د. محمد محمد الأمين عبد الرازق بسم الله الرحمن الرحيم (لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ). صدق الله العظيم. في إطار تداعيات الوضع الاقتصادي المتردي، ظهرت في العام الماضي بعض الفتاوى، حول قضية الضحية، على صفحات الصحف، فورد في بعضها جواز المشاركة في الذبيحة الواحدة، لعدد من الأسر، وقالوا بجواز الاستدانة، في محاولة لملاحقة الناس حتى لا يتركوها.. وقد قال بعضهم: إن الضحية سنة يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها، وفي النهاية وبعد لأي، أعلنوا أن القول بوجوبها لم يرد إلا عند السادة الحنفية!! فكأنهم تحت الحصار بالمنطق المسدد، اضطروا للسير في اتجاه تأكيد عدم وجوبها، كما فعل الجمهوريون ذلك بالحجج الدامغة منذ عام 1975م.. ونحن سنحاول في هذا المقال أن نضع النقاط فوق الحروف، فنتعرض لقضية الضحية من ناحية المعرفة بأصول الدين حتى تتضح الرؤية للشعب السوداني وللمسلمين في كل مكان !! قال الأستاذ محمود في إحدى زياراته لحديقة الحيوان السابقة بالخرطوم: إن الإنسان كلما زار الحديقة، وشاهد بالتجسيد الحي السلوك الحيواني المشترك بين جميع الحيوانات كالشره والحرص والاتجاه إلى العنف فإنه يحس بالتفوق الإنساني، عنده، ومن ثم يخلف طرفاً من حيوانيته فيها، ويتعزز بفضل هذه المشاهدة الحية السلوك الإنساني عند الزوار عامة.. والتخلص من صفات الحيوان في الإنسان يقرب الإنسان إلى الله .. وفي تاريخ البشرية الطويل كان التقرب إلى الآلهة يتم بذبح الإنسان، ثم بذبح الحيوان، وفي هذا الإطار يجئ من أصول القران، الفهم العلمي الذي يدعو للانتقال من الخارج إلى داخل النفس البشرية ، والعمل على تهذيبها نحو الإنسانية .. وهذه النهاية كانت جميع التجارب السابقة العنيفة بالفرد البشري وبالحيوان مقدمة لها ، ولذلك فإن التقرب إلى الله اليوم إنما يكون بالتخلص من صفات الحيوان فينا وليس بذبح الحيوان خارجنا بأي حال من الأحوال.. هذا البحث عن (الضحية) يعرض النصوص القاطعة ، والآثار المسنودة في سقوط الضحية في حق الأمة المسلمة !! ويأتي البحث في وقته تماماً ، فقد صارت الظروف الاقتصادية الصعبة ، المتمثلة في الغلاء عامة وفي أسعار الماشية ، بصورة مذهلة ، واقعاً ضاغطاً يجعل دعوتنا إلى التمثل بالنبي الكريم حين ضحى عن أمته ، فأسقط وجوب الضحية عنها، وبأصحابه حين كان كبارهم ، وأغنياؤهم ، لا يضحون ، اتباعاً لروح الدين وتفهماً لعمل النبي الكريم صلى الله عليه وسلم .. ولسنا نريد ، بذلك أن نجد للصعوبة والاستحالة العملية في (التضحية) ، مبررات دينية كدأب الدعاة ، الدينيين ، اليوم ، ولكننا إنما نريد أن نجد لرأينا الديني الثابت ، المسبق في الضحية سنده من هذا الواقع الجديد ، كدأبنا دائماً حين نسبق الأحداث برفع صوت العقل ، فيبدو غريباً لا يسمع له ، إلا بعد أن تطل الأحداث برأسها ، فيجد رأينا مصداقه فيها!! فنحن،الإخوان الجمهوريين ، في تحرينا لاتباع السنة الحقيقية (ونحن الدعاة إلى أحيائها ، اليوم) إنما نرى أن الضحية ، كما هي في الدين ، سنة عادة سقط حكمها بذهاب ظروفها ، ونسند ذلك بأقوى الأسانيد القرآنية ، والنبوية ..ولذلك فنحن، ومنذ زمن، لا نضحي كما لم يكن أبو بكر وعمر وأغنياء الأصحاب يضحون ، فيما ترويه الآثار المثبتة في هذا البحث.. ولو كان دافع الناس للضحية دافعاً دينياً لما احتفلوا بها ، وهي المرحلية ، وأهملوا السنن النبوية الأساسية في الخلق ، وفي قيام الليل ، وفي تفقد المحتاجين ، والبذل لهم ، وذلك مما يدل على انتهاء وقت الضحية كقربة دينية ، بعد أن أصبحت مظهراً اجتماعياً يحرص الناس عليه ، وبأساليب تبعدهم عن الدين، وتذهب باستقرارهم الاقتصادي ، والصحي ، مع أن هناك سنناً أساسية تهم المتدينين ، أكثر فأكثر ، ولكنها لا تجد منا الحرص الذي تجده الضحية كعادة اجتماعية..