مناوي: المدن التي تبنى على الإيمان لا تموت    الدعم السريع يضع يده على مناجم الذهب بالمثلث الحدودي ويطرد المعدّنين الأهليين    وزير الطاقة يتفقد المستودعات الاستراتيجية الجديدة بشركة النيل للبترول    المالية توقع عقد خدمة إيصالي مع مصرف التنمية الصناعية    أردوغان: لا يمكننا الاكتفاء بمتابعة ما يجري في السودان    بالصورة.. "حنو الأب وصلابة الجندي".. الفنان جمال فرفور يعلق على اللقطة المؤثرة لقائد الجيش "البرهان" مع سيدة نزحت من دارفور للولاية الشمالية    أردوغان يفجرّها داوية بشأن السودان    القادسية تستضيف الامير دنقلا في التاهيلي    تقارير تتحدّث عن قصف مواقع عسكرية في السودان    بمقاطعة شهيرة جنوب السودان..اعتقال جندي بجهاز الأمن بعد حادثة"الفيديو"    اللواء الركن"م" أسامة محمد أحمد عبد السلام يكتب: الإنسانية كلمة يخلو منها قاموس المليشيا    وزير سوداني يكشف عن مؤشر خطير    شاهد بالفيديو.. عودة تجار ملابس "القوقو" لمباشرة البيع بمنطقة شرق النيل بالخرطوم وشعارهم (البيع أبو الرخاء والجرد)    شاهد بالصورة.. السلطانة هدى عربي تشعل مواقع التواصل بلقطة مثيرة مع المطربين "القلع" و"فرفور" وساخرون: (منبرشين فيها الكبار والصغار)    مانشستر يونايتد يتعادل مع توتنهام    ((سانت لوبوبو الحلقة الأضعف))    شاهد بالصورة والفيديو.. حكم راية سوداني يترك المباراة ويقف أمام "حافظة" المياه ليشرب وسط سخرية الجمهور الحاضر بالإستاد    شاهد بالفيديو.. مودل مصرية حسناء ترقص بأزياء "الجرتق" على طريقة العروس السودانية وتثير تفاعلا واسعا على مواقع التواصل    بالصورة.. رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس: (قلبي مكسور على أهل السودان والعند هو السبب وأتمنى السلام والإستقرار لأنه بلد قريب إلى قلبي)    إحباط محاولة تهريب عدد 200 قطعة سلاح في مدينة عطبرة    السعودية : ضبط أكثر من 21 ألف مخالف خلال أسبوع.. و26 متهماً في جرائم التستر والإيواء    الترتيب الجديد لأفضل 10 هدافين للدوري السعودي    «حافظ القرآن كله وعايشين ببركته».. كيف تحدث محمد رمضان عن والده قبل رحيله؟    محمد رمضان يودع والده لمثواه الأخير وسط أجواء من الحزن والانكسار    وفي بدايات توافد المتظاهرين، هتف ثلاثة قحاتة ضد المظاهرة وتبنوا خطابات "لا للحرب"    أول جائزة سلام من الفيفا.. من المرشح الأوفر حظا؟    مركزي السودان يصدر ورقة نقدية جديدة    برشلونة ينجو من فخ كلوب بروج.. والسيتي يقسو على دورتموند    شاهد بالفيديو.. "بقال" يواصل كشف الأسرار: (عندما كنت مع الدعامة لم ننسحب من أم درمان بل عردنا وأطلقنا ساقنا للريح مخلفين خلفنا الغبار وأكثر ما يرعب المليشيا هذه القوة المساندة للجيش "….")    "واتساب" يطلق تطبيقه المنتظر لساعات "أبل"    بالصور.. أشهرهم سميرة دنيا ومطربة مثيرة للجدل.. 3 فنانات سودانيات يحملن نفس الإسم "فاطمة إبراهيم"    بنك السودان .. فك حظر تصدير الذهب    بقرار من رئيس الوزراء: السودان يؤسس ثلاث هيئات وطنية للتحول الرقمي والأمن السيبراني وحوكمة البيانات    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    غبَاء (الذكاء الاصطناعي)    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    رونالدو يفاجئ جمهوره: سأعتزل كرة القدم "قريبا"    صفعة البرهان    حرب الأكاذيب في الفاشر: حين فضح التحقيق أكاذيب الكيزان    دائرة مرور ولاية الخرطوم تدشن برنامج الدفع الإلكتروني للمعاملات المرورية بمركز ترخيص شهداء معركة الكرامة    عقد ملياري لرصف طرق داخلية بولاية سودانية    السودان.. افتتاح غرفة النجدة بشرطة ولاية الخرطوم    5 مليارات دولار.. فساد في صادر الذهب    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    الحُزن الذي يَشبه (أعِد) في الإملاء    السجن 15 عام لمستنفر مع التمرد بالكلاكلة    عملية دقيقة تقود السلطات في السودان للقبض على متّهمة خطيرة    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حمى المال العام هل أصبح الفساد في مأمن ؟!
