تجددت الاشتباكات بين القوات المسلحة والجيش الشعبي في آبيي وكان الجيش السوداني قد أعلن قبل أيام عن تعرض عدد من قواته لكمين اتهم الجيش الشعبي بنصبه له استخدمت فيه الأسلحة الثقيلة في الجانب الأخر قابل الجيش الشعبي اتهامات الجيش الحكومي بالنفي وجاء ذلك علي لسان المتحدث باسمه فيليب اقوير الذي اكدد عدم وجود وحدات من الجيش الشعبي في المنطقة غير تلك التي تشارك في القوات المشتركة وأضاف ان قوات الجيش السوداني كانت تخطط من قبل لاجتياح آبيي من خلال حشدها لعدد من مليشيات الدفاع الشعبي ونتج عن ذلك اجتياح القوات الحكومية لآبيي وإعلان حالة الطوارئ في المنطقة باعتبارها منطقة حرب واعتبر المراقبون خطوة الحكومة بالاستباقية لحسم الصراع الدائر في المنطقة عسكريا مدفوعا بأجندة سياسية . بينما جاء موقف السياسيين في الحزب الحاكم أكثر عنفا من العسكريين فقد صرح القيادي البارز بالمؤتمر الوطني الدكتور ربيع عبد العاطي ل(التيار )قائلا ) كان لابد من إعادة الأمور الي نصابها الصحيح وان منطقة آبيي شمالية ومن المهم ان تخضع المنطقة لسيطرة الحكومة المركزية وان تكون خالية من أي قوات يشكل وجودها خرقا لبروتوكول آبيي )مؤكدا علي ضرورة تبعية المنطقة للشمال حتى يحسم أمرها بالاستفتاء بينما اعتبر مراقبون الوضع في آبيي بعد اجتياحها بواسطة القوات المسلحة علي أنها (برميل بارود يهدد بعودة الحرب الأهلية الي البلاد من جديد والتي يعتبر النفط اهم دوافعها ومصدرا للتنافس الدولي ).المعارك في آبيي تزامنت مع زيارة لوفد من مجلس الأمن للبلاد جاءت في إطار حسم الملفات العالقة بين الشمال والجنوب ،مع اقتراب موعد إعلان الدولة الجديدة خاصة ملف آبيي الذي لم يتم التوصل فيه الي تسوية بين الطرفين بشان إجراء الاستفتاء الذي نصت عليه اتفاقية السلام الشامل في البروتوكول الخاص بآبيي خشية نشوء علاقات عدائية بين الجارتين المرتقبتين . اعتبر مراقبون ان رد فعل الحكومة تجاه زيارة الوفد كان سلبيا بعد ان تنصل نائب الرئيس ووزير الخارجية عن لقائه فقد قالت ممثلة البيت الأبيض في مجلس الأمن سوزان رايس (ان الحكومة السودانية قد أضاعت فرصتها في توضيح موقفها وإبداء رأيها فيما يجري ) واعتبرت الحركة الشعبية ان توقيت الصراع مع زيارة مجلس الأمن هدفت الخرطوم منه الي منع الوفد من زيارة آبيي في إشارة للمراسيم الجمهورية التي أصدرها الرئيس البشير القاضية بحل إدارية آبيي وأمر الجيش باجتياح المنطقة وهي خطوة تتنافي مع اتفاقية السلام التي نصت علي ان تكون القرارات المتعلقة بآبيي بالتشاور بين الجانبين وتصريحات وزير الدفاع التي قال فيه (ان الوضع في آبيي مفتوح علي كل الاحتمالات ). الخبير السياسي والاستراتيجي أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم البروفسيور الطيب زين العابدين في حديثه للتيار اعتبر ":ان تزامن المعارك في آبيي مع زيارة لوفد أممي رفيع هدفت منه بعض الجهات المتنفذة في حكومة الجنوب الي الدفع بالأمم المتحدة للتدخل لحل قضية آبيي بعد فشل المفاوضات المتوالية بين الشريكين ورفض الولاياتالمتحدةالأمريكية التدخل في الشأن الداخلي عندما طلب منها التدخل وقد تأكد ذلك من خلال ما تناولته وسائل الأعلام من قبل عن مطالبات باستمرار العقوبات علي السودان من قبل بعض الوفود من الحركة الشعبي التي تزور أمريكا مؤخرا أي انه اذا تأكد ان الجيش الشعبي هو من نفذ الكمين فان الغرض منه القيام بتحريك الأمر وإجبار مجلس الأمن علي التدخل الفوري من خلال فرض الأمر الواقع ميدانيا واتفق معه الخبير العسكري اللواء محمد العباس الأمين الذي اعتبر ان زيارة الوفد الاممى وتزامن المعارك لم يأت بمحض الصدفة بل هدفت حكومة الجنوب من خلاله الإيحاء بتواطؤ الشمال ضد استقرارها ودفعه لاستخدام