“..هي مملوكة، وإن اختلف نوع ملكيتها عن ملكية الرقيق.. وهي محبوبة، وحبها يبعث على استحواذ الرجل عليها.. وهي ماعون الولد، والحرص على انقاء النسب يسوق إلى تشديد الرقابة عليها.. وهي ضعيفة، في مجتمع الفضيلة فيه للقوة.. وهي متهمة، ومظنة خطيئة، فلا ترى لها عفة مرعية إلا عفة يسهر عليها الرجل.. يقول شاعرهم في ذلك: أسكين، ما ماء الفرات وطيبه مني على ظمأ وبعد شراب بألذ منك، وان نأيت، وقلما ترعى النساء أمانة الغياب من هذه المواقف المختلطة، ومن مشاعر غيرها، تدخل في بابها، جاءت معاملة المرأة، وضرب عليها الحجاب، وعوملت معاملة القاصر، المتهم.. ونزع أمرها من يدها، وجعل إلى أبيها، أو أخيها، أو وليها من أقاربها الأدنين، أو قد يجعل لمطلق رجل من العشيرة، أو للحاكم، أو لزوجها.. ولا يكاد يختلف حظ المرأة في بلد، دون بلد، إلا اختلافا طفيفا..” (الأستاذ المفكر محمود محمد طه، تطوير شريعة الأحوال الشخصية،أول طبعة – ديسمبر 1977م). لازلنا نواصل حديثنا حول الفتوى المستنيرة للاستاذ حسن الترابى والتى أفتى فيها بجواز زواج المسلمة من كتابى ، وقلنا انه رغم اختلافنا مع مواقف الاستاذ الترابى السياسية وبعض مواقفه الفكرية الا اننا تقدر فتواه لما بها من احترام للمرأة ، لأن جوهر الأمر ان الذين ينادون بحرمة مثل هذه الزيجات انما هم رافضين لحرية المرأة كفرد مستقل فى الاسلام رغم ان جوهر الاسلام هو الحرية والفردية فإن الفرد رجلاً كان أو امرأة هو الغاية فى الاسلام ، ولقد قال تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الزمر:7] مما يعنى الفردانية فى الحساب .والذى يؤكد على ان الفرد يحاسب بنفسه على ماقام به لايحاسب شخصاً بدلاً عنه، كما يقول تعالى في سورة الزلزلة في الآيتين 7 و 8 : ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ) . بهذا نفهم بوضوح ان الفردية فى الحساب ترتبط بداهة بالفردية فى العمل مما يعنى اننا كنساء محاسبات كأفراد ويجب ان نعمل بحياتنا كأفراد أيضاً. إن تتبعنا حجج الرافضين لزواج المسلمة بكتابى نجدهم يعتمدون على الآية 221 من سورة البقرة ” ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن و لأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم. ” ثم عاد فى الآية 5 من سورة المائدة ليقول” اليوم أحلّ لكم الطيبات و طعام الذين أوتوا الكتاب حلّ لكم و طعامكم حلّ لهم و المحصنات من المؤمنات و المحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم “. ان استنتاج حرمة الزواج من الكتابيين أمر يتعارض و روح الآية المدكورة التى لا تفرق بين حلال طعام المسلم للكتابى و حلال طعام الكتابى للمسلم. اذ ان الطعام حلال فمابالك بالزواج.!!! كذلك يعتمدون الحديث المروى عن ابن عباس و نصه :” ادا أسلمت النصرانية قبل زوجها فهى لنفسها أملك “ والذى لا تدل قراءته على التحريم بل على العكس لقد أعطاها الحديث حرية الأختيار بين البقاء معه أو تركه و الا كان قد قال صراحة فهى لا تحل له أو وجب تركه أو ما شابه ذلك. ان لهذا المنع التعسفى اسبابه الاجتماعية وليس الدينية ،اذ يقول أحدهم محمد مصطفى شلبى فى كتابه أحكام الأسرة ، دار النهضة العربية للطباعة والنشر والتوزيع الطبعة رقم 2، ، 1977) ” ان طبيعة الزواج تجعل للزوج سلطانا على زوجته لما له عليها من القوامة و بالتالى فان كانت الزوجة مسلمة و الزوج كتابى فقد يستعمل حقه فى القوامة فى الاساءة اليها فيطعن فى دينها حيث لا يؤمن بنبيها و كتابها و هى ضعيفة لا تستطيع انقاذ نفسها من الخطر لأن مفتاح الخلاص و هو الطلاق ليس فى يدها و هى بين أمرين أحلاهما مرّ فاما أن تدافع عن دينها فتسوء العشرة بينهما أو تستسلم فتقع مضطرة تحت تأثيره فتفتن فى دينها . لهذا و ذاك حرّمها الشارع على غير المسلم”. !!!!!!!! ان التقليدية التى تشل عقول المسلمين تجعلهم يلجأون لحل معضلاتهم بما يجافى المنطق اذ ان المنطقى ان يفكر المسلمين فى حل “لضعف” النساء المسلمات لانه حسب نصه” ضعيفة لا تستطيع انقاذ نفسها من الخطر..” وبدلاً عن الاجتهاد يلجأ للحل الأسهل والذى لايعارض التقليد ولايصارعه. اننا كمسلمات نتمنى ان تتواصل مثل هذه الفتاوى المضئية علها تسكب بعض ضوء فى ظلامات ارضاع المرأة المسلمة، وبالسودان تحديداً يأتى أمر الافتاء بجواز الزواج من كتابى فى وقته. اذ ونحن على شفاء انفصال محزن من الجيد نراجع أنفسنا حول كل مايبدو به شبهة تشدد لايشبه روح سماحة الاسلام، والمرأة وحريتها من أكثر المناطق حظراً للذهن السائد فان كنا نسعى لتغيير أوضاع المرأة بأبراز الوجه الحقيقى للاسلام فاننا حتما سنتجه بالاتجاه الصحيح . لنكن بذلك أقرب لديننا المترع بالحض على الحرية والكرامة الانسانية. هادية حسب الله [email protected]