التنوع والاختلاف بين البشر هو سنة من سنن الحياة وتقريباً لا توجد دولة في العالم يشترك جميع مواطنيها في كل مكونات الهوية من دين ومذهب وعرق ولغة وثقافة فدائماً ماتوجد جماعات داخل الشعب الواحد تختلف في واحد أو أكثر من مكونات الهوية عن غالبية هذا الشعب وأهم أنواع هذا الاختلاف هو الاختلاف في الدين والاختلاف في العرق، تختلف الأنظمة السياسية في كيفية تعاملها مع هذه الجماعات فمنهم من يقوم بتقييد حريتها في القيام بالممارسات التي تعكس تميزها الثقافي .والمثال علي ذلك نظام كمال أتاتورك في تركيا حين فرض اللغة التركية علي الأكراد ومنعهم من التعامل باللغة الكردية بشكل رسمي .وهناك أنظمة أخري تحاول إدارة الاختلاف والتنوع من خلال نصوص دستورية تسمح لهذه الجماعات بممارسة تميزها واختلافها.والمثال علي ذلك الهند التي يعترف دستورها بأربعة عشر لغة بالإضافة للغة الهندية الأصلية.ومن أهم الوسائل الدستورية لإدارة التنوع والاختلاف داخل المجتمع الواحد هو النص في الدستور علي حماية الحقوق والحريات الشخصية والمعتقدات.تلعب الأقليات العرقية والدينية واللغوية دوراً مثير للجدل في حياة البلاد السياسية والثقافية.وتعد العلاقة بين الأقليات الدينية والدولة علاقة معقدة وهي متصلة بدور الدين في الدولة بشكل عام وأيضا بالكيفية التي تم بها تعريف الثقافة الوطنية والهوية تاريخيا.ففي بعض الأحيان يفهم تاريخيا أن دينا ما يمثل ملمحا جوهريا في الهوية الوطنية،وفي أحيان أخري،لاتوجد علاقة وثيقة بين الهوية القومية والدين.ويؤدي السعي إلي بناء هوية قومية علي أساس دين واحد إلي حماية منقوصة لحقوق الأقليات الدينية.وفي سياقات أخري،قد يكون هناك تاريخ من الصراع بين مجموعات دينية مختلفة، مما يجعل التعايش تحت لواء دولة واحدة أمرا صعبا وتحديا كبيرا.وفى البلاد التى تمر بتحولات اجتماعية وسياسية مهمة كالبلاد الخارجة من حروب أهلية أو تلك التى بتحول ديمقراطى ، تمثل العلاقة بين الدولة والأقليات تحدياً كبيراً . ويعمد القادة السياسيون فى هذة الحالات ، إلى التأكيد على العلاقة القوية بين الدولة من ناحية ودين وثقافة ولغة الأغلبية من ناحية أخرى. ويؤدي ضعف مؤسسات الدولة وضغط السياسة الانتخابية وحساباتها إلى تصدر الثقافة والدين والعرقية المشهد السياسي. تتضمن وثائق حقوق الإنسان العالمية عدداً من المبادئ الخاصة بوضع الأقليات الدينية فى الدولة. وتقوم هذه المبادئ بحماية حقوق الأفراد فى ممارستهم أي معتقد يختارونه، وحمايتهم من التمييز الديني ومن إجبارهم على التحول إلى ديانة أخرى . علاوة على ذلك ، تقوم مبادئ حقوق الإنسان الأشمل ، مثل المساواة بين جميع البشر وعدم التمييز والنفاذ المتساوي إلى العدالة والمساواة فى المشاركة السياسية وحرية الرأي والتعبير ، تقوم كلها بدور هام فى حماية دور الأقليات الدينية فى المجتمع. يقوم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية بإرساء حرية الفكر والضمير وحرية الاعتقاد للجميع .وتتضمن هذه الحقوق حرية إظهار الدين أو المعتقد بطريقة فردية أو جماعية ، فى المجال الخاص أو العام. وتتضمن أيضاً حرية التعبد والتعليم والممارسة ومراعاة كل المعتقدات أو الأديان. وتحمي هذه الوثائق الفرد من إجباره على اعتناق ديانة على غير إرادته. يؤكد الإعلان بشأن حقوق الأشخاص المنتمين إلى أقليات قومية أو اثنية وإلىأقليات دينية أو لغوية ، الذي أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1992 على أن الدول” ستحمي وجود وهوية” الأقليات و” ستقوم بتهيئة الأوضاع لتكريس تلك الهوية” . وينص أيضا على حق الأقلية الدينية فى “المجاهرة بدينها فى الفضاء العام أو الخاص بحرية دون تدخل أو التعرض لأي شكل من التمييز”.ويعطي الإعلان الأقليات الحق فى المشاركة الفعالة فى الحياة الثقافية والدينية والاجتماعية والاقتصادية والعامة. ويطالب الإعلان الدول “بتهيئة الظروف المناسبة لتمكين الأشخاص المنتمين إلى الأقليات من التعبير عن خصائصهم وتطوير ثقافتهم ولغتهم وديانتهم”. لذا لا ينحصر الدور الايجابي للدول فى حماية الأقليات فحسب بل يمتد إلى قيامها بتهيئة الظروف للأقليات كي تتطور. ويؤكد الإعلان بشأن تحريم كافة أشكال التمييز على أساس ديني وعلى حرية الفكر والضمير والدين ويمنع التمييز القائم على أساس ديني ويوضح أن حرية الاعتقاد تشمل العبادة أو التجمع وإنشاء المؤسسات الازمة ونشر المطبوعات، والتعليم ، والحصول على المساهمات المادية والتدريب وتعين القادة . نواصل…………؟ الطيب خميس [email protected]