إسحق أحمد فضل الله يكتب: (تعليل. ما يجري)    الأهلي مدني يدشن مشواره الافريقي بمواجهة النجم الساحلي    حمّور زيادة يكتب: السودان والجهود الدولية المتكرّرة    إبراهيم شقلاوي يكتب: هندسة التعاون في النيل الشرقي    حوار: النائبة العامة السودانية تكشف أسباب المطالبة بإنهاء تفويض بعثة تقصّي الحقائق الدولية    الأهلي الفريع يكسب خدمات نجم الارسنال    الطاهر ساتي يكتب: بنك العجائب ..!!    «تزوجت شقيقها للحصول على الجنسية»..ترامب يهاجم إلهان عمر ويدعو إلى عزلها    صحة الخرطوم تطمئن على صحة الفنان الكوميدي عبدالله عبدالسلام (فضيل)    يرافقه وزير الصحة.. إبراهيم جابر يشهد احتفالات جامعة العلوم الصحية بعودة الدراسة واستقبال الطلاب الجدد    بيان من وزارة الثقافة والإعلام والسياحة حول إيقاف "لينا يعقوب" مديرة مكتب قناتي "العربية" و"الحدث" في السودان    حسين خوجلي يكتب: السفاح حميدتي يدشن رسالة الدكتوراة بمذبحة مسجد الفاشر    وزير الزراعة والري في ختام زيارته للجزيرة: تعافي الجزيرة دحض لدعاوى المجاعة بالسودان    بدء حملة إعادة تهيئة قصر الشباب والأطفال بأم درمان    نوارة أبو محمد تقف على الأوضاع الأمنية بولاية سنار وتزور جامعة سنار    لجنة أمن ولاية الخرطوم: ضبطيات تتعلق بالسرقات وتوقيف أعداد كبيرة من المتعاونين    المريخ يواجه البوليس الرواندي وديا    هجوم الدوحة والعقيدة الإسرائيلية الجديدة.. «رب ضارة نافعة»    هل سيؤدي إغلاق المدارس إلى التخفيف من حدة الوباء؟!    الخلافات تشتعل بين مدرب الهلال ومساعده عقب خسارة "سيكافا".. الروماني يتهم خالد بخيت بتسريب ما يجري في المعسكر للإعلام ويصرح: (إما أنا أو بخيت)    شاهد بالصورة والفيديو.. بأزياء مثيرة.. تيكتوكر سودانية تخرج وترد على سخرية بعض الفتيات: (أنا ما بتاجر بأعضائي عشان أكل وأشرب وتستاهلن الشتات عبرة وعظة)    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. حصلت على أموال طائلة من النقطة.. الفنانة فهيمة عبد الله تغني و"صراف آلي" من المال تحتها على الأرض وساخرون: (مغارز لطليقها)    شاهد بالفيديو.. شيخ الأمين: (في دعامي بدلعو؟ لهذا السبب استقبلت الدعامة.. أملك منزل في لندن ورغم ذلك فضلت البقاء في أصعب أوقات الحرب.. كنت تحت حراسة الاستخبارات وخرجت من السودان بطائرة عسكرية)    ترامب : بوتين خذلني.. وسننهي حرب غزة    أول دولة تهدد بالانسحاب من كأس العالم 2026 في حال مشاركة إسرائيل    900 دولار في الساعة... الوظيفة التي قلبت موازين الرواتب حول العالم!    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل خاص حضره جمهور غفير من الشباب.. فتاة سودانية تدخل في وصلة رقص مثيرة بمؤخرتها وتغمر الفنانة بأموال النقطة وساخرون: (شكلها مشت للدكتور المصري)    محمد صلاح يكتب التاريخ ب"6 دقائق" ويسجل سابقة لفرق إنجلترا    السعودية وباكستان توقعان اتفاقية دفاع مشترك    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    غادر المستشفى بعد أن تعافي رئيس الوزراء من وعكة صحية في الرياض    دوري الأبطال.. مبابي يقود ريال مدريد لفوز صعب على مارسيليا    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    الشرطة تضع حداً لعصابة النشل والخطف بصينية جسر الحلفايا    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العنصريًة : الأمر أسوأ بكثير ممًا نتصوًر