فالضحية ساقطة في حق هذه الأمة ، وسقوطها اليوم ، في حقها ، أكثر (وجوباً) من أي وقت مضى .. ما هي سنة العادة ؟؟ سنة العادة هي ما كان يفعله الرسول ، صلى الله عليه وسلم ،أخذا بالعادة السائدة في ذلك المجتمع ، والتي إنما تتعلق بظاهر الحياة ، كالأكل ، واللبس والمركب ، ومما يمثل التطور التاريخي لذلك المجتمع ، ولا يتعلق بجوهر العبادة ، أو المعاملة ، ولا يتعارض مع غرض من أغراض الدين ، في ذلك الوقت .. ولقد كان أخذه ، بمثل هذه العادة إنما هو من تمام تنزل الرسالة إلى أرض الواقع المعاش ، حيث تقتضي الحكمة ألا تصادم الرسالة العرف ، وإنما تعايشه ، وتهذبه وتتسامى به. قال تعالى لرسوله الكريم: (خذ العفو ، وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ..) ، وذلك تدريجاً للناس ، ورحمة بهم ودفعاً للمشقة والعنت عنهم .. قال تعالى: (لقد جاءكم رسول من أنفسكم ، عزيز عليه ما عنتم ، حريص عليكم ، بالمؤمنين رءوف رحيم) .. ومن هذه الحكمة أن سنة العادة ليست سنة باقية ، وإنما هي رهينة بالظروف التاريخية المؤقتة ، فهي تتطور ، وتتغير حسب ما يجد من تطور المجتمع البشري ، والفرد البشري .. ومن سنة العادة كانت اللحية ، والعمامة والعصا ، والضحية .. أما سنة العبادة ، تمييزاً لها عن سنة العادة ، فإنما هي السنة الباقية ، الواجبة الاتباع ، لأنها تقوم على أصول القرآن الثابتة ، وتمثل عمل النبي الكريم ، في خاصة نفسه والدال على معرفته بربه ، وعبوديته له. هذه هي السنة التي نعنيها حيثما تحدثنا عن السنة ، وذلك كالصلوات الخمس ، وصلاة القيام في الثلث الأخير من الليل ، وكالزكاة النبوية في إنفاق ما زاد عن الحاجة الحاضرة .. وهذه السنة هي معاملة النبي لربه ، وهي تثمر معاملة النبي للخلق ، وهي تقوم ابتداء على كف الأذى عن الناس ، ثم تحمل الأذى منهم ، ثم توصيل الخير إليهم. وهذه هي السنة المعنية بقول النبي الكريم: (بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً ، كما بدأ فطوبى للغرباء!! قالوا من الغرباء يا رسول الله؟ قال: الذين يحيون سنتي بعد اندثارها !!) ..والضحية سنة من سنن العادة التي فعلها الرسول الكريم ، ولكنها ، حتى كسنة عادة ، أقل سنن العادة تأكيداً فقد أسقطها عن أفراد أمته ، لقيامه بها عنهم فلم يلتزمها أكابر أصحابه ، وسائرهم كما سنرى في هذا الفصل. جذور الضحية وتطورها: هاهو الأستاذ محمود محمد طه يتحدث عن طور من أطوار (الضحية) حينما كان الفرد البشري هو نفسه (الضحية)!! ثم عن طور آخر منها حينما فدى الإنسان بالحيوان ، فصار الحيوان هو (الضحية) .. مشيراً بذلك ، إلى طور جديد فيه تسقط حتى (الضحية) بالحيوان ، فيتم ، بالعلم ، فداء الفرد البشري وفداء الحيوان معاً !! يقول الأستاذ محمود في كتاب (الرسالة الثانية من الإسلام) صفحة 29: (ولما كان الفرد البشري الأول غليظ الطبع، قاسي القلب، بليد الحس، حيواني النزعة، فقد احتاج إلى عنف عنيف لترويضه ، ونقله من الاستيحاش إلى الاستئناس ، وكذلك كان العرف الاجتماعي الأول شديدا عنيفا ، يفرض الموت عقوبة على أيسر المخالقات بل أنه يفرض على الأفراد الصالحين أن يضعوا حياتهم دائماً في خدمة مجتمعهم ، فقد كانت الضحية البشرية معروفة تذبح على مذابح معابد الجماعة استجلاباً لرضا الآلهة ، أو دفعاً لغضبها حين يظن بها الغضب ، ولقد كانت هذه الشريعة العنيفة ، في دحض حرية الفرد