بعد أيام معدودة سوف تسترجع الذاكرة تلك الصورة التي تعود إلى ديسمبر 2013م والتي التقطها المصور كمال عمر ببراعة حيث استطاع أن يحشد في الكادر كل وزراء الحكومة العريضة التي تشكلت بعد انفصال جنوب السودان، والذين تجاوز عددهم 50 وزيرا، وكان المتوقع وقتها وفقا للتصريحات أن تتشكل حكومة رشيقة تُخفف الإنفاق الذي أنهك الاقتصاد المنهك أصلاً، لكن الذي حدث بعد حل الحكومة العريضة أن تشكلت حكومة أعرض من الأولى، حيث تم تعيين وزيري دولة في بعض الوزارات بالإضافة إلى الوزير الاتحادي في وزارات في الأساس يُمكن أن تتحول لإدارة داخل وزارة شبيهة. ذات السيناريو الآن يتكرر، الترويج الذي يسوقه الحزب الحاكم هذه الأيام لتشكيل حكومة أعرض من العريضة في نسختها الثانية بعد الانتخابات كأنه سوف يُقدم حلاً عجزت عنه الانتخابات. ففيما يتهاوى الجنيه السوداني الذي لم تسعفه "عاصفة الحزم" يستعد المواطن لتحمل نفقات الحكومة القادمة الأكثر عرضاً، ذلك بعد تحمله نفقات الانتخابات، ماذا ستقدم الحكومة ذات القاعدة العريضة الجديدة، بل ماذا قدمت الحكومة التي قبلها، لم تقدم حلاً ولن تستطيع بل هي تُمثل زيادة عبء يقع على ظهر المواطن. الأزمة الاقتصادية التي لم تتحرك باتجاه الانفراج لن تحلها ترضيات سياسية وتقاسم سلطة حتى لو توقفت الحرب المشتعلة في أطراف البلاد، بل سوف تُعقد الأزمة السياسية أكثر مما عليه الآن، طالما أن كل من يعترض على سياسة إن كان اعتراض سلمي أو بالسلاح يُمنح وزارة أو منصبا في القصر وبالمقابل الأزمة مستمرة ومتوالدة. لو تشكلت ألف حكومة وضمت كل المعارضة، لن تحل القضية الأساسية، لماذا الإصرار على إعادة إنتاج الفشل بينما الوضع لا يحتمل، لماذا سياسة "وزير لكل مواطن" يدفع تكاليف منصبه المواطن، كم مرة جرّب الحزب الحاكم حكومات القاعدة العريضة أو ما شابهها، جميعها كانت عبء ثقيل على الاقتصاد أولاً وعلى العملية السياسية، لم تُقدم التجارب أي خطوة في اتجاه أي حل. السودان لا يحتاج إلى هذه الحكومة العريضة التي ضاعفت مشكلاته، بل ربما حاجته أقل من رُبع هذا الجيش الجرار من الوزراء والدستوريين. إن انصرف النظر عن إعمال الحل السياسي الجذري وباتت الترضيات والتسويات هي الحل فلا ترهقوا المواطن بمزيد من الإنفاق، يكفيه هذا العدد من الوزراء.