نشر في حريات يوم 10 - 11 - 2015

ظاهرة تفشي الفساد في السودان بكل أنواعه خاصة المالي والإداري والأخلاقي أمرًا بات مقلقاً، حتى أصبح الفساد والاستبداد مترسخان في الحياة اليومية إلى حد أن قوانين مكافحة الفساد القائمة ليس لها أثر كبير على كبح الاعتداء على المال العام، وأشار تقرير منظمة الشفافية الدولية إلى أن السودان يحتل المركز ال «176» من «183»، وشهدت الأيام الماضية الأخيرة تنامياً في الكشف عن قضايا فساد بأجهزة حكومية سودانية كان أبرزها قضية وكيل وزارة العدل السابق بالاستيلاء على أراضٍ سكنية واستثمارية قدرت قيمتها بنحو خمسة ملايين دولار إبان توليه منصب المدير العام لمصلحة الأراضي. قبل إعفائه، لكن ماذكره المراجع العام عن التعدي على المال العام بالبرلمان فضح الكثير من المؤسسة الحكومية التي فاح فسادها.
فساد مترسخ
التقرير الذي قدمه المراجع العام الطاهر عبد القيوم أمام البرلمان عن ارتفاع حجم الاعتداءات على المال العام غير المسترد في الأجهزة القومية والولايات خلال الفترة من 2014 إلى 2015 بلغ 12.8 مليون جنيه استرد منها في المستوى القومي مبلغ 3,5 مليون جنيه، لافتاً إلى أن الجرائم في المستوى القومي بلغت 3,5 مليون جنيه، فيما تم استرداد 3,5 مليون جنيه أخرى، مشيراً إلى أن حالات الاعتداء في المستوى القومي بلغت 26 حالة منها 4 حالات لا تزال أمام المحاكم و12 حالة أمام النيابة و10 حالات لا تزال أمام رئيس الوحدة. واعتبر عبد القيوم أن ظاهرة الفساد التي تفشت عالمياً وإقليمياً تحتاج لتضافر الجهود، مشيراً إلى أن الآلية الحالية لمكافحة الفساد المطبقة في السودان تحتاج لتفعيل الأجهزة المعنية بمكافحة الفساد ووضع إستراتيجية واضحة لمكافحته. وأكد المراجع العام أن جرائم المال العام في الولايات بلغت في مجملها 5.8 مليون جنيه حتى 31 أغسطس من العام الحالي
الأرقام تتحدث
اشتكى المراجع العام من امتناع الإدارة العامة للرقابة المصرفية التابعة لبنك السودان عن تسليمه المستندات للمراجعة بحجة تعارض ذلك مع قانون العمل المصرفي، ما اعتبر عدم تسليمه المستندات مخالفة واضحة لنصوص المادة 6 من قانون المراجع العام. غير أنه أورد العديد من الملاحظات في إدارات بنك السودان الأخرى اعتبر أنها تؤثر سلباً على فاعلية وكفاءة الإدارة العامة للرقابة المصرفية. أما شركات الكهرباء فقد أكد المراجع العام بانه لا يوجد نظام لحساب تكلفة إنتاج الكهرباء بكل الشركات مع عدم وجود إدارة متخصصة لحساب التكاليف، وعدم وجود الكادر الفني المتخصص والمؤهل لحساب كلفة الكهرباء، وأشار إلى مخالفات في تعيين العاملين فضلاً عن عدم وجود مناقصة عند إدخال نظامERP المكلف مالياً، وعدم تناسب المؤهلات مع الوظائف التي يشغلها بعض العاملين مع عدم الإعلان عن الوظائف، إضافة إلى عدم التزام شركة كهرباء سد مروي بتنفيذ قرار مجلس الوزراء القاضي بنقلها لموقع سد مروي، مشيراً إلى الإستراتيجية للشركة السودانية لإنتاج الكهرباء. أوضح المراجع العام أن المعاملات مع ذوي العلاقات الخاصة على مستوى البنوك والهيئات والشركات والحكم القوي شهدت العديد من المخالفات منها تغليب مصلحة أصحاب العلاقة على المصلحة العامة وعدم إفصاح البعض عن طبيعة العلاقة مع الأفراد ذوي العلاقة وتفاصيل معاملاتهم وعدم تغطية الضمانات لمبالغ التمويل وعدم إكمال إجراءات الرهون ومنح التمويل رغماً عن التعثر في العمليات السابقة وعدم استيفاء الشروط وفق منشور بنك السودان وعدم تحريك إجراءات في مواجهتهم بعد استنفاد كل الفرص ومنح هوامش مرابحات مخفضة ومنح المساهمين سلفيات بالخصم على توزيع أرباح لا تغطي السلفيات.
