فاجأ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان العالم ليلة الجمعة باعتماده على مواقع التواصل الاجتماعي للتصدي لمحاولة الانقلاب التي كانت ستغير بالكامل ملامح ومستقبل تركيا وعلاقاتها مع الدول الاخرى. وسارع اردوغان ليلة محاولة الانقلاب التاريخية الى اعتماد تطبيق فيس تايم على هاتفه المحمول والمطور من طرف شركة آبل لدعوة الشعب للخروج لوقف التمرد. وقال إردوغان لمقدمة محطة "سي.إن.إن تورك" عبر الهاتف أنه يعتقد أن المحاولة الانقلابية ستنتهي خلال "فترة وجيزة" وقال إن المسؤولين عنها سيدفعون ثمنا باهظا في المحاكم. وإذا كان يعرف عن أردوغان محاربته لوسائل التواصل الإجتماعي خلال السنوات الماضية، غير أنه استخدمها في لحظة حرجة لمخاطبة شعبه وإعادة استقرار بلاده وايقاف حركة التمرد عليه. وتحدى اردوغان المعروف بكرهه للانترنت ولمواقع التواصل وشن الحرب عليها باستمرار شاشة التلفزيون الحكومي التي اقفلتها المجموعة الانقلابية. ولجأ "السلطان" أردوغان الذي طالما اعتبر مواقع التواصل اداة لتخريب الشعوب وتدميرها باسم الحرية الى واحدة منها للاعلان عن تشبثه بالسلطة والحكم. وفي مفارقة غريبة صرح الرئيس التركي من خلال منصة التواصل انه مع الشرعية ومع حق الشعب التظاهر ضد الانقلابيين، وهو الذي طالما اعتبر انها مصدر للفتنة والتفرقة. وظهر أردوغان في اتصال عبر الإنترنت في قناة "سي إن إن تركيا" داعياً الاتراك الى رفض الانقلاب والتجمهر أمام المطار في العاصمة التركية والخروج إلى الشوارع في أنقرةواسطنبول. ورغم أن أردوغان ظهر عبر شاشة هاتف ذكي لا يتعدى حجمه سنتيمترات قليلة، غير أنه تمكن خلال دقائق معدودة من تشجيع مؤيديه على النزول للشوارع والتصدي لوحدات من الجيش حاولت الانقلاب على نظام حكمه. واعتبر مراقبون أن هذه الحادثة تؤكد مرة جديدة أن مواقع التواصل تمثل أداة أساسية في الحراك السياسي. وتعتبر هذه خطوة غير مسبوقة من قبل رئيس دولة، أن يتوجه إلى شعبه في لحظة حرجة قد تغير مسار البلاد، وهي تثبت دور الإعلام الجديد في صناعة الحدث وليس فقط في نقله للعالم. ويقول مدافعون عن حقوق الإنسان إن اسم تركيا برز كواحدة من الدول التي تستخدم حجب الإنترنت بشكل مفرط في التعامل مع الأحداث السياسية. وتفيد منظمة "تركي بلوكس" التي ترصد الرقابة في تركيا بأن الأخيرة حجبت الوصول لبعض المواقع بشكل نهائي أو أبطأت الدخول إليها في سبع مناسبات على مدى العام الماضي. وواجه ارودغان حركة احتجاج واسعة العام 2013 امتدت من اسطنبول الى مدن أخرى، والتي تمت الدعوة لها بشكل خاص على موقع تويتر. ووصف رئيس الوزراء التركي طيب اردوغان تويتر بانه "وباء" على الرغم من ان اعضاء كبارا في حزبه يستخدمونه بانتظام. وقال ان مثل هذه المواقع تستخدم لنشر الاكاذيب عن الحكومة بهدف ارهاب المجتمع. وابطلت محكمة تركية، في وقت سابق قرار الحكومة المثير للجدل بحظر موقع تويتر بعدما نشر الموقع تسجيلات صوتية توحي بتورط رئيس الحكومة بفضيحة فساد. وأتى الحظر بعدما انشغلت وسائل التواصل الاجتماعي، وبشكل شبه يومي بتسجيلات صوتية مزعومة حول تورط اردوغان في فضيحة فساد كبيرة. كما بدأ الحظر على تويتر في 20 آذار/مارس حين توعد اردوغان بوقفه، على اعتبار بذريعة ان الموقع تجاهل "مئات القرارات القضائية" لإزالة روابط الكترونية صنفت غير قانونية. وأشعل القرار ردود الفعل الدولية ليربك اردوغان المنتمي الى حزب العدالة والتنمية الحاكم. ودعت المفوضية العليا للأمم المتحدة لحقوق الانسان، الثلاثاء، انقرة الى رفع الحظر عن تويتر مؤكدة ان عدم قيامها بذلك سيعد انتهاكا لالتزاماتها الدولية في مجال حقوق الانسان. واعتبرت المحكمة الادارية ان الاجراء "مخالف لمبادئ دولة القانون"، حسبما نقلت شبكة "سي ان ان تورك". وكانت كتلة المعارضة النيابية والعديد من المنظمات غير الحكومية تقدمت بشكوى امام القضاء بعد صدور القرار. وقال نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري امرهان هاليشي انه "كان من المستحيل ان يقدر نظام شمولي على اسكات التكنولوجيا". ووصف هاليشي محاولة منع تويتر ب"المخزية"، واعتبر انها خطوة "لم تؤدي سوى الى الاساءة الى وطننا". وقام العديد من مستخدمي الانترنت في تركيا بالالتفاف على قرار حظر تويتر عبر اللجوء الى شبكات افتراضية خاصة او الى خدمة الرسائل النصية على الهواتف المحمولة. ورغم أن لديه حسابا رسميا على تويتر فإن أردوغان قال إنه لا يحب الموقع. وقال في تصريحات سابقة "كما تعلمون فأنا ضد مواقع التواصل الاجتماعي هذه. هناك هجوم كبير علي بسبب ذلك". ويمكن أن تتضمن القيود على الإنترنت التي تأمر بها الحكومات الحجب الصريح أو "الخنق" الذي يعمل على إبطاء مواقع معينة إلى الحد الذي تصبح معه غير قابلة للاستخدام.