نشر في حريات يوم 10 - 04 - 2017

من الصعوبة الخروج من الورطة التي نحن فيها و إيقاف التدهور المريع الذي أضاع حقوق المواطن السوداني ما لم نعرف التشخيص الصحيح للمشكلة ، دفن رؤوسنا في الرمال أو العيش على أمانٍ كاذبه و أوهام لا وجود لها لن يزيد المشكلة إلاً تعقيداً…، الواجب معرفتة قبل كل شئ موطن الداء….، كيف يحكمنا نظام أساسه التمييز العنصري و نحن أمًة يعود تاريخها لأكثر من خمسة آلاف سنة قبل الميلاد ، أين الخلل؟ ….، كل من يأنس في نفسه الكفاءة يمكنه عمل المزيد من البحوث و الدراسات حول مواطن الخلل و البحث عميقاً في أي ركن من أركان المشكلة الأساسيًة .. العنصريًة و الفساد و الفقرو الجهل.. حتًى نستطيع رؤية النور في نهاية النفق الغيهب يرشدنا الطريق الصحيح لبر الأمان…
الحديث هنا مكمًل للمقال السابق تحت الرابط : https://www.alrakoba.net/news-action-show-id-270907.htm
حسب اعتقادي الشخصي يوجد تشابه كبير بين وضع السودان الحالي و الوضع الذي كان سائداً في رواندا بداية التسعينات من القرن الماضي، و قبل الولوج إلى النقطة التالية علىً التوقف هنا قليلاً…
الحقيقة التي يجهلها الكثيرون هى أنً الهوتو و التوتسي في رواندا مضرب المثل في التطهير العرقي لا هى قبائل و لا أمم و لا حتًى مجموعات على اساس قومي أو اثني … إنًما تسميات على أساس طبقي (مصطلح الهوتو يستخدم للفقراء الذين يمتهنون الزراعة و يشكلون 85% من الروانديين ، و مصطلح التوتسي يستخدم للأقلية ممن يمتلكون الثروة و هم الرعاة و يشكلون 15% فقط من السكان..) و كان بالإمكان الانتقال بكل سهولة و التحول من توتسي إلى هوتو لمن بلغت ثروته حداً معيناً و العكس صحيح، … ليس هذا فحسب، من الشائع أن يكون الأب أو الأخ توتسي و الابن أو الشقيق هوتو و العكس ، جاءت سلطة الاحتلال البلجيكي و أصدرت بطاقات هوية خاصة بالهوتو و أخرى خاصة بالتوتسي يظل بموجبها الهوتو مدى الحياة و التوتسي كذلك، و لم تكتفي ، قلبت موازين القوى بحيث عاقبت التوتسي و أخضعتهم لصالح الهوتو و فرضت تمييزاً عنصرياً ضدهم و حولتهم لمواطنين من الدرجة الثالثة ما قاد لتمردهم على الوضع و حدوث كارثة التطهير العرقي المعروفة و نتيجتها 800 ألف قتيل من التوتسي خلال مئة يوم فقط من المذابح الجماعية عام 1994على يد الهوتو قتل فيها الأزواج و الأشقاء و الأقارب بعضهم بعضاً ..، التشابه بين حال رواندا قبيل المذبحة و سودان اليوم يكاد يكون بنفس النسب حيث الناس مصنفون على أساس أنًهم مع النظام – توتسي أو ضحايا لسياسات النظام (هوتو) مع فارق بسيط…، ما لم تتغيًر هذه المعادلة لن يمضي علينا وقت طويل لتكون النتيجة أسوأ …، هذه الفرضيًة تقودنا لمقارنة من نوع آخر ..
