500 عربة قتالية بجنودها علي مشارف الفاشر لدحر عصابات التمرد.. أكثر من 100 من المكونات القبلية والعشائرية تواثقت    مبعوث أمريكا إلى السودان: سنستخدم العقوبات بنظام " أسلوب في صندوق كبير"    حمّور زيادة يكتب: من الخرطوم إلى لاهاي    قيادي بالمؤتمر الشعبي يعلّق على"اتّفاق جوبا" ويحذّر    (ابناء باب سويقة في أختبار أهلي القرن)    عصار الكمر تبدع في تكريم عصام الدحيش    عبد الفضيل الماظ (1924) ومحمد أحمد الريح في يوليو 1971: دايراك يوم لقا بدميك اتوشح    قصة أغرب من الخيال لجزائرية أخفت حملها عن زوجها عند الطلاق!    الهلال يتعادل مع النصر بضربة جزاء في الوقت بدل الضائع    كيف دشن الطوفان نظاماً عالمياً بديلاً؟    محمد الشناوي: علي معلول لم يعد تونسياً .. والأهلي لا يخشى جمهور الترجي    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    تستفيد منها 50 دولة.. أبرز 5 معلومات عن الفيزا الخليجية الموحدة وموعد تطبيقها    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    حادث مروري بمنطقة الشواك يؤدي الي انقلاب عربة قائد كتيبة البراء المصباح أبوزيد    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    شاهد بالصورة والفيديو.. "المعاناة تولد الإبداع" بعد انقطاع الماء والكهرباء.. سوداني ينجح في استخراج مياه الشرب مستخدماً "العجلة" كموتور كهرباء    بالفيديو.. شاهد رد سوداني يعمل "راعي" في السعودية على أهل قريته عندما أرسلوا له يطلبون منه شراء حافلة "روزا" لهم    برشلونة يسابق الزمن لحسم خليفة تشافي    البرازيل تستضيف مونديال السيدات 2027    إسبانيا ترفض رسو سفينة تحمل أسلحة إلى إسرائيل    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    منتخبنا فاقد للصلاحية؟؟    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا للمرة ال15 في تاريخه على حساب أتالانتا    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    "بسبب تزايد خطف النساء".. دعوى قضائية لإلغاء ترخيص شركتي "أوبر" و"كريم" في مصر    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفاعليّة: نحو كونية جديدة
نشر في حريات يوم 15 - 05 - 2016


(ملخص)
[email protected]
الواقع النهائي ذو طبيعة مادية، لكنها ليست مادية الفيزياء المعاصرة أو الفلسفات المادية الكلاسيكية مثل مادية ماركس أو فيورباخ. للمادية في اطارها الفلسفي أو الفيزيائي حيث تعرف بالكتلة أو مجال الطاقة ثلاثة عيوب أساسية:
أولاً : إنها اختزالية بمعنى انها ترجع وتفسر البنى الفوقية بالبنى التحتية. إذ ينجح هذا الإجراء على مستوى الذرات والجزيئات يعطي نتائج مغلوطة على مستوى ظاهرة الحياة لاختلاف الخصائص البنيوية وعلاقات السببية لكل من المجال الفيزيائي ومجال الجينوم الكمومي المعلوماتي.
ثانياً: إنها اقصائية وشمولية خاصة في سياقها الفلسفي. حينما انهارت الثنائية الديكارتية انشطر الفكر الفلسفي الاوربي إلى فلسفات احادية مادية وفلسفات احادية مثالية، علاوة على فلسفات الشك والارتياب. الفكر الفلسفي الأحادي كان مادياً أو مثالياً يكون شمولياً واقصائياً: المادية تقصي المثالية والمثالية تقصي المادية. السبب هو قيام الفكر الأحادي على مبدأ الهوية حيث القضية إما صادقة أو كاذبة.
ثالثاً: ليس في مقدور مفهوم المادة الذي تعتمده الفيزياء المعاصرة استكناه ظاهرة الحياة. لأن ظاهرة الحياة تشتمل على خواص وقوانين فيزيائية تميزها عن الجماد ولا يمكن اختزالها لنطاق الفيزياء المعاصرة لذا لزم توسيع هذا النطاق.
