يؤكد خبراء الطب في العالم أن الحركة تحقق المعجزات، فهي تقوي القلب والمخ وتشد الأطراف وتجعل الجسم ممشوقا.. وتبعد عنا الكآبة وتوقظ فينا مشاعر الحيوية والإقبال على الحياة بصورة لم نكن نتصورها، وتبعدنا عن الحاجة للطبيب. كما أن الحركة دواء تتوقف فائدته على الجرعة التي نتناولها، فكثرتها تكون ضارة مثل قلتها، أي أن الرياضة العنيفة تمرض وما يفيد الشخص السليم كوقاية يفيد المريض، فمثلا في حالات ضيق الشريان التاجي والذبحة يفيدها إجراء التمرينات، فهي تخفض ضغط الدم وتحسن أداء الدورة الدموية وتقلل نسبة الدهون بالدم ومن ثم تختفي معظم عوامل الخطر. وفي حالات الروماتيزم والسكر لدى المسنين يفيد القيام بحركة منتظمة ومستمرة في تخفيف الآلام كما يفيد في حالات الهشاشة التي يتعرض لها الإنسان مع التقدم في العمر، والمداومة على التمريض وممارسة بعض تمرينات اللياقة يحد من أعراض ضعف الخلايا والأنسجة. وهناك إجماع بين الأطباء يفيد بأن الحركة تعزز نظام المناعة بالجسم وترفع كفاءته، إذ تثبت الأبحاث أن تدريبات الجسم تنشط الخلايا المناعية لتتمكن من القضاء على الجراثيم والميكروبات لمختلف الأمراض بدءا بالأنفلونزا وحتى السرطان. ويقول د. ياسر عبد القادر أستاذ ومدير مركز الأورام بجامعة القاهرة “إن الدراسات أثبتت أن الحركة تقلل من مخاطر الإصابة بسرطان البروستاتا والأمعاء والثدي وأن الشكل البسيط من الحركة ودون مبالغة يكون مفيدا.. ومجرد السير يحقق نتيجة فعالة وإيجابية ويلحظ أثره في انخفاض معدل النبض والضغط مقارنة بنفس الأداء الذي كان الشخص يقوم به قبل ممارسة التمرينات أو السير”. ويوضح “أما إذا كان هدفنا ليس فقط تحقيق اللياقة وإنما إنقاص الوزن فإن هذه النتيجة يكون التوصل إليها أصعب ولا تتحقق بالسير، بل يكون المطلوب تغيير أسلوب الغذاء”. ويضيف “ومن الأنشطة التي ينصح بممارستها السباحة والجري والتجديف، أما ألعاب الكرة كالتنس وكرة القدم أو الاسكواش فهي مجهدة للغاية، وما يستنفذه الشخص من طاقة نتيجة ذلك مقارنة بأنواع الرياضة الأخرى قليل، وتشكل شدة التحمل لدى الحركة لمتابعة الكرة وملاحقتها فجأة عبئا كبيرا على القلب والدورة الدموية”. ويقول د.اسماعيل السيد أستاذ العلاج الطبيعي بجامعة عين شمس أنه لا تقتصر مشاكل قلة الحركة على الكبار بل تمتد إلى الصغار، الذين تستهويهم الوجبات السريعة وتمضية الساعات أمام التليفزيون أو الكمبيوتر بدلا من الحركة وممارسة الرياضة”. ويضيف “تشير دراسات طبية أجريت خلال العشرين عاما الماضية أن لدى الأطفال في مراحل التعليم مشكبة في الحركة نتيجة السمنة، فالكثير من الأطفال في الثانية عشرة من عمرهم يواجهون أخطاء في وضع وشكل الجسم، وضعف العضلات وضعف الدوره الدمويه. ولا يكفي القدر المخصص بالمدارس لممارسة الرياضة حيث يبلغ ساعتين أسبوعيا، ويترتب على ذلك مشاكل كثيرة لحياة هؤلاء مستقبلا”. ويشير د. اسماعيل الى أن الأطفال يحتاجون إلى الحركة كي يتحقق النمو بصورة صحية، فبالحركة يتدربون على إدراك واستيعاب ما حولهم، وعلى قدرة التوازن والتركيز، كما أنهم يكتسبون مهارة تقدير المخاطر ويدركون جوانب قوتهم وضعفهم. ويؤكد انه في مجال معالجة الجسم من سوء استخدامه أو الضغوط التي يتعرض لها في نمط الحياة العصرية يلجأ المعالجون إلى أسلوب يشبه المساج الذي يعيد للجسم وضعه المثالي، ورغم أهمية هذا الأسلوب العلاجي فإن المتخصصين في أنحاء العالم قلة فعددهم لا يتجاوز الألف، وتركز هذه الطريقة التي تجاهلها مجال الطب طويلا -عرفت منذ نحو خمسين عاما- على الأنسجة الضامرة، ويتعامل المعالج حسب كل حالة وشكوى مع حزم العضلات وهي الطبقات المغلفة وتضفي على العضلات الصلابة، فهي تحيط بالعضلات وتغلفها كعازل وتقسمها إلى خطوط منفصلة، وتلصقها ببعضها البعض كما أنها تسمح بانزلاقها فوق بعضها البعض ،وتساهم حزم العضلات مع الأربطة والأغشية التي تحيط بالعظام واعضاء الجسم في شكل الجسم. ويقول د.سمير كمال استاذ العلاج الطبيعي بجامعة القاهرة “لو أخلينا الجسم من أعضائه وعظامه وعضلاته وعروقه لبقيت شبكة داخلية كاملة من هذه الحزم؛ وهي بمثابة هيكل صنعه الخالق للإنسان السائر المتحرك وليس للإنسان الجالس معظم الوقت، ونتيجة قلة الحركة والإجهاد المستمر والأوضاع الخاطئة تزدادا كثافة هذه الحزم وتفقد مرونتها وتلتصق ببعضها البعض”. ويضيف “يرجع فضل استخدام هذه الوسيلة إلى الأميركية “إيدا دولف ” التي نسبت إلى اسمها هذه الطريقة العلاجية، وهي أستاذة للكيمياء الحيوية توصلت لوظيفة هذه الحزم والأغشية والأربطة، وأدركت أن الأنسجة الضامة التي تتعرض للضغط، والشد يمكن ان يزول ذلك عنها بطريقة ضغط معينة وبصورة حساسة”. ويوضح “نظرا لأن لكل إنسان بنيانه الجسماني وشكل حركة معينة يمكن للمعالج بهذه الطريقة أن يحدد احتياجه لإعادة وضعه الصحيح، ويقول شيفند ‘يقوم المعالج قبل العلاج بتحليل أسلوب سير الشخص وحركته ووضع جسمه ثم يستمع من الشخص الى الشكوى التي تؤرقه خلال عشر جلسات تتخللها فترات راحة طويلة، ثم يتم ترييح أربطة الجسم بالجزء، بدءا من رأسه الى القدمين، ويستعيد المرء لياقته ويفرد ظهره بحيث تستقيم قامة الشخص، وتكتسب المفاصل الحركة والمرونة والسلاسة وعن طريق تليين حزم عضلات الجهاز التنفسي تزداد قدرة الجسم على استنشاق مزيد من الهواء وميزة هذه الطريقة أنها بانتهائها لا يحتاج المرء إلى تكرارها على النحو الذي يضطر الإنسان إليه في حالة لجوئه إلى جلسات التدليك والمساج' .