عودة 710 أسرة من ربك إلى ولاية الخرطوم    تايسون يصنف أعظم 5 ملاكمين في التاريخ    دورات تعريفية بالمنصات الرقمية في مجال الصحة بكسلا    د. الشفيع خضر سعيد يكتب: الدور العربي في وقف حرب السودان    السودان.."الشبكة المتخصّصة" في قبضة السلطات    نقل طلاب الشهادة السودانية إلى ولاية الجزيرة يثير استنكار الأهالي    ريال مدريد لفينيسيوس: سنتخلى عنك مثل راموس.. والبرازيلي يرضخ    مقتل 68 مهاجرا أفريقيا وفقدان العشرات إثر غرق قارب    توّترات في إثيوبيا..ماذا يحدث؟    اللواء الركن (م(أسامة محمد أحمد عبد السلام يكتب: موته وحياته سواء فلا تنشغلوا (بالتوافه)    مسؤول سوداني يردّ على"شائعة" بشأن اتّفاقية سعودية    السودان..إحباط محاولة خطيرة والقبض على 3 متهمين    دبابيس ودالشريف    منتخبنا المدرسي في مواجهة نظيره اليوغندي من أجل البرونزية    بعثة منتخبنا تشيد بالأشقاء الجزائرين    دقلو أبو بريص    هل محمد خير جدل التعين واحقاد الطامعين!!    اتحاد جدة يحسم قضية التعاقد مع فينيسيوس    حملة في السودان على تجار العملة    إعلان خارطة الموسم الرياضي في السودان    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    توضيح من نادي المريخ    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    تحديث جديد من أبل لهواتف iPhone يتضمن 29 إصلاحاً أمنياً    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    وحدة الانقاذ البري بالدفاع المدني تنجح في إنتشال طفل حديث الولادة من داخل مرحاض في بالإسكان الثورة 75 بولاية الخرطوم    المصرف المركزي في الإمارات يلغي ترخيص "النهدي للصرافة"    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    أول أزمة بين ريال مدريد ورابطة الدوري الإسباني    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    بزشكيان يحذِّر من أزمة مياه وشيكة في إيران    لجنة أمن ولاية الخرطوم تقرر حصر وتصنيف المضبوطات تمهيداً لإعادتها لأصحابها    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    خبر صادم في أمدرمان    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    شاهد بالصورة والفيديو.. ماذا قالت السلطانة هدى عربي عن "الدولة"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان والممثل أحمد الجقر "يعوس" القراصة ويجهز "الملوحة" ببورتسودان وساخرون: (موهبة جديدة تضاف لقائمة مواهبك الغير موجودة)    شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع "حميدتي" داخل منزله بالخرطوم    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    رحيل "رجل الظلّ" في الدراما المصرية... لطفي لبيب يودّع مسرح الحياة    زيادة راس المال الاسمي لبنك امدرمان الوطني الي 50 مليار جنيه سوداني    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    استعانت بصورة حسناء مغربية وأدعت أنها قبطية أمدرمانية.. "منيرة مجدي" قصة فتاة سودانية خدعت نشطاء بارزين وعدد كبير من الشباب ووجدت دعم غير مسبوق ونالت شهرة واسعة    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    دقة ضوابط استخراج أو تجديد رخصة القيادة مفخرة لكل سوداني    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    الشمالية ونهر النيل أوضاع إنسانية مقلقة.. جرائم وقطوعات كهرباء وطرد نازحين    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الركوع قبل الاخير
نشر في حريات يوم 20 - 12 - 2010


-1-
الإناء الناضح بما فيه
صور المؤتمر الوطني على لسان نافع على نافع الذي يمثل (قمته السياسية!!!؟)، صور قرار الحركة الشعبية بتجميد مشاركتها ضمن حكومة الوحدة الوطنية على أنها موقف (بعض) من سماهم (مجموعة) من الحركة أو جناح فيها يعمل على تفكيك الإنقاذ وفق (مهمة موكلة لتلك المجموعه) حسب إفادته.
