شاهد بالصورة والفيديو.. أثناء أحياه حفل بأوروبا.. الفنان شريف الفحيل يجمع أموال "النقطة" بالدولار من إحدى السيدات ويستعجل على إدخالها في "جيبه"    تكليف مجلس تسيير لاتحاد الالعاب المصغرة الوليد بكسلا    *الجاموس.. كشف ضعاف النفوس..!!    ثنائي الهجوم الأحمر يصل رواندا    جنوب السودان..تفاصيل مثيرة في محاكمة رياك مشار    قيادة الجيش بالفاشر: الأوضاع تحت السيطرة    كامل إدريس إلى الولايات المتحدة الأمريكية    حفل الكرة الذهبية.. هل يحقق صلاح أو حكيمي "المفاجأة"؟    القوز يعود للتسجيلات ويضم هداف الدلنج ونجم التحرير    شاهد بالصور.. الفنانة ندى القلعة تصل القاهرة وتحل ضيفة على أشهر الصحف المصرية "في حضرة الكلمة والصحافة العريقة"    شاهد بالفيديو.. الحرب تشتعل مجدداً.. المطربة عشة الجبل تهاجم زميلتها هبة جبرة: (نصف الشعب عرفك بعد شكلتي معاك.. شينة ووسخانة وأحذرك من لبس الباروكة عشان ما تخربي سمعتنا)    شاهد بالفيديو.. الحرب تشتعل مجدداً.. المطربة عشة الجبل تهاجم زميلتها هبة جبرة: (نصف الشعب عرفك بعد شكلتي معاك.. شينة ووسخانة وأحذرك من لبس الباروكة عشان ما تخربي سمعتنا)    شاهد بالفيديو.. الفنانة هبة جبرة ترد على التيكتوكر المثيرة للجدل "جوجو": (شالت الكرش وعملت مؤخرة ورا ورا ويشهد الله بتلبس البناطلين المحذقة بالفازلين)    شاهد بالصور.. الفنانة ندى القلعة تصل القاهرة وتحل ضيفة على أشهر الصحف المصرية "في حضرة الكلمة والصحافة العريقة"    الهلال والجاموس يتعادلان سلبيا والزمالة يخسر من ديكيداها    اللجنة المالية برئاسة د. جبريل إبراهيم تطمئن على سير تمويل مطلوبات العودة لولاية الخرطوم    شاهد بالفيديو.. ظهر وهو يردد معها إحدى أغنياتها عندما كان طفل.. أحد اكتشافات الفنانة هدى عربي يبهر المتابعين بصوته الجميل بعد أن أصبح شاب والسلطانة تعلق    من سيحصد الكرة الذهبية 2025؟    مدير جهاز الأمن والمخابرات: يدعو لتصنيف مليشيا الدعم السريع "جماعة إرهابية "    كندا وأستراليا وبريطانيا تعترف بدولة فلسطين.. وإسرائيل تستنفر    ترمب .. منعت نشوب حرب بين مصر و إثيوبيا بسبب سد النهضة الإثيوبي    وزارة الطاقة تدعم تأهيل المنشآت الشبابية والرياضية بمحلية الخرطوم    "رسوم التأشيرة" تربك السوق الأميركي.. والبيت الأبيض يوضح    مياه الخرطوم تطلق حملة"الفاتورة"    ليفربول يعبر إيفرتون ويتصدر الدوري الإنجليزي بالعلامة الكاملة    شاهد.. ماذا قال الناشط الشهير "الإنصرافي" عن إيقاف الصحفية لينا يعقوب وسحب التصريح الصحفي الممنوح لها    بورتسودان.. حملات وقائية ومنعية لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة وضبط المركبات غير المقننة    10 طرق لكسب المال عبر الإنترنت من المنزل    جرعات حمض الفوليك الزائدة ترتبط بسكري الحمل    الأمين العام للأمم المتحدة: على العالم ألا يخاف من إسرائيل    الطاهر ساتي يكتب: بنك العجائب ..!!    صحة الخرطوم تطمئن على صحة الفنان الكوميدي عبدالله عبدالسلام (فضيل)    وزير الزراعة والري في ختام زيارته للجزيرة: تعافي الجزيرة دحض لدعاوى المجاعة بالسودان    لجنة أمن ولاية الخرطوم: ضبطيات تتعلق بالسرقات وتوقيف أعداد كبيرة من المتعاونين    هجوم الدوحة والعقيدة الإسرائيلية الجديدة.. «رب ضارة نافعة»    هل سيؤدي إغلاق المدارس إلى التخفيف من حدة الوباء؟!    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصاصات من دفتر المعارضة ( 2) الاتحاديون و صراعات علي هامش الأحداث
نشر في حريات يوم 01 - 08 - 2015


زين العابدين صالح عبد الرحمن
