كشفت مجلة السياسة الخارجية الأميركية في عددها الصادر يوم الخميس 25 نوفمبر عن أن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما تحاول جاهدة معرفة (سعر) حكومة الخرطوم . وأوضحت: “حكومة البشير غير شفافة و منقسمة… تكرس لسياسة حافة الهاوية في الساعة الحادية عشرة. القضية الرئيسية، ما الذي تريده الخرطوم؟ وماذا بإستطاعة المجتمع الدولي وحكومة الجنوب تقديمه للخرطوم لترك الجنوب يذهب بثلث مساحة السودان وجميع النفط المنتج”. واستطردت: “الرئيس أوباما وإدراته يحاولان بصورة جاهدة معرفة سعر الخرطوم حتي يدفعونه”. وكشف المجلة عن أن سكوت غرايشن، المبعوث الأميركي للسودان، كان مندهشا عند رؤيته المسؤولين السودانيين مبتهجين للعرض الأميركي الجديد. وتساءلت الدورية: “هل هذا يعني تخفيف عبء الديون؟ أم المساعدات؟ أم الإستثمارات الأجنبية؟ هذه أمور مفاجئة للخرطوم أكثر من النفط الذي حاربت طويلا من أجل الحفاظ عليه”. وقالت الدورية إن الرئيس السوداني عمر البشير: “ينتظر للحظات الأخيرة لإبتزاز الأطراف”. وكشفت الدورية عن أن الإدارة الأميركية أرسلت السيناتور جون كيري، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس في مجلس النواب، في المرة الأولى لإبلاغ الخرطوم بموافقة الإدارة الأميركية على رفع إسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب مقابل إجراء الإستفتاء والإعتراف به من قبل حكومة الخرطوم. وتابعت: “في البداية، رحبت الخرطوم بالإشارة لكن دبلوماسي في الأممالمتحدة إلتقى الشخصيات ذاتها التي اجتمع بها كيري، وكشف عن سخرية الخرطوم من الخطوة لانهم إكتشفوا أنها تحتاج لموافقة الكونغرس بالتصويت عليها”. وأقرت المجلة بأن المال هو مستوى واحد فيما سمته ب” اللعبة المعقدة” لحد مذهل، مضيفة: “هذا نوع من اللعب تحبه الخرطوم”. وكشفت المجلة على لسان مسؤولون في الخارجية الأميركية بأن واحدة من القضايا العالقة هي أن الخرطوم تريد تطمينات من الحركة بعد الإنفصال أن لا تقوم بإيواء الحركات الدارفورية المسلحة في الجنوب لكن الحركة مترددة في إعطاء الخرطوم هذا النفوذ الذي تتمتع به- على حد ذكرها. وقالت الدورية إن الرئيس البشير ونائبه سلفاكير إجتمعا في أديس أبابا لمناقشة قضية أبيي لكنهما إتفقا فقط على مناقشتها في إجتماع الرئاسة المتوقع أن يلتئم مساء اليوم السبت. وأكدت الدورية على أن الخرطوم لن تذهب إلى الحرب. وأوضحت: “نشرت الخرطوم قواتها على الحدود ما بين الشمال والجنوب.. وقامت الحركة حديثا بتزويد جيشها بالمزيد من الدبابات ومضادات الصواريخ … الأمر الذي جعل خيار العودة للحرب بالنسبة للبشير مكلف للغاية”. واستطردت: “هذا أمر جعل البشير يراجع حساباته و يساءل نفسه بإجراء عملية حسابية بسيطة: ما الذى سأحصل عليه من اللعب بالكرة؟ وما الذى سأفقده إذا خسرت اللعبة؟”. وأجابت عن هذا التساؤل بالقول: “بالنسبة للرئيس البشير، لا يستطيع كسر اللعبة لانه لا يمكنه التكهن بردة فعل المجتمع الدولي جراء هذا الأمر”. وأوضحت: “المسؤولون الأميركيون والأممالمتحدة صاروا لا يتحدثون كثيرا عن إتهامات محكمة الجنايات الدولية بالإبادة الجماعية في دارفور لانهم لا يريدون عرقلة الإستفتاء في هذا الوقت… إستخدمت الخرطوم هذا الأمر لقصف بعض المواقع في دارفور سرا”. وأردفت: “البشير يعلم بأن المجتمع الدولي صبر عليه في هذه القضية تفاديا لعرقلة الإستفتاء، لذلك فهو (البشير) يفكر في عواقب نكوصه عن الإستفتاء”. وكشفت الدورية عن تعيين الأمين العام للأمم المتحدة رئيس تنزانيا السابق بنجامين مكابا لمراقبة الإستفتاء لإكساب العملية مزيدا من الشرعية. وتابعت: “الولايات المتحدة وبريطانيا أرسلتا إشارات تمهيدا للإعتراف بإستقلال دولة الجنوب… ووزير خارجية بريطانيا رئيس مجلس الأمن الحالي دعا كبير مفاوضي حكومة الجنوب باقان أموم لمخاطبة مجلس الأمن في إجتماعه الأخير الذي تم على مستوى وزراء الخارجية، وهذه كانت رسالة ضمنية قوية من بريطانيا بحضور هيلاري كلينتون تمهيدا للإعتراف بالدولة الوليدة”. وخلصت الدورية إلى أن الطرفين في إنتظار واشنطن كتابة إتفاقية ترددا في الوصول إليها، مضيفة: “ربما ينسب إلى أوباما الفضل في حال تصرفه بطريقة تمنع الكارثة… لكن أن يصل جنوب السودان إلى مرحلة دولة مجاورة (للشمال) في التاسع من يناير القادم فهذا شىء يشكر عليه أوباما”. ومجلة السياسة الخارجية هي دورية نصف شهرية أسسها أستاذ العلوم السياسية الراحل صامويل هنتيغتون، وتعنى بشؤون السياسة الخارجية، وتحظى بإحترام كبير .