الوهم بعينه من يعتقد أن الولاياتالمتحدةالأمريكيةوروسيا تلعبان دورا مهما في أحداث التغيير في السودان ، هذا الغرب يفكر جيدا عبر دراسات وأبحاث لتحقيق مصالحه بعيدا عن مصالح شعوب العالم الثالث التي ترزح تحت نيران الحروب الاهلية والحكومات العربية والعسكرية ، في الغرب اجهزة المخابرات تقوم بأدوار في غاية السرية في احداث اختراقات خطيرة في ملفات مختلفة لحماية المصالح العليا لدولها عكس اجهزة المخابرات في دولنا التي يقودها فاقدي الضمير الإنساني و الساقطين في شلالات الدماء ، غير ابهين بالتخطيط والدراسات الإستراتيجية لتحليل المشكلات التي تواجه الدولة السودانية من ثم وضع خطط ذكية لمجابهة التحديات التي تواجه الدولة. كما تابع الجميع المؤتمر الصحفي الشهير لوزير الخارجية الروسي لافروف في الأسابيع الماضية عن حالة العمالة والارتزاق الذي وقع فيه نظامنا السوداني وهو انصياعه لخطوط المخابرات الأمريكية بفصل جنوب السودان مقابل التنازل عن محاكمة المتهمين بجرائم الحرب والإبادة الجماعية والتطهير العرقي في دارفور ، وفي مقدمتهم المجرم الهارب رأس الدولة عمر البشير الذي وجهت إليه اتهامات بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية في إقليم دارفور المضطرب . بعيدا عن الأسباب الموضوعية التي أدت إلى فصل جنوب السودان من ظلم تاريخي واقع علي الشعوب المهمشة في السودان وحالات الاحتقان التي نتجت خلال الحرب الأهلية في جنوب السودان مما اجبر أشقائنا في جنوب السودان باختيار الانفصال ، بالضرورة علي كل متبصر يري حجم السقوط الأخلاقي والوطني لقيادة النظام في الخرطوم وهي تسير في اتجاه يؤدي الي تحقيق أشواق وتطلعات مراكز الدراسات والبحوث الامنية في أمريكا بفصل جنوب السودان ومن ثم الانقضاض على الموارد الطبيعية والطاقة التي يتمتع بها جنوب السودان ومن اهمها البترول ،هنا ليست هنالك لأئمة على المخابرات الأمريكية باطماعها بسرقة موارد دول العالم الثالث بخلق صراعات وازمات ودعم الحكومات الدكتاتورية لكي تنصاع للأطماع الأمريكية ، لان ليس من المنطق بمكان أن نحلم بعالم مثالي ليس به صراعات دولية وتحالفات لتحقيق أهداف محددة علي حساب الشعوب ، والدول المحترمة دوما لديها مراكز تخطيط لإدارة الملفات الإقليمية والدولية لحماية مصالحها العليا ، لكن الطامة الكبرى ان تقودنا حكوماتنا وبمحض ارادتها إلى سوق النخاسة الدولية وتضحي بجزء عزيز من بلادنا بالفصل لتحقيق مصالح دول اخري فقط من اجل الهروب من المحاكمة العادلة لقيادتها لعمري هذا قمة الانحطاط والسقوط في براثن العمالة والارتزاق . ما لا تعلمه هذه الحكومة المتهورة ان دماء الشهداء وضحايا المجازر التي تمت في دارفور وعموم مناطق النزاع المسلح بالسودان من جرائم حرب وإبادة جماعية وتطهير عرقي هي جرائم لا تسقط بالتقادم وليست هنالك أي قوي دولية او إقليمية لها الحق في التنازل عن محاكمة المتهمين ، وحدها ساحات المحاكم الدولية والعدالة الحقيقية تبري من تبري وتحاكم من اثبتت إدانته ، لذلك الانصياع على الابتزازات الأمريكية للمتهمين في رأس الدولة لن تجعل هذا الملف منسيا ولن يفلت احد من سوح العدالة الدولية ، قد ياجل الأمر بتقديم المتهمين للعدالة بحكم التكتيكات الدبلوماسية هنا وهناك حسب مقتضيات المصالح الدولية والإقليمية ولكن لا تستطيع أمريكا ولا روسيا ولا أي كائن كان ان يتنازل عن تلك المجازر الإنسانية ، عليه علي النظام في الخرطوم ان يعي الدرس تماما قبل أن نري رأس النظام في قفص الاتهام قريبا ووقتها سيتم محاكمة المتهمين بجرائم الحرب ولكن المؤسف نجد ان مواردنا قد نهبت . اعتقد علي المعارضة اذا ارادت ان تقدم نموذج بديل مناسب ومقنع لهذا النظام ، ان تعتني بالدراسات والبحوث الإستراتيجية وتحدد كيف تحقق المصالح الوطنية العليا للبلاد بعد رحيل النظام ، وان لا تنزلق في متاهات المجتمع الدولي إلا بالقدر الذي يحقق مصالح بلادنا والآخرين معا ، باعتبار اننا لا نعيش منعزلين في تخوم كوكب عطارد بقدر ما نعيش في اسرة دولية واحدة ومصالحنا مشتركة مع المجتمع الإقليمي والدولي على حد سواء ، ولكن لن نقبل ان نكون صيد سهل ولقمة صائغة للجميع بسرقة مواردنا وصناعة الازمات لنا ودعم الحكومات الدكتاتورية التي لا تستند إلى شرعية ويمكن ابتزازها بذلك. 24 أبريل 2017م