تجاوز الولايات
أشار المراجع العام إلى أن الإعفاءات التي يمنحها الولاة والمعتمدون أثرت سلباً على الإيرادات، وكشف عن تجاوز بعض الولايات للاعتمادات الممنوحة لها وعدم التقيد بالقوانين واللوائح والنظم كما لاحظ الكثير من الحالات الجمع بين وظيفتين في الولايات والتعيين من خارج لجنة الاختيار وتكرار صرف المستحقات وصرف الدعم الاجتماعي دون أسس واضحة.
فساد مؤسسي
أوضح المراجع العام جملة مخالفات في مشروع مطار الخرطوم الجديد تمثلت في نقل أصول الشركة القابضة إلى إدارة المشروع الجديد دون مستندات تسليم وتسلم كما تم إبرام العديد من اتفاقيات التمويل، ولكن لعدم التنسيق بين المالية والوحدة السابقة لم يتم تنفيذها، فضلاً عن عدم إجازة الهيكل الراتبي للعاملين من قبل مجلس الوزراء ولم يتم الإعلان عن الوظائف. أما ما يختص بكبري الدباسين فقد أعاد المراجع العام الإخفاقات فيه لضعف الرقابة والتخبط وضعف الإدارة وعدم الاختيار الجيد للمقاولين، وكشف أن ولاية الخرطوم تعاقدت على الجسر في العام 2005 بتكلفة 37 مليون دولار، ولكن ظل المشروع معطلاً حتى ارتفعت قيمة إنشاء المتر الواحد من 1100 دولار إلى 1561 دولار، مشيراً إلى أن تقييم الأعمال المتبقية قدر بمبلغ 234.7 مليون جنيه. وفيما يتعلق بجسر المنشية فقد أعاد المراجع العام ما حدث فيه من هبوط في الجهة الشرقية تأثير ما تم على فاعية الجسر وكفاءته موضحة أن ولاية الخرطوم وعلى الرغم من أن معالجة الخلل في الجسر كلفها 23.7 مليون جنيه إلا أنها لم تهتم بالتحقيق والمساءلة والمحاسبة للجهات المقصرة.
فساد بالحج والعمرة؟!
كشف تقرير المراجع العام عن وقوع إدارة الحج والعمرة في العديد من المخالفات أهمها تحصيلها رسوماً فرضتها على حجاج القطاع الخاص بلغت 1.7 مليون جنيه دون وجه حق إضافة لتحصيل مبلغ 6,3 مليون جنيه كرسوم غير قانونية فرضتها على الحجاج في العام 2014م 1435ه، موضحاً أن إدارة الحج والعمرة لم تجز أي ميزانية لها من الجهات المختصة، ولم تدرج ميزانيتها حتى لوزارة الإرشاد مخالفة بذلك المادة 13 والمادة 288 من لائحة الإجراءات المحاسبية، لافتاً إلى أن إدارة الحج والعمرة لم تقم بتوفيق أوضاعها وفق قرار مجلس الوزراء بالرقم 6 لسنة 2012م القاضي بتحويل الهيئة إلى إدارة عامة تتبع لوزارة الإرشاد.