بناء عليه، في اطار النظرية البيولوجية الكمومية المعلوماتية التي عمل على تطويرها المؤلف، الواقع النهائي ذو طبيعة مادية تتميمية. بمعنى أنه تم تعميم وتطوير مفهوم التتام complementarity في ميكانيكا الكم ليصبح خاصية للواقع النهائي. عليه تختص المادة بخاصّتين تتميميّتين: موجات المادّة عند الكثافة الهائلة للكتلة (ميكروسكوبياً) وذبذبات المعلومات البيولوجية عند الكثافة الهائلة للمعلومات. تسمح هذه الفرضيّة بتوسيع الأساس الأنطولوجي للفيزياء المعاصرة، فنحصل على ما أسمّيه فيزياء معمّمة. في إطار الفيزياء المعمّمة يستدمج نظام شرودنجر موجات المادّة عند الكثافة الهائلة للكتلة ليصف ظاهرات الجماد (وهو موضوع الفيزياء المعاصرة). أو يستدمج نظام شرودنجر ذبذبات المعلومات البيولوجية عند الكثافة الهائلة للمعلومات ليصف ظاهرة الحياة. عندئذ تنبثق ظاهرة الحياة وما تختص به من فاعليّة عند الكثافة الهائلة للمعلومات. ويكمن سر انبثاقها وتطورها، الذي استعصى طويلاً على الكشف العلمي، في انتظام خوارزمية بيولوجية معلوماتية مساراً للحتمية في فضاءالعشوائية، فضاء الأحداث شبه المستحيلة. يتمثل الفرق بين المادية التتميمية و المادية الواحدية في أن هوية الواقع النهائي ومن ثم الظاهرة تتأسس انطلاقاً من تكامل الأضداد بالنسبة للمادية التتميمية، ولكن ليس آنياً. على سبيل المثال لا يمكن وصف المنظومة المادية آنياً بموجات المادة وذبذبات المعلومات البيولوجية، لأن ذبذبات المعلومات البيولجية تكون صفراً بالنسبة للجماد، كما تكون موجات المادة صفراً بالتقريب للكائن الحي. لذا فإن هوية المادة تتحقق من خلال تتام أو تكامل الخاصيتين المتنابذتين. هكذا، باعتمادنا مبدأ التتام عوضاً عن مبدأ الهوية، تفتح المادية التتميمية المجال أمام فلسفة للتنوع والاختلاف.
تتأسس نظرية المعرفة التتميمية بناءً على المادية التتنيمية. هذا يعني ارتباط الواقع الموضوعي بالوعي أو العقل من ناحية واستقلاله عن العقل من ناحية أخرى. على سبيل المثال قوانين الفيزياء (الجماد) مستقلة عن العقل لأنها هنالك قبل انبثاق الحياة وانبثاق العقل. من ناحية اخرى ليست هي مستقلة عن العقل والا كيف تأتى له التعرف عليها واكتشافها؟ تكشف البيولوجيا الكمومية المعلوماتية عن أن طبيعة العقل من عقلانية الطبيعة، وأن القوانين التي تحكم ظاهرة الحياة (العقل) اشمل وتحتوي قوانين الجماد كحالةخاصة. هذا يعني أن العقل ناتج طبيعة ومنتج طبيعة، أي قادر على اعادة صياغة الطبيعة. عندئذ يمكن تعريف المعرفة بأنها ناتج علاقة تركيب العقل بالوجود. تحت شروط معينة (تدني الفاعلية) يكون الوعي انعكاساً لمعطى وتحت شروط أخرى (ارتقاء الفاعلية) يكون الوعي استباقاً لممكن. هكذا تشكل التتميمية الأساس لتوليف المادية والمثالية، المهمة التي استعصت على نسق التحولات المعرفية في فضاء الثقافة الغربية.
