في برنامج (الواجهة ) بتلفزيون السودان الرسمي أمس 3 ديسمبر قال الامام الصادق المهدي ما يفهم منه انه لو جاز له استخدام سلطته الأبوية لمنع ابنته رباح من الكتابة في (حريات) . وكان يتحدث عن مشاركة نجله عبد الرحمن في حكومة المؤتمر الوطني الأخيرة كمساعد لعمر البشير ، مشيراً الى انه انشأ أبناءه على أن يتخذوا قراراتهم ويتحملوا مسؤولياتهم ، كما هو الحال في الخطابات المفتوحة التي توجهها له ابنته رباح ، وان الذين يطلبون منه التدخل في موضوع عبد الرحمن لا يقبلون بمنع رباح من الكتابة في حريات ، في اشارة ربما لمساواته بين الأمرين . وعلق الحاج وراق رئيس تحرير (حريات) بأنه يعلم بأن الامام الصادق يأخذ عليه شخصياً موقفه المتعاطف مع حركات المقاومة المسلحة لأهل الهامش ، ولكن ذلك ليس شرطاً للكتابة أو العمل في (حريات) ، فنحن نقبل تعددية الآراء والمواقف ضمن الموقف العام الداعم للديمقراطية وحقوق الانسان في البلاد ، ومن نفس هذه الأرضية ، ورغم انني اختلف اختلافاً جذرياً مع الخط السياسي للامام الصادق المهدي طيلة الفترة الأخيرة ، الا انه يظل موضع احترامي وتقديري ، وكنت أتمنى أن يبادلنا الامام ذات الروحية . وأضاف رئيس التحرير أن موقف الامام من المقاومة المسلحة لحركات الهامش يحتاج الى مناقشة معمقة في حيز منفصل ، ولكن اجمالاً أقول أن الكفاح المسلح لأهل الهامش يكتسب مشروعيته من انسداد النظام الشمولي القائم حالياً ، فالانقاذ لا تقبل حرية التعبير ولا حرية التنظيم ، كما لا تقبل باية استقلالية – لا استقلالية حركة سياسية ولا منظمة مجتمع مدني ولا صحافة ولا شخصيات مستقلة ، بل ولا تقبل حتى ب (قدرة) فول ناجحة لا تتبع لها ، وقانون الانقاذ الدائم اما الاحتواء أو التحطيم ، والامام الصادق يعرف ذلك وأكثر ، ولهذا وضمن هذه المعطيات فان الدعوة للاكتفاء بالعمل المدني وحده ، يعني في التحليل النهائي الاستسلام لنظام الانقاذ ، لأنه يعني معارضتها ضمن قواعد اللعبة التي تضعها بنفسها ، ولهذا فاني شخصياً ورغم اني لا أمارس الكفاح المسلح بحكم قدراتي وقابلياتي الشخصية الا اني أعلم بأن العمل المدني الذي أمارسه غير كاف لوحده في مواجهة أنظمة شمولية غليظة كالانقاذ ، ليس لأنه يفشل وحده في اسقاطها وحسب وانما كذلك لأنه لا يمكن وجود مقاومة مدنية فعالة ومستقلة ابتداء في مواجهة الانقاذ الا كنتاج ثانوي للمقاومة المسلحة ، فضلاً عن أن الأكلاف الناجمة عن عنف النظام المؤسسي والمستمر لا يمكن مقارنتها باية مخاطر محتملة لعنف الضحايا . وبالنسبة لأهل الهامش ، وهذا ما أراه معهم ، فان المظالم التي قادت الامام المهدي لامتشاق السلاح ضد التركية السابقة هي نفسها القائمة الآن في تركية الانقاذ التي تحتاج الى مهديتها ، وذلك مما دفع حزب الأمة في التسعينات الى حمل السلاح ، ومن حينها وحتى الآن فان المظالم لا تزال قائمة ، ان لم تكن أسوأ . وقال رئيس التحرير انه يتمنى أن يرضى الامام الصادق بكتابة رباح في (حريات) ، أقله كما يرضى كتابتها في (الرأي العام) ، خصوصاً وان (حريات) وان اختلفت معه ستظل تقدر أراءه وتحترمه .