محمد وداعة مطار الخرطوم، تتريك! وقعت الحكومة السودانية مذكرة تفاهم مع شركة سوما التركية (تُدير) بموجبه الشركة التركية مطار الخرطوم الحالي لمدة ثلاثة سنوات وتُشارك في تشغيله إدارياً وفنياً وبالاضافة الى فرض رسوم جديدة على المسافرين، وأصدرت الهيئة النقابية للعاملين بشركة مطارات السودان بياناً قالت فيه أن الاتفاق سيزيد الأعباء على المسافرين ويؤدي الى خروج شركات الطيران العاملة نتيجة لارتفاع أسعاره، وأشارت انه بموجب العقد ستفرض الإدارة التركية رسوم جديدة على السفريات الخارجية بقيمة 51 دولار علاوة على تشريد عدد من العاملين بالمطار أسوة بهيكلة سابقة أدت الى الاستغناء عن 750 من العاملين ذوي الخبرة العالية. كما يُعطي الاتفاق الشركة التركية حق إنشاء مطار الخرطوم الجديد عبر النظام المعروف ب"البوت" حيث يقوم الأتراك بالإشراف على المطار الجديد لمدة 30 سنة لاستراداد قيمة بناءه عبر الرسوم، وتضمنت مذكرة الاتفاق الخلط بين مطار الخرطوم الجديد ومطار الخرطوم الحالي والربط بينهما مع تقديم خطة لإضافات للمطار الحالي وتتمثل في انشاءات تم اعتمادها في موازنة 2018م والمجازه لشركة مطار السودان القابضة. ومن أعجب ما نصت عليه الاتفاقية ما يلي (الاستيلاء على إيرادات مطاري الخرطوم الحالي خلال فترة العقد، فرض رسوم جديدة على السفريات العالمية بقيمة 51 دولار للتذكرة لمدة 3 سنوات عن كل مسافر وهذا يتعارض مع لائحة رسوم الطيران مما يؤدي الى زيادة الأعباء على المسافرين وخروج ما تبقى من شركات الطيران العاملة بمطارات السودان نتيجة لإرتفاع الأسعار لاسترداد جزء من منصرفاتها مقابل امتداد الصالة مدخل المدرج (Tax way) وهذا يتعارض مع نظام البوت (BOT) المعمول به في تنفيذ المشروعات. تتحصل الشركة المعنية والشركات التابعة لها على الإعفاء من الضرائب والجمارك طيلة فترة التشغيل على كل مدخلات أعمالها مما يضر بالدخل القومي ويهدر المال العام. منح الشركة المنفذة حق المشاركة في التشغيل لمطار الخرطوم الحالي إدارياً وفنياً حتى فترة الانتقال للمطار الجديد، هذا الاتفاق يتنافض مع سيادة مطار الخرطوم الحالي كمطار أول للسودان وواجهة ذات طابع سيادي استراتيجي تعتمد عليه مطارات السودان الأخرى من صيانة وتأهيل وتشغيل بالإضافة لتمويل الشركة القابضة والشركات التابعة لها. عشرة أعوام مضت على بداية العمل في مطار الخرطوم الجديد في جنوبأم درمان، بعد إعلان ضربة البداية في العام 2006م، وكان المتوقع أن يبدأ التشغيل في عام 2010م، طرح عطاء المشروع في عام 2006م بمبلغ (1.6) مليار دولار، وفشلت مساعي الحكومة في الحصول على التمويل دفعة واحدة، الى أن تم توقيع اتفاقية قرض مع الصين بمبلغ (700) مليون دولار في عام 2012م من بنك الاستيراد والتصدير الصيني بفائدة مركبة (%5)، يعني فوائد فقط حوالي (75%) من قيمة القرض، على أن يتم التنفيذ خلال ثلاثة سنوات ونصف ووفقاً لذلك الاتفاق كان يفترض أن يكون المطار قيد التشغيل، إلا أن المطار لم يكتمل في التاريخ رغم مضي 8 سنوات على تاريخ التشغيل المحدد. تم الحصول على قرض آخر من الصين بمبلغ (680) مليون دولار بنفس الشروط بين شركة مطارات السودان القابضة مع شركة الموانئ الصينية لبناء المرحلة الثانية وقع عليه السيد علي محمود حامد وزير المالية السابق، وقد بدأ الأمر غير واضحاً في الحصول على قرض المرحلة الثانية والمرحلة الأولى لم تبدأ بعد، وأكثر من ذلك فاجأ السيد عبد الرحيم ضرار وزير الدولة بوزارة المالية في يونيو 2016م بأن التوقيع على اتفاقية السداد قد اكتمل بقرض تفضيلي بشروط ميسرة بمبلغ (700) مليون دولار مع بنك الاستيراد والتصدير الصيني، وأن العمل سيكتمل خلال عامين، وزاد الطين بلة تصريح للسيد بدر الدين محمود وزير المالية في نهاية عام 2015م الذي قال فيه (الصين سوف تمنح السودان قرضاً بخمسة مليار دولار، بما فيها قرض لتشييد مطار الخرطوم الجديد وهو أهم مشروعات القرض)، وهو تصريح لم يكن مفهوماً وكأن الأمر في بدايته رغم حصول المطار على ثلاثة قروض سابقة؟ وكان النائب المستقل خليل محمد الصادق قد تقدم بسؤال للسيد وزير المالية بدر الدين محمود متساءلاً عن قرض آخر، واوضح السيد وزير المالية أن الوزارة وقعت في نهاية 2014م على قرض بقيمة (700) مليون دولار، النائب تحدث عن قرض آخر نفاه السيد وزير المالية الحالي بدر الدين محمود، ولعل النائب يقصد القرض الثاني الذي وقعه السيد علي محمود وزير المالية السابق بمبلغ (750) مليون دولار في عام 2013م. حوالي (4) مليار دولار قروض ولا تزال أرض المطار فارغة ترعى فيها الأغنام، فأين ذهبت قروض المطار؟ وهل حقيقة أن انتفاع الأتراك بإدارة المطار القديم لمدة ثلاثة سنوات وتحصيل إيراداته يكفي لبناء المطار الجديد؟ وهل سيبني الأتراك مطار في سواكن يربط بالمطار الجديد؟ حقيقة لماذا الربط بين المطار القديم والمطار الجديد؟ وأنه (من دقنو وافتلو)، لا اله إلا الله.. تتريك! (الجريدة)