في الأنباء وأنا أنقل الخبر بالصيغة التي ورد بها، أن مساعد رئيس الجمهورية – نائب رئيس المؤتمر الوطني الدكتور نافع علي نافع دفع باثنين من أنجاله ضمن ثمانية آخرين من أنجال الوزراء للخطوط الأمامية لكتائب دحر العدوان على هجليج والذود عن حياض الوطن… حسناً، هذا فعل جيد يدل على حمية وطنية متجذرة في نفوس هؤلاء القادة وأنجالهم، ولكن ما الذي يجعله خبراً يصرح به أمين الاعلام بالمؤتمر الوطني وتنقله وسائل الاعلام، ما هي القيمة الخبرية لعشرة أشخاص إرتدوا لامة الحرب وامتشقوا السلاح وذهبوا إلى هجليج يدافعون عن الأرض ويذودون عن الحمى حتى يتم تمييزهم من بين المئات من أفراد وشباب الشعب السوداني من غير العسكريين المحترفين الذين سبقوا أبناء هؤلاء القادة إلى هناك، هل لأنهم سيأتون بفعل خارق سيقلب موازين المعركة، أم لأن مجرد وجودهم هناك هو في حد ذاته فعل خارق يستحق التنويه به، أم هو يا ترى لدرء سبة التقاعس التي ربما أُلبست لهؤلاء القادة وأنجالهم فدفعوا بهم حتى لا يقال عنهم أنهم يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم ويدفعون الناس للقتال والمدافعة وهم وأبناءهم ها هنا قاعدون في بيوتهم وقائمون على أعمالهم يمارسون حياتهم التي إعتادوها بينما الرعية هناك على خط النار… الحقيقة هي أنه ليس هناك من أحد يمكن أن يخوض الحرب أو يديرها ويرسم تكتيكاتها بأكفأ وأنجز من رجالها المختصون وهم أفراد القوات المسلحة ضباطاً وضباط صف وجنود، ورب جندي «أزبليطة» أشعث أغبر أهم في ساعة حرب للأمة من كل القادة الآخرين دعك عن أبنائهم، وبالمقابل فإن أي شخص غير عسكري محترف وعارف بفنون القتال وأساليب الحرب، ناقص التدريب والتأهيل المؤهل لخوض الحرب كما ينبغي، فإنه في الغالب سيكون خصماً على المقاتلين وليس إضافة لهم، فحروب اليوم ليست مثل حروب الأزمان السالفة التي كان يكفي فقط أن تسمع صوت المنادي ينادي أن هيا إلى الحرب لتقفز على صهوة فرسك وتلبس درعك وتمتشق سيفك وإلى ساحة الوغى رأساً، فحروب اليوم بالاضافة إلى أنها صارت علماً يدرّس في الكليات والاكاديميات المتخصصة، فانها أيضاً أصبحت تخاض بالتقنيات المتطورة وبالريموت كنترول أكثر من خوضها بالفراسة والرجالة وحرارة القلب… لهذا لم أفهم الهدف من وراء إذاعة ونشر خبر حول أن عشرة من أبناء الوزراء والقادة لبسوا لبوس الحرب وذهبوا للقتال في هجليج، اللهم إلا أن يكون ذلك لمجرد أنهم أبناء وزراء وقادة، فهم ليسوا خبراء عسكريين يمكن أن يشكل إنضمامهم للقتال أي إضافة نوعية وإنما هم في ذلك مثلهم مثل المئات من الناس العاديين من أفراد الشعب السوداني الذين ذهبوا للقتال في هجليج، ولهذا السبب بالذات كان الادعى حجب هذا الخبر والتعتيم عليه حتى لا يثير وجودهم هناك ما أثاره وجود الأمير هاري نجل ولي العهد البريطاني على جبهة القتال أيام الحرب على أفغانستان فاضطرت القيادة العسكرية إلى سحبه من الميدان حين كشفت بعض وسائل الاعلام وجوده في جبهة القتال وهذا شغل عسكريين محترفين ومقتدرين بينما هنا يتم الإحتفاء بمثل هذا الخبر…