منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث: المدنيون في الفاشر يكافحون بالفعل من أجل البقاء على قيد الحياة    بايدن يؤكد استعداده لمناظرة ترامب    الأهلي يهزم مازيمبي بثلاثية نظيفة ويصعد لنهائي الأبطال    الأهلي يعود من الموت ليسحق مازيمبي ويصعد لنهائي الأبطال    أرنج عين الحسود أم التهور اللا محسوب؟؟؟    الصناعة.. قَدَر الخليج ومستقبله    وصول طائرة للقوات المسلّحة القطرية إلى مطار بورتسودان    شاهد بالفيديو.. ناشط سوداني يهاجم الفنانة عشة الجبل ويثبت غيرتها من زميلتها الفنانة مروة الدولية: (عرس الدولية حارقك وقاطع قلبك والغيرة دي ما حلوة)    السودان..تحذير خطير للأمم المتحدة    شاهد بالفيديو.. ناشط سوداني يهاجم الفنانة عشة الجبل ويثبت غيرتها من زميلتها الفنانة مروة الدولية: (عرس الدولية حارقك وقاطع قلبك والغيرة دي ما حلوة)    شاهد بالفيديو.. حكم كرة قدم سعودي يدندن مع إبنته بأغنية للفنان السوداني جمال فرفور    شاهد بالصور.. رصد عربة حكومية سودانية قامت بنهبها قوات الدعم السريع معروضة للبيع في دولة النيجر والجمهور يسخر: (على الأقل كان تفكوا اللوحات)    هل فشل مشروع السوباط..!؟    مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية    سوق العبيد الرقمية!    صلاح في مرمى الانتقادات بعد تراجع حظوظ ليفربول بالتتويج    أمس حبيت راسك!    راشد عبد الرحيم: وسقطت ورقة التوت    وزير سابق: 3 أهداف وراء الحرب في السودان    الصين تفرض حياة تقشف على الموظفين العموميين    (المريخاب تقتلهم الشللية والتنافر والتتطاحن!!؟؟    وكالة الفضاء الأوروبية تنشر صورا مذهلة ل "عناكب المريخ" – شاهد    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    إقصاء الزعيم!    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رواية من فصل واحد. الفصل الثاني لم يكتب بعد: و هل سيكتب؟
نشر في حريات يوم 20 - 07 - 2011


المشهد الاول
كان الجنرال (أوفقير) قائد الجيش, و الشخص المقرب إلي صاحب الجلالة ملك المغرب الحسن الثاني والد الملك الحالي. و قد قاده طموحه – و يقال طموح زوجته – إلي أن يطمع في قيادة الدولة كلها و يصبح رئيسا للجمهورية. و كان من عادة الملك أن يسافر إلي الخارج مستشفيا كل عام, فوضع الجنرال أوفقير خطة في أن يضرب طائرة اللك وهو عائد في وسط البحر الابيض بصواريخ من الطائرتين اللتين تحرسان كالعادة طائرة الملك عند خولها المياه الاقليمية المغربية ثم يعلن أستيلائه علي السلطة. و عند وداعه للملك و هو يغادر المملكة بكي الجنرال بكاءً حاراً جعل الملك والحضور يشفقون عليه. وفسروا (دموعه و هم لا يعرفون) أنها دموع الحزن من أن يصيب جلالته مكروه. اما زوجته و من يعرفون أطمأنوا أنها دموع الفرح لنجاح الخطة.
المشهد الثاني
في بعض نواحي أعمال كردفان, العادة أنه أحيانا يوجد في القرية أو بطن من القبيلة من يعرف بأنه (صبي) الحلة أو القبيلة. و الصبي يقصد به أنّه شاب ممتلئ صحة و طولاً و عرضاً. و له لسان (سليط) و منطق حاد. يقوم نيابة عن أهله بدور رأس الحربة. و في المجالس و المواقف التي – تتطلب لعبه دوره – يتحدث بالفاظ حامية و يلوح بعكازته امام الخصوم في مجالس الصلح بطريقة تلهب الجو و تزيد من التوتر. أماّ في حالات (الجودية) فأنه يرفع من سقف المطالب و من صوته لدرجة تكاد تفسد الجلسات. أهله يعرفون عنه ذلك و متفقون معه تماماً في كل ما يقول و يفعل. بل انهم يكونوا سعداء في دواخلهم لانه يقول و يفعل ما يستحون هم من قوله و فعله علنا, فينوب عنهم في ذلك برجولة و صمود. و حتي تكون الخطة محبوكة تماما يقزم احدهم او كبيرهم – حكماء أو “كبارات” الحلة أو القبيلة – من وقت لآخر بزجره و توجيه كلمات – كلما كانت قاسية – تأكد معها للصبي أنّه قد أدي دوره و بأتقان. ثم يعود مرة أخري لما نهي عنه بل أنّه يشتط أكثر, فيوجه سهما او سهمين نحو أحد الحضور من أهله حتي يبدو أنه صبي طائش, و لا يعبر عن رأيهم في حين أنه قد أوصل رسالتهم كاملة إلي الحضور.
