بعد أداء اليمين الدستورية لرئيس الوزراء بكري حسن صالح عقد الرئيس مؤتمراً صحفياً، أبرز ما جاء فيه أن (الكيكة) صغيرة، و(الأيادي) كثيرة، في إشارة إلى تقاسم السلطة بين أحزاب الحوار الوطني أمس- وتبعاً لذات التصريحات- أعلن رئيس الوزراء، أن الحكومة الجديدة لن تشمل إضافة حقائب وزارية جديدة، ومنح الأحزاب المشاركة في الحوار فترة محدودة لتدفع بقوائمها للحاق بحكومة (الوفاق الوطني)، وأن الحكومة الجديدة مطلوب أن تكون رشيقة، قفل الباب أمام زيادة حقائب وزارية جديدة يبدو أشبه بالمستحيل، ليس لأن الأحزاب المشاركة عددها أكثر من الهم في القلب.. فقط لأن هذا الحديث- حديث الحكومة الرشيقة- ظل يُردد منذ انفصال جنوب السودان.. والنتيجة حكومة ذات قاعدة عريضة.. بعد انفصال جنوب السودان كان الاقتصاد يتهاوى، وهبط الجنيه مباشرة بعد الانفصال الذي ذهب بالنفط جنوبا، كان المتوقع، بل الطبيعي، وقتها، وفقا للواقع الاقتصادي أن تتشكل حكومة رشيقة تُخفف الإنفاق الذي أنهك الاقتصاد المنهك أصلاً، لكن الذي حدث بعد حل الحكومة العريضة أن أعلنت حكومة أعرض من سابقتها؛ حيث تضاعف عدد الوزراء، بدلا من وزير دولة واحد، أصبح هناك عدد 2 وزير دولة في بعض الوزارات، وهي وزارات لا تستحق أكثر من أن تكون إدارات.. ثم تتالت الحكومات العريضة، وابتكار الوزارات لكل مجموعة توقع اتفاق (سلام) مع الحكومة.. ذات السيناريو الآن يتكرر، الترويج لحكومة رشيقة.. والأحزاب المشاركة تتحسس مقاعدها، الحركات التي تم شقها لمشاركة بعض فصائلها في الحوار، تنتظر حصتها، الشعبي يرى أنه أحق الأحزاب بحسن صحبة الحكومة الجديدة، الأحزاب الأخرى تنتظر رد الجميل؛ لصبرها على حوار ثلاث السنوات.. أما الشارع فهو مهموم بتشكيل الحكومة لسبب واحد، وهو، كم عدد الفواتير التي من المنتظر أن يدفعها المواطن لضيوفه الجدد من الأحزاب.. واحدة من الأزمات- التي يتحملها المواطن على حساب وجبته وعلاجه وتعليمه- هي أن الحكومة تستخدمه لإنجاز صفقاتها السياسية، التي ما زادت الوضع إلا سوءا.. حاجتنا قبل الحكومة الرشيقة إلى إرادة سياسية تقدر على تنفيذ التزاماتها.. أقل من رُبع هذا الجيش الجرار الذي ينتظر نصيبه من (الكيكة) من وزراء، مساعدين، مستشارين وغيرهم، والدستوريين يمكن أن يُسير الأمور.. لكن حينما يكون كل شيء في أصله (كيكة)، فهذه النتيجة.. إذا ما انصرف النظر إلى البحث عن الحل الجذري مباشرة لن نحتاج إلى رهق تقسيم (الكيكة)، لكن الذي يحدث أنه باتت الترضيات والتسويات هي الحل، تماماً، أصبحت (الكيكة) هي الأزمة.. وكل ذلك على حساب علاج وتعليم وغذاء المواطن، يقسم دخله ليصرف على حكومة كاملة، لا تقدم له إلا المزيد من المعاناة. التيار