كما ذكرت سابقا، كانت المعارضة في العقد الأول من تسعينات القرن الماضي، تعقد أول اجتماعاتها في 3 شارع أبوبكر خيرت، في وسط القاهرة، و كانت حوارات تدور بين قيادات المعارضة علي كيف يكون شكل تنظيمها و هيكلتها، و عندما بدأت مسيرة لجنة التنسيق العليا للتجمع الوطني الديمقراطي كأول هيكلة للتجمع، كان حزب الأمة قد أسس داره، التي استأجرها في شارع الألفي وسط القاهرة، و أشتري الحزب الاتحادي الديمقراطي داره في مصر الجديدة، و كانت قيادة الحزب الاتحادي الديمقراطي المتواجدة في القاهرة في ذلك الوقت " السيد محمد الحسن عبد الله يسن و أحمد السيد حمد و محمد سر الختم الميرغني" قد أجرو حوارا مع المصريين، في أن يكون للحزب الاتحادي الديمقراطي دارا في القاهرة، يدير فيها نشاطاته السياسية، و بالفعل اشتري جهاز المخابرات المصري الذي يشرف علي ملف السودان دار الحزب الاتحادي، و ذكر لي السيد محمد الحسن عبد الله يسن كيف أن المصريين كانوا متحفظين في الأول، و لكن بعد اجتماعات مرسونية وافقوا علي الشراء، و القانون المصري يحتم إن يسجل العقار باسم شخص و ليس مؤسسة سياسية، ليكون مسؤولا أمام القضاء و الجهات المعنية، و قد اشتري العقار باسم السيد محمد الحسن عبد الله يسن، و نقلت لجنة التنسيق العليا للتجمع الوطني الديمقراطي اجتماعاتها و نشاطاتها إلي دار الحزب الاتحادي الديمقراطي في أواخر عام 1993.
في الوقت الذي بدأ التجمع الوطني الديمقراطي ينظم نفسه، و يتحاور ممثلي القوي السياسية حول قضية المشروع السياسي، كانت هناك تسريبات تقول إن السيد الميرغني سوف يحضر للقاهرة بهدف قيادة التجمع الوطني الديمقراطي, في هذا الوقت بدأ مركز الدراسات السودانية نشاطه السياسي و الثقافي كأول مؤسسة مجتمع مدني، عقد عدة حوارات سياسية مع عددا من قيادات المعارضة كانت الحوارات تأخذ طابعا فكريا بهدف تحليل الأوضاع في السودان، و طرح أسئلة عديدة بهدف معرفة ما يدور في عقول النخبة السياسية، لكن المشكلة كانت القضايا التي يطرحها المركز و الأسئلة المقدمة، أعلي قامة معرفية مما هو متاح عند أغلبية السياسيين في القوي السياسية، و كانت النخبة السياسية تعتقد إنها قد وصلت مرحلة الكمال، و هي ليست في حاجة لقبول أية تساؤلات من أية جهة كانت، فهي التي تصنع الأحداث و التاريخ، و رفضت النخبة السياسية أن تتواضع، و رفضوا فتح التنظيم لولوج قيادات جديدة من مؤسسات مختلفة غير المؤسسات السياسية، كما إن المركز رفض أن يتنازل عن سقف مداولاته، كما إن مساحة المركز كانت صغيرة لا تقبل أعداد كبيرة من الحضور.
انتظم عمل المعارضة و تكونت لجنة التنسيق العليا، و ظل مركز الدراسات السودانية يقدم نشاطه، و بدأ الحزب الاتحادي الديمقراطي ينظم صفوفه، في تلك الفترة كان الأستاذ التوم محمد التوم يسكن لوحده في عمارة الموبليان في شارع قصر النيل لوحده، و طلب مني أن أسكن معه حتى حضور أسرته من السودان، و تحولت الشقة إلي منتدى عام للحوار السياسي، يبدأ من منتصف النهار حتى منتصف الليل، تتغير الأشخاص من قيادات سياسية و كوادر وسطية، و بعض النخب و الصحافيين السودانيين و المصريين، كانت الأيام الأولي للتجمع يسودها إحساس كبير بالتفاؤل، و كانت تلك الأماكن مثل خلية النحل، و جاء السيد الميرغني قادما من المملكة العربية السعودية، و استضيف في فندق " شيراتون الجيزة" و ضج الفندق بالحضور لاستقبال الزعيم الاتحادي، من قبل كل القوي السياسية السودانية، و في الليلة الثالثة التقيت مع السيد محمد عثمان الميرغني، بصحبة الأستاذ التوم محمد التوم، استمرت الجلسة أكثر من ساعتين، تناولنا العشاء مع السيد محمد عثمان الميرغني و شقيقه أحمد الميرغني، كان الحوار عاما.
