على الدوام تصريحات المسؤولين ضد الفساد والتجاوزات شديدة اللهجة.. يقابلها المخلصون بالارتياح والرضاء وتتهلل اساريرهم ويحسون ببعض الامان والامل في ان تعود للحياة السودانية النقاء والشرف والامانة.. ولكن على الدوام ايضا تتلاشى التصريحات وتصبح عديمة القيمة وعديمة المفعول.. ويسقط الجميع في بئر اليأس والاحباط.. وتتزايد التصريحات.. وتكون الآليات لمحاربته… وبالمقابل يتقدم الفساد تقدماً هائلاً وينتشر ويتمدد ويشمل الكثير من مرافق الحياة.. وينهش لحم الوطن بالاسنان والانياب والمخالب. الفساد وحش قبيح لا يرحم وان طال حياة الناس.. لا يرحم الاطفال ولا العجزة ولا الشباب يفترس ويفترس.. ويحتمي وراء عباقرة في تزييف الواقع وقلب الحقائق.. والعمل ضد مصالح الناس وضد رغباتهم.. وضد الاماني والاحلام الكامنة في الصدور. هؤلاء العباقرة يعملون كالتيم المدرب جيداً على الكذب يقولون لنا ان السودان خالي من الفساد وان الصحافة تضخم المسألة والمواطن السوداني المغلوب على امره يتابع كل هذا.. والوحش قد فرغ من اللحم وزحف نحو العظم والتصريحات ما زالت متصاعدة.. ولسان حال الناس يقول: الشكية لغير الله مذلة. الخير النور المبارك وزير الدولة بوزارة الصحة الاتحادية وفي جلسة من جلسات مجلس الولايات قال ان مشروع توطين العلاج بالداخل استورد اجهزة بمبالغ ضخمة الا انه اتضح ان جزءاً منها لا يعمل. وسبق ان قال بابكر عبد السلام مسؤول امانة الفكر والثقافة بالمؤتمر الوطني بولاية الخرطوم امام المجلس التشريعي في جلسة السابع والعشرين من فبراير 2102م بان قضية توطين العلاج بالداخل تعد اكبر فضائح الانقاذ.. وقد صرف عليها 051 مليون دولار.. لو صرف خمسها على الرعاية الصحية الاولية لبلغت شأناً واعتبر المستشفيات الاتحادية لولاية الخرطوم نكتة. هذان نموذجان من معالجات التجاوز من خلال مجلسين معتبرين.. ماذا حدث بعدهما.. هل خضع الامر لتحقيق شامل حتى يعرف الكل ماذا حدث في امر هذا العلاج بالداخل الذي فرح به الناس كثيراً. في صحيفة «آخر لحظة» عدد الأربعاء 31/6/2102 وفي زاوية ممنوع النشر وتحت عنوان هذا العقد جاء… جاء الآتي مع صورة الوثيقة. وثيقة تبين ان مدير الصندوق القومي لتشغيل الخريجين قام في اكتوبر من العام 0102م باستئجار منزل مكون من ست غرف وصالون واربعة حمامات.. الاجرة الشهرية للبيت خمسة آلاف جنيه دفعت بالكامل عن السنة الاولى.. العقد تم توثيقه عند محامي من السوق ولم يمر على مستشار من وزارة العدل كما تقتضي اللوائح.. لم يذكر في العقد صاحب العقار وانما ذكر الطرف الاول باعتباره مانح حق ايجار.. ممنوع من النشر نتساءل ان كانت لوائح الخدمة العامة تعطي المسؤولين حق استئجار منازل عالية الكلفة وبهذه الكيفية. هذا نموذج عابر لنوع من انواع التجاوزات التي تتم في التعامل بين هيئات القطاع العام الذي بات محتضراً يلفظ في انفاسه الاخيرة وبين القطاع الخاص سواء أكان شركات او اشخاص.. وما زالت هذه الممارسات وبصورة مختلفة واشكال متعددة تسيطر على دولاب حركة الاقتصاد وتخلخل البنية الاجتماعية وتباعد الشقة ما بين اهل الفساد والعقوبة الرادعة وما بين اثرياء الغفلة ومسحوقي العدم والمرض والبؤس. هذا مع تحياتي وشكري