وأزمة المؤتمر الوطني التي يسكن فيها ولا يشعر بها، تعكسها بوضوح مشاركة سيد الخطيب لنافع في ذلك المؤتمر الصحفي الذي قدم فيه سيد الخطيب خطاباً لتهدئة الموقف وكيف أن الأمور كلها بما فيها قرار تجميد الحركة مشاركتها في الحكومة ممكنة العلاج ولا تستدعي لا تصعيد من أي من (الشريكين) ولا تتطلب استدعاء المجتمع الدولي كما طالبت الحركة الشعبية ضمن قرار تجميد مشاركتها في الحكومة.
بينما حرص نافع على التصعيد والمواجه واعداد العدة لمواجه قرار الحركة الشعبية المنكر والمستنكر.
خلاصة ذلك المؤتمر الصحفي تعكس وجود (تيارين) ليس داخل وضمن الحركة الشعبية كما صور ذلك نافع، بل داخل وضمن المؤتمر الوطني، (يمثل) نافع على نافع التيار الذي لا يرى ولا يرغب في التعامل مع أي طرف أيا كان، ووفق سلوك سياسي يعتمد على قاعدة واحدة راسخة، عمادها (أن نافع هو المؤتمر الوطني والحكومة، وأنه هو الحق والحقيقية وكل ما عدا ذلك أباطيل بل الباطل ذاته، وكل ذلك ووفقاً له يكون موقف نافع هو الانكار والاستنكار والشجب والتعامل الباطش الغليظ، أو التسليم والخضوع التام الكامل له ولما يري لكل من يتعامل أو يمكن التعامل معه)).
أما التيار الثاني من المؤتمر الوطني (فيعكسه) سيد الخطيب الذي يمثل التيم الذي قاد الحوار والتفاوض (ونطق باسمه) ووصل بإتفاق السلام الى الكمال والتوقيع والإحتفاء الداخلي والدولي به. لكنه تم (ركنه) وإهماله، ولم يستدعى إلا لمواجهة أزمة قرار الحركة الأخير، ووفقاً لقاعدة التاجر الذي تدفعه الأزمة الي تقليب دفاتره القديمة عله يجد من قبلها مخرجاً.
وتبقى أزمة التيار الذي يمثله سيد الخطيب في أنه لم يظهر كتيار داخل المؤتمر الوطني، بل وللحق لم يجروء على الظهور في وجه التيار الكاسح القوي الذي يمثله نافع على نافع.
بالمقابل لم يعكس قرار الحركة الشعبية وموقفها أي مؤشر لوجود تيارات ضمنها أو خلاف، خاصة فيما يلي قرار تجميد مشاركتها في حكومة الوحدة الوطنية، ناهيك عن صراع داخلها.
ذلك أن القرار اتخذ أولاً من قمة الحركة ، وثاناً لم يخالف ذلك القرار اي (فرد) فيها ناهيك عن (بعض) أو (مجموعة) كما أدعي نافع وأراد أن يصور المشهد، وكأن نافعاً هو الحركة الشعبية المالك لزمامها المطلع على دقائق أمورها ومايصير ضمنها والفاعل الفعيل فيها.
أين هو الخلل؟ هل هو ضمن الحركة الشعبية التي هي مخطئة لأنها مررت رؤية وقرار (مجموعة) مجندة (لمهمة) محددة كما حاول أن يصور نافعاً الأمر؟، أم أن نافع هو الإناء الذي ينضح بمافيه؟، وكيف ومن يصنع الازمات باستصحاب كل سنين وعمر الانقاذ الذي طال واستطال؟.