في سبيل مصلحة الجماعة ، معروفة ، ومعمولاً بها إلى وقت قريب ، ففي زمن أبي الأنبياء إبراهيم الخليل ، وهو قد عاش قبل ميلاد المسيح بحوالي ألفي سنة ، كانت هذه الشريعة لا تزال مقبولة ديناً وعقلاً ، فإنه هو نفسه قد أمر بذبح ابنه إسماعيل ، فأقبل على تنفيذ الأمر غير هياب ولا متردد ، فأذن الله ، يومئذ ، بنسخها فنسخت ، وفدي البشر بحيوانية أغلظ من حيوانيته ، وكان هذا إعلاماً بأن ارتفاع البشر درجة فوق درجة الحيوان قد اشرف على غايته .. ولقد قص الله علينا من أمر إبراهيم وإسماعيل فقال (وقال إني ذاهب إلى ربي سيهديني * رب هب لي من الصالحين * فبشرناه بغلام حليم * فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام إني أذبحك ، فانظر ماذا ترى ، قال يا أبت أفعل ما تؤمر ، ستجدني إن شاء الله من الصابرين * فلما أسلما وتله للجبين * وناديناه أن يا إبراهيم * قد صدقت الرؤيا أنا كذلك نجزي المحسنين * إن هذا لهو البلاء المبين * وفديناه بذبح عظيم * وتركنا عليه في الآخرين * سلام على إبراهيم).. (وتركنا عليه في الآخرين) تعني ، فيما تعني ، إبطال شريعة العنف بالفرد البشري ، لأنها لبثت حقباً سحيقة ، وقد تم انتفاعه بها فارتفع من وهدة الحيوانية ، وأصبح خليقاً أن يفتدى بما هو دونه من بهيمة الأنعام.. ولا عبرة ببعض صور العنف التي لا يزال يتعرض لها الأفراد في المجتمعات البشرية المعاصرة ، فأنها آيلة إلى الزوال كلما أتيحت لها فرص الوعي والرشد. فإن التضحية الحسية بالفرد البشري لم تنته بجرة قلم على عهد إبراهيم الخليل ، والتاريخ يخبرنا أن المسلمين ، لدى فتح مصر قد وجدوها تمارس في صورة عروس النيل ، فأنه قد قيل أن عمرو بن العاص فاتح مصر وأميرها يومئذ ، قد انتبه ذات يوم على جلبة عظيمة ، فسأل عنها ، فأخبر أن القوم قد جرى عرفهم بأن يتخيروا بنتاً ، من أجمل الفتيات ، ومن أعرق الأسر ، يزفونها كل عام إلى النيل ، يلقونها في أحضانه فداء لقومها من القحط ، لأنها تغري النيل بأن يفيض عليهم باليمن والبركات ، فطلب إليهم عمرو بن العاص أن يستأنوا بها ، حتى يستأمر عمر بن الخطاب إليهم في ذلك فكتب إلى عمر ، فرد بجوابه المشهور الذي قال فيه: (بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله عمر بن الخطاب ، أمير المؤمنين ، إلى نيل مصر. السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته أما بعد ، فإن كنت تفيض من عندك فلا تفض وإن كنت إنما تفيض من عند الله ففض. وأمر عمرو بن العاص أن يلقيه في النيل ، ففعل ، وفاض النيل ، وأبطلت من يومئذ تلك العادة ، وتم بالعلم فداء جديد للفرد البشري). فداء الإنسان بالعلم: هذا ما جاء في كتاب (الرسالة الثانية من الإسلام) عن فداء الإنسان بالحيوان .. وقد أشار هذا الكتاب أيضاً ، إلى فداء الإنسان بالعلم حينما تحدث عن بني إسرائيل فيما تحكيه الآية (وإذ قال موسى لقومه يا قومي إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل ، فتوبوا إلى بارئكم ، فاقتلوا أنفسكم ، ذلكم خير لكم عند بارئكم ، فتاب عليكم ، إنه هو التواب الرحيم) فقال الكتاب (وفرض عليهم ، في التوبة أن يقتلوا أنفسهم ، قتلاً حسياً وهو بسبيل مما تحدثنا عنه في أمر التضحية بالفرد البشري على مذابح العبادة في أول النشأة) ومضى الكتاب ليقول (ولما تقدم الفرد البشري هونا ما ، وأصبح لا يحتاج كل ذلك التشديد ليتربى خفف عنه) ، وتحدث الكتاب عن هذا التخفيف حين جاء التشريع في حق الأمة المحمدية: (ونهي عن قتل النفس التي أصبحت تستجيب بأقل من هذا العنف فقال (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً) وهو إنما كان في شريعته بنا رحيماً لأننا أصبحنا رحماء "كما تدين تدان") (الرسالة الثانية من الإسلام) صفحة 44 و45. وقد أكد النبي الكريم أن حكمة الضحية بالحيوان قد أشرفت ، هي أيضاً على غايتها ، فضحى ، هو ببهيمة الأنعام ففدى بها أمته .. ضحى بها ختماً لسنة أبيه إبراهيم ، في الفداء بالحيوان ، وافتتاحاً للعهد الذي تنتهي فيه عادة القربان الحيواني. فإنه لما سأله أصحابه: ما هذه الأضاحي ؟؟ قال: سنة أبيكم إبراهيم!! (سنن ابن ماجة ، الجزء الثاني ، صفحة 26 ، وتفسير ابن كثير لسورة الحج ، الجزء الرابع ، صفحة 641). الضحايا والهدايا في الجاهلية: وعن عادة القربان بالضحايا والهدايا في الجاهلية يقول ابن كثير في تفسير قوله تعالى ، من سورة الحج (لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ، ولكن يناله التقوى منكم ، كذلك سخرها لكم لتكبروا الله على ما هداكم ، وبشر المحسنين) .. وعلى هذه الآية: إنما شرع لكم نحر هذه الهدايا والضحايا لتذكروه عند ذبحها ، فإنه الخالق الرزاق لا يناله شيء من لحومها ، ولا دماؤها ، فإنه تعالى هو الغني عما سواه ، وقد كانوا في جاهليتهم إذا ذبحوها لآلهتهم وضعوا عليها من لحوم قرابينهم ونضحوا عليها من دمائها ، فقال تعالى: (لن ينال الله لحومها ولا دماؤها) وقال ابن أبي حاتم: حدثنا علي ابن الحسين ، حدثنا محمد بن أبي حماد ، حدثنا إبراهيم بن مختار عن ابي جريج قال: كان أهل الجاهلية ينضحون البيت بلحوم الإبل ودماؤها ، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فنحن أحق أن ننضح) فأنزل الله (لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم) أي يتقبل ذلك ويجزي عليه). انتهى تفسير ابن كثير. وهكذا فإن الضحايا والهدايا كانت عادة اجتماعية سائدة ، قبل الإسلام ، ولكنها قرابين للآلهة ، يذكرون عليها أسماءها ولا يأكلون لحومها فلما جاء الإسلام أبقى على هذه العادة لارتباطها بالتطور التاريخي لذلك المجتمع ، ولكنه جعلها قربة لله بدلاً عن الآلهة وجعل ما يذكر عليها هو اسم الله ، بدلاً عن أسماء الآلهة ، ومنع نضح دمائها ولحومها عل الكعبة وأباح أكل لحومها .. قال تعالى: (والبدن جعلها من شعائر الله ، لكم فيها خير ، فاذكروا اسم الله عليها صواف ، فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها ، وأطعموا القانع والمعتر ، كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون) ..(فالبدن) ، وهي إبل الهدي الذي يسوقه الحاج معه ليذبحه بعد أداء مناسكه ، ويهديه للكعبة ، كان للمسلمين فيها خير ، (لكم فيها خير) وهو الانتفاع بلحومها كما وجهت لذكر الله ، وشكره .. جاء في تفسير ابن كثير الجزء الرابع ، صفحة 632: ("فكلوا منها" قال كان المشركون لا يأكلون من ذبائحهم فرخص للمسلمين). ويقول كتاب (مكة والمدينة في الجاهلية وعصر الرسول) لأحمد إبراهيم الشريف ، صفحة 182 – 183 عن اصل عادة (الهدي) قبل الإسلام ، وعن دخولها عهد الإسلام (ومضامين الآيات وأساليبها تلهم بقوة وصراحة أنها كانت تقاليد العرب قبل البعثة وقد أقرها الإسلام لما فيها من فوائد عظيمة في ظروف الحج وفي بيئة قبل البعثة وبعدها ، وكان العرب يحيطون هذا التقليد بالعناية والحرمة بل التقديس والرهبة حتى يترك الحاج هديه سائما فلا يتعرض له أحد بسوء لأن التعرض له إنما هو التعرض لمال الله تقرباً إلى الله رب البيت وقد أبطل الإسلام هذه العادة ونبه إلى أن الله لن يناله شيء من لحومها ولا دماؤها ولكن الذي يريده من الناس هو التقوى والإخلاص ، وكانوا يأثمون من أكل لحوم هديهم ويتركونها للفقراء والمساكين