images (23)    شاهد بالصورة والفيديو.. خجل وحياء عروس سودانية من عريسها في ليلة زفافهما يثير اهتمام جمهور مواقع التواصل    شاهد بالصورة والفيديو.. خجل وحياء عروس سودانية من عريسها في ليلة زفافهما يثير اهتمام جمهور مواقع التواصل    شاهد بالفيديو.. قائد قوات درع الشمال "كيكل" يدخل في وصلة رقص "عفوية" مع (البنيات التلاتة)    شاهد بالفيديو.. القيادي بالدعم السريع إبراهيم بقال يظهر بأحد الملاعب العالمية ويتابع مباراة كرة قدم.. تعرف على الحقيقة!!    شاهد بالصور.. المذيعة نسرين النمر توثق للحظات العصيبة التي عاشتها داخل فندق "مارينا" ببورتسودان بعد استهدافه بمسيرات المليشيا ونجاتها هي وزميلتها نجمة النيل الأزرق    شاهد بالفيديو.. القيادي بالدعم السريع إبراهيم بقال يظهر بأحد الملاعب العالمية ويتابع مباراة كرة قدم.. تعرف على الحقيقة!!    باريس يقهر آرسنال ويتأهل لمواجهة إنتر في نهائي دوري الأبطال    بهدفين مقابل هدف.. باريس يقهر آرسنال ويتأهل لمواجهة إنتر في نهائي دوري الأبطال    بيان توضيحي من مجلس إدارة بنك الخرطوم    عندما كان المصلون في مساجد بورتسودان يؤدون صلاة الصبح.. كانت المضادات الأرضية تتعامل مع المسيّرات    سقوط مقاتلة أمريكية من طراز F-18 في البحر الأحمر    ريال مدريد وأنشيلوتي يحددان موعد الانفصال    المسابقات تجيز بعض التعديلات في برمجة دوري الدرجة الأولى بكسلا    ما حقيقة وجود خلية الميليشيا في مستشفى الأمير عثمان دقنة؟    التضامن يصالح أنصاره عبر بوابة الجزيرة بالدامر    اتحاد بورتسودان يزور بعثة نادي السهم الدامر    محمد وداعة يكتب: عدوان الامارات .. الحق فى استخدام المادة 51    أمريكا: الهجمات بالمسيرات على البنية التحتية الحيوية تصعيد خطير في الصراع بالسودان    المضادات الأرضية التابعة للجيش تصدّت لهجوم بالطيران المسيّر على مواقع في مدينة بورتسودان    "آمل أن يتوقف القتال سريعا جدا" أول تعليق من ترامب على ضربات الهند على باكستان    في مباراة جنونية.. إنتر ميلان يطيح ببرشلونة ويصل نهائي دوري أبطال أوروبا    الهند تقصف باكستان بالصواريخ وإسلام آباد تتعهد بالرد    والي الخرطوم يقف على على أعمال تأهيل محطتي مياه بحري و المقرن    "أبل" تستأنف على قرار يلزمها بتغييرات جذرية في متجرها للتطبيقات    وزير الطاقة: استهداف مستودعات بورتسودان عمل إرهابي    ما هي محظورات الحج للنساء؟    توجيه عاجل من وزير الطاقة السوداني بشأن الكهرباء    وقف الرحلات بمطار بن غوريون في اسرائيل بعد فشل اعتراض صاروخ أطلق من اليمن    الأقمار الصناعية تكشف مواقع جديدة بمطار نيالا للتحكم بالمسيرات ومخابئ لمشغلي المُسيّرات    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد الثورات: أيُّ تحولاتٍ أصابتْ موقعَ الدين في الفضاء العام؟
نشر في حريات يوم 24 - 07 - 2011

ليس ثمة قرائن وشواهد قائمة بوفرة تسمح للاستنتاج بأنّ الإسلاميين في العالم العربي اختلفوا بعد «ثورات الربيع العربي» عمّا كانوا عليه قبل هذه الثورات. وعلى رغم أنهم لم يكونوا جزءاً من شعلة الثورات العربية منذ بدايتها، فإنهم اليوم، بسبب شعبيتهم (الآتية في الجزء الأساسي منها من حُسن تنظيمهم ولخطابهم مجتمعات يلعب الدين دوراً أساسياً في تكوينها) في مقدمة الحراك السياسي العربي. ولعل اتّكال الإسلاميين على هذين العاملين، اللذين يقلّصان في الحقيقة عنصر المنافسة معهم، يشكّل مانعاً أساسياً من موانع تغيّرهم الحقيقي أو إجرائهم لمراجعات جوهرية في أفكارهم وخطابهم، يسمح بنشوء مقاربات جديدة لمناقشة موقع الدين في المجال العام في عالم ما بعد الثورات العربية.