الشيكات المرتدة
بلغ إجمالي الإيرادات الضريبية خلال العام 2014 32.9 مليار جنيه إلا أن الضرائب على شركات البترول تتم من خلال قيمة الإنتاج التي تورد لوزارة المالية مباشرة ولا تظهر في عائدات الضرائب، فضلاً عن أن الشيكات المرتدة والمتأخرات والفاقد الضريبي بلغت 13% من متحصلات الضرائب في هذا العام، وقد أوصى المراجع العام بالحد من الإعفاءات الضريبية والاستثناءات من ضريبة الأرباح والقيمة المضافة التي تمنح لبعض الشركات. كشف المراجع العام عن جملة من المخالفات في إدارة الجمارك في العام 2014 منها على سبيل المثال تحصيل رسوم تحت مسمى بند الوارد ليست لها أي مشروعية بلغت في مجملها 213 مليون جنيه، فيما بلغت الإعفاءات الجمركية للعام 2014م مبلغ 2 مليار جنيه، كما أكد أن رسوم الخدمات والتي تنالها الجمارك يتم تسويتها لحساب الأمانات ويتم الصرف منها مما يعد مخالفة لنص المادة 365 من لائحة الإجراءات المحاسبية، وشدد المراجع العام على ضرورة الالتزام بتوريد الرسوم للصندوق القومي للإيرادات.
كشف المراجع العام عن احتساب مصروفات تشغيلية بلغت 960 مليون دولار عند توزيع الأنصبة بين الشركات والحكومة خلال الفترة من 1996 وحتى 2012 تم اعتماد مبلغ 332 مليون دولار فقط كمصروفات حقيقية بينما لا تزال بقية المبلغ البالغة 628 مليون دولار تحت المناقشة قاطعاً بأن وزارة المالية وديوان الحسابات لا يتابعون عائدات المنتجات البترولية من قرض الكوميسا، حيث لم يتم إثباتها في الحسابات الختامية ولم يتم توريدها للصندوق القومي للإيرادات وتم التصرف فيها من المنبع لسداد مديونية الكهرباء البالغة 2,622 مليون جنيه الأمر الذي اعتبره عبد القيوم مخالفة صريحة لسياسات وزارة المالية. أما فيما يلي رسوم عبور نفط الجنوب فقد أشار المراجع العام إلى توريد 18.5 مليون جنيه كأمانات لحساب اللجنة العليا مخالف لنص المادة 288 من لائحة الإجراءات المحاسبية، فضلاً عن عدم تضمين التحصيل الفعلي لرسوم العبور البالغ 5,5 مليار جنيه خاصة فقط بنصيب الحكومة في مرور بترول الشركاء قاطعاً بأن رسوم العبور لم تورد أبداً للصندوق القومي للإيرادات وتم فتح حساب خاص تم التصرف منه لسداد بعض القروض الأمر الذي يخالف الموجهات الواردة بالسياسات المالية للعام 2014م. مشيراً إلى أن العام شهد إنتاج 42.7 مليون برميل من النفط بنقصان 2.2 مليون برميل عن العام 2013م وأكد المراجع العام انخفاض نسبة تجنيب الأموال خارج الموازنة، مشيراً إلى تجنيب 46 مليون جنيه بالإضافة لمبلغ 84 لألف دولار على المستوى القومي، فضلاً عن تجنيب 31 مليون جنيه، معتبراً أن ممارسة التجنيب تخالف العديد من المواد القانونية، مشيراً إلى أن مخاطر التجنيب تتمثل في عدم صدقية المؤشرات والإحصائيات المالية والاقتصادية وإعاقة تحقيق أهداف الموازنة، خاصة أن صرف الأموال المجنبة لا يتم وفق أولويات الموازنة، وتستغل عادة في دفع المكافآت والحوافز.
العُهد
أشار المراجع العام لتراكم العهد والأمانات عاماً بعد عام حتى بلغ إجمالي العهد 4.123.500.000 فيما بلغ إجمالي الأمانات 5.727.400.000 جنيه، لافتاً إلى أن عدم خصم هذه الأموال على الحسابات يعد مخالفة لنص المادة 343 من اللائحة المالية، فضلاً عن أنها تعد السبب الرئيس لجرائم المال العام والمخالفات والتصرفات غير الملتزمة والمنحرفة، معتبراً أن إزالة العهد والأمانات أولاً بأول يعد عنصراً رقابياً فاعلاً لوقف ظواهر الاعتداء على المال العام.