أوجه الشبه بين المشروع الحضاري و مشروع السودان الجديد أكثر من أوجه الاختلاف بينهما بكثير، و مع أنً دستور الحركة الشعبية الصادر في التاسع من أكتوبر عام 2013 و كذلك دستور السودان الحالي لا يحتوي أي منهما عبارات تمييز اللهم إلاً إقراركلاهما التمييز الايجابي لصالح المرأة ، المفارقة العجيبة… تمييز النظام ضدَ المرأة هو الشئ الوحيد الذي يوجد في القوانين أو بالأحرى لا يوجد نص قانوني يعاقب فاعله، لا أتحدًث هنا عن الختان وحده أو عدم المساواة مع الرجل….، بخلاف أنًه مخالفة صارخة لحقوق الانسان دون مواراة و انتهاك للقانون الدولي و مواثيق الأمم المتحدة، ما أعنيه هنا فتاوي علماء النظام الموثًقة بجواز زواج الفتاة قبل بلوغها سن الرشد و في هذا تمييز ضدً المرأة ينطبق عليه كل حرف ورد في تعريف العنصريًة….
نظام الحكم القائم على العدالة والحرية والمواطنة المتساوية بلا تمييز ،وإحترام التعدد الدينى والثقافى لشعوب السودان ومساواة النوع موجود في دستور المشروعين…، إلاً أنً الواقع مختلف كليًاً … حسبنا القول أنً كلاهما يقوم على التمييز و كلاهما مشروعان راديكاليان ينتهجان القوًة العسكريًة وسيلة أوحد لتحقيق ما يهدفان إليه ،حتًى أن كلاهما يجاهران بالانحياز و التمييز فالمشروع الحضاري يتنتهج مبدأ التمكين و التمييز بشكل مباشر، مشروع السودان الجديد يقوم على أساس التمييز و إن إدعى خلاف ذلك…، و لأنً المقارنة بين المشروعين ليست موضوع الحديث سأكتفي بأمثلة ذات علاقة بالموضوع، مشروع النظام (الحضاري) يوهم النًاس أنًهم بحاجة إلى الحماية من أنفسهم أولاً و ضدً مشروع السودان الجديد القائم على العنصريًة و يوهمهم أن لا أحد يستطيع حمايتهم إلاً هو (النظام) و عليهم أن يخضعوا له في المقابل لأنًه ليس في حاجة لهم و إن لم يستجيبوا سوف يتعامل معهم على طريقته ، كذلك مشروع السودان الجديد يوهم النًاس (أهل مناطق النزاعات على وجه الخصوص) أنًهم بحاجة إليه لأنًه ترياقهم الشًافي و السبيل الأوحد لحمايتهم ليس فقط ضدً مشروع النظام و إنًما دولة الجلاًبة جميعهم (كلهم سواسية بنظره) و هو ليس في حاجة إليهم و إن لم يتعاونوا سيتعامل معهم على طريقته، مشروع السودان الجديد قام على فرضيًة أنً الجلاًبة دخلاء على السودان لذلك يجب أن يبتروا أو تنزع شوكتهم على الأقل لصالح دولة السودان الجديد المزعومة ، حافزه هنا الوعد بتمييز إيجابي لصالح الهامش على حساب المركز*، المشروع الحضاري قام على فرضيًة أنً من لم ينتسب للحزب الواحد أو يتعايش معه صاغراً يجب قتله أو على الأقل حرمانه من حقوق المواطنة… ، كلاهما يستهدف جميع السودانيين لخدمته…، سأكتفي بهذا تجنباً للإطالة…
المزيد من الأدلًة على صحة ما ذكرته يعلمها معظم النًاس، و موموجوده في كل بقاع السودان و ليست حصراً على منطقة بعينها ، مجزرة البجة و تهجير المناصير قسراً و إغراق أراضيهم بما فيها و رفض تعويضهم و مصادرة أراضي الأهالي لصالح المستثمرين الأجانب (الجريف نموذجاً) و تدمير مشروع الجزيرة بهدف نزع أراضي المزارعين بعد إجبارهم على هجرها و النزوح و سيطرة البنوك علىها و بيعها لصالح منتسبي النظام و الأجانب مثل الصينيين و غيرهم، و التواطؤ على توطين الأمراض القاتلة للزرع و استجلاب الأسمدة و المبيدات الفاسدة و التقاوي منتهية الصلاحيًة و حرق مزارع الأهالي في الشمال بفعل فاعل و إقامة مصانع السيانيد و تهجير أهالي كجبار لصالح دول أخرى و قتل الأطفال بالرصاص داخل الخرطوم ..