سيدة الأعمال رانيا الخضر تجبر بخاطر المعلم الذي تعرض للإهانة من طالبه وتقدم له "عُمرة" هدية شاملة التكاليف (امتناناً لدورك المشهود واعتذارا نيابة عنا جميعا)    شاهد بالصورة.. الناشط محمد "تروس" يعود لإثارة الجدل ويستعرض "لباسه" الذي ظهر به في الحفل الضجة    شاهد بالصورة.. الناشط محمد "تروس" يعود لإثارة الجدل ويستعرض "لباسه" الذي ظهر به في الحفل الضجة    سيدة الأعمال رانيا الخضر تجبر بخاطر المعلم الذي تعرض للإهانة من طالبه وتقدم له "عُمرة" هدية شاملة التكاليف (امتناناً لدورك المشهود واعتذارا نيابة عنا جميعا)    شاهد بالصورة والفيديو.. المذيعة تسابيح خاطر تستعرض جمالها بالفستان الأحمر والجمهور يتغزل ويسخر: (أجمل جنجويدية)    شاهد بالصورة والفيديو.. المذيعة تسابيح خاطر تستعرض جمالها بالفستان الأحمر والجمهور يتغزل ويسخر: (أجمل جنجويدية)    القيادية بالحرية والتغيير حنان حسن تفاجئ الجميع وتدافع عن الطالب الذي أهان معلمه بالرقص أمامه: (ما شفت رقصه قلة أدب ولا عدم تربية وانتو خالطين بين الاحترام والخوف وبين التربية والقسوة)    زامبيا تحصل على نقطة ثمينة    والي الخرطوم: عودة المؤسسات الاتحادية خطوة مهمة تعكس تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية بالعاصمة    إسحق أحمد فضل الله يكتب: كسلا 2    جامعة الدول العربية تردّ على مبادرة كامل إدريس    فيديو يثير الجدل في السودان    ولاية الجزيرة تبحث تمليك الجمعيات التعاونية الزراعية طلمبات ري تعمل بنظام الطاقة الشمسية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    الإشكالية فوق الهضبة الإثيوبية    السودان.. قيادي بحزب شهير يكشف عن"الاختراق الكبير"    عضوية الهلال... العدالة أولًا    مانشستر يسقط على ملعب فيلا بارك    خطة أميريكية لوقف القتال في السودان    حسين خوجلي يكتب: الكاميرا الجارحة    احذر من الاستحمام بالماء البارد.. فقد يرفع ضغط الدم لديك فجأة    في افتتاح منافسات كأس الأمم الإفريقية.. المغرب يدشّن مشواره بهدفي جزر القمر    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    تعرف على القيمة السوقية للاعبي المنتخب السوداني المشاركين في أمم أفريقيا.. نجم الدوري التايلندي الأغلى.. صلاح عادل يتفوق على الغربال وروفا في مركز متأخر ب 100 ألف فقط    مكافحة التهريب بكسلا تضبط 13 ألف حبة مخدرات وذخيرة وسلاح كلاشنكوف    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    4 فواكه مجففة تقوي المناعة في الشتاء    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    ريال مدريد يزيد الضغط على برشلونة.. ومبابي يعادل رقم رونالدو    وفاة مسؤول بارز بناد بالدوري السوداني الممتاز    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    شاهد بالصورة.. عروس سودانية تحكي قصة عن طيبة السودانيين: (كنت مضطرة أسافر يوم زواجي وكنت مكتئبة وبطني طامة..قابلت سيدة في الطائرة أخرجت "كيس" الحنة ورسمت لي حنة العرس ونحنا في الجو)    لتحسين الهضم والتحكم في الشهية.. ما أفضل وقت لتناول التمر؟    قبور مرعبة وخطيرة!    