والسباع والجوارح فأباح الإسلام لأصحاب الهدي إن شاءوا أن يأكلوا منه وأن يطعموا البائس الفقير والقانع والمقتر أي المحتاجين سألوا أو لم يسألوا ، كما كانوا يذبحون الهدي عند الأوثان والأنصاب في فناء الكعبة ويذكرونها في أثناء الذبح فنهى القرآن عن هذا وأوجب ذكر الله وحده عند الذبح) انتهى. فالهدي والضحية كفداء ، إنما كان عادة اجتماعية سائدة قبل الإسلام وقد دخلت عهد الإسلام بعد تهذيبها وسنرى فيما يلي كيف ضحى النبي الكريم عن أمته فأسقط عنها وجوبها. لقد أوردنا في مستهل هذا البحث، إشارة الأستاذ محمود إلى القيمة السلوكية، التي تؤخذ من زيارة حدائق الحيوان التي افتقدناها في بلادنا.. فالحدائق لم تنشأ للتسلية وتزجية الفراغ، كما يتبادر إلى أذهان البعض، وليس هناك أي مقارنة من ناحية القيمة التربوية، بين جنينة الحيوانات السابقة بالخرطوم التسمية التي تحلو للسودانيين وبين الفندق الذي أقيم في مكانها!! في الزيارة المشار إليها في الحلقة الأولى، توقف الأستاذ محمود عند مجموعة من الأطفال يلاعبون قردا، بأن وضعوا أصبع موز بين قضبان السور أمام القرد، لكن على مسافة لن تمكنه، من التقاطها.. فتحرك القرد بشره وحرص، محاولا التقاط القطعة لكنه لم ينجح في مبتغاه، فنزل بسرعة إلى الأرض ليأخذ فرع شجرة صغير، ثم صعد وأخذ يحرك القطعة شيئا فشيئا إلى تمكن من التقاطها، وسط صفقة وابتهاج من جانب جمهور الأطفال المراقب.. علق الأستاذ محمود على هذا المشهد بقوله: هذا دليل على أن الآلة استخدمت قبل آدم أبي البشر!! والبشر بذكائهم الزائد، فيما بعد، طوروا استخدام الآلة في الحروب.. فالعنف وثيق الصلة بالحيوان الرابض في داخلنا، ومقاصد الدين يمكن إجمالها في أنه يرمي إلى تهذيب أخلاقنا لنكون إنسانيين، وذلك بالمنهاج النبوي، وبعبارة أخرى ترويض الحيوان ليكون إنسان.. والنبي الكريم في شخصه، لم يمارس العنف قط طيلة حياته، أكثر من ذلك لم يكن يرد المعتدي، وما ذاك إلا لأنه هذب نفسه وصار إنسانا كاملا.. والإنسانية مرحلة أمامنا، تأتي تطورا عن مرحلة البشر الحاضرة، وعليه يمكن القول إن مرحلة الحيوان إنما هي مساحة تشمل الحيوان الأعجم كما تشمل البشر الذين يتخذون العنف وسيلة أساسية لحل المشاكل!! وستليها مرحلة الإنسانية في المستقبل.. ومن أجل ذلك أهدى الأستاذ محمود جميع كتبه الأساسية إما إلى "الإنسانية" أو إلى !!"الإنسان" الرسول الكريم يضحي عن أمته: وفدى الرسول صلى الله عليه وسلم أمته بأن ضحى عنها ، فأسقط الضحية عن كافتها!! جاء في تفسير ابن كثير الجزء الرابع صفحة 642 (عن علي بن الحسين عن أبي رافع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا ضحى اشترى كبشين سمينين أقرنين أملحين ، فإذا صلى وخطب الناس أتى بأحدهما وهو قائم في مصلاه فذبحه بنفسه بالمدية ، ثم يقول: (اللهم هذا عن أمتي جميعاً: من شهد لك بالتوحيد وشهد لي بالبلاغ) ثم يأتي بالآخر فيذبحه بنفسه ثم يقول: (هذا عن محمد وآل محمد) فيطعمهما جميعاً للمساكين ، ويأكل هو وأهله منهما. رواه أحمد ، وابن ماجة..) ثم يمضي ابن كثير فيقول ، في صفحة 646: (وقد تقدم أنه عليه السلام ضحى عن أمته فأسقط ذلك وجوبها عنهم) .. فالنبي الكريم بضحيته عنه وعن آل بيته ، وعن أمته إنما فعل سنة أبيه إبراهيم ولكنه لم يستن الضحية ابتداء .. فعل سنة إبراهيم فاختتمها ، وفدى أمته عنها وافتتح عهداً جديداً للتقرب إلى الله بالعلم ، وفدى أمته بالفكر ، لا بالحيوان ، وهو وفي نفس الوقت ، إنما جارى عادة سائدة ، فهذبها وتسامى بها ، وفتح الطريق إلى ما هو خير منها .. ونسوق فيما يلي أدلة أخرى على إسقاط الرسول الكريم للضحية عن أمته. 1- جاء في "سبل السلام" الجز الرابع ، صفحة91 : (وقد أخرج مسلم وغيره من حديث أم سلمة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسل: (إذا دخلت العشر فأراد أحدكم أن يضحي فلا يأخذ من شعره شيئاً) قال الشافعي: إن قوله (فإذا أراد أحدكم) يدل على عدم الوجوب) ، وفي (بداية المجتهد ونهاية المقتصد) ، الجزء الأول صفحة 464 مثل هذه الرواية ومثل هذا التعقيب. 