و غيرها آلاف الأحداث كلها ينطبق عليها تعريف العنصريًة التي يمارسها النظام ضد الشعب السوداني بأكمله…، و طالما أنً الحديث عن مشاريع تنفيذيه تقوم على أساس العنصريًة إذاً هذا يثبت أنً العنصريًة في السودان لا علاقة لها بقبيلة أو عرق بل مشاريع وضعها و ينفذها أناس لمصلحتهم الشخصية رغماً عن المواطن العادي بل تفترض فيه عدم التأهيل و عدم معرفة ما و ما ينفعه، تنظر إليه من علي و تتعامل معه رهينةً لإرادتها ، لذلك من يمارس العنصرية لخدمة مشروعه بلا وازع ديني أو اخلاقي هو النظام بشواهد دامغة لا يمكن إنكارها و كذلك الحركات المسلًحة التي تستميت في الترويج لأنً النظام يستهدف مناطق النزاعات الملتهبة دون سواها و أنً جميع "الجلاًبة" عنصريًون ..، أحدث دليل على هذا ما صدر عمًا يسمًى "مجلس تحرير جبال النوبة" في دورة انعقاده الأولى في 6 مارس 2017 و قراراته العنصريًة التي جرًد فيها السيد/ ياسر عرمان من كل شئ و بجرًة قلم و اقرً حق تقرير المصير و تبنًى كل ما جاء في خطاب استقالة السيد/ عبد العزيز الحلو و التي حمًل فيها الجلاًبة دون استثناء ما يحدث من ويلات في مناطق النزاعات…، و بصرف النظر عن الخلافات التي طفت على السطح فيما يتعلق بمشروع السودان الجديد …، التكتلات التي نشأت في جسم الحركة الشعبية بعد الجسم الجديد للنوبة و انفصال جنوب السودان من قبل أثبتت فشل مشروع السودان الجديد و تحوله لمصنع دائم للافرازات التي تؤدي لتفكك الدولة السودانيًة القائمة على أساس عرقي و عنصري و ليس سوداناً جديداً كما كان المشروع في بدايات عهده الشئ الذي نزل برداً و سلاماً على نظام يبحث عن أي شئ يبرر به تفكيك الدولة السودانيًة…
السؤال المهم: كيف نبطل أهداف النظام و نفوت الفرصة على دعاة العنصرية..؟ فهم أهدافهم و الوعي بمخططاتهم …، يجب أن يدرك الشعب السوداني أهداف النظام الحقيقيًة و أنً الجميع تحت مرمى العنصريًة طالما أنًهم (الشعب) بشر أسوياء تحكمهم أخلاقيًاتهم و انسانيتهم…إدراك أهدافهم و إبطالها هو الأهم الواجب التزامنا به طالما أننا جميعنا في مرمى نيرانهم.. ، يجب أن لا نتعاطف أو ندعم أو نتعاون مع أي من المشروعين فهذا هو السبيل الأوحد لهزيمتهما معاً..، كيف يتم ذلك؟ هذا يحتاج لحملات توعويًة جبًارة لا تجد من يقوم بها …
الجدير بالتركيز هنا: تمييز النظام ضد غالبية الشعب لصالح أقلية على أساس الولاء و التبعية و هذا واضح و ثابت تترجمه امتيازاتهم على كافة المستويات و يوضحه أكثر مستوى معيشتهم مقارنةً بعامًة الشعب، أساس التمييز هنا ليس العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو الاثني و هذه بحد ذاتها معضلة كبيرة تخرجنا عن الاحتكام (لتعريف العنصريًة ) أصحاب الامتيازات هنا ليسوا عرقاً بعينه أو يتشاركون في لون بشرتهم و لا أصلهم القومي أو الاثني و إنًما الأساس هنا الولاء السياسي ، نفس الحال ينطبق على ضحايا التمييز فهم مستثنون من التمتع بحقوق المواطنة (الاستثناء) و توضع أمامهم العراقيل التي تحول دون حقوقهم في العيش الكريم ( العرقلة ) ، مشروع النظام التمكيني ما هو إلاً تمييز لأقليًة تنتمي لمجموعة واحدة و طالما أنًننا نتحدث عن تمكين إذاً هو لا يستهدف تعطيل أو عرقلة الاعتراف بحقوق الإنسان والحريات الأساسية أو التمتع بها فحسب، بل يستهدف حرمانه من كل شئ بما في ذلك حقوقه حتًى في المواطنة ، و بالضرورة فهو لا يتعامل مع الشعب السوداني على قدم المساواة، في الميدان السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي أو في أي ميدان آخر من ميادين الحياة العامة"..( تعريف العنصريًة في المقال الأوًل).