الخدمة العامة في الإنعاش
أكد المراجع العام وجود العديد من التجاوزات في الخدمة العامة منها عدم إكمال ملفات العاملين بمصوغات التعيين الأصلية وصور المستندات والشهادات الثبوتية العلمية والعملية، فضلاً عن استمرار صرف أجور المتوفين والمستقيلين عن العمل ومن هم في إجازات بدون مرتب والذين بلغوا سن المعاش والغائبين عن العمل لأكثر من 45 يوماً، مشيراً إلى مخالفة العديد من الولايات شروط الخدمة العامة، ومخالفة القوانين واللوائح بتعيين بعض العاملين بصورة مباشرة من غير المرور على لجان الاختيار، فضلاً عن التعاقد الشخصي لملء بعض الوظائف إضافة للجمع بين وظيفتين ومخالفة قانون مخصصات شاغلي المناصب الدستورية وتعديلاته اللاحقة وقطع بأن ولايات غرب دارفور والقضارف وشرق دارفور تمنح مخصصات لدستورييها غير التي شرعها القانون.
فخ الخصخصة
أكد المراجع العام عدم التزام اللجنة الفنية للتخلص من المؤسسات الحكومية بتوريد عائدات بيع أصول الدولة البالغة 18.5 مليون جنيه للخزينة العامة، مشيراً إلى أن العائدات لم تظهر خلال العام 2014 بالحساب الختامي للجنة التخلص من المؤسسات وتم إظهارها كأمانات مخالفة بذلك نص المادة 365 من لائحة الإجراءات المحاسبية، كما أنه أشار إلى أيلولة بعض المؤسسات التي تمت خصخصتها لمؤسسات حكومية أخرى بما يتعارض مع مبدأ الخصخصة نفسه ويعتبر مخالفة لقرار أصدره مجلس الوزراء بوقف مثل هذه الممارسات.
مخالفات السكن
كشف المراجع العام عن مخالفات كبيرة في مشروع المأوى السكني الذي نفذه الجهاز الاستثماري للضمان الاجتماعي بالوادي الأخضر بشرق النيل بناءً على توجيهات نائب رئيس الجمهورية لإيجاد مأوى وسكن ميسر للشرائح الضعيفة، حيث كان يستهدف بناء 1350 وحدة سكنية خلال 10 أشهر إلا أن ما تم تنفيذه فقط 600 وحدة في فترة زمنية بلغت 30 شهراً، مؤكداً أن التنفيذ صاحبته العديد من الإخفاقات تمثلت في عدم وجود دراسات جدوى مسبقة مع عدم وضع خطط وبرامج لتنفيذ المشروع، بالإضافة لتدني جودة المواد المستخدمة في البناء خاصة السقوفات.
حصانة ضد الفساد
الخبراء الاقتصاديون الذين استطلعتهم الصحيفة أكدوا أن قضية الفساد أصبحت من القضايا المتكررة دون وجود حل من الجهات المعنية على الرغم من إعلانها معالجتها بأشكال مختلفة، وأن مشكلة تجنيب الأموال وفتح حسابات بأسماء وزراء وتتم خارج وزارة المالية لا يمكن حلها، لأن معظم الشخصيات المعنية يمكن أن تكون ذات حصانة مما يصعب على الجهات القانونية محاسبتها بالشكل المطلوب، ومنظمة الشفافية مؤخرًا أكدت أن السودان يعد من أكثر الدول التي ينتشر بها الفساد بصورة كبيرة، وقالوا إن هذا يتطلب الكثير من العمل لحل المشكلة وذكروا على خلفية تقارير المراجع العام التي ظلت تتحدث سنوياً عن «تعديات على المال العام» لم تتخذ بشأنها أي إجراءات قانونية فعالة، ولكن هذا الجدل يستند إلى فهم محدود لقضايا الفساد وآليات الفساد والإفساد، ذلك أن ما يسجله المراجع العام يقتصر على ما تكشفه الوثائق الرسمية، أي التجاوزات المعترف بها وغير المأذون بها من النظام، وهذه مشكلة إجرائية فقط، تتعلق بتفعيل الإجراءات القانونية.
