هل تذكر أيها القارئ الكريم رحلتي إلى (أمازونيا) عاصمة جمهورية (الأمازون) قبل أعوام عديدة حينما تمت دعوتي لحضور عيدها القومي العشرين؟ لابد أنك تذكر ذلك، فقد قمت حينها بكتابة عدة مقالات أحكي لك فيها ما شاهدته في تلك البلاد من عجائب وغرائب، مؤخراً تمت دعوتي لحضور العيد القومي الثلاثين، فلم أتردد في قبول الدعوة، غير أني طلبت من (قسم المراسم) لديهم ألا يتم استقبالي كضيف رسمي على أن أقوم بأخذ تاكسي عادي إلى (قصر الضيافة) حيث نقيم وقد كان هدفي من ذلك أن أبتعد عن جو الرسميات وآخد راحتي. خرجت بعد رحلة مرهقة من مطار (أمازونيا) الدولي ولاحظت أنه أكثر تدهوراً من المرة الفائتة التي زرتها فيه، فالمباني شاحبة آيلة للسقوط والجدران متسخة تنبعث منها روائح لا تطاق وقد امتلأت أركان المطار بذات الأشخاص يرتدون (لبسات سفاري) ويضعون على أعينهم نظارات سوداء رغم أن الوقت كان ليلاً. حملت حقيبتي وخرجت في جو (خانق) هو مزيج من السخونة والرطوبة، كانت باحة المطار تمتلئ بعربات الأجرة المتهالكة التي تقف في صف طويل، لم يترك لي السائق أي خيار، بل قام برفع شنطتي إلى أعلى العربة، وسألني إلى أين تذهب؟ (بالأمازوني طبعن) فقلت له بأمازونية ركيكة إلى (قصر الضيافة)، اتسعت عينا السائق وحدق في وجهي لبرهة قصيرة وقال لي: قيمة الأجرة 70 سنتيم… قلت له: لكنني في آخر مرة حضرت كانت الأجرة عشرين سنتيماً فقط، هز رأسة وكأنه يقول (ياااخ إنتا من الزمن داك)! كان السائق الأمازوني مكفهر الوجه مقضب الجبين وهو يقود السيارة خارجاً من المطار فوجدتها فرصة سانحة لسؤاله: والسيارة تقترب من (قصر الضيافة)، كانت هنالك بعض التظاهرات هنا وهناك ضد النظام الحاكم في (جمهورية الأمازون)، بعض الشباب يمسكون بلافتات ورقية ويهتفون بسقوط النظام.. بعد أن مرت العربة من خلالهم بصعوبة التفت لي السائق قائلاً: وهنا وصلنا إلى قصر الضيافة.. أعطيت السائق أجرته، ترجلت من التاكسي وأنا أقول في سري (الله يخارجنا من الأمازون دي ساي)!! كسرة: أخبار تنفيذ توجيهات السيد الرئيس بخصوص ملف خط هيثرو شنو؟ 49 واو (ليها أربع سنوات وشهر) الجريدة