«الرأسمالية غير عادلة بطبيعتها وسوف تنتج عالمًا مليئًا بالتفاوتات المحزنة والمثيرة للاشمئزاز، لكن الشيوعية هي أيضًا نظام محكوم عليه بالفشل»، هذا ما أثبته عالم بارز ذكر أنه استخدم قوانين الفيزياء في إثبات هذه الأمور. قال البروفيسور أدريان بيجان لصحيفة الإندبندنت البريطانية، إنه متحمس جدًا من الآثار «الضخمة» لنظريته لدرجة أنه اضطر إلى «قرص نفسه» ليتأكد أن الأمر حقيقي. وبيجان هو عضو سابق في فريق كرة السلة الوطني الروماني، وهو الآن خبير في الديناميكا الحرارية وميكانيكا السوائل في جامعة ديوك في الولاياتالمتحدة، بعد أن كتب 30 كتابًا وأكثر من 600 ورقة علمية. بهذا القول يدعي بيجان الآن أنه قد أظهر أن الفيزياء يمكن لها أن تفسر الاقتصاد بشكل أساسي. وقد اعتبر عدم المساواة عاملًا هامًا في انتخاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، كما أنها عامل رئيسي لتصويت البريطانيين نحو الخروج من الاتحاد الأوروبي. ووفقًا لمنظمة أوكسفام، فإن أغنى ثمانية رجال يمتلكون نفس الثروة التي يتمتع بها أفقر 50% من إجمالي سكان العالم. وقال البروفيسور بيجان إنه من الممكن تفسير كيف يمكن لهذا التفاوت أن يتطور من خلال إثبات أن الثروة تتحرك في مجتمع مثل المياه التي تسير في النهر باستخدام قوانين الفيزياء. ففي بيئة طبيعية، تتدفق المياه من روافد صغيرة إلى تيارات أكبر وأكبر. ووفقًا لنظرية بيجان، فإن الشيء نفسه ينطبق على المال. لذلك، في نظام السوق الحرة، سوف تتدفق الثروة بشكل طبيعي من الأشخاص الأفقر في الروافد الصغيرة إلى الأشخاص الأغنى في الأنهار الواسعة. باستخدام هذا القياس، فإن الشيوعية تمثل نظامًا يحاول تقييد تدفق المياه إلى شبكة من القنوات الخرسانية المتساوية في الحجم، والتي قال بيجان إنه حتمًا سيجري التغلب عليه من قبل قوى الطبيعة. ولكن، كما أن البشر أحيانًا يسخرون الأنهار لإنتاج الطاقة أو تحويل مجراها حول المدن، فمن الممكن تغيير تدفق الأموال في المجتمع. هذا هو بالضبط ما تقوم به الديمقراطيات الليبرالية في جميع أنحاء العالم عبر استخدام تدابير مثل التعليم المجاني والرعاية الصحية، وأنظمة مكافحة الاحتكار تهدف إلى منع الشركات الكبيرة من إساءة استخدام سلطتها، وسيادة القانون. وقال بيجان «أريد أن أرى تفاوتًا أقل في توزيع الثروة. أنا لا أحزن فقط، ولكن أشعر بالاشمئزاز من قبل ذلك». وأوضح أن رغبته هي مرادفة لمحاولة جعل جميع القنوات في حوض النهر لها حجم واحد. إلا أنه قال إن رغبته في الحصول على نفس المبلغ من المال «غير مجدية». وأضاف «من أجل أن ينمو التدفق ويزداد، يجب أن يكون له حرية، لذلك لا يقوم أحد ببناء مجموعة من القنوات الإسمنتية في مجرى النهر أو يجعل مجرى النهر محاطًا بجوانب خرسانية». وأشار إلى أن القنوات الصغيرة تتدفق بسبب القنوات الكبيرة، والقنوات الكبيرة تتدفق بسبب القنوات الصغيرة. وشرح الأمر قائلًا إنه «إذا كان كل التدفقات تسير في أفضل طريقة ممكنة، فإن الجميع مخول له أن يتدفق والوصول إلى الجميع سيصل إلى أقصى حد ممكن ... إلى تدفق كبير». وتابع «نعم، يقوم الناس بإعادة توجيه قنوات النهر لمحطات الطاقة الكهرمائية أو لجعل تدفق النهر حول مدينة، ولكن الحوض لا يتأثر إلى حد ما حتى أنه مجرى النهر يثور ضد التدخل البشري». وبالتالي فإن أي تدخل ثقيل من هذا القبيل في