المشهد الثالث
إذا كان (صبي) الحلة أو القبيلة ينتمي إلي شيخ الحلة أو زعيم القبيلة بالقربي فأن الحضور – من اهل الحلة او القبيلة – يهمهم سرا بأن الولد (خال).
المشهد الرابع
قليلة هي التنظيمات الايدلوجية التي نسج اهدافها مفكرون و نجحوا في تحقيق تلكم الأهداف التي إبتدروها خلال سنوات حياتهم. و غالباً, ما تكون التنظيمات التي أفلحوا في إقناع أعداد من الناس بأهدافها يتجاوزها الواقع و لا تسعفهم الحياة البشرية القصيرة بحضور تطبيقها. فأفلاطون لم يعش ليري جمهوريته, بل أنها لم تتحقق علي الإطلاق. و كارل ماركس قد أفلح مريدوه بتحويل أفكاره بعد عقود من الزمن بعد وفاته الي واقع حوروا فيه الكثير من نظرياته, و مع ذلك لم تصمد حتي الآن, إلا في أرض الفلاحين – الصين – و كوبا – و أنهارت في المجتمعات العمالية التي استهدفتها. المفكرون الإسلاميون في الباكستان و في مصر و في شمال أفريقيا لم يصلوا لمرحلة الدولة الإسلامية. و لم يسعف العمر أغلبهم – إن لم يكن كلهم – برؤية بصيص من أمل في ذلك. و يعيش اليوم أتباعهم علي ذلك الامل, و أقرب مثال لذلك حسن البنّا.
في السودان إلتقط المفكرون الاسلاميون يتقدمهم – بمسافة – الدكتور حسن عبدالله الترابي، نواةً من مصر و الباكستان و زرعوها و رعوها و زادوا عليها من تراب الواقع السوداني, حتي نمت و سمقت بعيداً عن التبعية الفكرية أو التنظيمية لأي تنظيم خارجي. وضعوا امامهم هدف اقامة دولة تحكم بالشريعة الإسلامية وفقا لتفسيرهم لها. و تشمل كل السودان و إذا وقف جزء من السودان امام ذلك الهدف, فليذهب ذلك الجزء أو فلينفصل !
كانت البداية لذلك هادئة في مؤتمر المائدة المستديرة عام 1965 عقب ثورة أكتوبر 1964. في ذلك الزمان كان يعتبر كل من ينادي بال (فيدريشن) لجنوب السودان يعتبر كأنه ينادي بفصل الجنوب, حيث كان الشعار المرفوع وقتذاك: (لا فدرالية لأمة واحدة – لا أنفصال لأمة واحدة) , أذا صحت الترجمة فقد كان اصل القول:
No Federation for One Nation – No Seperation for One Nation
مع ملاحظة أن هذا كان بالرغم من أن البرلمان الذي اعلن الاستقلال كان قد وافق علي إعطاء إعتبار كاف لمطلب الجنوب في (الفيدريشن). و لكن النظام السياسي كله في الشمال و بعض أجزاء من الجنوب من 1 يناير 1956 (بداية الاستقلال) و علي مدي عشر سنوات حتي 1965 (موعد مؤتمر المائدة المستديرة) لم يعطِ إعتباراً أو كان (الفيدريشن) ضمن قاموسه السياسي. و عودة لمؤتمر المائدة المستديرة, إذ فاجات جبهة الميثاق الإسلامي الجميع بأن نادت بأن يعطي الجنوب حق تقرير المصير – أي (الفيدريشن) في ذلك الوقت و ليس أبعد منه بال (سيبريشن). و انفض مؤتمر المائدة المستديرة, و لم توافق الاحزاب الشمالية علي حق تقرير المصير أو (الفيدريشن) بأعتباره فصلاً للجنوب في رأيهم.