ولكن أولاً كيف انفجرت الأزمة، ولماذا لم يظهر نائب الرئيس على عثمان وهو الذي يلي سلفاكير في إنابة الرئيس، وهو من قاد التفاوض ووقع الاتفاق؟ هل تعطلت المؤسسية؟، أم أنها لا وجود لها أصلاً بعد أن اشتد الصراع داخل المؤتمر الوطني حول الرئاسة مع إقتراب الانتخابات التي تنهي الشق الأول من الفترة الانتقالية؟، أم هل ظن المؤتمر الوطني أنه يملك زمام الحركة الشعبية ويستطيع تأجيل الانتخابات وتمديد الفترة الانتقالية حتى تهدأ دارفور ويتفرغ هو للإستعداد للإنتخابات وفق توقيته هو وكما يشتهي؟.
-2-
صناعة الازمات
يبدو أن القاعدة عند المؤتمر الوطني خاصة أولئك المتنفذين الذين يمثلهم نافع على نافع، القاعدة عندهم هي (أن الاتفاقات مجرد ورق..مساحاته وعدد صفحاته مجال مفتوح لإعطاء الوعود تلو الوعود، المتوقعه وغير المتوقعه، بل حتى تلك التي تتجاوز الخيال الشاطح، بغرض ترغيب =الخصم= لمشاركة وهمية مكتوبة على ورق تسمي –اتفاقية- ليلعب المؤتمر الوطني بعد ذلك مع ((المُتفق معه) لعبة الوقت بتعطيل وعرقلة تنفيذ ما اتفق عليه وكتب على ورق الاتفاقية، واثناء ذلك يتم تفكيك المتفق معه بالترقيب والترهيب وشراء الزمم والأفراد وشق الصفوف.) تلك هي القاعدة التي تعود وتمرس عليها المؤتمر الوطني وطبقها بنجاح مع عدد من الاحزاب (المنشقة) والفصائل المسلحة (المنشقة) أيضاً.
وظن أنها القاعدة الذهبية، التي يمكن تطبيقها حتى مع الحركات والاحزاب الأم. وإن كانت تلك القاعدة قد نحجت مع المنشقين ، وعملت بالتشقسق المتداعي على ابقاء من تريد منهم ونبذ من لا ترغب فيه كما هو الحال مع حزب الأمة التجديد الذي تداعي إلى أكثر من جناح وخرج زعيمه من الحكومة، بل حتى خروجه منها لم يشفع له وظل ملاحقاً حتى أودع السجن وفق حيثيات لم تستبن بعد وتظللها شكوك عظيمة بالفبركة والادعاء، ذلك على الأقل ما توحي به قوة الاتهام الموجه الي مبارك الفاضل، وعدم مثوله أمام القضاء حتى الآن (إنها ذات لعبة الوقت) التي تجيدها الانقاذ والمؤتمر الوطني مع (المنافسين) و (الخصوم) علها تبعدهم حتى وقت الانتخابات عن المشاركة فيها وتهديد وضعهم المتضعضع.
ظن نافع وزمرته أن تلك القاعدة بعد التجريب تلو التجريب مع (المنشقين) وبعد اجادتها التامة، ستنجح حتى مع الأحزاب والحركات الأم، خاصة بعد تطبيقها حتى على الحركة والحزب الذي أتي بهم هم إلى قمة السلطة. وذلك بالضبط ما حدث مع الحركة الشبعية، التي ظنوا أنهم بعد ابعاد وزارة الطاقة والمالية منها رغم الاستحقاق، ومروراً بكل محطات المماطلة والتعطيل لبنود الاتفاق، ظنوا أن كل شئ ممكن فعله فيها وبلا تردد.
وظن نافع الذي هو المؤتمر الوطني، أن الحركة الشعبية طائعة بين يديه، يذهب بها ذات الشمال أو اليمين أو كيف يشاء!. لذلك كان قرار تجميد المشاركة في الحكومة القومية الذي اتخذته الحركة الشعبية بوعي وخطي راسخة وتوقيت مدروس. صدمة، قبل أن يكون مفأجة داوية، لم يسحب لها ولم تكن ضمن التوقعات ولا (أحلام الحالمين) من النافعاب أو بالحق المؤتمر وطنجية.
