في وقت متأخر من مساء أمس الأول تفاجأ المواطنون السودانيون بزيادة أسعار الوقود حيث طلب العاملون في محطات الوقود 27.5 جنيه ثمناً لجالون البنزين بعد أن كان سعره 21 جنيهاً قبل ساعة من ذلك الوقت، وأصبح سعر جالون الكيروسين 18. وسعر الليتر من الجازولين 4.11 جنيه. وشملت الزيادات أسعار الكهرباء لمن يستهلك أكثر من 400 كيلو واط. وقال وزير المالية، بدرالدين محمود، إنهم يستهدفون معدلات نمو في حدود 5.5 للناتج المحلي الإجمالي في موازنة العام المقبل. واستبق بنك السودان هذه القرارات بإصداره جملة من القرارت بهدف السيطرة على سعر صرف العملات الأجنبية حدد بموجبها سعر الدولار مقابل 15.80جنيه سوداني وهو أقل بقليل من سعر السوق غير الرسمي والذي يسمى محلياً بالسوق الأسود، وكان السعر الرسمي السابق 6.5 بالعملة المحلية. ووصف خبراء ومختصون الإجراءات المتعلقة برفع سعر الدولار بنسبة 130٪ مقابل الجنيه، بالتحريرغير المعلن وأوضحوا خطورة هذه الخطوة دون أن تتزامن معها قرارات أخرى. وتم التمهيد لإصدار هذه القرارت الأسبوع الماضي عندما طالب بعض الوزراء والبرلمانيين برفع الدعم نهائيا عن الوقود والقمح والكهرباء،ودعوا لإخراج العاملين بالدولة من الدعم كلياً، مشيرين إلى أنهم(أي العاملون) يستأثرون بستين في المئة من ميزانية الدولة. القرارات التي أعلنت بالليل قابلها المواطنون في صباح أمس الجمعة برفض شديد وشهدت التجمعات في أسواق الخضار والبقالات والمناسبات الخاصة جدلاً كثيفاً، حيث اعتبر كثيرون أن تطبيق هذه القرارات يعني الحكم على الفقراء بالموت جوعاً ومرضاً. وامتد الجدل لوسائل التواصل الاجتماعي خاصة موقع (فيسبوك) الأكثر إنتشاراً لدى السودانيين بجانب (الواتساب) ودعا كثير من الناشطين المواطنين للخروج للشارع تعبيراً عن الرفض القاطع لهذه القرارات. من ناحية أخرى، أعلنت حالة التأهب وسط القوات الأمنية تأهبا لأي تظاهرات. واستعاد الكثيرون أحداث أيلول/سبتمبر 2013 التي نتجت عن تحرير سعر الوقود وصاحبتها أحداث عنف وإفراط في قمعها من قبل السلطات الأمر الذي أدى لسقوط عشرات القتلى قدرهم ناشطون بمئتي قتيل بينما أعترفت الحكومة السودانية بسقوط اقل من مئة قتيل في تلك الأحداث. وشهدت العاصمة السودانية أمس هدوءًا في الطرقات وندرة في حركة المواصلات واعتبر مراقبون أن بداية الأسبوع (الأحد) ستشهد أزمة كبيرة في قطاع النقل حيث ظل أصحاب المركبات العامة يطالبون بزيادة تعرفة المواصلات وستشتد المطالبات بعد زيادة سعر الوقود بنسبة تصل إلى الثلث تقريباً. ولامتصاص غضب المواطنين أعلنت الحكومة زيادة في رواتب العاملين بنسبة 20٪ وزيادة الصرف على الضمان الاجتماعي ومنح العاملين حوافز في الأعياد ورفع بدل الوجبة لمئتي جنيه شهرياً. وأعلن الدكتور أحمد بابكر نهار، وزير العمل أن تطبيق زيادة الأجور للعاملين في الدولة سيتم في الأول من كانون الثاني/يناير المقبل، مشيرًا إلى جهود عديدة تقوم بها الحكومة لتحسين الحال المعيشية للناس. وكان الرئيس البشير الذي أعيد إنتخابه في العام الماضي لأربع سنوات، اعتبر أن هذا العام سيكون لترتيب أوضاع الناس وتسهيل سبل الحياة الكريمة للسودانيين، لكن الحكومة السودانية ابتدرت العام بصدمة وفرضت زيادة كبيرة على أسعار الغاز وفاتورة المياه قبل حلول الربع الأول لميزانية 2016. وفرضت الحكومة زيادة بلغت 200٪على سعر غاز الطهي و100٪على رسوم مياه الشرب في ولاية الخرطوم ابتداء من آذار/مارس الماضي وشهدت الفترة الماضية ارتفاعاً لأسعار غاز الطهي للمرة الثانية خلال أقل من شهرين. ويشتكي المواطنون من ارتفاع أسعار كل السلع والخدمات بشكل يومي دون أي مبررات. وشهد كانون الثاني/ينايرالماضي الإعلان عن فك احتكار استيراد غاز الطهي ووقود الطائرات (جت) والفيرنس والسماح للقطاع الخاص باستيراد هذه المشتقات النفطية. واعتمدت ميزانية هذا العام على الضرائب بنسبة 71٪ لتغطي الفصل الأول البالغ 60٪. واعتبر خبراء أن (البطالة) هي أكبر المؤشرات التي تحتاج لحلول حيث بلغت 19.2٪ وتعني أن مليوني مواطن يبحثون عن العمل ضمن القوى العاملة التي تبلغ 9 ملايين. وكانت مجموعة البنك الدولي قد طالبت السودان في أيلول/سبتمبر الماضي بالتحوُّل الهيكلي وتنويع النشاط الاقتصادي وقدمت المجموعة مُذكِّرة اقتصادية للسلطات السودانية احتوت على دراسة تحليلية ومشورة بشأن تسريع وتيرة التحوُّل الهيكلي وتنويع النشاط الاقتصادي. وقالت المُذكِّرة إن الوصول إلى اقتصاد أكثر تنوُّعاً لا يعتمد على الموارد الطبيعية وحدها، بل يستلزم أن يتخذ السودان مجموعة متنوعة من الإصلاحات المؤسسية الاقتصادية الكلية والقطاعية لإيجاد مسار أكثر استقراراً للنمو.