المشهد الخامس
ثم غاب التعبير – (الفيديريشن) – عن المسرح السياسي و لم يشمله الدستور الإسلامي الذي كان برلمان 1968 علي وشك اصداره في العام 1969 لولا قيام إنقلاب ثورة 25 مايو 1969. و بعد أقل من شهر واحد من قيام (الثورة) أصدرت إعلان 9 يونيو بمنح الجنوب (الحكم الذاتي) و قد تحاشي الإعلان كلمة (فدرالي) حتي لا يغري أو يعين علي الإنفصال. و هكذا صار الأمر حتي أتفاقية أديس ابابا عام 1972 و سقوط (ثورة) مايو في 6 أبريل 1985. و قيام الحكم الديموقراطي خلال الأعوام ما بين 1986 والإنقلاب عليه في (ثورة) 30 يونيو 1989.
المشهد السادس
ساعد الرئيس جعفر نميري جبهة الميثاق الإسلامي من حيث لا يقصد بأن أعلن قوانين سبتمبر 1983 أو قوانين الشريعة, التي لولا الرئيس نميري – كما أعترفت بعض قيادات تلك الجبهة بأنها لما تجرأت علي اصدارها. و بتسلمها السلطة بإنقلاب (ثورة) 30 يونيو قطعت الجبهة الطريق علي البرلمان السوداني من أن يجمّدها. و تحققت للجبهة أرضية لحكم السودان كله بتلك القوانين و التي لم يطبقها الرئيس نميري في الجنوب. و لكن الجنوب كان قد حمل السلاح في أبريل/مايو 1983 أي (قبل) أعلان القوانين في سبتمبر 1983 (قوانين سبتمبر), و ليس بعد القوانين كرد فعل لها, و هو خطأ وقع فيه عدد من المؤرخين و السياسيين, و بعضهم عن قصد لتبرير أسباب الحرب. و هذا موضوع أخر إنتهي الأن.
أرسل الرئيس نميري وفداً وزارياً إلي المملكة المتحدة ليشرح للبرلمانيين البريطانيين و للسودانيين بالخارج – خاصة الجنوبيين – أن هذه القوانين لم يقصد بها الجنوبيين. و أنها لم و لن تطبق في الجنوب. و أثار العديد من الحضور – من الجنوبيين – في أحد هذه اللقاءات انها (اي القوانين) وإن لم تطبق الآن علي الجنوب, فإن مصيرها بعد أن تهدأ المعارضة لها في الشمال, أن تزحف إلي الجنوب. و هنا تدخل أحد الوزراء من أعضاء الوفد و القيادي في الجبهة الاسلامية (كما أصبح اسم جبهة الميثاق لاحقا) قائلاً: (إذا وقف الجنوب حجر عثرة أمام تطبيق الشريعة في السودان فلينفصل الجنوب). كانت صدمة الحديث كبيرة علي رئيس الوفد الراحل سر الختم الخليفة – و الذي كان قد ترأس مؤتمر المائدة المستديرة عام 1965 كونه كان رئيس الوزراء آنذاك – وكاد سرالختم أن يعيد عضو الوفد المذكور إلي السودان. نفس هذا القول ذكره رئيس الجبهة الاسلامية القومية بعد أن أصبحت تسّمي الحركة الاسلامية و رددت ذا القول وسائل الاعلام تأميناً. فالأمر أذن – و منذ زمن (الفيديريشن) في ثوب حق تقرير المصير في مؤتمر المائدة المستديرة عام 1965 و حتي عهد وصول (الجبهة) إلي الحكم عام 1989 لهو سياسة مقررة للحركة الإسلامية كما أصبحت تسمي – علي الاقل كهدف استراتيجي لدي القيادات – وأن كان بعض التابعين بحسن نية من أعضائها أو غيرهم من السائرين في تيار (تطبيق الشريعة) غير واعين لذلك و لايزالون يجهلون أن فصل الجنوب من أهدافهم الإستراتيجية إذا لم يخضع أو يقبل بحكم الشريعة.
