كل يوم وعند كبري المك نمر تحفني مشاعر الالم والحزن والاحساس بالذنب وتأنيب الضمير.. وانا اتابع هرولة تلك المجموعة من الاطفال المغتالة براءتهم تحت عجلات الحاجة والبؤس والفقر. كلكم تشاهدون هذا.. ليس عند كبري المك نمر بل في كل الكباري وكل الطرقات.. اطفال المفروض يكونوا في المدارس والحدائق ودور الرعاية.. لكنهم يمسحون زجاج العربات ويطلبون في كلمات منكسرة.. حق الفطور أو حق العشا أو يمدون ايادي صغيرة معروقة طالبين ثمن رغيفة لأنهم من الصباح لم يجد الطعام طريقه الى بطونهم.. واخرين تحولوا الى بيع اصناف من البضائع الصغيرة المتعددة بما فيها لعب الاطفال.. وفئة ثالثة تبيع الموت والمرض.. يا الله أى والله بيع المرض والموت.. انهم يبيعون البسكويت والحلويات واللبان.. وهيئة المواصفات تحدثنا عن إبادتها للفاسد من هذه الاطعمة. وهؤلاء الاطفال يموتون ويبيعون الموت.. يبدأ العرض قائلاً ثلاثة بألف.. يعني ثلاثة صناديق بسكويت وينتهي بعشرة من غير ان يتجاوب معه احد فالذين على ظهور عرباتهم لديهم من الشواغل التي تحول دونهم ودون سماع هذه الاصوات الواهنة. يا تري من هم اصحاب البضاعة الحقيقيون..؟ وكم نصيب هؤلاء الاطفال من الجنيهات ريثما يموتون وكم مسؤول يعبر هذه الجسور وبأى احساس يشعر. اسئلة كثيرة تبحث عن اجابة.. ولكن من الصعب بل ومن المستحيل ان يتبلد الاحساس ولا تهتز النفس في أسى لما يحدث لاطفال السودان في العاصمة القومية الخرطوم.. عسير جداً ان تنطلق ضحكة واحدة من الاعماق ودماء براءة الاطفال تسيل في الطرقات بفعل التسول والاستغلال البشع. الا من شيء او سبيل يعيد الراحة الى النفس؟؟ الا من سبيل الى طفولة سعيدة؟ الواقع مظلم ومزعج والامل عند الافق سراب.. هل في استطاعتنا تحويل السراب الى ماء آمل في ذلك مرددة ما قاله توفيق زياد: اعطي نصف عمري لمن يجعل طفلاً باكياً يضحك واعطي نصفه الثاني لاحمي زهرة خضراء ان تهلك وامشي ألف عام خلف اغنية واقطع ألف واد شائك المسلك واركب كل بحر هائج حتى الم العطر عند شواطيء الليلك انا بشرية في حجم انسان فهل ارتاح والدم الزكي يسفك اغني للحياة فللحياة وهبت كل قصائدي وقصائدي هى كل ما املك هذا مع تحياتي وشكري