وجه الاختلاف المتعلًق بموضوع حديثنا هو أنً تعريف العنصريًة ينطبق تماماًعلى مشروع السودان الجديد فهو يقوم بدرجة كبيرة على اساس الأصل الاثني و العرقي أي أنًه عنصريًة بامتياز إن شاءت له الأقدار أن يستولي على السلطة ، أمًا تمييز النظام يقوم على أساس الولاء السياسي و هو بدوره أخطر من العنصريًة بمفهومها المعروف (حالة رواندا قبل المذبحة).
الحقيقة تقول بأنً المشروع الحضاري و مشروع السودان الجديد بدأت مشروعات حقيقيًة جذبت أناس كثر بديلاً للطائفيًة و إلى حدٍ ما اليسار المتكلٍس و انتهى بها المآل ( جميعها) إلى ما نشهده اليوم من قبح لا مثيل له أعيى حدود المصطلحات و الوصف..
لا ينبغي الحديث عن عيوب مشروعي النظام و الحركات المسلًحة بهدف تداول سوءاتهما دون اقتراح حلول..المعالجة تتجسًد في خطًة عمل واضحة تتضمًن برنامج يستوعبالجميع بدأت الحديث عنه سابقاً من وجهة نظر شخصيًة تحتمل الخطأ و الصواب و تخضع للنقد و التصحيح أو الرفض مع اقتراح بديل أفضل..، ما يهم في الأمر أنًنا بحاجة إلى خطًة عمل تخرجنا ممًا نحن فيه تشمل بالضرورة برنامج يحل مشاكلنا القائمة و على رأسها العنصريًة، من السهل جداً نقد تجارب الآخرين خاصًة إن كانت كارثيًة كما هو الحال.. ، و بنفس القدر ، ليس من الصعوبة إيجاد برنامج بديل يجسد حلاً حقيقياً لمشكلاتنا القائمة فالعديد من أبناء الشعب السوداني لديهم الامكانات الفكريًة استفادت منها دول كثيرة ليس من بينها وطنهم لسبب أنًهم نأوا بأنفسهم و النتيجة حصاد هشيم…، حان الوقت لنتًحد معاً لإيجاد حل لمشكلاتنا و عدم ترك السًاحة لأصحاب الفكر المريض و المستفيدين من الحرب و العنصريًة على حساب المواطن السوداني الذي يناضل من أجل البقاء في ظروف أصبح من بباطن الأرض أفضل ممًن هو على ظهرها…
من استعصت عليه المشاركة بنفسه يمكنه المشاركة بماله أو أفكاره، و كوننا لا نعرف كيف نبتكر أو نطور خطًة عمل.. ، بخلاف أنًه نقص كبير في حقنا ، الاقرار به لا يعفينا من تحمًل المسؤوليًة و القيام بواجباتنا تجاه أنفسنا و وطننا …، و أخيراً إن قرًر البعض ممًن يمكنهم المساهمة في التغيير عدم المشاركة و استعصى الأمر عليهم فليفعل المؤمنون مثلما فعله شباب حركة أوتوبور في صربيا أو نستحضر تجربة حركة الحقوق المدنيًة الافريقيًة كتجارب قادها شباب تجاوزوا الكيانات المتهالكة في بلدانهم…. ، أقلًها نكون قد كسبنا أجر المحاولة و ربًما استطعنا يوماً الرد على سؤال أطفالنا ضد اتهامنا بالتفريط في مصيرهم و تركهم للمجهول.