بعد فترة من حضور السيد الميرغني بدأ التناوش داخل الحزب الاتحادي الديمقراطي، حيث أظهرت بعض القيادات امتعاضها من إدارة الميرغني للحزب، خاصة إن السيد الميرغني بدأ يقدم أهل الطريقة علي السياسيين الاتحاديين، كان يشغل السيد الميرغني قضية دار الحزب الاتحادي الديمقراطي المسجلة باسم السيد محمد الحسن عبد الله يسن، و في أحدي أيام الصيف ذهبت للسيد محمد الحسن عبد الله يسن في مكتبه، و وجدت معه بعض الإخوة الاتحاديين،و بعد نصف ساعة استأذنت من الجميع بسبب موعد سابق مع البروفيسور صلاح الدين الفاضل، الذي كان قد حضر القاهرة لاجتماعات تخص إذاعة وادي النيل، و كان ينزل في فندق كارلتون وسط القاهرة، فوجه إلي يسن سؤلا، متى سوف انتهي من مواعيدي؟ قلت في الثانية عشر ظهرا، طلب مني أن أمر عليه في المكتب، و في الواحدة ظهرا كنت مع السيد يسن، و دون مقدمات كانت في كلماته شيئا من الغضب، قال إن السيد الميرغني بدلا من أن يجري في نقل ملكية دار الحزب، يجب عليه أن يلتفت للمعارضة و احتياجاتها، كانت هذه أول مرة اسمع فيها عن ملكية الدار، و قص علي السيد يسن كيف تم الحصول علي الدار، و قلت إليه سوف توافق علي نقل الملكية: قال عندما يعقد الحزب مؤتمره العام سوف أطرح القضية علي المؤتمر لحل الإشكال، و قال هو اليوم تمت دعوته لعشاء في شقة مولانا في الجيزة، و قال إن العشاء مخصص لكي يطلب مني نقل الملكية، و بالفعل كانت الدعوة بهدف نقل الملكية، ثم بعد فترة قصيرة عقد الميرغني مؤتمر القاهرة، حتى يعجل بنقل الملكية، و لكن السيد يسن رفض حضور المؤتمر، باعتباره مؤتمر يخص عضوية الحزب في الخارج، و إن كان لا يريد الدخول في جدل عن ملكية الدار في المؤتمر الذي حشد فيه أتباع الطريقة.
عقد مؤتمر القاهرة في فندق " موفمبيك" بالغرب من مطار القاهرة الدولي، و في الجلسة الافتتاحية جاء السيد الميرغني، و معه عددا كبيرا من الحيران، و مريدي الطريقة الختمية، و في باب الصالة التي كان سوف يعقد فيها المؤتمر، توقف السيد الميرغني فجأة، و صدي راجعا، و ترتسم ملامح الغضب في وجهه، و قال في ثورة غضب لابد من إنزال الصور التي في الحائط و يبقي فقط علي صورة السيد علي الميرغني، كانت معلقة حول شعار المؤتمر صورة كل من السيد إسماعيل الأزهري و الشريف حسين الهندي و السيد علي الميرغني، و بالفعل تم إنزال صورتي الزعيم الأزهري و الشريف حسين، و بقيت صورة السيد علي، و تنزيل الصورتين أثار غضبا وسط بعض العضوية الاتحادية، و بذات الخبث، سألت للدكتور أحمد السيد حمد، لماذا السيد الميرغني غاضبا؟ قال إنه لا يعرف سبب غضبه، قلت صورة الزعيم الأزهري و الشريف حسين المعلقتان في الصالة، و قال إذا صورة من تعلق؟ قلت لقد تم إنزال الصورتان للأزهري و الشريف، فغضب و طلب حضور الصورتين و تعليقهما، أو إنه سوف ينسحب من المؤتمر، و لن يتم الاعتراف بنتائجه، و بالفعل أحضروا الصورتين و لكن وضعتا أمام المنصة، دون رضي السيد الميرغني.