المشهد السابع
عندما وقع إنقلاب (ثورة) 30 يونيو 1989, كان جزء كبير من الجنوب في قبضة الحركة الشعبية و الجيش الشعبي لتحرير السودان. و لم يكن لحكومة الخرطوم وجود آمن إلا في االمدن الكبري بالجنوب. بل أن البعض كان يخشي من أن يزحف الجيش الشعبي نحو كوستي بعد أن دخل مدينة الكرمك, مما يهدد الوجود في الحكم. فكانت الفرصة للإستنفار في إتجاهين: حماية الحكم بالتعبئة الدينية و إعلان الجهاد و الشهادة. وإتجاه آخر لبناء جيش مواز للجيش القومي، تحت مسمي الدفاع الشعبي – ليس تتبعاً لسنة قوات المراحيل التي إبتدرتها حكومة الصادق المهدي. إستأثر الدفاع الشعبي علي الجيش القومي بكل الميزات من سلاح و عتاد و لبس و غذاء مع إفتقار للتدريب, الأمر الذي أربك خطط القوة النظامية. و ألحق بها هزائم أنهكتها و تسببت في تسريح أو موت قيادات مدربة و مقتدرة, الأمر الذي أفسح المجال حتي الأن للدفاع الشعبي ليكون القوة الأولي ذات التسليح و العتاد لحماية الحكم. و قد فقدت البلاد بسبب نقص التدريب و التخطيط العسكري السليم شباباً مهماً قيل في وصفه (شهيداً) أو (فطيساً) دفن في أرض الجنوب فإستراح و أراح الحاكمين لأنّه و بتلك الشحنة الدينية و الحماس الطاغي إذا عاد منتصراً سيكون خطراً علي الحكم. و إذا عاد منهزماً سيكون أخطر, أو كما نصح بذلك الرئيس الأيراني رافسنجاني عند زيارته للسودان في ديسمبر 1992.
و سواء إستدرجت الحركة الشعبية الحركة الإسلامية أو العكس إلي تبني شعار (تقرير المصير) لجنوب السودان، فقد وقّع الدكتور علي الحاج نائب الأمين العام للحركة الإسلامية مع الدكتور لام أكول – إبان إنشقاقه الأول عن الحركة الشعبية – وثيقة حق تقرير المصير لجنوب السودان في فرانكفورت في يناير 1992. و لعل الوثيقة قد فاجأت الدكتور جون قرنق قائد الحركة الشعبية و قائد الجيش الشعبي لتحرير السودان, و كانت بعد زمن قليل ثمناً دسماً لعودة الدكتور لام أكول إلي صدارة قيادة الحركة الشعبية. في ذلك الوقت كانت الحركة الشعبية في حلف سياسي مع كل أحزاب الشمال المعارضة عدا اتحاد قوي التحالف بقيادة الرئيس السابق نميري. ولاشك أنه هالها أن حزبا في السلطة – بل الحزب الوحيد الذي في السلطة – يعطي مثل هذا الحق لعدوه و لا يعترفون هم به. فكان ميثاق اسمرا في عام 1995 الذي وقعته الاحزاب الشمالية – فيما عدا حزب الشريف الهندي – معترفةً بحق تقرير المصير لجنوب السودان في سذاجة سياسية لن يغفرها التاريخ. – و هكذا وجدت الحركة/الجبهة الإسلامية من حيث لا يشعر الجميع أنها قد ضمنت اجماع الأحزاب الشمالية علي إنفصال الجنوب إذا لم يقبل تطبيق الشريعة الإسلامية. ثم إنكشف للجميع (إذ يندر أن يظل هنالك سرا طويلاً في السودان) أن الحركة الإسلامية قامت بما يمكن أن يفسر بأنها (أشترت) حق تقرير المصير من الدكتور لام أكول. بل إن الهمس قد حدد الرقم و العملة التي دفع بها ثمن تقرير المصير. لم يكن الرقم كبيراً, و ما كان يستحق كل هذه التضحيات والإبتلاءات و الدمار و الخراب, إذ لا يساوي قيمة بضعة مركبات أو شاحنات – و بدون سلاح كمان !