شاهد بالصورة.. "كنت بضاريهم من الناس خائفة عليهم من العين".. وزيرة القراية السودانية وحسناء الإعلام "تغريد الخواض" تفاجئ متابعيها ببناتها والجمهور: (أول مرة نعرف إنك كنتي متزوجة)    حملة مشتركة ببحري الكبرى تسفر عن توقيف (216) أجنبي وتسليمهم لإدارة مراقبة الأجانب    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    انخفاض أسعار السلع الغذائية بسوق أبو حمامة للبيع المخفض    تونس.. سعيد يصدر عفوا رئاسيا عن 2014 سجينا    ضبط أخطر تجار الحشيش وبحوزته كمية كبيرة من البنقو    البرهان يصل الرياض    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    ترامب يلغي وضع الحماية المؤقتة للإثيوبيين    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الكريم سروش: المنزع والتحولات …. بقلم : رضوان السيد
نشر في حريات يوم 26 - 03 - 2012


رضوان السيد
ترددت طويلا في الكتابة عن تحولات عبد الكريم سروش الأخيرة، ليس لقلة أهميتها؛ بل انتظارا لاكتمالها بحيث يمكن الإحاطة بها وتقويمها. وما اكتملت تلك التحولات، لكن زملاءه والعلماء الأصغر سنا بإيران هاجوا عليه هياجا شديدا بحيث صار الرد على أطروحاته الأخيرة لديهم، وفي قم بالذات، أهم من شتم الأميركيين بشأن ملف إيران النووي! ولذلك رأيت أن أستعرض تلك الآراء ودلالاتها على التحولات العميقة والمتناقضة بداخل الفكر الإسلامي، ولدى الشيعة والسنة على حد سواء. ولمن لا يعرف عبد الكريم سروش جيدا، هو واحد من الشبان الإيرانيين الذين تحمسوا للثورة الخمينية، وكان قد درس في الأصل الصيدلة بلندن، وتأثر أثناء دراسته بأفكار الإيراني المجدد علي شريعتي، وقد بلغ من ثقة الخميني به أن جعله ضمن اللجنة المسؤولة عن إعادة «تأهيل» الجامعات لإخراجها من «التلوث» الغربي على مدى ثلاث سنوات. بيد أنه سرعان ما ابتعد عن النشاطات اليومية، وانصرف للعمل الفكري النهضوي والتجديدي، لكنه بدأ من خلفية صوفية أو عرفانية، جعلت مقاصده غائمة بعض الشيء، وإن تكن قد حمته مؤقتا من تغولات السلطة وولاية الفقيه. بيد أن هذا التخفي ما أفاده طويلا رغم وصول صديقه محمد خاتمي إلى سدة الرئاسة، فتكرر خروجه من إيران متجولا بين أوروبا والولايات المتحدة إلى أن استقر قبل سنوات ببريطانيا. وسروش لمن لا يعرفه قراءة، كثير الكتابة، وبحكم ثقافته العلمية فهو تجريبي، وقد ظل كذلك رغم العرفان الصوفي الذي دخل فيه طويلا. وما أزعجه في التشيع في البداية غير «بدعة» ولاية الفقيه، وقال إنه سكت عن ذلك بداية لعشقه للخميني قائد الثورة، لكنه خشي فيما بعد أن تكون فكرة «الولاية» مفسدة للتشيع إن لم تكن مفسدة للإسلام! وقد قرأته منذ التسعينات بالإنجليزية، وعندما ترجم كتابه: «القبض والبسط» إلى العربية لقي ترحابا كبيرا، ثم ترجمت كتبه الأخرى التي لم تعد توزع في إيران بسلاسة. والقبض عنده (بالمعنى الصوفي والعام) هو الانكفاء والتحفز، والبسط هو الانفتاح والبحث عن آفاق جديدة، وهو قد لاحظ أن الأمة مرت وتمر بمراحل انقباض وامتداد شأن الأفراد. وسروش في الأصل تعرف على التراث الشيعي بالتدريج، وما اهتم بالفقه شأن الفقهاء المراجع، بل اهتم بالعرفان وعلم الكلام. وكلما تقدم في قراءاته ازداد روعه من مسألة الإمامة أو بالأحرى الولاية وتأثيراتها السلبية في الدين