2- وتدل الروايات على أن النحر قد كتب على الرسول الكريم ، ولم يكتب على أمته ، قياماً عنها بسنة هذه العادة الموروثة ، وفداء لها بإسقاطها عنها .. فقد أورد (سبل السلام) في نفس الصفحة السابقة: (ولما أخرجه البيهقي أيضاً من حديث ابن عباس قال: ثلاث هن على فرض ولكم تطوع وعد منها الضحية. أخرجه أيضاً عن طريق آخر بلفظ: (كتب علي النحر ، ولم يكتب عليكم) .. فالنبي الكريم ضحى إسقاطاً لوجوبها على أمته ، وضحى أصحابه تطوعاً ، لا وجوباً ، وكبارهم ، وعلماؤهم وأثرياؤهم تركوها فلم يضحوا ، عملاً بحكم إسقاطها ، كما سنرى بعد قليل). 3- وجاء في (سبل الإسلام) صفحة 96: (واخرج البيهقي من حديث عمرو بن العاص أنه صلى الله عليه وسلم قال لرجل سأله عن الضحية وأنه قد لا يجدها فقال: (قلم أظافرك ، وقص شاربك ، واحلق عانتك ، فذلك تمام أضحيتك عند الله عز وجل !! – ورواه أبو داوود في (سنن أبي داوود) الجزء الثالث صفحة 93. وفي هذا الحديث إشارة لطيفة إلى استبدال الضحية بالحيوان بعمل يتجه إلى تهذيب بقايا الموروث الحيواني في البشر أنفسهم وهي الشعر والأظافر ، مما يفتح الطريق أمام قيمة جديدة هي أن يفدي الإنسان نفسه ، بتهذيب نفسه ، لا بكائن خارجه إنساناً كان أو حيواناً!! الصحابة لا يضحون!! جاء في تفسير ابن كثير الجزء الرابع صفحة 646 (وقال أبو سريحة كنت جاراً لأبي بكر وعمر وكانا لا يضحيان خشية أن يقتدي الناس بهما) وجاء في سبل الإسلام الجزء الرابع ص 91: (وأفعال الصحابة دالة على عدم الإيجاب – إيجاب الضحية – فأخرج البيهقي عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما أنهما كانا لا يضحيان خشية أن يقتدى بهما) وجاء في (الاعتصام) للشاطبي الجزء الثامن صفحة 91 (وكان الصحابة رضي الله عنهم لا يضحون – يعني أنهم لا يلتزمون). وهكذا .. ولو لم تسقط الضحية عن الأمة لكان الأصحاب ، وعلى رأسهم الشيخان أولى الناس بأدائها .. وأبو بكر هو من عرف بتحري الاتباع والتجافي عن الابتداع وقد أورد عنه كتاب (الاعتصام) للشاطبي في صفحة 55: (وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال: لست تاركا شيئاً كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل به إلا عملت به ، أني أخشى أن تركت شيئاً من أمره أن أزيغ)!! واليكم طائفة أخرى من الصحابة أدركت سقوط الضحية عنها ، فلم تضح ، بل ذهبت شتى المذاهب في تأكيد هذا السقوط: فقد أورد (بداية المجتهد ونهاية المقتصد) الجزء الأول صفحة 464: (قال عكرمة: بعثني ابن عباس بدرهمين أشتري بهما لحماً وقال: من لقيت فقل له: هذه أضحية ابن عباس !! وروي عن بلال أنه ضحى بديك!!). وذكر (سبل السلام) الجزء الرابع صفحة 91: (وأخرج عن ابن عباس أنه إذا حضر الأضحى أعطى مولي له درهمين فقال: اشتريهما لحماً ، وأخبر الناس أنه ضحى ابن عباس ، وروي أن بلال ضحى بديك ومثله روي عن أبي هريرة والروايات عن الصحابة في هذا المعنى كثيرة ..) وروي (الشاطبي) في (الاعتصام) نفس الرواية في نفس الموضوع السابق كما روي عن بلال قوله: (لا أبالي أن أضحي بكبشين أو بديك) .. وهكذا فإن (ضحية) ابن عباس اللحم و(ضحية) بلال