المشهد الثامن
كانت إتفاقات مشاكوس و نيفاشا برداً و سلاماً. أبعدت كل القوي بخلاف الحركتين: الإسلامية و الشعبية عن طاولة المفاوضات. و كان قد وضع أسس التفاوض فيها و رعاها بالإقناع و الترغيب و الترهيب و الإغراء الأعدء الذين طالما جفت الحناجر بالهتاف ضدهم وأمتلات الصدور بالبغضاء نحوهم. فكانوا هم الإنقاذ ل(ثورة) الإنقاذ. و مع أن السلام كان كلمة حق أُريد بها حق إلا أنها كانت الفرصة لكي يوضع البناء المتين للدولة الإسلامية بإنفصال الجنوب علي أساس يغري, و بل يقنع أغبي الناس بالأستعداد لأستقلال الجنوب بعد ستة سنوات. نعم حقاً قالت الأتفاقية:
1) أنتم منذ اليوم حاكمين للجنوب منفردين وحدكم, ولا وزراء شماليين شركاء معكم.
2) تشاركون في حكم الشمال بنائب أول و وزراء و وزراء دولة و مستشارين و هلمجرا …
3) لكم نسبة معلومة في السلك الدبلوماسي و الخدمة المدنية, و البنك مركزي به نائب محافظ مقره جوبا – شراكة و دربة.
4) أحتفظوا بجيشكم كاملاً و يمكنكم العمل علي تسليحه و تطويره.
5) لا تنسوا العَلَم – إحتفظوا به و كرّموه فسوف يجيء يوم رفعه.
6) إحتفظوا كذلك بمكاتب التمثيل الخاصة بكم في عواصم العالم – لا تقصروا دورها علي التمثيل الحزبي, بل لها توقيع الاتفاقيات و إعطاء تأشيرات الدخول للجنوب.
7) إستقبلوا القناصل و مكاتب التمثيل من الدول الاجنبية.
أما البترول الذي تم إكتشافه في أرض الجنوب, ستحصلون علي 50% منه و ليس علي النسبة العالمية المعروفة (10%) في أي اقليم يكتشف فيه البترول أو أي ثروة تحت الارض – و ستكون هذه النسبة – أي الخمسين بالمائة – طوال فترة الإنتقال المحددة بستة سنوات.
9) أما بعد تلك الفترة فسيحصل إستفتاء: فإذا قررتم البقاء في السودان الموحد سيظل شمال السودان يحصل علي 50% من بترولكم, أما إذا قررتم الأنفصال فسوف تحصلون علي بترولكم كاملاً غير منقوص.
10) و أخيراً سوف نعمل في الشمال علي أن نهيئ لكم (وحدة جاذبة)، وعندئذ تتخلون عن كل ذلك و تعودون إلي الوطن الحنون. يا سلام !
المشهد التاسع
كيف عملت الحركة الإسلامية علي جعل الوحدة جاذبة خلال فترة الست سنوات بجانب ما قدمته في المشهد الثامن؟
بدايةً و بعد أن أقنع المؤتمر الوطني (النسخة الاخيرة من الحركة الاسلامية) الحركة الشعبية بأن يتولي وزارة المالية, رفض للحركة الشعبية أن تتولي وزارة النفط الموازية – كما في الأتفاقية عن قسمة الوزارات السيادية – و ظل التجاذب في ذلك الأمر اسابيعاً ثمينة من عمر الفترة الإنتقالية. و تردد حينها شعار (لا بديل لعوض الجاز الا عوض الجاز). و بعد أن أدي التجاذب و الخلاف أغراضه في زيادة عدم الثقة, إتضح أنه هنالك ليس بديل واحد, بل بديلان لعوض الجاز (الجاب الجاز) – وبعد أن كادت الفترة الانتقالية أن تلفظ أنفاسها تنازلت الحركة الأسلامية عن وزارة النفط لوزير من الحركة الشعبية هو الدكتور لوال اشويك دينق. بعد آيه ؟!
تولت الحركة الشعبية وزارة الخارجية، و لكن تم تعيين وزيرها السابق مستشاراً لرئيس الجمهورية و ظل يقوم بأعمال هي من صميم إختصاصات وزارة الخارجية للدرجةِ التي جعلت الوزير (يحرد), و حتي نسي البعض أن دينق الور هو وزير الخارجية.
و كان من المتوقع تبادل الوزارات الأمنية, فمن يتولي وزارة الداخلية يجعل الأمن من إختصاص الآخر. و لكن و من أجل تعميق (الثقة) تولي المؤتمر الوطني الحقيبتين, و سمح لمندوبٍ من الحركة الشعبية أن يكون – بالأسم – نائباً لرئيس جهاز الأمن بجانب نائب فعلي من المؤتمر الوطني, و قد تولي (النائب الفعلي من المؤتمر الوطني) بالفعل رئاسة الجهاز نفسه في وقت لاحق من الفترة الإنتقالية. أما قانون و أختصاصات جهاز الامن – و التي عرفته و فصلته إتفاقية نيفاشا – فقد أصبح محل جدل أراح الإنفصال الناس عنه.