الاقتصاد سوف يحدث عليه انقلاب من قبل مجرى النهر نفسه. وقال بيجان «لهذا السبب كان من الصعب دائمًا التعامل مع التوزيع غير المتكافئ للثروة»، فمعنى أنك تريد تغيير النظام الاقتصادي «الطبيعي» الذي يتمثل في تغذية أكبر للأغنياء وثرواتهم من قبل الفقراء، فأنت في هذه الحالة تقوم بالتدخل بعنف في مجرى تدفق النهر الطبيعي. لكنه أضاف إن صعوبة الأمر لا تعني بالتبعية أن الأمر مستحيل. وقال «ما هو واجب على الشخص الحاكم أو المجتمع ككل هو أن يكون على بينة من الميل الطبيعي للحركة ومن ثم يجري استخدام التدفق من أجل منح التدفق هذا ميزات أفضل للجميع الذي يركبون في ذلك التدفق». وحذر من أن مجرد السماح بسوق حر بشكل كامل خال تمامًا من أي تدخل بشري يعني أننا سنشهد «توزيع الغرب المتوحش» مع «عدم وجود سيادة للقانون للحد من التوزيع غير المتكافئ» للثروة. وأضاف أن هذا هو المكان الذي تجد فيه تباينًا كبيرًا بين الأغنياء والفقراء بصورة مؤسفة. وذكر أن سيادة القانون تتغير باستمرار. «هذا هو الاختراع العظيم الذي قام به الغرب وجعلوا منه أداة تأثير نحو الحفاظ على التوزيع غير متكافئ لكل شيء يتعلق بالثروة والاقتصاد». وذك أنه من المهم جدًا أن يعرف الناس قبل كل شيء لماذا من الصعب تنفيذ ما هو في الواقع رغبة مشتركة، والتي هي في الأساس العيش معًا بسعادة. فالفيزياء توضح لماذا كانت تجارب مثل الشيوعية محكوم عليها بالفشل، ولماذا الاشتراكية مشروع صعب. وشرح بيجان الفيزياء وراء نظريته المثيرة هذه في ورقة نشرت في مجلة الفيزياء التطبيقية. وجاء في البحث أن النقطة الرئيسية هي أن الثروة وأي نوع من أنواع «الحركة»، والتي تمثل جزءًا أساسيًا من الحياة، هما أمران مترادفان بشكل أساسي. فالحركة تتطلب نوعًا من الطاقة التي يمكن أن تأتي من الوقود المستخدم في تحريك الآلات كالسيارات أو الطاقة الشمسية أو الغذاء للحيوانات. ويظهر رسم بياني – جاء في الورقة البحثية – أن كمية الوقود المستهلكة من قبل دولة ما تتناسب طرديًا مع ناتجها المحلي الإجمالي. وبما أن كل حركة على الأرض هي حركة تراتبية (مرتبة في صورة تصنيف ما)، مثل حوض النهر أو شجرة ذات فروع أصغر وأصغر، أو الرئة البشرية وتفرعات الشعب الهوائية أو حركة المرور في مدينة – والحركة والثروة هما شيئان مترادفان، فيجب بالتالي أن تكون الثروة أيضًا هرمية أو غير عادلة في ترتيبها. غير أن البروفيسور جيريمي باومبرغ، مدير مراكز نانوفوتونيك في جامعة كامبريدج، أظهر عدم اهتمام واضح بهذه النظرية الجديدة. وقال «يبدو لي أن هذه الورقة البحثية مكتوبة بشكل سيء للغاية، وبها خلط للعديد من الأفكار بشكل مزعج وغير واضح». وقال إنه لا يعتقد أن هذه الورقة تمثل حتى نظرية جديدة، لذلك «لا أرى لها أي آثار ضخمة». وقال البروفيسور فرانك كلوز، وهو عالم فيزياء في جامعة أكسفورد، إن هذا العرض يشبه ما يفعله الرئيس الأمريكي الحالي عندما يقدم أمرًا ما، مضيفًا «يبدو أن كلمة ضخمة هي كلمة ترامب المفضلة، وربما هي ليست الكلمة المناسبة ليستخدمها أي شخص هذه الأيام لما تحمله من نظرة سلبية مرتبطة بالرئيس الأمريكي المثير للجدل». واختتم قائلًا «أقترح أن يجري دعوة المؤلفين للقيام بتنبؤ واضح أن الفشل في القيام به قادر على دحض نظريتهم. وإلا فإن هذا الأمر لا يمثل فيزياء جيدة»، حسب وصفه. (علاء الدين السيد – ساسة بوست).