البند السابع ضد الجيش السوداني مشيرا الي تهديدات الولاياتالمتحدة بالتدخل عسكريا لحسم الصراع في آبيي ). صفقات سابقة وتعتبر آبيي من أكثر المناطق التي تحظي باهتمام دولي بالغ فقد شهدت قضيتها مقترحات حلول عديدة قدمتها جهات دولية رفيعة أهمها حكومة الولاياتالمتحدةالأمريكية ومجموعة الأزمات الدولية فقد قدم سكوت غرايشن المبعوث الأمريكي السابق للسودان مقترح حكومته لحل الأزمة الناشبة بسبب عدة كيلومترات من الأرض لدي لقاءاته الأخيرة بالرئيس البشير ونائبه ورئيس حكومة الجنوب سلفاكير ميار ديت بعد أحداث العنف التي اندلعت قبل أشهر مفاده ان تقسم الأرض بين رعاة المسيرية الرحل ومزارعي دينكا نقوك ولكنه قوبل الاقتراح بالرفض من الجانبين خاصة قبيلة المسيرية التي تعتبر شريكا محليا للمؤتمر الوطني بل ولوج المسيرية بخوض حرب أهلية اذا وافقت الحكومة علي مقترح السيناتور الأمريكي (بما يشير الي ان نحالف المسيرية مع المؤتمر الوطني مشروط بالمناصرة ) إضافة الي مقترح أخر بان تصبح آبيي منطقة تكامل بين الشمال والجنوب حال الانفصال ولكنه أيضا قوبل بالرفض القاطع ثم جاء قرار لجنة التحكيم الدولية في لاهاي بقول جهينة الذي قطع قول كل خطيب بان حقول (دفرة )تقع داخل الأراضي التي تم استبعادها من الصراع الدائر حول الأرض عند تخطيط حدود المنطقة وفقا لخريطة حدود 1956م ولكن يبدو ان هناك دافع أخر غير النفط يدعو للحرب . قرار سياسي : هناك سؤال يطرح نفسه بإلحاح حول قرار الجيش السوداني باجتياح آبيي والذي هدف الي حسم الصراع حول المنطقة هل هو قرار سياسي دفع به السياسيون الجيش الي التصدي لملفات سياسية ؟؟؟.يري الدكتور زين العابدين انه (لا أمر عسكري بدون قرار سياسي وخاصة وان كان قرار حرب كما حدث في آبيي من الممكن ان يكون الرد علي الكمين جاء وليد الموقف ولكن الاجتياح وتجميع القوات حتى بحر العرب من المستحيل ان يكون بلا دوافع سياسية خلفه )ويضيف بقوله )ان الضباط الكبار في الجيش السوداني اعتادوا علي التدخل في مثل هذه القضايا وظل هذا يحدث منذ حرب الجنوب حيث يمارسون ضغوط علي السياسيين لانتزاع مثل هذه القرارات التي تدعم مواقفهم كعسكريين )وهو الأمر الذي أكده اللواء العباس بقوله :(ان أي قرار حرب هو قرار سياسي في المقام الأول وينفذه العسكريون لكن المؤسسات السياسية في الحكومات هي المسؤولة شرعا عن إصدار القرارات التي تصدر من الرئيس وينفذها وزير الدفاع )ويضيف (ان قرار اجتياح آبيي جاء من المؤسسة السياسية ونفذته القوات المسلحة مشيرا الي انه ربما تكون هناك أسباب أخري كتجاوزات في الاتفاقية وقضية البترول والحدود ). توحيد الجبهة الداخلية : يري مراقبون ان ما قامت به قوات الجيش الشعبي من افتعال معارك في منطقة آبيي قد يكون وراءها دافعان أهمها :الهدف الأول هو ان سياسيي الجنوب قد هدفوا الي توحيد الجبهة الداخلية التي اهترات في الفترة الأخيرة وكثرت الانشقاقات العسكرية من جناحها العسكري والثاني هو ضغوط أبناء آبيي داخل الحركة الشعبية لحسم قضية منطقتهم بصورة عاجلة وهو الأمر الذي اكده اللواء أبو العباس بأنه (ربما توحيد الجبهة الداخلية هو احد أهداف حكومة الجنوب في افتعال معارك في آبيي )ولكن اختلف معه بروفسيور زين العابدين الذي اعتبر (ان فكرة توحيد الجبهة الداخلية من خلال افتعال معارك عسكرية هو أمر مستبعد لأنها ستشجع المتمردين علي تنفيذ أغراضهم التي تهدف الي الإطاحة بحكومة الجنوب الحالية )وأكد ذلك مشيرا الي موقف السلطان عبد الباقي اكول أثناء معارك آبيي الأخيرة فقد ساهم بصورة مباشرة في دفع الجيش الشعبي للتراجع جنوبا أثناء القتال لان معركة المتمردين تهدف الي صناعة إجابة للسؤال (من يسيطر علي الجنوب مستقبلا ). نقلا عن صحيفة التيار بتاريخ :24/5/2011