بالديك إنما هي إمعاناً منهما في تأكيد سقوط الضحية .. وقد ذهب ابن عباس إلى أكثر من ذلك فيما يرويه (الاعتصام) صفحة 91: (وقال طاقوس: ما رأيت بيتاً أكثر لحماً وخبزاً وعلماً من بيت ابن عباس يذبح وينحر كل يوم ثم لا يذبح يوم العيد!!).. أما عبد الله بن مسعود فلم يدع قط حجة ليحتج بوجوبها لا على المعوزين ولا على الموسرين !! فقد روي (الشاطبي) في (الاعتصام) الجزء الثاني صفحة 91: (وقال ابن مسعود: إني لأترك ضحيتي وإني لمن أيسركم مخافة أن يظن الجيران أنها واجبة)!!. وبعد فهل عسانا نحتاج بعد قول النبي الكريم ، وأقوال صحابته ، وأفعالهم إلى دليل نقلي آخر لسقوط الضحية في حق الأمة؟؟ أم هل عسى من يعدل عن هذه الواضحة أن يكون أكثر حرصاً على الاتباع من أبي بكر وعمر وعبد الله بن عباس وأبي هريرة وعبد الله بن مسعود وبلال ، وسائر الصحابة؟؟ ضعف أدلة وجوب الضحية: وأدلة وجوب الضحية ضعيفة في حد ذاتها .. فقد ذكر (سبل السلام) الجزء الرابع صفحة91 حديث (من كان له سعة ولم يضح فلا يقربن مصلانا) ، وحديث (على أهل كل بيت في كل عام ضحية) وآية (فصل لربك وأنحر) ، وقال: (والحديث الأول موقوف فلا حجة فيه والثاني ضعف بأبي رملة قال الخطابي: إنه مجهول والآية محتملة فقد فسر قوله – وأنحر – بوضع الكف على النحر في الصلاة ، أخرجه ابن أبي حاتم وابن أبي شاهين في سننه ، وابن مردوبة ، والبيهقي عن ابن عباس وفيه روايات من الصحابة مثل ذلك ولو سلم فهي دالة على أن النحر بعد الصلاة في تعيين لوقته لا لوجوبه) انتهى وقد ذكر (تنوير المقباس في تفسير ابن عباس) هذا التفسير للآية أيضاً .. وجاء في تفسير ابن كثير الجزء الرابع ، صفحة 646 حول حديث (من وجد سعة فلم يضح فلا يقرب مصلانا): (على أن فيه غرابة واستنكره أحمد بن حنبل) ، وتعليقاً على هذا الحديث جاء في (سنن ابن ماجة) الجزء الثاني صفحة 26: (وقد ضعفه أبو داوود والنسائي …) . ووجه الصحة في الأمر أن الضحية كانت تؤدى أحيانا من بعض الأصحاب تطوعاً ، ولا عبرة إطلاقاً ، برأي بعض الفقهاء بوجوب الضحية حتى ولو بالاضطرار إلى استدانة ثمنها (الفقه على المذاهب الأربعة صفحة 715) فإنه قوله بالرأي يتناقص مع روح الدين وحكمة مشروعية أحكامه ونصوصه !! ويروي بعض الفقهاء وجوبها على الموسرين فحسب .. جاء في تفسير ابن كثير في نفس الموضع السابق: (وقد ذهب أبو حنيفة ومالك الثوري إلى القول بوجوب الضحية على من ملك نصاباً) ثم أورد الرأي الآخر: (وقال الشافعي وأحمد: لا تجب الأضحية بل هي مستحبة كما جاء في الحديث "ليس في المال حق سوى الزكاة"). فالقول بعدم وجوبها على الموسرين ، والفقراء على السواء إنما يتمشى مع روح الآثار القرآنية والنبوية وأقوال وأفعال الصحابة .. أكثر من ذلك!! فلا معنى حتى لأن يقال أنها مستحبة في حق الموسرين.. وقد حسم أكابر الصحابة ومنهم الموسرين سقوطها عنهم ، حسماً جازماً لا لبس فيه ولا شبهة .. والفقهاء يقولون عن الضحية: (سنة عين مؤكدة يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها) – الفقه على المذاهب الأربعة الجزء الأول صفحة 715 .. وذلك أخذا بما كان عليه الأمر أيام مرحليتها كعمل تطوعي من الأصحاب ، ولكن هذا التعريف قاصر تماماً عن مبلغ الأمر ، فقد حسم الصحابة مرحليتها بسقوطها عنهم قولاً وفعلاُ بصورة نهائية .. العودة بالضحية إلى أصلها: إن الضحية في حقيقتها وأصلها هي فداء الكامل بالناقص ومن ثم فدى الإنسان بالحيوان (وفديناه بذبح عظيم) والمطلوب أساساً هو مواجهة النقص داخل الإنسان والذي قد يبلغ أن يضحي الفرد بنفسه تقرباً وفدية أو أن ضحى به فدية للآخرين قال