الكشف عن الطبيعة الإنسانية يتطلب جسر الهوة بين البيولوجيا والعلوم الإنسانية. تعاني الدارونية الجديدة من ثلاث معضلات جعلت من العسير جسر الهوة بين البيولوجيا ووالعلوم الإنسانية فنشب النزاع بين من يناصر الفطرة الدارونية وبين من ينفي وجود طبيعة إنسانية. المعضلات هي أ- التطور الدارويني يقوم على الطفرات العشوائية والانتخاب الطبيعي لذا فهو تطور أعمى بلا إتجاه وبلا معنى. ب: تحصر الدارونية مفهوم البقاء في اطار الكفاءة التناسلية فيتحقق الانتخاب الطبيعي على مستوى الفرد ، وتصبح الأنانية والعنف والاستبداد من أهم مقومات معيار الصلاحية للبقاء. ج: بناء على (أ) و(ب) لا تنطوي الدارونية على أساس للأخلاق وقيم الخير والمحبة. تجاوزاً لهذه الصعاب كشفت البيولوجيا الكمومية المعلوماتية عن أن:
i – الطفرات المنتجة للتطور ليست عشوائية، علاوة على ذلك للتطور اتجاه يتمثل في زيادة الذكاء البيولوجي (العقل)، أي تعظيم الفاعلية بمعنى الإيثار والإبداع عبر الشعبة. وبتطور الدماغ البشري تنزلت الفاعلية من خاصية لتطور الشعبة لتصبح خاصية لتطور الإنسان الفرد، فاصبح الإنسان ناتج فاعلية ومنتج فاعلية.
ii – تولد المعلومات البيولجية الكاملة للجينوم مكونين للبقاء، مكون الكفاءة التناسلية الدارويني ومكون الفاعلية. عندئذ ينشأ مستويان للإنتخاب الطبيعي، مستوى الكفاءة التناسليىة على صعيد الفرد ومستوى الفاعلية على صعيد الجماعة. بمعنى أنه داخل الجماعة يكون للإناني حظوظ أفضل للبقاء خصماً على الإيثاري. بينما تكون لجماعة الإيثاريين حظوظ افضل للبقاء خصماً على مجموعة الأنانيين.
iii– أدت حاجة الجماعة للفاعلية لنشوء الأخلاق، كما أدت الحاجة للأخلاق لنشوء الاديان.
بناء عليه للإنسان طبيعة تتميميّة: داروينيّة عند تدنّي الفاعليّة طابعها الأنانية والعنف والاستبداد، وإنسانيّة عند ارتقاء الفاعليّة طابعها الإبداع والعطاء الشامل. هذه الرؤية للطبيعة الإنسانية تتجاوز الدارونية التي حصرتها في الأنانية والعنف، ولم تستكنه التتميمية والفاعلية، كما تتجاوز المدارس الاجتماعية التي تلغي الخصال الدارونية.
كما اسلفت أدّى تطوّر معماريّة الدماغ البشري إلى أن تتنزّل زيادة الفاعليّة من خاصيّة تتعلّق بتطوّر الشعبة إلى خاصيّة تتعلّق بتطوّر النوع البشري، كما أدّى إلى أن تتجسّد الفاعليّة من خلال بنيات للعقل تدعم الغرائز والاحتياجات الأساسيّة للبقاء. فأصبح العقل البشري يتركّب من ثلاث بنيات: أ بنية العقل التناسلي (القاعدي) التي تعطي الأهميّة والأولويّة للبقاء عبر التناسل، فيعي الإنسان ذاته كائنا وظيفته التناسل. ب بنية العقل المادّي والتي تعطي الأولويّة لإنتاج واستحواذ الخيرات الماديّة، ومن ثمّ يعي الإنسان ذاته كائنا ماديّا واقتصاديّا. ج بنية العقل الخلاّق والتي يعي الإنسان من خلالها ذاته كائنا وظيفته الإبداع والعطاء الشامل. يقصد ببنية العقل النسق أو النواة التوليدية للوعي التي تحدد فكرة الإنسان عن نفسه ومنحى استجابته وتفاعله مع العالم. ويقصد بالوعي المحتوى المعرفي السلوكي للإنسان. تسود البنية التناسلية حينما تكون الوسيلة الوحيدة المتاحة بغية التغلب على ارتفاع معدلات الوفيات هي زيادة معدلات المواليد، وحينما تكون القوة العضلية للرجال والنساء هي مصدر الأمن الاجتماعي والغذائي. تسود البنية المادية حينما توفر البنية التناسلية البشر كمياً فينتج تحدي وهاجس جديد هو توفير المأكل والمأوى لملايين الأفواه الفاغرة، وحينما تتضامن البنية المادية والخلاقة في التصدي للتحدي. تعتبر كلاًّ من البنية التناسليّة (القاعديّة) والبنية الماديّة (البرجوازيّة) متدنّية الفاعليّة، لأنّ برامجها للعطاء مغلقة، تحصر الحب والعطاء في إطار الفرد وأسرته وربما عشيرته أو طائفته، بينما البنية المفتوحة مرتقية الفاعليّة هي بنية العقل الخلاّق. كل فرد من أفراد المجتمع يحتاز البنيات الثلاث. لكل بنية عقل مرجعيتها المعرفية والقيمية ومفهومها للذات التي تحفز لأجل تحقيق مشروع البنية. تجدر الإشارة إلىً أن أهم ما يميز بنيات العقل هو حراكها، كان ذلك على صعيد الفرد أم المجتمع. لذا فإن سيادة البنية لا تكون كلية، كما لا تكون مطلقة غير قابلة للتحول.