تستر بالقانون
الخبير القانوني بروفيسر شيخ الدين شدو أوضح في حديث سابق ل «الإنتباهة» أن الحديث عن الفساد طفح وحتى تقرير المراجع الذي قدمه في الميزانية وغيرها ما يطرح في الرأي العام مبيناً أن لا أحد يقدم إلى المحاكمة وأحياناً تكون هنالك تسويات، وقال شدو: فالحديث أصبح ملء الفم والعين ويرى أن المعالجة القانونية والقضائية لظواهر الفساد المؤسسي لن تكون كافية، بل لن تمس شيئاً من بنيته. فهذا الفساد محمي قانونياً، لأن ممارسته تتمتع بغطاء قانوني، وعبر مؤسسات تمارس صلاحياتها المنصوص عليها من منح العقود والتراخيص، وهو محمي سياسياً، كما أن أجهزة الدولة المعنية لن تقدم للقضاء الوثائق المطلوبة، ويضيف أن التصدي للفساد لا يمكن إنجازه عبر منشور يُصدره وزير العدل، لأن صلاحياته لا تبلغ درجة الكشف عن المستور، مبيناً أن الأمر يحتاج إلى ثورة شاملة، تتعدى وزارة العدل إلى القضاء ورئاسته، والبرلمان وصلاحياته وعلاقته بالجهاز التنفيذي، والحرية الكاملة للإعلام ليطرح الأسئلة وينقب فيما وراء الواجهات، مثلاً للبحث عن من يقف وراء الشركات الكبرى التي تحصل على العقود الحكومية المربحة. وحسب بعض الدراسات الاقتصادية فإنه إذا خفضنا من الفساد بنسبة 10% فإن هذا ينعكس على النمو الاقتصادي بنسبة 5.7% في معدلات تحسن الأداء الاقتصادي، وقال: كل ما قامت الجهات المعنية بمحاربة أشكال الفساد بدورها بشكل فاعل فإن ذلك سينعكس بشكل مرادف في نتائجه الإيجابية بحيث إن مكافحة الفساد ستعمل على إعادة نشر أجواء الثقة وتعمل على استقطاب مزيد من الاستثمارات الخارجية.. وبين أن أي نشاط باتجاه مكافحة الفساد سينعكس بأداء إيجابي على مستوى الاقتصاد الكلي وسيقلل من الاحتقان الداخلي الناتج عن سوء توزيع معدلات النمو الاقتصادي ومكتسبات التنمية والتي كان أحد أسبابها الفساد، ولفت أن له نتائجه السلبية في مجال استقطاب الاستثمارات موضحاً أنه في أي دولة في العالم كلما ارتفعت نسب الفساد فإنها ترتب على المستثمرين زيادة في حجم الكلف التي ينفقونها على استثماراتهم الأمر الذي يدفعهم إلى حالة من التذمر وإلغاء بعض في استثماراتهم نتيجة تفشي هذه الظواهر.. وقال إنه كل ما أمكن تطبيق القانون بشكل شفّاف في متابعة القضايا المتعلقة بشبهات فساد ساهم ذلك في انخفاض معدلات الفساد.
حكم التحلل من المال العام
وعن التسويات التي تحدث في قضايا المال العام أوضح دكتور عبد الحي يوسف خطيب مسجد إمام المرسلين في خطبته الشهيرة التي هزت أركان الفساد بالبلاد وأرهبت قلوب المعتدين بعد ابطل فقه التحلل الذي درجة عليه حكومة السودان بعد أن سنت التحلل في قضايا المال العام إذ قال إن ما يشاع عن فقه التحلل إنما هو في حق من تاب من قبل أن يعرف ويقبض عليه فيرد المال من غير أن يفضح نفسه). (أما من ثبتت عليه الجريمة فلا يوجد في حقه تحلل، والتحلل في حقه إنما هو إعانة لغيره على السرقة، فإن كشف تحلل وإن لم يعرف تمتع بماله وهو ما لا يقول به أحد من أهل العلم). وقطع «عبد الحي» بأن التحلل لا أصل له في الدين، وزاد: (تجد أحدهم يأكل المال العام ثم يحج ويتصدق ويتكبر عن النصيحة ويعتقد أنه يعمل صالحاً.. والله لن يقبل منه)، وقال: (من يأكل المال العام من أجل أن يبني عمارة ويركب سيارة ويأكل أطيب الطعام فهو يسمن بدنه للنار). وأضاف: (إنسان سرق وأكل المال العام وثبتت عليه البينة وأخذ بجرمه كيف نقول له تحلل من هذا المال لا لك وعليك؟؟ كأننا نقول للناس اسرقوا واختلسوا فإن لم يعلم بكم أحد فهو حلال لكم، وإن علم بكم وانكشفتم ردوا ما أخذتم وأنتم أحرار في أمن وأمان حتى تتحينوا فرصة أخرى للسرقة).
من المحرر
كثير من قضايا الاعتداء على المال العام لم يفتاء فيه وأصبحت ملفاتها في أدراج المحاكم ولم يبت في أمرها ويبقى السؤال ماذا بعد حديث المراجع العام؟ أم ما ذكر مجرد أرقام وإحصائيات وتقرير سنوي فيذهب ادراج الريح؟.
(الانتباهة).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.