والتدين. وعندما عاد إلى أوروبا انصرف إلى قراءات معمقة في الفقه والأصول، وعلم الكلام، والأديان المقارنة. وقد اقتنع بتخلف الفكر الديني، والفكر السني أكثر من الفكر الشيعي. وأخذ عن النقاد العرب الفكرة القائلة بالانسداد السني الأشعري، وأن المعتزلة أفضل لدى الشيعة ولدى الليبراليين المحدثين، لذلك كان يسمي نفسه معتزليا جديدا. بيد أن الارتياع من عقيدة الولاية الشاملة أو المعصومة، قاده إلى مراقبة المسألة نفسها لدى السنة، فوجد أن هناك تمايزا شديدا حتى لدى المتصوفة منهم في هذه المسألة بالذات، باستثناء القائلين بالحلول أو وحدة الوجود بالطبع! ولنصل إلى الانقلاب الأخير الذي أنجزه سروش هذه المرة، فقد كتب في السنوات القليلة الماضية دراستين طويلتين نسبيا، تتعلق إحداهما وأطولهما بالنبوة والإمامة، وتتعلق الأخرى بالمفاضلة بين المعتزلة والأشعرية. ودراسة النبوة أو ختم النبوة والإمامة هي الأكثر أهمية، أما الأخرى فهي الأفضل من حيث تعرضها لتاريخ الفكر والفرق الإسلامية ومناهجها أو الكلام والفلسفة الطبيعية (= الجوهر والعرض)، والوصول إلى خلاصات مختلفة كليا ليس عما يفكر فيه الليبراليون العرب والإيرانيون، بل وعما كان يفكر به هو نفسه خلال عشرين عاما.
قال عبد الكريم سروش في دراسته الأولى عن ختم النبوة والإمامة، إن وجود الإمامة المعصومة يتنافى مع ختم النبوة. فبختم النبوة أعلن عن انتهاء الوحي أو أنه لن يأتي أنبياء من بعد، بينما يتنافى وجود الإمام المعصوم مع ذلك. فالمعصوم وإن لم يكن شارعا فهو يساوي النبي، ويفيد استمرار النبوة وإن من دون وحي مباشر، ولا توافق في ذلك مع مقتضيات ومفاهيم الإسلام عن النبي الخاتم. إذ إن معنى انتهاء الوحي وبقاء النص الإلهي، أن النص والعقل سيعملان معا في الدين والدنيا، وهذا يتنافى بدوره مع وجود المعصوم الذي يلغي دور العقل، ويتنافس مع النص الموحى لأنه معصوم مثله، والإمام المعصوم هو نص ناطق، بينما النص الموحى نص صامت، فيتقدم النص الناطق على النص الصامت في المرجعية والفعالية، ويزول بذلك الإسلام! وقد أدرك العلماء الشيعة خطورة هذا الأمر فكانت غيبة الإمام التي خلصت من شر وبيل. بيد أن آثار هذا الشر لم تزل، لأن الفقيه حل عمليا محل الإمام، فتبين بذلك أن مسألة «الولاية» ومشروعيتها وصلاحياتها تظل في منتهى الخطورة. فمنذ الغيبة الكبرى (في القرن الرابع الهجري) صارت «الولاية» للفقيه والذي استمد مشروعية سلطته من نيابته أو وكالته عن الإمام. وصحيح أن هذه الولاية كانت محددة بالأمور التعبدية والحسبية، لكنها سيطرت على العامة في حياتهم الخاصة والدينية والاجتماعية سيطرة تامة، لأن سائر تصرفات «المؤمن» صارت تحتاج إلى فتوى وتقليد، وزاد الطين بلة باختراع الخميني لولاية الفقيه، فصارت تلك الولاية شاملة في الدين والدنيا والدولة، وبذلك عاد الإمام للحضور بولايته الكلية وإن لم يحضر بشخصه. وكنت قد قرأت الدراسة هذه (وهي طويلة) بالإنجليزية قبل عامين، وقد ترجمت إلى الفارسية أو أنه عاد فكتبها بالفارسية أيضا، فأثارت عاصفة من اللجاج والاحتجاج، ثم غادر الكتاب الصحف إلى المرابع العلمية، فصدرت عدة أعداد من مجلات بقم عن الموضوع تضمنت ردودا تتظاهر بالتأدب، لكنها تتهم سروش بالخروج على