كثير من الناس يعتقد ان القضاء على الفساد يعني معافاة الاقتصاد وحافزاً لتقدمه، إننا نتفهم هذا القول، ولكننا كإقتصاديين نحسب أن هناك اختلافاً جوهرياً مع تلك الافكار، عندما نخضعها تحت مجهر الاقتصاد لأننا واتساقاً مع هذا الفهم فإننا نحيل كافة مشاكلنا الاقتصادية الحالية التي لا نختصرها في التضخم وحسب، وإنما في الكساد التضخمي (استمرار ارتفاع الاسعار والبطالة) الى الفساد وهذا الفهم فيه تبسيط لقضايا الاقتصاد ويجعلنا ننظر الى الفساد في شكله دون محتواه لأن الفساد من الناحية الاقتصادية لا يمكن معاملته كمعامل اقتصادي Economic Function ليفسر لنا العلاقة بين كميتين كأن نقول مثلاً اذا إنخفض الفساد بنسبة كذا في السنة فإن ذلك سينعكس على نمو الاقتصاد الكلي بشكل إيجابي أى بزيادة كذا في المئة، وبذلك لا يمكن إستخدام الفساد كمقياس لكفاءة الاقتصاد وحتماً لا يمكن أن نستخدم طريقة الاسقاط لمعرفة العلاقة بينهما مستقبلاً. ٭ ثانياً: اذا علمنا أن النظرية الاقتصادية بلغاتها الثلاث مؤسسة على تصرف الرجل الرشيد Economic Man، فان رب المنزل أو صاحب الاعمال الخاصة يتصرفان برشد في إدارة اعمالهما وإلا سيصيب عملهما الكساد والإفلاس واما في القطاع العام فينبغي أن تكون هناك من القوانين والنظم ما يؤكد سلامة مبدأ المسؤولية والمساءلة. ثالثاً: إننا سنجعل من الفساد شماعة كل المشاكل الاقتصادية التي نعيشها اليوم وهذا في حده تبسيط لتلك القضايا وللخروج من هذه الدائرة المغلقة ينبغي علينا أن نعمل الآتي وفق امكانياتنا المحدودة. 1/ بناء خطة اقتصادية واجتماعية قصيرة الاجل تضع الاولويات التي تختار بعناية فائقة على وجه الخصوص في القطاع الانتاجي على ان يكون محور الهدف زيادة الانتاجية وتخفيض تكاليف الانتاج. 2/ النظر في تخفيض تكاليف الانفاق الحكومي خاصة فيما يتعلق بالمخصصات لجميع الوظائف الدستورية. 3/ الإعادة والمراجعة لجميع القوانين واللوائح بهدف تخفيض التكلفة العالية للنفقات الإدارية التي تم وضعها وبعناية في تلك القوانين بواسطة كبار الموظفين، أو كما اطلق عليها الرئيس (النهب المصلح) وننهي هذه الفكرة بأن الفساد المدمر للدولة عندما يدب في الجهاز القضائي والشرطة ويفقد المواطن حقوقه التي كفلها له الدستور. دكتور/ حيدر بابكر الريح