5 – آلية نمو الفاعلية:
يقصد بنمو أو تنمية الفاعلية تجاوز مهام وأغراض بنيتي العقل التناسلي والبرجوازي وتبني مهام بنية العقل الخلاق، وفقاً للآلية التالية:
عندئذ ليس من إبداع على صعيد الفرد أو نهضة على صعيد المجتمع دون مشروع للفاعلية وتنميتة.
6- سوسيلوجيا الفاعلية وحركة التاريخ:
البناء الاجتماعي هو نسق تراكب بنيات العقل من خلال سيادة إحداهن. ينجم عن ذلك بناء اجتماعي تناسلي أو برجوازي أو خلاق. عندئذ يكون التغيّر الاجتماعي هو الانتقال من بنية سائدة إلى أخرى وفقاً لآلية نمو الفاعلية، وحينما تتوفّر القوى الاجتماعيّة الجديدة الحاملة للوعي البديل. هكذا يتحقق حراك وتاريخا نية البناء الاجتماعي.
عليه يتولد المسار العام لحركة التاريخ البشري من خلال العلاقات الديناميكية للبني الاجتماعية، وهو من ثم ليس مساراً لاطراد الحتمية بقدر ما هو مسار لتواكب الفاعلية والقصور في فضاء الاحتمال. فتنشأ عن ذلك احتمالات مختلفة لحركة المجتمع: الاستقرار والتوازن، النهضة والتطور أو الانحطاط والاضمحلال. هناك نوعان من التحولات الاجتماعية : يحدث النوع الأول حينما تفشل بنية العقل السائدة – التناسلية مثلاً في التصدي لبعض التحديات الأساسية فتتصدع، وكنتيجة لذلك تنبري بنية العقل الخلاق لإزالة الخطر، فتحدث النهضة الحضارية من خلال تجاوز بنية العقل الخلاق للمعوقات الاجتماعية الكائنة. وبما أن حل المشكلات قد تم في فضاء تناسلي وأن البنية السائدة لم تستكمل مهامها الحضارية بعد، فإنها تستعيد تدريجياً زمام المبادرة التاريخية. وعادة ما ينجم عن هذه العملية الانحطاط الحضاري لأن البنية التناسلية العائدة على درجة من الفاعلية أقل من بنية العقل الخلاق.
الصيغة الثانية للتحولات الاجتماعية تنشأ حينما تستنفد بنية العقل السائدة مهامها الحضارية، وكنتيجة لذلك تنشأ تحديات جديدة تستوجب سيادة بنية بديلة وفقاً لجاهزيتها. في هذه الحالة ينتقل المجتمع من فضاء جزئي محدد إلى فضاء آخر، وهو ما حدث للمجتمعات الأوربية بانتقالها من الفضاء الجزئي التناسلي إلى الفضاء البرجوازي. في هذه الحالة تأخذ الحضارة في الصعود والازدهار حتى تتمكن البنية الصاعدة من السيادة وفرض سلطانها. وبفرض سطوتها يعم الاستقرار، وتكف عن التطور، و تنجح في توظيف بنيتي العقل الخلاق والتناسلي لمهامها وأغراضها. كما تنجح في تهميش المنظومة القيمية لبنية العقل الخلاق. لذا فإن نقد ما بعد الحداثة للحداثة تم في غياب الوعي بديناميكية بنيات العقل، حينما اختزلت ما بعد الحداثة مفهوم العقل في عقلانية بنية العقل البرجوازي. يلاحظ أن النموذج الفاعلي لحركة التاريخ يستوعب في داخله النماذج الأساسية لحركة التاريخ: النموذج الدوري والنموذج الخطى ونموذج الاستقرار والتوازن.
يعرف التحليل الفاعلي بأنه منهج يحلل فاعلية الأفراد والمجتمعات والنصوص. ويقصد بذلك الكشف عن نمو وتفاعل بنيات العقل من خلال الاستجابة لتحديات الوجود الاجتماعي.