التشيع تارة وعلى الإسلام تارة أخرى. وقد كان البعض مستعدين – إدراكا منهم لضعف المستندات حتى بحسب طرائق الاستدلال لديهم – للتنازل عن ولاية الفقيه، لكن أحدا منهم ما استطاع التسليم بالتناقض بين ختم النبوة والإمامة سواء أكانت معصومة أو غير معصومة. والواقع أن مسألة «الولاية» هذه ما أخرجت سروش من التشيع بل أخرجته أيضا من العرفان الصوفي. فالولاية عند الصوفية العرفانية معصومة وشاملة لأنها مستمدة من الذات الإلهية بالطرائق المباشرة. وبذلك يصرح كثيرون من العارفين أو العرفانيين ذوي الأصول السنية والشيعية! أما الدراسة الثانية عن «المعتزلة والأشعرية» فقد كتبها سروش قبل عام ونيف، وهي بالطبع أقل أهمية ونتائج من الأولى، لكنها ذات خطورة في تاريخ الفكر الإسلامي، وفي التحديثية الإسلامية الحديثة والمعاصرة. قال سروش إن المعتزلة يملكون رؤية أو نظرية في علم الكلام أو مسائل الذات والصفات والحسن والقبح وأفعال العباد، وتعتمد هذه النظرية التأويل المتطرف للنص. لكنهم في مسائل «الفلسفة الطبيعية» والتي لا تمت بصلة وثيقة إلى موضوعاتهم العقدية، يعتمدون اعتمادا كليا على الدثائر الفلسفية القديمة، والتي تصل إلى ميكانيكية شمولية في العلاقة بين السبب والمسبب أو العلة والمعلول. أما الأشاعرة الذين توسطوا في المسائل العقدية فكانوا أسلم وأسلس وأكثر تلاؤما مع طبائع النص والدين؛ عادوا فوقعوا فيما وقع فيه المعتزلة في الفلسفة الطبيعية عندما أخذوا بالمقولة الكلاسيكية عن تكون العالم من الجواهر والأعراض. إنما الفرق أن نظامهم بقي مفتوحا لسلامة نظرية الخلق لديهم، فهم يقولون إن الزمان آنات متجددة، وليس حركة الفلك مثل أرسطو. كما أنهم يقولون بفكرة الجزئي، ويتجنبون «الكليات» الفلسفية الأفلاطونية والأرسطية. وبسبب تجريبيتهم هذه ظل نظامهم الفكري مفتوحا ولم ينقفل كما حصل لدى المعتزلة والفلاسفة. ولا يريد سروش الاستغناء عن المعتزلة، وميراثهم في العقلنة وحرية الإرادة، بل يريد منهم ولهم أن يخرجوا من ميكانيكية ارتباط السبب بالمسبب والمعلول بالعلة، والاعتصام بالمتعين والجزئي ليظل العالم مفتوحا ومفهوما. ويتنبه سروش من هذه الناحية – كما تنبه كثيرون في العقدين الماضيين – إلى أن النظام الفكري الأشعري ظل مفتوحا على المعتزلة والفلاسفة وحتى على التصوف والعرفان السهروردي. كما يتنبه إلى أن ذاك النظام الفكري المفتوح هو الذي أنتج هذا التراث الضخم في الفقه والأصول، والذي تعلمت منه سائر الفرق والمدارس وما تزال حتى اليوم. ومن ذلك علم الكلام الجديد، ومقاصد الشريعة.
شكلت قراءتا سروش للنبوة والإمامة، وللتاريخ العقدي، هزة في أوساط مفكري الشيعة لما يحظى به من احترام. وما كان الرجل متلبثا ولا مهادنا. فبعد أن استظهر أن علوم الفقه والأصول والكلام هي علوم سنية إن لم يكن في النشوء ففي التطور والتطوير، ذهب إلى أنه من الناحيتين الدينية والفكرية ليست هناك حاجة للتشيع في مبانيه الاعتقادية والأصولية والكلامية والفقهية، وهذا استنتاج ما وافقه عليه أحد، والسبب واضح. و«تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم، ولا تسألون عما كانوا يعملون» (سورة البقرة: 134).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.