خطوة الحركة الشعبية بتجميد مشاركتها في الحكومة واستدعاء المجتمع الدولي جعلت المؤتمر الوطني والحكومة في وضع (بهت الذي كفر) الذي ظن أنه هو الذي يحي ويميت ويملك الدنيا وهو فيها ربها الأعلى. جعلت تلك الخطوة المؤتمر الوطني والحكومة في وضع العاجز الذي لا يدري ماذا يفعل ولا كيف يرد. فخرج علينا نافعاً وكما هو المعتاد فهو (الحق والحقيقة) وكل فعل آخر لابد أن وراءه آخرين مخربين أو يردون إزاله الإنقاذ والمؤتمر الوطني من الوجود. وكما هي عادة نافع، رمي بالامر كله وعزاه لمجموعه لا يعنيها أمر الحركة ولا ما حدث لها من ممطالة المؤتمر الوطني، بل هي مجموعة (مكلفه) بأن تفكك الانقاذ!!. وكأن الخطأ لا يأتي أبداً من (آله) المؤتمر الوطني، بل يأتي دائماً من (المؤمنين بالله ومبادهم وقضاياهم وممسكين بها والتي وقعوا وفقاً لها أتفقاً مشهوداً داخلياً وخارجياً)، وهؤلاء عند نافعاً هم الشياطين التي تعكر صفو (مؤآمرات المؤتمر الوطني الموجه ضدهم).
لكن الصدمة كانت أكبر من نافع الذي تخبط رد فعله وظهر باهتاً عاجزاً عن إعطاء تبرير أو حتى اتخاذ موقف سياسي دبلوماسي موفق. بل طفق يتبجح وينذر (الحالمين والذين من خلفهم خارج الحدود) بأنهم واهمون في تحقيق ما أعتقد هو أنهم يرجون ويتمنون!!؟.
ولم تملك الحكومة والمؤتمر الوطني إلا (الركوع) التام لمطالب الحركة الشعبية ، وانزوى نافع حتى لحظة ظهور أخرى قادمة. ولكن تبقى كلمات نافع في ذلك المؤتمر الصحفي ذات مغذي ومؤشرات تستحق الوقوف عندها فهي أولاً قدمت مؤشرين للشكل الذي سيخرج به رد فعل الحكومة والمؤتمر الوطني على قرار الحركة الشبعية، أول المؤشرات أن المؤتمر الوطني والحكومة ستقود حملة اعلامية هي الأوسع بهدف تشويه صورة الحركة وإلها الشعب عن اصل القضية وقرار الحركة، خاصة وأن المؤتمر الوطني هو المالك والمحتكر لكل وسائل الاعلام خاصة المسموعة والمرئية منها وهي الاوسع انتشاراً والأقوى أثراً، واذا أضفنا لها الصحف فإن أي معركة اعلامية سيكون للمؤتمر الوطني فيها فضل السبق والانتشار الواسع، فالإعلام لم يخضع للشراكة يوماً، ولم يكن إلا حق (موقوف) للمؤتمر الوطني فقط لا غير.
أما الشق الثاني من رد الفعل الذي يشي به حديث نافع في ذلك المؤتمر الصحفي، هو أن المؤتمر الوطني سيفعل كل آليات تفعيل الانشقاق ضمن صفوف الحركة الشعبية، ذلك ما بدأ واضحاً من حديثه عن (مجموعة) بالحركة رغم أن قرار الحركة وقد اتخذ من قمتها ولم تخرج عليه (مجموعة) ولا (أفراد) حتى يصدق قول نافع. فالذي هو معلوم ومعمول به مع (المنشقين) هو تدجينهم وتفكيكهم واخضاعهم فلا يكونوا يوماً مؤتمر وطني ولا يعودوا كما كانوا أبداً، بل هم (جنود مجندة) لخدمة المؤتمر الوطني (الخاصة) والأهم منها (الإعلامية) التي تصور المؤتمر الوطني وكأنه حزب رقيق رفيق، يتقاسم مع قوى أخري السلطة، وهي في الحقيقة حكر كاملأً لهم، ولا يجد منه الشركاء إلا الفتات والخضوع التام للمؤتمر الوطني ومصالحهم الخاصة جداً.