رفض السيد محمد الحسن عبد الله يسن حضور المؤتمر، و رفض تحويل الملكية، و ظل السيد الميرغني يطارده بالتلفونات، و أخيرا كلف السيد الميرغني شقيقه السيد أحمد لكي يقنع السيد يسن بتحويل الملكية، و رفض يس حتى عودته للخرطوم، و لا أدري بعد ذلك تحولت الملكية أم ظلت باسم يس. جاء رجوع السيد محمد الحسن يسن للخرطوم كردة فعل، من سوء الأوضاع داخل الحزب الاتحادي، و بعد أن فشلت محاولات الإصلاح، و في ظهر أحدي أيام الصيف تلقيت دعوة من السيد محمد الحسن يسن للغداء معه في المنزل، و عندما ذهبت إليه و جدت شخصا ممددا علي الكنبة مغطي بثوب أبيض، و قبل الغداء بربع ساعة أفاقه السيد يسن، و كان يناديه " خالي قوم الغداء" و بعد ما استيقظ وجدته السيد أحمد عبد الرحمن محمد العضو البارز في الجبهة الإسلامية، و وجه إلي السيد يسن الحديث أن السيد أحمد عبد الرحمن يعد في الحسبة خاله، و علي مائدة الغداء وجه إلي السيد أحمد عبد الرحمن محمد سؤالا ما هي جدوى بقاء المعارضة في الخارج، إذا هي بالفعل تريد أن تسقط النظام؟ و لا أنت مع المناصرين للذين يريدون إسقاط النظام بالبندقية؟ قلت إن إسقاط النظام بالبندقية هي ليست دعوة المعارضة، أنما هي دعوة الرئيس البشير الذي قال في خطاب في بورتسودان من يريد السلطة عليه بحمل البندقية, فقال بسرعة طيب المعارضة ما تبقي عاقلة، قال إن بقاء المعارضة في الخارج لن يغير السلطة و الأفضل عودة القيادات لجماهيرها، و كان الحديث كله حول الرجوع و العمل من الداخل، كان السيد يسن يستمع دون تعليق، و قال في جملة واحدة، إذا أنتم جادين برجوع المعارضة، عليكم بتغيير منهجكم الذين يرغب الناس في العودة.
في تلك الفترة، كان شعار الإصلاح داخل الحزب الاتحادي مرفوعا، و كانت هناك اجتماعات تتم في منزل التوم محمد التوم في السيدة زينب، و عيسي أحمد الحاج و مبروك مبارك سليم في عين شمس، حيث تجمع عدد من قيادات الحزب، مطالبين بالإصلاح " محمد الحسن عبد يسن و أحمد السيد حمد، و التوم محمد التوم و عيسي أحمد الحاج و مبروك مبارك سليم و فاروق محمد إبراهيم ، و عمر حضرة و فقيري حمد و من البعد محمد سرالختم الميرغني، و قد كنت حاضرا كل تلك الاجتماعات، و غيرها خاصة اجتماع بين محمد الحسن عبد الله يسن و الشريف زين العابدين الهندي، حيث طلب مني السيد يسن أن ادعوه الشريف لتناول الشاي معه في منزله، و كان السيد يسن لا يريد أن يعلم أحد بالاجتماع، و في الاجتماع طلب يسن من الشريف أن ينضم إلي المجموعة بهدف توحيد الحزب، و إذا رفض السيد الميرغني مشروع الإصلاح، يجب عليهم أن يكونوا قيادة جماعية، و يقود النضال ضد السلطة بعيدا عن دوائر التجمع الوطني الديمقراطي، وافق الشريف علي المبدأ، لكنه كان مترددا، بأن المصريين لن يسمحوا لهم بقلع الحزب من السيد الميرغني، و إذا كان هناك مشروع سياسي عليهم الذهاب مباشرة لجماهير الحزب في الداخل، و قال الشريف إنه سوف لا يجد هناك أمل في الإصلاح، و خاصة إنه يعترض علي بعض القيادات، كان الشريف متحفظا من كل القيادات التي شاركت في مايو، و كان الآخرون أيضا متحفظين علي الشريف بأنه إذا التقي مع الميرغني سوف يبيع الجميع.