يتشكّل فضاء الفاعليّة من الفضاءات الجزئيّة لكلّ من البنية التناسليّة والبرجوازيّة والخلاّقة. يحتوي الفضاء الجزئي على جملة تشكيلات البنية المعنية في تنوعها وتمايزها. يشكّل الفضاءان الجزئيّان للبنية التناسليّة والبرجوازيّة بحكم تدنّي فاعليّتهما ما نسمّيه بالفضاء الدارويني الذي تتجلى فيه خصال الأنانية والعنف والاستبداد، ونقصر تسمية فضاء الفاعليّة على الفضاء الجزئي الذي تسوده البنية الخلاّقة. بناء على آلية نمو الفاعلية لا يخلو الفضاء الدارويني من حملة الوعي الخلاق، فقد أسهمت جهودهم في النهضات الحضارية وتقدم البشرية، وظلوا مصدراً لإشاعة الأمن والسلم والجمال والمعنى في الحياة الإنسانية. إن أكبر تحدي يواجه البشرية في عصرنا الحاضر يتمثل في كيفية تجاوز الطور الدارويني تحقيقاً لمجتمع الإنسان الخلاق، مجتمع الحرية والعدالة والمساواة. يتطلب هذا الانتقال:
(أ) دال مركزي مفتوح : يقصد بالدال المركزي المرجعية المعرفية التي ينبغي أن تكون مفتوحة، أي نظام معرفي مفتوح يرعى التنوع والاختلاف، ويمنح الفاعل الاجتماعي وعي الفاعلية والتجاوز.
(ب) وجدان كوني: يعني الوجدان الكوني انفتاح الأنا بحيث يكون الإنسان قادرا على العطاء والمحبة لكل البشرية صرف النظر عن العرق والدين والجغرافيا. يتأتى ذلك بتنمية الفاعلية واحتياز بنية العقل الخلاق.
(ج) مشروع حضاري بديل: يتعلق المشروع الحضاري البديل بتجاوز الطور الدارويني للبشرية، طور الأنانية والعنف والاستبداد، لتحقيق مجتمع الحرية والعدالة والمساواة. وهو مشروع يتخلق وينمو ويترعرع داخل الفضاء الدارويني من خلال تقديم النموذج في التضامن والبذل والعطاء والاشتراكية.
(د) القوى الاجتماعيّة الحاملة للمشروع. لا يمكن لقوى اجتماعية تناسلية أو برجوازية أن تحقق الانتقال لمجتمع الفاعلية دون تنمية الفاعلية ويتطلب ذلك تغيير فكرة التناسلي أو البرجوازي عن نفسه كما يتطلب تجاوزه لمرجعيته المعرفية والقيمية، لأن الهوية الذاتية في الأصل هي ناتج برمجة اجتماعية.
(ه) هو انتقال- بالضرورة- سلمي، ديمقراطي وإنساني يعكس فاعلية الفاعلين الاجتماعيين.
بعض المراجع:
2— 2001، التحليل الفاعلي- نحو نظرية حول الإنسان, دائرة الإعلام والثقافة، الشارقة.
(5) Elsheikh, M. 1988. Evolution of Unicellular Organisms in Terms of Vitality Function. Trilogia (Chile), Numero especial, Junio. Santiago, Chile.
(6) Elsheikh, M. 1999. Evolution: A nonlinear irreversible quantum model. Altahadi University. Scientific Journal
(7)- Elsheikh, M. E. 2005. Towards a Science of Faeeliya. Consequentiality, Vol.,1, Human All Too Human. Dena Hurst(ed.), Expanding Human Consciousness, Inc., Tallahassee, Florida, U.S.A. pp.129-152
(8)- Elsheikh, M., 2010. Towards a new physical theory of biotic evolution and development. Ecological Modelling 221 pp. 1108-1118.
(9)- Elsheikh, M., 2014. Discovery of the Life-Organizing Principle. iUniverse Publisher, Bloomington, USA.
(10)- Elsheilh, M. In Search of Quantum Information Biology. Advances in Biosystems. USA. http://researchpub.org/journal/asb/archives.html
(11)- Evolution physical intelligent guiding principle
http://link.springer.com/search?query=&search-within=Journal&facet-journal-id=40974&package=openaccessarticles
(12)- Website: www.lifeprinciple.com


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.