تطورات متلاحقة بعد قرارات الرئاسة القاضية بجمع السلاح في دارفور، وحظر سيارات الدفع الرباعي ذات الطبيعة العسكرية، والقرار الذي تستعجل تنفيذه الخرطوم يمس مباشرة نفوذ الزعيم القبلي موسى هلال حليف الحكومة الرئيس في قتالها ضد الحركات المسلحة منذ تفجر الصراع في الإقليم عام 2003م. وفي أول رد فعل عملي، كان ملتقى مستريحة الأسبوع الماضي، الذي التقى فيه هلال الأب الروحي لقوات حرس الحدود مع عدد من قيادات الحدود، وأعلنوا من هناك بالمختصر (لا تسليم سلاح ولا جمع سيارات)، ثم بعدها بيومين أعلن تجمع لأصحاب سيارات الدفع الرباعي توقفهم عن العمل، والمعلوم أن هذه السيارات تعدّ وسيلة المواصلات الوحيدة بين المدن والقرى، وأصحاب هذه السيارات هم في الأساس منسوبو حرس الحدود. أنباء تتحدث عن أن نحو (800) سيارة من ذوات الدفع الرباعي، اختارت أن تكون ضمن قوة موسى هلال بعد قرار الحظر، ما يعني أن القرار الرئاسي الذي هدف منه تقليص نفوذ هلال، انصب في رصيد الرجل دون أن تقصد الخرطوم ذلك. الخرطوم مضغوطة، وتسابق الزمن؛ لتنفيذ قراراتها التي ترتبط بمطلوبات دولية، وفي ذات الوقت، الوضع في دارفور يزداد توترا واحتقانا. ظل موسى هلال منذ مغاضبته الأولى في 2013م يُحيّد الرئيس في صراعه مع الحكومة، بل هو من الذين آمنوا بنظرية البطانة الفاسدة،- أي أن الذين حول الرئيس يشوشون عليه، ويحجبون عنه الرؤية، ويقصد صقور الحزب حينما كانوا داخل السلطة. لكن يبدو أن هلال بدأ في إسقاط هذه النظرية تماما. في خطابه الذي ألقاه في مستريحة الأسبوع الماضي أمام مناصريه، وللمرة الأولى منذ تمرده يوجِّه هلال حديثه اللاذع للرئيس مباشرة، ويمضي إلى أكثر من ذلك، إذ يحمّله ما كان يعتقد أنه براءة منه. هذا الموقف يعبّر عن تطور لافت في علاقة الخرطوم بهلال، ويبدو أن هلال بدأ يستوعب أن الخرطوم لم تعد في حاجة إليه، وأن تسوية كبيرة تستوجب إزاحته إلى مربعه الأول، فبعد ما نفخت الخرطوم في الرجل زعامة دارفور، بل أكبر من ذلك.. تريد ضربه ب (ولده) حميدتي، وعبّر عن علاقته بحميدتي في وقت سابق.. وحميدتي يعلم- تماما- أن يوما سوف يأتي، وتستغني الخرطوم عن خدماته- كما تفعل الآن مع هلال. هلال أرسل آخر ما عنده من مستريحة، والخرطوم قالت ما لديها، وما لديها هو المواجهة العسكرية مع حليفها السابق، فهل تعيد أزمة دارفور- نفسها؟. التيار