و ترسيم الحدود – و الذي إذا خلصت نوايا الوحدة الجاذبة – كان من الممكن و المفترض أن يبدأ مباشرة عام 2005 عقب التوقيع علي الإتفاقية, و لكنه تأخر لكي يكون أكثر جاذبيةً إلي عام 2010 ولم يستكمل إلي أن تم الإستفتاء علي تقرير المصير وهو لايزال الأن علي راس الأجندة في منضدة التفاوض بوساطة من الأتحاد الإفريقي في قائمة ترتيبات ما بعد الإنفصال. و الحدود هذه مرسومة، إن لم يكن في دار الوثائق في الخرطوم، ففي أكثر من عاصمة حول العالم: قاهرة المعز او الاستانة و لندن علي أقل تقدير. و لا يخفي الجدل و المماحكات التي تخللت الفترة من أن الإستفتاء لابد أن يؤجل حتي تعرف الحدود – و الخلافات التي وصلت المجلس الوطني – مما دفع نواب الحركة الشعبية لمقاطعة الجلسات (او الأضراب أسوة بإضراب الحركة في عام 2007) و التصريحات التي أطلقها رئيس المجلس بالأستمرار وفق الأغلبية الميكانيكية التي حددتها أتفاقية نيفاشا.
ثم جاءت المماحكات – من تلك العينة التي يعلم المؤتمر الوطني أنها لا تؤدي إلا إلي المزيد من التنفير من الوحدة – حول إجازة القانون، ثم بعدها في تكوين و تمويل لجنة إستفتاء جنوب السودان, ثم بعد أن يلتهب الجو و المشاعر يتم الأتفاق بعد أن يؤدي دوره في جعل الوحدة (جاذبة).
وهنالك الكثير الذي تمتلأ به صفحات الجرايد و طيات الاثير من الجانبين, يتبعه صمت حتي إنتهاء الإستفتاء من راعي الاتفاقية و موقعها – و الذي من المفترض أن يكون هو والدكتور رياك مشار نائب رئيس حكومة الجنوب عضوي لجنة دائمة تتابع التنفيذ و تزلل العقبات و توقف التصريحات السالبة من الجانبين. و لكن لم يكن هنالك حضور منتظم كامل إلا عند الوصول إلي الحافة, كأنما قضية الوحدة و الانفصال ليست الأسبقية الوطنية الأولي, و لا تحل مشاكلها إلا عندما تصل كل مرة إلي الحافة.
و بمناسبة الوصول إلي الحافة, علق أحد منظري عهد الانقاذ – الاستاذ عثمان ميرغني – رداً علي إحدي قنوات التلفزيون العربية بأن سياسة الوصول إلي الحافة، ثم التوصل إلي الحلول طريقة مجربة في التعامل ما بين المؤتمر الوطني و الحركة الشعبية, إذ أن الطرفين في النهاية يتحاشيان إنهيار الحوار و يتفقان. و لكن يبدو أنه في المرحلة الاخيرة, أن الحافة قد إنهارت لصالح الحركة الشعبية.
المشهد العاشر
توقعات بأن تنحاز الحركة الشعبية لخيار الإنفصال قوبل باقاويل من شاكلة: (معقولة؟) و (يعني يمشوا وين؟) و (لا تسمعوا ما يمنيكم به الامريكان, ولا حتي القذاقي !) و (الخلافات القبلية), و (عدم وجود خدمة مدنية), و (إنعدام البني التحتية), و (الحركة لم تتحول حتي الأن الي حزب سياسي), و (سيطرة الجيش الشعبي علي السياسة), و (وجود الجنوبيين في الشمال كاجانب مع اعفاؤهم من وظائفهم), و (إيقاف مرتبات الموظفين بل و حتي النواب البرلمانيين و الدستوريين في حالة النتيجة السالبة للأستفتاء)، و حتي تكتمل صورة أن الجنوبيين ناكري جميل في الأذهان لابد من ايراد سيرة (الاصابع الإسرائيلية). والكثير من هذا النوع من التراشق ما بين (باقان أموم) و الرد عليه من جانب (البروفيسير إبراهيم غندور) و(الدكتور محمد مندور المهدي) و من شايعهما من كلا الطرفين.
