صرح البروف/ غندور بأن الحكومة لم تقل إنها امتنعت.. و لم تقل إنها ستشارك في الحرب البرية في سوريا! ففهمنا أنها سوف تشارك طالما السعودية هي التي تسعى إلى الحرب البرية.. و هي التي بعثت بطائراتها إلى قاعدة ( انجرليك) في تركيا إعداداً للهجوم البري على سوريا، و غندور هو الذي ادعى عدم ارتباط مواقف السودان بمواقف المملكة العربية السعودية.. و هو الذي زعم أن أولويات موقف السعودية في سوريا هو الحوار.. كما ذكرت صحيفة (الانتباهة) العدد 3592 بتاريخ 22/2/2015.. تلك أكاذيب تكشفها وقائع الأحداث، ففي الاسبوع الماضي، بعث نظام الانقاذ بقوات سودانية إلى مناورات ( رعد الشمال) العسكرية في حفر الباطن السعودية بالقرب من الحدود العراقية السورية.. و المناورات تحت ما يسمى ب( التحالف الاسلامي) الذي ( تقوده) المملكة العربية السعودية، ( قائدة) التحالف العربي.. و التي صارت- في عهد ولي ولي العهد/ محمد بن سلمان- عدوانية شرسة بما يجعلها تدخل معارك في اليمن.. و تتوعد إيران و تهدد بالدخول في حرب برية في سوريا.. بدأتُ كتابة المقال أعلاه يوم 22/2/2015 .. و انشغلتُ بأمور حياتية أخرى.. و في يوم 23/2/2015 ( تبدل) المقال المبني على بابٍ مواربٍ في وزارة الخارجية.. ، فقد ( لحس) البروف/ غندور تصريحه الذي أدلى به في المطار.. بعد أن وصل الجبير، وزير خارجية السعودية، إلى الخرطوم.. و الجبير هو الذي يحرك سياستنا الخارجية منذ أن تسلمها الملك سلمان من الرئيس البشير و سلمها الملك سلمان لوزير خارجيته الجبير.. و جاء الجبير حاملاً رسالة ( شفاهية) بالأمس إلى البشير.. و من ثم سمعنا وزير خارجيتنا غندور يعلن على الملأ أن وجهات النظر السودانية و السعودية ( متطابقتان تماماً).. و هو من قال، قبل ذلك، أنه ليس شرطاً أن ترتبط مواقف السودان مع مواقف السعودية.. أي أن للسودان استقلاليته في اتخاذ قراراته.. البشير يعرف ما حدث للبنان، قبل أيام، و يتحاشاه.. فقد جمدت السعودية (هِبة) ال( 3 مليار دولار) التي قررها الملك السعودي الراحل / عبدالله لتقوية الجيش اللبناني، و سبب التجميد أن وزير الخارجية اللبناني- جبران باسيل- خرج عن ( الاجماع العربي) الذي أدان التهجم على سفارة المملكة و قنصليتها في إيران.. لكن الوزير اللبناني علل خروجه عن ذلك الاجماع لأن (الأوضاع) في لبنان غيرها في الدول العربية الأخرى.. و أن الحفاظ على وحدة اللبنانيين تقتضي منه، أحياناً، تصرفاً مغايراً لتصرف الدول العربية الأخرى.. إن كثيراً من المراقبين يرون أن تصرف السعودية يدل على عدم النضج السياسي.. و يرى آخرون أن السعودية فشلت في كبح جماح حزب الله بالمال الذي أودعت جزءً منه في البنوك الفرنسية لتمويل تسليح الجيش اللبناني، لكن الجيش اللبناني وجه السلاح ضد ( جبهة النصرة) التي تساندها السعودية و ضيق الخناق عليها.. و أن الجيش اللبناني يقف بالمرصاد أمام أي تسريبات للأسلحة من تركيا- عبر لبنان- إلى سوريا لأنصار السعودية من (الجهاديين).. و الجيش اللبناني ظل يفشِّل كل مخططات السعودية و تركيا في سوريا، بما في ذلك الحرب البرية المزمع شنُّها.. و لم تكتف السعودية بتجميد الهبة فحسب، بل مضت إلى التهديد بسحب وديعتها في البنك المركزي اللبناني، و قيمتها مليار دولار، و لأن لبنان دولة يعتمد اقتصادها على السياحة الخليجية في معظمه، فقد أعلنت علي لبنان حرباً اقتصادية بإصدار أوامر تمنع فيها مواطنيها من السفر إلى لبنان.. و سارت دولة الأمارات على الدرب السعودي.. و نخشى أن يمضي ( نظام الانقاذ) على نفس الدرب و في ذهنه الريالات التي سوف تنهمر عليه بعد ذلك، حتى و إن لم يتم إنفاذ مخطط الحرب البرية ( المعطلة).. هذا، و تحذر صحيفة ( الفاينانشيال تايمز) من أن الحديث عن ارسال تركيا قوات برية إلى سوريا قد يجر حلف شمال الاطلسي إلى مواجهة عسكرية مع روسيا.. و أضافت بأن تركيا لا تتعامل مع حسابات الواقع.. و قبل ذلك منيت تركيا و السعودية بالفشل في اقناع امريكا بعدم إدراج (جبهة النصرة) ضمن قائمة المنظمات الارهابية، و لكن أمريكا و روسيا تمكنتا من ادراجها ضمن قائمة المنظمات الارهابية في مجلس الأمن.. ف(جبهة النصرة) تتعاون مع داعش.. و هي سند للسعودية في محاربة ( بشار) الأسد.. و السعودية سند لها في التمويل و التسليح، كما ذكرنا، و كانت ضمن ( هيئة التحالف العليا) السورية التي اجتمعت في الرياض.. و أصدرت قرارها القاضي بلزوم ذهاب بشار كأولوية للاستقرار في سوريا.. و من جانب آخر، ألمح حلف الناتو لتركيا- العضو بالحلف- بأنه لن يذهب في أي حرب ضد روسيا.. كما اتصل الرئيس الأمريكي بتركيا و السعودية طالباً منهما تهدئة ( اللعب).. و ذلك فشل تركي آخر.. و فشل تركي و سعودي تلى ذلك، إذ توصلت روسيا و الولاياتالمتحدة على اتفاق بوقف العدائيات في سوريا- و وقف العدائيات لا يعني وقف إطلاق النار.. بل هو قريب منه- بغرض تهيئة الأوضاع للمساعدات الانسانية للوصول إلى المنكوبين السوريين و لإيجاد صيغة تفضي للسلام في سوريا.. و أتى الجبير مبعوثاً من الملك سلمان ربما لإبلاغ البشير بأن اللعبة سوف تهدأ في سوريا.. لكن مناورات ( رعد الشمال) و التحركات الأخرى سوف تستمر إلى أن ينجلي الموقف في ميادين القتال تماماً.. و صرح أوغلو يوم 22/2/2015 أن الهجوم البري ليس مطروحاً ( الآن).. و جاء هذا التصريح على غير ما تشتهيه تركيا و لا السعودية.. ونشتهيه نحن متمنين أن يعود أبناؤنا سالمين ( غانمين) بعد الانتهاء من مناورات ( رعد الشمال) في حفر الباطن السعودية دون أن يخوضوا أي حرب ارتزاق أخرى بعد ( عاصفة الحزم