تلك هي أدوات ومنهج صناعة الازمات التي لا يجيد المؤتمر الوطني والحكومة غيرها. ولكن لما تعرضت اتفاقية السلام لهذا الاهتزاز والزلزلة الشديدة، وخرج من جديد للإعلام من شاركوا ضمن وفدها (مهدئين) يلعبون دور الاسبرين أو البندول لمن به صداع طارئ!!؟، ولكن ما وقع ليس صداع ولم يكن طارئاً.
وبعد كل الذي حدث وصار السؤال هو لماذا لم يظهر على مسرح الحدث الجلل الرجل الذي صاغ ووقع الاتفاق (الورق) وبكلمة واحدة أين علي عثمان!!!؟.
-3-
الرجل الذي طار
قرار الحركة الشعبية بتجميد مشاركتها ضمن حكومة الوحدة الوطنية كان من أقوي الأسباب التي يمكن استغلالها للإطاحة برئاسة عمر البشير!!؟، خاصة وأنه مصنف العائق الرئيس والعقبة الكؤد أمام المجتمع الدولي عامة، والمعيق الأكبر للسياسات الأمريكية تجاه السودان وبالأخص ما يتعلق بملفات دارفور والجنوب.
والذي يؤكد ذلك وصف الرئيس بوش له وتسميته شخصياً بأنه العائق الأساسي لقرارات الأمم المتحدة في آخر تصريحات له تتعلق بالسودان. والأزمة التي أفرزها قرار الحركة الشعبية الاخير بتجميد المشاركة في حكومة الوحدة المدعوم بمطالبة تدخل المجتمع الدولي والشركاء لإنقاذ الاتفاقية، كانت ستوفر الأرضية الأفضل لتنصيب على عثمان رئيساً بديلاً لعمر البشير، خاصة وأن الخلاف بين الرجلين ترسخ وتجذر، وأصبح على عثمان بعيد عن الأحداث الكبيرة والعابرة بل حتى الصغيرة. ولكن رغم ذلك ظل على منصبه نأئباً ثان للرئيس، مما يؤكد أن الرئيس عاجز عن عزله أو الاطاحة به، بل الرئيس لايستطيع أن يقدم على قرار بعزل علي عثمان من منصب نائب الرئيس بحسب إفادة جنداي فرايزر في حوار لها مع (مصدرنا) الذي أكدت له أنهم يتعاملون مع على عثمان، وعندما قاطعها بأن هذا الموقف قد يضر بعلى عثمان ويدفع البشير لعزله ردت له (بسحم) البشير لايستطيع عزل على عثمان!!؟.
إفادة جنداي تلك توضح أن على عثمان يتمتع بدعم أمريكي ودولي كبير، يحفظ له على الأقل موقعه نائباً للرئيس ليكون بديلاً شرعياً في أقرب سانحة ممكنة، أو على أسواء الفروض البديل الذي سيأتي رئيساً عبر الانتخابات القادمة. أما داخلياً فإن على عثمان ما يزال قوياً فاعالاً وذو أثر على كثير من الأحداث والأمور رغم غيابة عن شاشة الاحداث وخفوت حضوره الاعلامي الذي كان قوياً لدرجة طغت على الرئيس على مدار أكثر من 16 عاماً من عمر الانقاذ.
والذي يؤكد ذلك بوضوح تام هو ما حدث عند زيارة هيئة جمع الصف الوطني لعلي عثمان بمنزله، الزيارة كانت قصيرة بل مختصرة، لم تقل فيها هيئة جمع صف شيئاً بل استمعت لرأي على عثمان الذي تلخص في نقده الشديد للدور الذي تقوم به هيئة جمع الصف الوطني. ويتلخص موقف على عثمان في رؤيته لجمع الصف الوطني الذي يرى هو أن يكون وراء ولصالح الأهداف التعبوية للحكومة وليس غير ذلك.