استطاعت تلك الكتلة الاتحادية، أن تمارس ضغطا مستمرا علي السيد الميرغني، و رفضت حضور اجتماعات مكتبه السياسي، و أكدت بوجوب الدعوة إلي مؤتمر للحزب، تحضره القيادات التي كانت في المكتب السياسي قبل الانتفاضة، و القيادات التي كانت تدير العمل السياسي في زمن معارضة مايو، و أعضاء الهيئة البرلمانية، كان الهدف هو إبعاد كل الذين جاء بهم السيد الميرغني، و عندما اشتد الضغط علي السيد الميرغني، أحني رأسه للريح، و قبل مشروع العملية الإصلاحية، و بناء المؤسسة علي أسس جديدة، و اقترح السيد الميرغني أن يلتقي بممثلين لقيادة تيار الإصلاح، للاتفاق علي الأسس التي يتم عليها الإصلاح، و تم اختيار عدد من القيادات التاريخية و الجديدة في الحزب " محمد الحسن عبد يسن و أحمد السيد حمد و عمر حضرة و التوم محمد التوم و عيسي احمد الحاج و فاروق أحمد أدم" و بعد المصافحة و قبل أن يبدأ الحوار، انفجر فاروق أحمد أدم باكيا بكاء شديدا، و ظل الجميع مندهشين و محتارين، ما الذي دعاه للبكاء بهذه الحرقة، و بينما الكل في حالة وجوم و اندهاش، قال فاروق موجها حديثه للسيد الميرغني، إنهم يحبونه و يقدرونه، و لكن يجد هذا الحب صد و نفور من السيد الميرغني، في تلك الفترة قال لي أحد الحضور، لقد شعرنا إن القضية انتهت، و خسرنا المعركة تماما، حيث بدأ البعض يواصل الحديث في مسيرة الحب، و قالوا إنهم عندما قبلوا دعوة الإصلاح، بسبب إن السيد الميرغني كان يمارس عليهم التهميش، و قبل أن يفيق البعض من لحظة الاندهاش و يستعيدوا قوتهم و عنصر المبادرة مرة أخرى، قال السيد الميرغني ليس لدي مانع من دعوة الإصلاح، و بناء الحزب علي أسس جديدة كما تريدون، و لكن لدي طلب واحد حتى تأخذ قرارات الإصلاح قوتها، يجب علينا أن نذهب للمكتب السياسي بعد غد، و نطرح عليهم الفكرة، و هي حتما سوف تجد التأييد و المعاضدة، ثم ننطلق في العملية الإصلاحية، و جاءت الموافقة من البعض علي وجه السرعة، و قال البعض يجب أن لا نعقب علي حديث السيد الميرغني، الذي عبر حقيقة عن مقاصدنا، و انفض الاجتماع، و شعر البعض إنهم خسروا معركة الإصلاح، و بالفعل ذهب السيد الميرغني و معه بعض دعاة الإصلاح للمكتب السياسي كما وعد، و تمت طرح فكرة الإصلاح داخل المكتب السياسي، و بصورة دراماتيكية اقترح أحد الحضور، أن توكل العملية الإصلاحية للسيد الميرغني، و ينجزها بما يخدم مصالح الحزب، و نفضت المجموعة و بدأت مرحلة جديدة، في العمل السياسي، خالية من المشاكسات، أو معارضة السيد الميرغني، الكل أصبح تحت أمرة الميرغني طواعية، و استطاع أن يستخدم البعض في اللعب القذر.
سألت السيد محمد توفيق، لماذا رفض أن ينضم إلي المجموعة التي كانت تدعو للإصلاح، قال أنه فقد الثقة في القيادات الاتحادية منذ عملية طرد الشيوعيين من داخل البرلمان، رغم إن الحزب كان ما يزال يرفع شعارات الديمقراطية، و كانت هناك بالفعل قيادات ليبرالية، و لكنهم عصبوا أعينهم، و انساقوا وراء شعارات الإسلام السياسي، دون أن ينظروا للخسارة التي سوف تقع علي الوطن، و هذه كانت قصر نظر و عدم ثقة بالنفس من قبل القيادات الاتحادية، و القضية الأخرى، أيضا إن ذات القيادات وافقت علي الرجوع لحظيرة الطائفية، من خلال اندماج الحزبان " الوطني الاتحادي و حزب الشعب الديمقراطي عام 1969″ في تلك الفترة، تأكدت إن الحزب لن يعود لسابق عهده، و لن يمثل تيار التنوير في المجتمع، و بالتالي لا يمكن المشاركة في عملية إصلاح، مع ذات القيادات التي رهنت الحزب للطائفية.
