تسيطر على الرأي في الأسرة ويمكننا التنبؤ كيف سيكون شكل اسرة ربتها حرمت من نعمة التعليم و يمكننا معرفة ان الضرر الذي وقع على المراة هو في الحقيقة ضرر لكل المجتمع ذكورا و إناثا و بمختلف اعمارهم و اقل ضرر سيكون هو التطور البطيئ للمجتمع و هذا ما يحدث الان اذ اننا ما زلنا نعاني من قضايا كثيرة تخص المراة مثل الختان والزواج المبكر و شهادة المراة و ميراثها و لسنا هنا بصدد تعديد القضايا او ايجاد حل لها بل بصدد تبيان ان الضرر الذي ينجم من الإنتهاكات ليس فقط على الانثى بل على كل فرد في المجتمع لكن يمكننا القول ان الكثيرون يظن و انا اتفق معهم ان حل اكثر من نصف مشاكل المراة في السودان يكمن في تحقيق العلمانية في الدولة و في المجتمع اذ ان فيها حل مباشر لمشاكل الميراث و القوانين التي تحد من حرية المراة مثل قانون النظام العام بالاضافة لتجريم الزواج المبكر و الختان و يمكننا القاء اللوم على الحكومات التي تستخدم المعتقدات في نزاعاتها المسلحة و السياسية دون المراعاة للأثر الذي سينجم من تلك الممارسة و في حين ان المقصود المجتمع نجد ان المرأة تتضرر بشكل مباشر ففي منتصف العام 1994 قامت الحكومة السودانية بحملة لتغيير هوية مجتمع جبال النوبة و ضمن تلك الحملة كانت مهرجانات "الختان الجماعي" للذكور و الإناث من النازحين. عندما يتم ختان الأنثى فهي شخصيا قد تم الاعتداء عليها ويستمر اثر هذا الإعتداء ليصل الى الجنين الذي قد تفقده الأسرة اثناء الولادة و بالتالي يكون الاثر على ثلاثة من افراد المجتمع وقد يمتد الى اخرين ممن حضروا الواقعة و سيكررونها على اسرهم فقط من باب التقاليد و عندما يتم اجبار الطفلة على الزواج يكون الاعتداء مباشرا على الطفلة و لكن المتأثر سيكون الابناء الذين سيتم تربيتهم على يد شخص لم تمر بأي تجارب كافية في الحياة و سيظهر هذا الاثر مضاعفا على الابناء اللذين سيتم انجابهم اولا. عبر القاء الضوء على الفئات السببية المؤدية للتمييز ضد المراة نجد ان المراة تشارك الرجل نفس القدر من المسؤولية في الانتهاكات رغم انها المتضرر المباشر من الانتهاك , و يتبقى لنا ان نعترف بان الافكار و العادات و التقاليد الضارة هي العدو و ليس الرجل الذي هو مجرد اداة لتنفيذ تلك الافكار بالمناصفة مع المراة, و تكثيف العمل على التعريف بأضرار هذه الانتهاكات ضد المراة و اثارها على المرأة و علينا جميعا.