جاءت جامعات السودان جميعها طيش الترتيب العالمي،وليس في الأمر عجب،فهي النتيجة الطبيعية للمشروع الحضاري الإنقاذي الذي لا زال يهدف لتحويل الجامعات إلي خلاوي،تحت مسمى ثورة التعليم العالي. لندع جانبا حكاية تعريب الجامعات،وتحويل بعض المدارس الثانوية لجامعات،وتصفية الكادر الجامعي المؤهل لاعتبارات سياسية،ولنرى الحاضر الذي لا يخفى علي أحد. صارت العملية التعليمية آخر هموم الوزارة التي يفترض أن تهتم بالتعليم العالي،وانشغلت إدارات الجامعات بجباية الرسوم الدراسية،وفصل الطلاب وفرض القرارات (الجمهورية) بحظر الأنشطة السياسية والثقافية،كما انشغلت بإيجارات الأكشاك والمحلات التجارية وغيرها من ضروب البزنس للفائدة الخاصة. ويمر العام وراء العام ولا تبنى أي قاعة دراسية جديدة،ولا معمل،ناهيك عن مسرح أو استاد جامعي،وكل الإعلانات التي تصدر عن معظم الجامعات فحواها ضرورة تسديد الرسوم في الموعد المحدد أو الحرمان من الامتحان،أو حتى من دخول الجامعة. في فبراير 2017،أصدرت جامعة الخرطوم بياناً عن أحداث شمبات فصلت فيه 5 طلاب لمدة عام دراسي كامل،ولما احتج طلاب كلية التربية على مجموعة مطالب تجاهلتها الإدارة حوكموا وجلدوا 40 سوطاً،ولا تسأل عزيزي القارئ عن الشاكي في البلاغ. وقالت إدارة جامعة الفاشر في بيان صادر في نوفمبر 2016،أنها سوف تتخذ مع الجهات المختصة كل الإجراءات الضرورية الحاسمة لإخلاء الداخلية من الطلاب المعتصمين إضافة للاتصال بأولياء أمورهم لشرح أبعاد وخطورة هذا الاعتصام, وأن الجامعة سوف تلجأ أيضاً إلى كل الإجراءات التي وصفتها بالضرورية والفاعلة لعدم تكرار مثل هذا التصرف،وتم تعليق الدراسة لأربع دفعات بكلية الطب وفصل طلاب بسبب عدم دفع الرسوم. في مايو الماضي فصلت جامعة البحر الأحمر 27 طالباً على خلفية اعتصام شارك فيه كل الطلاب بسبب مطالب عادلة،وجامعة الزعيم الأزهري فصلت 8 طلاب بسبب الاعتصام والاحتجاج على اعادة فرض الرسوم لطلاب دارفور،ولم تتخلف جامعة بحري عن ركب الفصل والتشريد ففصلت 8 وأنذرت 4 بحجة قيامهم بأعمال شغب ..ويا لها من حجة. عندما تكون إدارات الجامعات معينة،ومفروضة حتى علي الأساتذة فإنها بلا شك أذرع النظام الديكتاتوري،تمنع قيام الإتحادات الطلابية،أو تزور النتائج الإنتخابية،تفصل الطلاب دونما أي تهمة متى ما قاوموا اللوائح الفاسدة،أو طالبوا بحقوقهم،وصارت الجامعات في وقتنا الراهن ثكنات عسكرية يحرس مداخلها البوليس،ومساجد معظم الجامعات مخازن أسلحة،وبرغم استنزاف الطلاب مادياً،فليس هنالك جامعة واحدة تعرض ميزانيتها السنوية علي الطلاب أو الرأي العام كيما يعرف أين تنفق الأموال،وحكاية الداخليات وصندوق رعاية الطلاب نعرفها من واقع الاحتجاجات الطلابية في كل جامعة ضد الصندوق،وواقع البيئة المتردية بالداخليات. لكل ما ذكر أعلاه،تهنأ الجامعات السودانية خاصة وعامة بالمراكز المتأخرة في ترتيب الجامعات العالمية،وقس على ذلك مستوى تأهيل الطلاب،ونوعية الأساتذة،والنظام الحاكم الذي ينفق على جهاز الأمن 10 أضعاف ما ينفق على كل الجامعات..لا بل (الخلوات) [email protected]