الجنوبيون عموما يؤمنون بأن تكون العلاقة بينهم و بين الشماليين مبنية علي (الندية) – مثل أيمان السودانيين عموما في تناول علاقتهم مع المصريين - و إلا أعتبر الجنوبيون غير ذلك المستوي من التعامل دليلاً علي عدم الأحترام المتبادل و التهميش. و حق المساواة هذا هو حق أقل ما يمكن أن يوصف بأنه حق انساني ناهيك عن كونه مطلوب وطني. لذا كانت التصريحات، و التصريحات المضادة تعميقاً للخلاف ليس بسبب محتواها فحسب, و إنما أن من يطلق التصريح او يتولي الرد من جانب المؤتمر الوطني (رغم تأهيله), نجد أنه أقل في (البروتوكول) من السيد الأمين العام للحركة الشعبية, يعني: (حقارة). أين مهندس الإتفاقية علي عثمان؟, بل أين الرئيس نفسه؟ و هل هنالك أكبر من وحدة السودان هما يشغلهما؟
المشهد الحادي عشر
تم الإعلان عن لجنة قومية لدعم الوحدة يرأسها السيد رئيس الجمهورية و شملت من شملت من الكبار والمسئولين. لم يسمع أحد عن نشاطها او اين تجتمع – إذا كانت قد أجتمعت – كما أنها لم تقم بزيارة واحدة لمكان المشكلة و هو الجنوب. و مما يجب ذكره أن الهيئة الشعبية التي كان يقوم علي رأسها الدكتور الطيب زين العابدين و الأستاذ الجليل محجوب محمد صالح, انه كانت اخبارها و نشاطاتها اكثر تنوعا و انتشارا, و لكن بالطبع كان ذلك كله ليس في مكان الحدث المهم ايضا: جنوب السودان.
القيادات السياسية من المؤتمر الوطني و من المعارضة (أحزاب الاجماع الوطني – أو ملتقي جوبا) لم تباشر أي نشاط داعم للوحدة في الجنوب طوال سنين الفترة الانتقالية, بل أنها أكتفت بتصريحات و تحذيرات لصحافة الخرطوم, والتي أنتظمت في الفترة الاخيرة قبل الاستفتاء.
ندوة وحيدة كانت ستقام في جوبا دعيت لها القيادات من المؤتمر الوطني و الحكومة أعتذر عنها بعض المشاركين و لم يعتذر أخرون – رغم وعدهم بالحضور – و غاب نفر أخر, و فشلت.
و هنا لابد من ذكر أن القيادة السياسية الوحيدة التي نشرت الصحف خبر قيامها بندوة في بحر الغزال لدعم الوحدة هي الأستاذ محمد ابراهيم نقد سكرتير الحزب الشيوعي السوداني. في حين توقفت حركة السياسيين من قيادات المؤتمر الوطني و المعارضة داخل حدود الشمال و ظلت تتراشق و ترمي باللوم يميناً و يساراً.
في الوقت نفسه نجد أن الادارة الامريكية و الأتحاد الأوروبي و ضامني إتفاقية السلام من مجموعة الترويكا قد نشطوا في أرسال المبعوثين و الرسائل للحكومة السودانية بأن يتم الأستفتاء بشفافية و بدون عنف, و قد تكررت هذه الرسائل و حامليها من الرسل للدرجة التي جعلت البعض يعتقد أنه كانت هنالك نوايا عنف و عدم شفافية. ثم أستقر الرئيس الامريكي السابق جيمي كارتر و سكن في الجنوب مراقباً لمسار التصويت و منتظراً (الانفصال) بلهفةٍ شاركه فيه كل زملاؤه من الأدارة والدولة الامريكية الذين وفدوا هناك بتصرفات و تصريحات هي في ذاتها ترتقي إلي أن تدخل في بند “عدم الشفافية”. ولكن من يجرؤ؟ أو من يرغب؟ الجدير بالذكر أن بعض منظمات المجتمع المدني السودانية قد لاحظت خروقات و تجاوزات لم يستمع ؟إليها أحد في لجنة الاستفتاء و لا وسط زملائها من المراقبين الاجانب – و سكتت الحكومة كأنما أن الأمر جاء علي هواها.