الإسلاميون اليوم يرددون أكثر من أيّ وقت مضى الحديث عن نموذج «حزب العدالة والتنمية» التركي في الحكم. لكنهم لا يتحدثون عن العلمانية في تركيا التي أفسحتْ المجال لحزب «العدالة والتنمية» ليقود الحكومة، وعبر الانتخابات، ثلاث مرات متتالية. والإسلاميون العرب، وهم يبدون إعجابهم بتجربة «العدالة والتنمية»، يعزلونها عن التجربة التركية في إدارة التنوع الذي يحفل به المجتمع التركي، وهو تنوّع يغلب عليه الانفتاح، وفيه يقف الأسلوب الغربي في العيش إلى جانب الأسلوب الإسلامي. ونظرة سريعة إلى المسلسلات التركية المدبلجة التي تحفل بها الفضائيات العربية، تكشف عن الوجه الآخر لتركيا، التي يخطئ الإسلاميون العرب في اختزالها في «العدالة والتنمية». والإسلاميون الأتراك هم على المحك، من جانبين: الأول هل سيبقون أوفياء للعملية الديموقراطية في حال خسارتهم لأي انتخابات مقبلة؟، وهل سيحافظون على تنوّع الحياة التركية إذا ما قُدّر لهم حيازة غالبية تؤهلهم تعديل دستور بلادهم، كما يحلمُ رجب طيّب أردوغان؟
وأسئلة العلمانية والديموقراطية وإدارة التنوّع وموقع الدين في المجال العام العربي تتأكد بعد الثورات العربية، التي توضح أنّ التخلصُ من حاكم مستبد أو حكومة فاسدة خطوة على الطريق الصحيح، لكنها ليست كل شيء. فالمسيرة نحو صحوة عربية تحتاج وقتاً. ولدى المقارنة بين «الربيع العربي» و «ربيع أوروبا الشرقية» قال الرئيس الأستوني توماس هندريك قبل أسابيع إنّ «تغيير السياسة وحده لا يكفي لتحقيق النصر على الأنظمة المستبدة وإرساء الديموقراطية». وعلى رغم أن دول وسط أوروبا وشرقها كانت تعاني تخلفاً اقتصادياً واستبداداً سياسياً في ظل تبعيتها للمنظومة الشيوعية، فإن ذلك لم يسلبها صفة كونها دولاً حديثة، قابلة لاستقبال الانتقالة الديموقراطية ومأسسة التغيير في شكل أيسر مما هو عليه الحال في العالم العربي.