أي مشروع يجب أن يبدأ بإسقاط النظام الحالي لأنًه يجسًد المعضلة الكبرى، لا يمكن لأي محاولة لرأب الصدع أن تنجح بدونه… ، هذا لا يتم بالتمنٍي أو العيش في أوهامٍ لا وجود لها إنًما يتطلًب وجود حركة مقاومة مدنيًة حقيقيًة على الأرض هدفها الأهم واحد و هو التغيير… بعكس ما يعتقد البعض، ليس من مصلحتنا تأجيل خلافاتنا … يجب أن نثير كل خلافاتنا و نضعها على الطاولة و نصعدها لأقصى درجة حتًى نقف على ما نحن متفقون بشأنه و نصل إلى اتفاق ملزم لما أختلفنا بشأنه إلى حين إيجاد أرضيًة مشتركة لما يتحدث عنه الناس كثيراً (مؤتمر دستوري قومي شامل) ليضع الجميع أفكارهم و نخرج برؤية واحدة…، نظريًاً الأمر سهل ، ..بالتجربة و على مدى عمر النظام لم تستطع أي فوًة إنزاله على أرض الواقع لأسباب معلومة كل ما قد يخطر على بالكم صحيح..، حان الوقت كي نحصيها عدداً و نعمل بكد من أجل ضمان عدم تكرارها دون إقصاء أو تسفيه لدور أحد… نجاح هذه الطريقة يتطلًب شرطاً واحداً هو الإرادة.. بدون استيفاؤها سيظل الحال كما هو عليه منحدراً دوماً نحو الأسوأ و لا اتجاه معلوم غير الأسفل..
آخر محاولاتنا لإسقاط النظام فشلت ليس لعيب في الوسيلة إنًما غياب الإرادة و هذا موضوع آخر يطول الحديث عنه…، لماذا لا تتوفر إرادة؟ لقلًة الوعي بمخططات النظام و عدم وجود خطة عمل واضحة لإبطالها فقد اقتضت قوانين الحياة أن يكون البقاء دوماً للأقوى و ليس من يمتلك الحق لأنًه بدون قوًة تحميه لا يمكن للحق أن ينتصر ، غياب قيادة شبابيًة حقيقيًة بالداخل بحجم التحدي حال دون مواصلة مشوار العصيان المدني الشًامل، أضف لذلك أصوات المرجفين من حملة الأفكار المتكلٍسة ، فاقدة الصلاحيًة ، دعاية الفلول من أصحاب المصالح المتقاطعة مع التغيير وجدت آذاناً صاغية أضاعت الفرصة فأتى دور عجاف البغاث من كتائب الجداد الالكتروني لتكمل المهمًة…هذا الحديث يقودنا مباشرةً لما ابتدرت به المقال الأوًل ، نريد قيادة واعية داخل السودان تنقل طريقة تفكير النًاس من مرحلة "البلد انتهت" إلى مرحلة "التغيير ممكن" و لا أحد سوانا يستطيع إنجازه…كيف يحدث هذا؟ الأمر بيدنا و ليتعامل كل من يقرأ مع السؤال على أنًه موجًه له شخصيًاً…
تبقًى لنا المحور الأخير … نشر نتائج الدراسة و الملاحظات بشأنها، هذا سيكون موضوعنا القادم بمشيئة الله..
مصطفى عمر
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.