المشهد قبل الاخير
عودة للمشهد الأول. و الإستفتاء يدخل اسبوعه الأول و تشير الدلائل إلي فوز كاسح للأنفصال, بكت بعض قيادات المؤتمر الوطني, بكاء الجنرال أوفقير و هو يشاهد نجاح هدفه الأستراتيجي الذي ظل يعمل له عقوداً من الزمان.
و فجأة افاق الجميع علي لعنة التاريخ و الأجيال القادمة قبل الحالية, و علي الدماء التي سالت, والأسر التي تشردت, والقري التي تدمرت و الاشلاء التي تقطعت و قام من أجلها مصنعا للأطراف البشرية. و علي الأرواح التي استشهدت فأطلقنا الأسماء علي الشوارع, ثم المراكز, ثم الميادين و الساحات.
عودة للمشهد الثاني. ثم نجد أن (الصبي) قد أحتفل بالأنتصار لما ظل ينادي به نيابةً علي الجماعة و القبيلة والأسرة منذ توقيع نيفاشا. نحر الذبائح, و وزع الحلوي, و قاد المواكب. شيوخ القبيلة و زعيمها فرحون رغم ما يبدون كالعادة من عدم أتفاقهم معه طيلة خمس أو ستة سنوات من الدعوة إلي الأنفصال. لم يزجره أحد – و آني لهم. وأستمر, وأستمر و البهجة في الدواخل, و كان هو الوحيد الشجاع – كالعادة – في التعبير عن رأيهم الذي ظلوا يخفونه علناً عقوداً و يعملون له سراً عقوداً. و بمرور أيام قليلة و حتي قبل إعلان النتيجة كانوا أكثر من عاديين يمارسون كل صنوف الحياة و الحكم دون أهتمام واضح بنتائج ما أقترفت استراتيجيتهم في حق وطن أعطاهم كل شيء.
اما في المشهد الثالث لم يجروء احد ليقول أن الولد خال. فقد كان الأمر أوضح من أن تنطق به الشفاه.
المشهد الأخير
إقرأ المشهد الرابع و المشهد السادس
و سواءً إتفقت او إختلفت مع الحركة الإسلامية السودانية لابد من أن تعترف بأنها نجحت – و بتفوق – في تحديد أهدافها و العمل من أجلها سواء بطريقة أخلاقيات السياسة أو عدمها، و سواء بأقناع احزاب سياسية عريقة و شخصيات كبيرة و مؤثرة أو بإستغفالها. نجحت في الوصول لهدفها الأستراتيجي و هو حكم السودان الشمالي بالشريعة الإسلامية وفق رؤيتها و علي التخلص بطريقة سلسة و شفافة من ذلك الجزء الذي لم و لن يقبل بحكم الشريعة, و بتوافق تام, بل و بارتياح و أعجاب من المجتمع غير الإسلامي بل و غير المسيحي كالصين, و لا نقول من الصهيوني مُمثلاً في إسرائيل. و تركوا العالمين العربي و الإسلامي في ذهول حيث لم يعلق او يهنئ أحد.
اما المجتمع الإفريقي و الذي أستبدل اسمه من منظمة الوحدة الأفريقية إلي الأتحاد الأفريقي و الذي كان ضد (الإنفصال) و مع الحفاظ علي (وحدة و كيان) الدول الأفريقية بالحدود التي ورثها من الاستعمار – ميثاق عام 1963 – قد بارك الإنفصال الذي باركه قبله كل قيادات السودان تحت شعار تقرير المصير الذي تبنته الحركة الإسلامية السودانية. و الذي وقعته في وثيقة مع الحركة الشعبية الجنوبية الفصيل, و تسارعت الاحزاب السودانية الشمالية بالموافقة عليه سواء بوعي أنه سيقود بعد خمسة عشر عاماً لإنفصال الجنوب. أو بدون وعي استباقاً لشعار تفقدهم فيه الحركة الإسلامية علاقة ( أستراتيجية) مع الحركة الشعبية.
تهانينا للجميع, فالذين بكوا بصدق و حرقة هم كثير من الجنوبيون في الشمال, و قد صوتوا للوحدة.
خاتمة
في منزل الزعيم اسماعيل الأزهري لم يُنكس علم السودان حتي في يوم وفاته: نُكس العلم يوم أغتيلت وحدة السودان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.