وصلتني الرسالة التالية من الأستاذ خالد الشريف تعليقا على ما كتبته حول الحالة الاقتصادية في السودان، وكيف تدار؟. : أخي فائز السليك : التحية ليك ولكل من يحمل القلم الحُر في بلادي : كنت بصدد التعليق على ما جاء في (فضاءات) الأسبوع الماضي- وكانت عن رواية المائة دولار والمقارنة بين تلك الحكاية وبين كيف تدار السياسة الاقتصادية في السودان. إليك هذه الرواية وهي تقريباً رديف طبق الأصل لما جاء في (فضاءات). واحد من الجماعة إياهم وبعد عدة أشهر من استلام الجبهة للحكم اشترى قطعة أرض في حي شعبي بالعاصمة، وذلك قبل أن تظهر مخططات كافوري وغيرها، والرجل شيد منزلاً كبيراً، وفخم للغاية، و ظلت العربة المرسيدس تدخل وتخرج بالباب الكبير دون أن يعلم جاره القريب إلى أين تذهب هذه العربة؟. ولا من أين تأتي؟. فالرجل ليست له علاقة مباشرة بالجيران، وهو في هذا الحال ظهر له ذات يوم جار ملاصق لمنزله، وكان هذا الجار في غاية البؤس والعدم، لكن زوجته شجعته على الذهاب لجارهم هذا عله يجد له عمل، أو يمنحه رأس مال لأي تجارة كانت؛ وفعلاً ذهب لجاره الغني، و طرق باب بيته؛ فقابله صاحب الدار، فطلب منه الرجل وفي انكسار أن يقدم له المساعدة، وذلك بأن يعينه على الحصول على العمل في أي مكان، أو أن يمده بشيء يساعده على إعاشته هو أسرته، فرحب به الرجل ، وقرر مساعدته، لكنه طلب منه أن يذهب الآن وينتظره غداً صباحاً عند خروجه، بشرط أن يكون مرتدياً أحسن ما يملك من ثياب، رجع الرجل إلى زوجته وأخبرها بما قاله الجار الثري، فدب النشاط في روح الزوجة، وسهرت تلك الليلة تغسل الجلابية والعمة والشال، وتكويهم أكثر من مرة، كما استلفت مركوباً لزوجها، وقامت بتلميعه، ومع استقبال أول خيوط الفجر الجديد، كان الرجل أمام منزل جاره، وانتظر حتى خروج العربة الفارهة، فامتطى معه تلك المرسيدس لأول مرة في حياته، وذهب به أولاً إلى أحد الدواوين المشهورة، وبعد سلام “الأخوان” وتحايا “الشيوخ”، وضحكاتهم التي تظهر أوداجاً متوردة، أخبرهم أن من يصطحبه هو “شيخ “فلان” ، رجل البر والإحسان، و جاء ليتبرع لكم بمبلغ خمسة مليون دينار، يا سلاااام تبارك الله إنشاء الله سوف تكتب له في ميزان حسناته، شيخ فلان طيب يا جماعة أدونا إيصال باستلامكم للمبلغ، تفضل هذا هو الإيصال خرج شيخ فلان مع جاره الذي أصبح رجل البر والإحسان وأركبه العربة وذهب به إلى وزارة، وبعد تحايا “الأخوان” وسلام “الشيوخ” والضحكات اياها ، قدم لهم الجار باعتباره الشيخ المحسن الذي تبرع لديوان….. بمبلغ 5 مليون دينار، يا سلاااام الله يكتر من أمثاله، وإنشاء الله تكتب له في ميزان حسناته، همس فيهم شيخ فلان، طيب يا جماعة حقو نشوف حاجة لأخونا المحسن دا… كان رد الجماعة والله مافي مانع ممكن نشوف ليه طريقة، وتشاوروا فيما بينهم وخرجوا بفكرة تصديق برخصة استيراد دقيق بمبلغ 200 مليون دينار، وعرضوا هذا على الشيخ الذي أكد على رضائه بفعل المعروف بالعبارة ” جزاكم الله خير”، خرج شيخ فلان بصحبة رجل البر والإحسان، وذهب به بالعربة المرسيدس إلى تجمع من السماسرة الذين يعرفونه جيداً، والتحايا الأخوانية، وسلام الشيوخ، والضحكات أياها، ثم الدخول في الموضوع، والكشف عن سر الزيارة، وهو عرض رخصة باستيراد دقيق بقيمة 200 مليون دينار، وبدات “المساومة”، و”الدلالة”، وكانت البداية مبلغ 8 مليون دينار، ثم عشرة، ثم ا12 مليون دينار ، وتمت المبايعة، أو “المضاربة”، أو أي شيئ من صيغ المشروع الحضاري،، ليخرج الشيخ فلان، وفي يده شيك بمبلغ 12 مليون دينار، فذهب بالرجل المحسن إلى البنك، وصرف الشيك، وخرج بصحبة الرجل المحسن، ولكن هذه المرة كان بينهم في مقعد العربة كيس به مبلغ 12 مليون دينار كاش وذهب بالرجل إلى ديوان…. الذي كان بداية الحكاية، أها يا جماعة هذا هو مبلغ الخمسة مليون دينار الذي تبرع لكم به الشيخ فلان رجل البر والإحسان شكراً مع السلامة، وخارج الديوان أخرج شيخ فلان مبلغ 3 مليون دينار وسلمها لجاره لتكون رأس مال لأي حاجة؟؟ خالد حامد الشريف شكراً خالد على الحكاية التي لخصت “المشروع الحضاري، أو مشروع “سوق المواسير، وكيف تولد القطط السمان؟. ولماذا تخلق اقتصاداً مثل “الزبدة”، يمكن قطع أوصاله؛ بأية سكين!.