تعالى: (توبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم) وقال (إني أرى في المنام إني أذبحك) ولكن بتقدم العلم والمعرفة الدينية كما سبق أن وضحنا فدى الإنسان بالحيوان ولكن التقرب بذبح الحيوان وبكل القربات إنما هو لتهذيب النفس وهو تهذيب يبدأ من خارج النفس ثم يدق وينسحب إلى داخل النفس ومطاردة النقص في أغوارها والآن فإن حاجتنا للسلام هي حاجة حياة أو موت والسلام لا يتحقق في الأرض إلا إذا تحقق في النفس الإنسانية ولن تحقق النفس السلام الداخلي وهي تنطوي على نقصها ومن ثم فإن الضحية الآن ترجع إلى أصلها وحقيقتها ، وهي قتل النقص في الإنسان ولما كانت النهاية تشبه البداية ، ولا تشبهها ، فإن القتل الآن هو القتل المعنوي بالفكر القوي ، الدقيق الذي به نتخلص من نقائصنا ولذلك فإن الوقت الآن هو وقت الجهاد الكبر ، جهاد النفس .. فالمطلوب اليوم ليس التقرب إلى الله بقتل الكافر ، أو ذبح الحيوان وإنما المطلوب قتل النفس السفلي في كل فرد منا استجابة للأمر النبوي (موتوا قبل أن تموتوا) وهذا ما سنفصل طرفاً منه فيما يقبل من هذا الفصل. لقد اسقط الرسول الكريم الضحية عن أمته! ووعي الصحابة ذلك ، والتزموه ، إيذاناً بنهاية عهد القربة إلى الله ، والفداء بالحيوان ، وافتتاحاً لعهد القربة ، والفداء ، بالفكر !! الفكر المروض بالعبادة ، المؤدب بأدب الدين ، المتخلص من هوى النفس ، وهو الفكر المستقيم ، ولقد كان جوهر السنة النبوية هو الفكر المستقيم حتى يمكن أن نعرف السنة بأنها الفكر!! قال الأستاذ محمود محمد طه في كتاب (طريق محمد) (وقد كانت حياة النبي الكريم كلها خيراً ، وحضوراً ، وفكراً ، وتجديداً ، لا عادة فيها ، كذلك كانت عاداته ، في الفكر عبادة ، ووزناً بالقسط .. فقد كان يقدم الميامن على المياسر ، ويحب التيامن ، وما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً ، وكان في جميع مضطربه على ذكر ، وفكر ، فهو لا يقوم ، ولا يجلس ، إلا على فكر ، وكذلك كان من ثمرات صلاته ، وفكره ، وذكره في جميع حالاته ، حلاوة شمائله التي حببته إلى النفوس ووضعته مكان القدوة) انتهى.. والنبي الكريم هو القائل (تفكر ساعة خير من عبادة سبعين سنة) ذلك بأن الفكر المستقيم جماع تكاليف الإسلام ، فما أنزل القرآن ، وما شرعت الشرائع وما عزمت العزائم إلا لإنجاب الفكر المستقيم ، قال تعالى: (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ، ولعلهم يتفكرون). والكرامة البشرية لن تتحقق ، في قمتها ، إلا إذا صحح الفرد البشري حاله ، وطور قدرته من داخله عن طريق فكره ، لا بوسيلة خارجية عنه ، كالحيوان ، يفدي بها نفسه ، أو يتقرب بها إلى الله. ففداء الفرد البشري نفسه بنفسه ، بوسيلة الفكر ، في الاستغفار والشكر ، مثلاً ، هما عملان فكريان في المقام الأول ، إنما هو إيقاظ لهذه القوة الدراكة وتنمية لها لتتحمل مسئوليتها التامة عن تصحيح خطئها والتسامي بحالها .. وفي فداء الفرد البشري نفسه بنفسه عن طريق فكره فداء للحيوان من أن يتخذ وسيلة تقرب أو تفدية توسيع ، بذلك لقاعدة الحياة وتسام بالعلاقة مع كل الأحياء والأشياء. أيها المسلمون: أعرفوا السنة النبوية الحقيقية ، والتزموها واتركوا القشور التي أنتم عليها ، فالوقت وقت إحياء سنة ، والضحية كانت سنة عادة مرحلية انقضى عهدها وقد سقطت في حق الأمة ، فهي غير واجبة لا على الفقراء ولا على الأغنياء بل الواجب اليوم تركها .. والله المسئول أن يهدينا إلى حقائق ديننا لنمارسها بالوعي ، وبالفكر لا بالعادة ، فإن آفة العبادة نفسها أن تصبح عادة .. وهو تعالى أكرم مسئول وأسرع مجيب.. ..