و في ذات الفترة، جاء الدكتور محمد يوسف أبو حريرة للقاهرة، كان في طريقه لسلطنة عمان، و ذهبت إليه مع مجموعة من دعاة الإصلاح، في الشقة التي كان يسكن فيها وسط القاهرة، و تناول الحوار قضية الإصلاح، و كيفية بناء الحزب علي أسس مؤسسية، و كيف إيجاد علاقة بين قيادات الحزب في الخارج مع قيادات الداخل، قال الدكتور أبو حريرة أنه ذاهب للعمل في سلطنة عمان، و بالتالي لن يفيد الناس في العملية الإصلاحية، رغم أنه أكد إن الحزب في حاجة بالفعل لعملية إصلاحية كبيرة جدا، و قال سوف أقف مع الإصلاح كمبدأ، دون أية مشاركة فاعلة، و بعد الانتهاء من الحوار، و نحن ما نزال وقوفا علي باب شقته، طلب مني الحضور إليه في الحادية عشر صباحا للذهاب في مشوار، و عندما حضرت إليه، قال علي شباب الحزب، إذا بالفعل يريدون إصلاحا في هذا الحزب، أن يقوموا بثورة ضد كل القيادات القديمة في الحزب، ثم قال هل تقنعني إن هؤلاء الذين جاءوا يريدون الإصلاح، هؤلاء يبحثون عن مصالحهم الذاتية، و هؤلاء لا يستطيعون محاربة السيد الميرغني، و هو يعرفهم واحدا واحد، و الإصلاح ليس عملية لتغيير الأشخاص، إنما عملية تغيير للمفاهيم و التصورات و القناعات، و هؤلاء حاملين ذات المفاهيم التي عند السيد الميرغني، و تحسبهم جميعا و قلوبهم شتي، هؤلاء لا يبحثون عن بناء مؤسسة، أو يقفون مع الممارسة الديمقراطية داخل الحزب، لآن لقدراتهم لا تساعدهم للدخول في أية تنافس حر ، إنما يبحثون عن ذاتهم، و يحاولون ممارسة الضغط علي السيد الميرغني، لكي يفسح لهم مجال بالقرب منه، و سوف تثبت لكم الأيام ما أقوله، و بالفعل ذهب الدكتور أبو حريرة، و أثبتت الأيام صدق ما قال، قيادات تبحث عن مواقعها دون مبادئ تحكمها.
كان لغياب المؤسسة الاتحادية، و فاعليتها دورا كبيرا في فشل التجمع الوطني الديمقراطي، و كان الحزب الاتحادي شبه مجمد، و كان الحزب يتعامل مع القضايا المطروحة، و مع التحديات التي تواجهه بدون مبالاة، و كان الحوار غائب في الحزب، و لا تعليق علي الأحداث، الكل ينتظر وجهة السيد الميرغني دون أية رأي أخر، و كانت القيادات الاتحادية لا تجرؤ في نقد الحركة الشعبية، و كان الدكتور جون قرن يمثل حالة من القدسية للسيد الميرغني، لذلك لا يقبل أن يسمع صوتا ناقدا له، داخل مؤسسته، كانت بعض القيادات السياسية المصرية تتخوف، في إن الثقة التي منحتها قيادات المعارضة للدكتور جون تذهب في اتجاه مخالف للشعارات المرفوعة، و قد سمعت رأي بعض القيادات في المخابرات المصرية في عدد من جلسات الاتحاديين، إن غياب الحزب الاتحادي سوف يشكل كارثة في المستقبل، كانوا ينتقدون إدارة السيد الميرغني للحزب، و في نفس الوقت، لا يرغبون أن يرجع الحزب مرة أخرى للحظيرة الاتحادية، و كانوا أيضا يعتقدون إن الحزب بالطريقة التي تدار من قبل الميرغني سوف تجعله علي هامش الأحداث، و لكن كان السيد الميرغني يطمئنهم أنه متأكد إن الدكتور جون مع وحدة السودان، و كل القيادات التي معه هي قيادات وحدوية، فهي أقوال بين الشك و اليقين، و قد ظهر غضب المصرين بقوة لعودة الشريف، و فيها تفاصيل.
نواصل عن حزب الأمة و خروجه من التجمع الوطني الديمقراطي.
نشر في جريدة إيلاف الخرطوم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.