يدعو مركز كارتر جميع الأطراف المعنية للعمل من أجل حل دائم للنزاعات القائمة حالياً في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق. ويمكن أن تساهم عملية المشورة الشعبية في التوصل إلى تسوية على المدى البعيد في كل من الولايتين إذا ما نفذت بطريقة موثوقة وذات مصداقية. بيد أن هذا يستدعي وجود مناخ أمني للحوار الصريح والحر، بجانب إشراك جميع أصحاب المصلحة في هذه العملية. تعثرت عملية المشورة الشعبية في ولاية النيل الأزرق في أعقاب قيام المجلس الوطني في 20 يوليو 2011 رسمياً بتمديد الجدول الزمني للعملية، وظلت مجمدة بواقع الحال منذ اندلاع القتال بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان (قطاع الشمال) في 1 سبتمبر 2011. وقد تم في وقت لاحق اعلان حالة الطوارئ في الولاية وعزل حاكم الولاية “مالك عقار”، وتعيين حاكم مؤقت بدلاً عنه. وعلاوةً على ذلك، تمّ حظر نشاط الحركة الشعبية – قطاع الشمال – كحزب سياسي. وصرحت مؤخراً الحكومة السودانية بجانب رئيس اللجنة البرلمانية للمشورة الشعبية بالنيل الأزرق أن العملية ستستمر الآن لاستكمال ما تبقى من خطوات، حيث تشمل تلك الخطوات المتبقية كلاً من جلسات الاستماع الإضافية وكتابة التقرير النهائي. إلا أن من الصعب إجراء عملية شاملة تحقق الأهداف المرجوة نظراً للتحديات الأمنية الحالية، ونزوح جزء من سكان الولاية، وعدم قدرة جميع الأحزاب السياسية على المشاركة بذات القدر من الفعالية فى العملية. بالنسبة لولاية جنوب كردفان، لم يتم بعد إنشاء مفوضية برلمانية للمشورة الشعبية، ولم تبدأ بعد عمليات المشورة بتلك الولاية. ويعود ذلك لتأجيل الانتخابات التشريعية فى الولاية من أبريل 2010 حتى مايو 2011 وما اعقب ذلك من اندلاع للقتال بين الحكومة السودانية وقطاع الشمال من الحركة الشعبية. ينص بروتوكول اتفاقية السلام الشامل (CPA) بشأن حل النزاعات القائمة في جنوب كردفان والنيل الأزرق على أن المشورة الشعبية هي حق شعب الولايتين فى الديمقراطية[1]. فالمبدأ الأساسي الذى تقوم عليه المشورة الشعبية، كما تبيّن كلاً من اتفاقية السلام الشامل وقانون المشورة الشعبية، هو “حق التعبير الشعبي” الذي سيكون بمثابة الأساس لحل النزاعات القائمة في جنوب كردفان والنيل الأزرق[2]. ويحث مركز كارتر جميع أصحاب المصلحة على الصعيدين القومي والولائي على الإلتزام بهذا المبدأ. ويمثل نموذج الوساطة بين الولايات والحكومة المركزية أحد نقاط الخلاف الرئيسية في عملية المشورة الشعبية. فقانون المشورة الشعبية يلزم مجلس الولايات ليكون الوسيط الرئيسي بين المجالس التشريعية في الولايات والحكومة المركزية إذا ما اقتضت الضرورة اجراء أي تعديلات على اتفاقية السلام الشامل[3]. إلا أن انفصال ولايات جنوب السودان العشرة غيّر كثيراً في تكوين المجلس. كما أن طبيعة مؤسسة الرئاسة السودانية قد تغيرت هى الأخرى بعد نهاية الفترة الانتقالية. ويحث مركز كارتر الأطراف الموقعة على اتفاقية السلام الشامل على العمل من أجل التوصل إلى حلول للخلافات والدخول في حوارات سلمية حول التسوية النهائية لقضيتي جنوب كردفان والنيل الأزرق. ومع استمرار القتال في كل من النيل الأزرق وجنوب كردفان، فإن المناخ غير ملائم لتنفيذ جلسات الاستماع الإضافية (جلسات النخب). علاوةً على ذلك، فإن انخراط الشريكين الرئيسيين – الحكومة السودانية والحركة الشعبية\ قطاع الشمال في القتال، إضافة إلى حظر مشاركة أحد الطرفين فى عملية المشورة الشعبية، يجعل من امر إجراء النقاش حول المواضيع الرئيسية امرًا غير ممكن عملياً. كما أن مسألة الترتيبات الأمنية ما زالت تمثّل أهمية قصوى، وينبغي بالتالي التركيز عليها كمحور أساسي. لكن، دون حضور ومشاركة قطاع الشمال من الحركة الشعبية في جلسات النخب فإن هذا الأمر سيكون صعبا . فالوصول إلى اتفاق سياسي بالطرق السلمية هو السبيل الوحيد لتنفيذ حقيقي لعملية المشورة الشعبية في الولايتين(جنوب كردفان والنيل الأزرق). لذلك يدعو مركز كارتر الأطراف المختصمة للوصول، على وجه السرعة، إلى تسوية تفاوضية للأعمال العدائية المستمرة حالياً.