أقر وزير الصحة، بحر ادريس أبو قردة، أن الصحة في البلاد تواجهها مشاكل حقيقية بعضها موروث، وتعهد بمعالجة الاختلالات الصحية، وعقد مؤتمر قومي لقضايا الصحة وتوطين العلاج بالداخل، نافيا بشدة وجود اتجاه في الدولة لرفع يدها عن العلاج وخصخصة الخدمات العلاجية. وقال أبو قردة في صالون الراحل سيد أحمد خليفة أمس، ان هناك ضرورة لزيادة الاموال المخصصة للصحة في الميزانية،على الرغم من الظروف التي تمر بها البلاد، ورأى انه بينما تتزايد اعداد الراغبين في دراسة الطب الا ان وزارة الصحة غير جاذبة ويتهرب الجميع من توليها لأنها ليست مهمة وليست ذات اولوية للدولة. وتعهد بمعالجة الاخطاء التي صاحبت تجربة توطين العلاج بالداخل، مبينا انه لا مفر من مواصلة العمل لتوطين العلاج عبر تأهيل المستشفيات وتشجيع القطاع الخاص للاستثمار، وقلل من الحملة على استيراد معدات طبية مستعملة، ورأى أنه لا غبار من استيرادها وفق ضوابط محددة لأن السودان ليس أميركا أو أوربا. وذكر وزير الصحة أنه لم يتخذ قرارا بعد بشأن مصنع تبوك للادوية بعد ارتكابه مخالفة بتصنيع دواء غير مرخص به،موضحا أنه تلقى تقريرا من مجلس الصيدلة والسموم لا يزال يدرسه، ووعد بتمليك المعلومات للرأي العام،مشيرا الى أن المصنع ارتكب مخالفة عاقبه عليها المجلس بوقف خط الانتاج والصيادلة الذين أشرفوا على انتاج الدواء،لكن رئيس اللجنة الفرعية التي كلفت من المجلس يطالب بسحب ترخيص المصنع وليس الاكتفاء بمعاقبته. من جانبه، دافع وكيل وزارة الصحة عصام الدين محمد عبد الله عن الأداء الصحي وقال ان هناك مؤشرات تؤكد ذلك منها انخفاض وفيات الأمهات والأطفال، وان الموازنة المخصصة للصحة زادت من 2.5% في العام 2006 الى 2.8% في العام 2011، مبينا أن جهود وزارته افلحت في الحصول على تمويل خارجي آخرها الموافقة على توفير مصل للتطعيم ضد السحائي يستمر مفعوله عشرة أعوام. من جهته، كشف الأمين العام لمجلس الصيدلة والسموم محمد حسن امام، أن المجلس احال ثلاث مؤسسات علاجية خاصة للقضاء بسبب استيرادها اجهزة طبية مستعملة، ورفع تقريرا بذلك الى مجلس الوزراء بعدما قرر الزام تلك المؤسسات باعادة تصديرها،كما دوّن اتهاما ضد مصنع دواء بشأن مستحضر. أما مدير الامدادات الطبية الدكتور جمال خلف الله فدافع عن شراء أدوية سرطان من صيدليات في مصر من دون ضوابط الاستيراد المعروفة للأدوية بسبب استثناء ادوية الطوارىء من تلك الضوابط، وقال ان ذلك تم بموافقة وزارتي المالية والصحة بعد ما رفضت جهات في الخارج بيع أدوية للسودان، ونفى أن تكون عطاءات استيراد الأدوية التي أعلنت عنها الامدادات تأخرت ، مشيرا الى انها كانت تتم في ثمانية أشهر وحاليا لم تزد عن خمسة أشهر. وكان عبد الخالق عبد الفتاح من لجنة الأطباء انتقد بشدة الأوضاع الصحية في البلاد واتهم الدولة برفع يدها عن الخدمات العلاجية ورأى أن تفكيك مستشفى الخرطوم خطوة في هذا الاتجاه، موضحا أن ما خصص للصحة في الموازنة انخفض في هذا العام الى 2% ، أي أن نصيب الفرد 6.4 قرش في العام، واتهم وزارة الصحة بعدم الاهتمام بتدريب الأطباء مما زاد من حالات الأخطاء الطبية. كما رأى رئيس رابطة الأطباء الاختصاصيين الدكتور محمد عبد الرازق أن ملف الصحة تحول من ملف خدمي الى أمني، وأن تفكيك مستشفى الخرطوم يأتي في هذا الاطار، وانتقد ضعف تدريب الأطباء مما أدى الى نقص في بعض التخصصات مثل الجراحة، مشيرا الى أنه أغلق قسم جراحة الأطفال أكثر من ثلاثة أشهر لعدم وجود اختصاصيين. كما تحدث في الصالون الأمين العام لجمعية حماية المستهلك الدكتور ياسر ميرغني، وقال ان خروج مجلس الصيدلة من وزارة الصحة وراء كل مشاكل الدواء وصارالمجلس يواجه ضغوطا من مافيا الأدوية، وكشف وقوع أخطاء في تسجيل أدوية تم حلها ب «الجودية»،كما أن بعض قرارات المجلس التي تصدر غير نافذة، مشيرا الى استيراد أجهزة طبية قديمة وقرار المجلس باعادتها من حيث أتت لكن واحدا منها يستخدم حاليا،واستيراد أدوية غير مسجلة وعدم الالتزام بالضوابط في الاستيراد كما حدث في جلب دواء سرطان من صيدليات بمصر،وانتقد فشل الجهات المختصة في ترحيل دواء بمليوني دولار تبرعت به منظمات أجنبية،الى مناطق ينتشر فيها المرض. وكان التوتر سيطر على الصالون إثر النقاش الحاد وتبادل الاتهامات بين مديري الإدارات في وزارة الصحة وممثلي لجنة أطباء السودان. فقد دمغت لجنة أطباء السودان الوزارة بالصمت حيال تقليص ميزانية الصحة، مشيرين إلى تجاوزات كبيرة في الترقيات والتدريب الذي يوزع على حسب الولاء السياسي، واستنكرت طبيبة تردي بيئة العمل في المستشفيات، وقالت في حضور ممثل لمجلس إدارة مستشفى بحري العميد يوسف عبد الفتاح إن الاستراحة لا يوجد بها سوى حمام واحد لجميع الطبيبات بالمستشفى، في الوقت الذي فتحت فيه إدارة المستشفى للقطاع الخاص فرصة الاستثمار في العلاج داخل مستشفى حكومي، وفي رده أكد عبد الفتاح أن الاستثمار في الأشعة بمستشفى بحري يدر عليها 30 ألف جنيه شهرياً. الجدير بالذكر أن السودان يعطي للصحة أقل من 3% من الميزانية بينما التزامه يصل إلى 15% من الميزانية تصرف على الصحة كما جاء في إعلان أبوجا في عام 2000م. كما تعاني البلاد من أزمة دواء طاحنة إزاء ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق الموازي ورفض الدولة القيام بدعم الدواء. ويحشد قطاع الصحة مثل غيره بقضايا الفساد الإداري والمالي.