وليوضح موقفه لهيئة جمع الصف الوطني قال على عثمان أنه اجتمع بقوى المعارضة بالداخل والخارج، ويعرف تماماً ما تريده الأحزاب.
ليخلص إلى ان جمع الصف الوطني هو فقط دعم الحكومة التي لايمكن أن تنساق وراء (جمع الصف الحزبي) بحسب تعبيره الذي تلخصه خطوات ونشاطات هئية جمع الصف الوطني، وليقفل الباب ويقصر عمر الزيارة قال على عثمان لهيئة جمع الصف الوطني (نحن غير مستعدين للنقاش حول ذلك) يقصد ما تقوم به هئية جمع الصف الوطني. وانتهت الزيارة بمشادة حادة بين على عثمان ود. محمد سعيد الذي استنكر ما يحدث بدارفور واصفاً له بأنه لا يرضاه إنسان ناهيك عن من هو مسلم، شاجباً سكوت الحكومة حتى عن عكس ما يحدث هناك.
زيارة جمع ا لصف الوطني لعلي عثمان، توضح أن الرجل مازال يتمتع بالقوة والأمل في هذه الحكومة، بل هو لايريد من القوي السياسية جمعا إلا أن تدعم هذه الحكومة في مواجه (المخاطر الخارجية)، بالتأكيد ليس هذا موقف رجل ضعيف مهما حدث له من تهميش وابعاد عن المسؤوليات والمشاركات التنفيذية والعامة.
بل توحى وتؤكد أن آماله ما زالت كبيرة واسعة في أن يأتي هو لقيادة الدولة لدورة جديدة تمتد عقدين آخرين بدعم دولي كبير، وقبضة داخلية لا تعرف مساحة للحريات أو الديمقراطية، إلا تلك التي تدعم الحكومة وتقف خلفها فلا ديمقراطية ولا حرية إلا في ذيل الحكومة وخلفها ودعماً لها.
أما غير ذلك فهو الفوضى الحزبية التي خبرها على عثمان تماماً ولمسها واضحة من خلال لقاءاته الداخلية والخارجية بالقوى السياسية.
لقد تجاوز البشير هذه الأزمة بالإنحناء (الراكع) وتمرير وقبول شروط الحركة (كلها)، وما يزال أمامه القبول بتلك الشروط وتمريرها بدون زوغان أو روغان وإلا جلس في مجلس على عثمان الحالي وصعد على عثمان لمجلسه هو رئيساً. وتبقى الحركة الشعبية هي المستفيد الأكبر من تداعيات قرارها الأخير الذي فتح لها باب منهج جديد للتعامل مع المؤتمر الوطني والحكومة ، لا مجال فيه لتجاوزها أو تعطيل إنفاذ الانتفاقية، بل لا مجال لتمرير السياسيات والقرارات والقوانين بميكانيكية الأغلبية.
ليصبح المؤتمر الوطني والحكومة بين رحى الحركة الشعبية من جهة، وضرورة اطلاق الديمقراطية من جهة أخرى. وما أدراك ما الديمقراطية التي تدفع المؤتمر الوطني والحكومة ليس إلى تحسس مسدساتهم فقط بل حتى مواقعهم ورقابهم بما فعلوا بالناس في الداخل والخارج، في دارفور، و محاولة اغتيال حسني مبارك التي جعلت ممثلي شعب السودان وسلطته الأعلى متهمين مطلوبين دولياً، وهو وضع شائه وخاطئ يجب أن يصحح بإبعاد ومحاكمة المجرمين.
نشر هذا المقال العام 2007م ابان تجميد الحركة الشعبية مشاركتها ضمن حكومة الوحدة الوطنية – برأي الشعب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.