غير المشير البشير مرة أخرى من موقفه تجاه اجتياح ووجود القوات المسلحة في أبيي . وكان أعلن في لقائه مع صحيفة الشرق القطرية قبل أسبوع انه مستعد للحرب في أبيي ، فيما اعتبر ايذاناً للعمليات العسكرية التي بدأت الخميس 19 مايو وانتهت باجتياح أبيي واحتلالها السبت 21 مايو . وبعد تصاعد الضغوط الدولية صرح المشير البشير يوم الاثنين 23 مايو ان حكومته تريد حلاً سلمياً لمنطقة أبيي وتبذل جهوداً مضنية من أجل حل الخلافات وإزالة التوتر والمضي قدماً في حل سلمي للأزمة . ولكنه عاد يوم الثلاثاء 24 مايو ، وبعد لقائه بالقيادة العامة للقوات المسلحة ، ليؤكد من جديد ، في خطابه أمام المعلمين ، ان القوات المسلحة لن تنسحب من أبيي ، وانه يتمسك بهذا الموقف ، مهما كانت التهديدات والعقوبات . ورد على موقف الولاياتالمتحدة قائلاً انه لا يرغب في الجزرة الأمريكية ولا يخاف عصاها . بل وزاد انه أعطى الضوء الأخضر للقوات المسلحة للرد على أي (حركات) أو (استفزازات) من قوات الحركة الشعبية ، وفي كل المناطق ، بدون الرجوع لأي أحد ! فيما يمكن اعتباره إعلان حرب على الجيش الشعبي والحركة الشعبية في كل المناطق والجبهات . وعلق محلل سياسي ل (حريات) بان المشير البشير بدا هائجاً ومكتئباً في خطابه أمام المعلمين ، ويبدو انه يعلم في قرارة نفسه بان (عنترياته) عن عدم الانسحاب (عنتريات) لا يسندها وضع اقتصادي ملائم ، ولا جبهة داخلية موحدة ، ولا تحالفات إقليمية ودولية مساندة ، بل ان الجيش نفسه لا يقوى على الحرب مع الجنوب ومع دارفور في ذات الوقت ، مما يعني بانها من نوع (العنتريات) التي راجت تسميتها بالعنتريات التي لا تقتل ذبابة . وهذا ما كانت ترسله الإشارات غير اللفظية لعمر البشير – تعابير وجهه وإيماءات وحركات يديه وجسده ، وهي إشارات عادة ما تكون أكثر صدقا من كلماته ، وقد كانت كلها تشير إلى اكتئابه واهتياجه غير العقلاني .