ومع أنّ في المقارنات أخذاً للعبر واستلهاماً للدروس، فإن المراقب للثورات العربية يلاحظ أنّ كل دولة عربية هي حالة خاصة بذاتها، بينما كان وجود عدو خارجي مشترك (الاتحاد السوفياتي) لشعوب وسط أوروبا وشرقها حافزاً قوياً نحو تلاحمها وسيادة نظرية «الدومينو» بقوة في مسيرتها نحو التغيير والديموقراطية. وفي البلدان العربية حالات مختلفة ومتنوعة، والعقبات الأساسية لديها هي عقبات داخلية ومحلية في الغالب الأعم. وتتفق التحليلات والدراسات المقارنة بين «الربيع العربي» و«ربيع وسط أوروبا وشرقها» على أنّ الانقسامات القبلية والدينية العميقة في منطقتنا العربية، وافتقار دول عربية عدة لهوية وطنية وسياسية محل إجماع وتوافق وطني ديموقراطي وطوعي ليس هناك ما يشابهه في أوروبا الشرقية ووسطها (إذا استثنينا يوغسلافيا السابقة(
إنّ إعجاب الإسلاميين العرب الآخذ بالتصاعد بتجربة حزب «العدالة والتنمية «التركي بخاصة بعد ثورات «الربيع العربي»، سيبقى قاصراً وساذجاً وعاطفياً إذا ما تمّ غض الطرف من قبلهم عن «لعبة السياسة» التي يديرها حزب العدالة داخلياً وخارجياً. ومراجعة المراحل التي تنقّل معها موقف أردوغان من الثورتين الليبية والسورية ينبغي أنْ يُعيد إلى الإسلاميين، على اختلاف تكويناتهم، مفهوم السياسة بوصفها إدارة مصالح وحلولاً وسطاً وتسويات وتوافقات وتقديرات نسبية متغيرة باستمرار، وليستْ اختياراً بين أبيض وأسود أو إيمان وكفر أو حلال وحرام أو ثوابت لا تحول ولا تزول.
ولو راجعنا بعض مواقف الإسلاميين مما يجري من وقائع الثورات العربية لوجدنا أنّ الخطاب الفقهي الحِدّي في التعاطي مع السياسة ومجرياتها ما زال منتعشاً وسائداً. يشهد على ذلك فتوى القيادي الإخواني الأردني محمد أبو فارس الذي اعتبر قبل أيام قتلى التظاهرات والاعتصامات في العالم العربي شهداء، وأنَّ مَن لم يكن مُسلماً ومات كذلك؛ فهو -أيضاً- (بمثابة الشهيد)!. وهي فتوى اعتبرها كثيرون في المجتمع الأردني «دعوةً صريحةً لإثارة الفتنة، بل باباً مفتوحاً للقتل، والتعرُّض له، بدعوى الشهادة، وحُبّ الشَّهادة، وطَلَب الشَّهادة»، ناهيك عن افتقارها لفهم ما يجري على أنه حِراك سياسي واجتماعي للتوافق الوطني على أيّ الُسبل أنجع للإصلاح والحكم الرشيد ومحاربة الفساد والمفاضلة بين استقرار ظرفيّ يرتكز على الاستبداد وآخر طويل المدى يقوم على الحرية والديموقراطية، ما يعني أنها ليست معركة إيمان وكفر، بل معركة سياسية تسودها النسبية والالتباسات، ومعركة مواطنين تحت فضاء وطن واحد، وليست معركة مؤمنين وغير مؤمنين وحلال وحرام، وحق وباطل.
وفي مصر أيضاً، حيث للسلفيين صعود ملحوظ اليوم في المشهد السياسي نقرأ تصريح الشيخ أحمد يوسف، الأمين العام لجماعة أنصار السنة المحمدية، القوة الأساسية في التيار السلفي في مصر، بأن «الصراع بين الحق والباطل لن يتوقف، والصراع في هذه المرحلة يخص الإسلام في شكل أساسي؛ لأن تأثيره كان قوياً في الفترة الماضية بسبب ما أظهرته نتائج الاستفتاء الدستوري» في مصر.
ومع أنّ حديث زعيم حركة «النهضة» التونسية راشد الغنوشي لجريدة «التايمز» البريطانية يبدو متقدماً عن هذه المواقف حين قال إن حكومة إسلامية في المستقبل بقيادة الحركة ستحافظ على تونس كوجهة سياحية، وأنه إذا تولت النهضة السلطة في تونس فإنها لن تمنع الخمور أو النساء من ارتداء البكيني في الشواطئ، فإنّ ما تعرضت له المخرجة التونسية نادية الفاني يُعيد إلى الصدارة التساؤل الذي بدأته هذه المقالة حول مدى تغيّر الإسلاميين بعد الثورات العربية، وبالتالي مدى التغيّر الحقيقي الذي أصاب الثقافة العامة في مجتمعاتنا العربية، ومدى التحولات في موقع الدين من الفضاء العام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.