عبد الله احمد خير السيد خير السيد [email protected] كنت قد شاهدت فيلم ( الجذور) للكاتب الامريكى الاسود اليكس هيلى وانا فى المرحله الثانويه تقريبا ..وقبل ايام واثناء تجوالى بمكتبات كسلا الفقيره وجدت كتاب الجذور مترجما للغه العربيه وقد التهمت الكتاب التهاما مع ان عدد صفحاته بلغت 668 صفحه .. كنت فى كل فصل من فصول الروايه اجد نفسى مرغما على البكاء فى صمت وتنزلق الدموع من خلف النظاره لتحدث بلالا يحجب عنى الرؤيه .. وعندما وصلت الى نهايه الكتاب وجدتنى ابكى فعلا كاننى ارى شخصيات الروايه وكاننى عشت وسط قبيله المانديكا فى قلب افريقيا الذى اتخذها البيض من اروبا وامريكا مصدرا للتجاره وبئس التجاره هى اذا كانت تجاره للبشر … ان يباع الانسان بالدولار … ان يكون هناك مزاد للبشر … ان يصبح الانسان شيى من اشياء الشخص الذى اشتراه يستطيع ان يدق الحديد والسلاسل حول عنقه وكاحله ..ان يقرر القضاء عليه او ان يعرضه مره اخرى للبيع او ان يقسم عبيده من البشر فى وصيه او يصبحون تركه قابله للتقسيم وقد يصير العبد الواحد نصيبا لاكثر من شخص .. لا ادرى كم كانت الانسانيه فى ظلام دامس حررها الاسلام ورسول الاسلام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .. ووسط هذه الخواطر والمأسى التى لا حصر لها التى انهارت على راس بطل الروايه ( كونا كنتيى ) ابن المانديكا ومن قريه جوفور بزامبيا … افكر فى البحث عن جذورى هناك بمدينه بور … وكم سالت نفسى لماذا اختار جدى الذهاب الى مصر للعمل فى جيش الخديوى .. وهل كان الخديوى من ( الطوبوب ) … وهل ذهب جدى الى مصر عنوه ام بارادته … ولكن ما اعلمه كان امرا و توجيها من والده ليصير جنديا فى جيش الخديوى …ولكن لماذا عند انتهاء خدمته فى عام 1896 قرر العوده الى السودان ولماذا اسقر بمدينه كسلا بالرغم من عرض المملكه المصريه حينها عليه الجنسيه المصريه …لماذا لم يستقر بمصر … وهل كان اسلامه يمنعه من العوده الى بور ام انه تعود على حياه المدينه فقرر ان يفارق الغابه للابد …وكم اجدنى شغوف برحله الى بور للبحث عن جذورى كما فعل اليكس هيلى … البنى الجلد مثل لونى البنى الذى جاء نتيجه مصاهره جنوبيه بدم شبه عربى من الجعليين الجباراب … انا اليوم احسب باننى لن اكون مقبولا بالشمال ولن اكون مقبولا بالجنوب … هذه الخلاسيه جعلت منى دم ملوث من هنا وهناك … مع ان عمرى قد تجاوز الستين ولم افارق الشمال فى يوم من الايام ولم ارى الجنوب وقد لا اراه الا اذا شاء القدر ذلك او شاءت حكومه السودان. والامر قد يبدو سهلا ومقبولا فى الحياه العاديه والمجتمعيه ولكن ما ان تتقدم للحصول على الرقم الوطنى حتى تجد ان الدنيا قد اظلمت فى وجهك بالرغم من انك مولود بالسودان وابوك مات بهم السودان لم يكن فى يوم من الايام يفكر بان ( طوبوب ) السودان قد ينقلبون عليه ويحيلون حياته الى جحيم لا يطاق …وتشعر بانك محل امتحان عسير ..وهذه مشكله عشرات الالاف من الاسر ذات الاصول الجنوبيه بالشمال .. فهم اسر قد استوطنت بالشمال منذ القرن الثامن عشر متفرقين فى كل بقاع السودان الشمالى بخارطته الجديده .. هولاء اصبحوا فى ( حيص بيص ) لا يعرفون شيئا عن جنوب السودان ولايعرفون لهجات جنوب السودان حتى منهم من لا يعرف من ايه منطقه هو او ايه غابه … مجرد حشرات طارت الى السودان كالفراشات لتحترق على نيران ( الطوبوب ) وتزاوج هولاء المولودين بالشمال من كافه قباءل الشمال بل وبكل القبائل السودانيه كما تزواج المستعربين من كل قبائل الزنج بالسودان ليعطوا هذا اللون الخلاسى الذى لا يعترف به العرب ولا يعترف به الافارقه الزنج…والشىء المدهش حقا ان بقايا الغزو المختلفه سواء كان الغزو التركى للسودان اوالغزو المصرى .. بقاياهم يقدم لهم الرقم الوطنى على طبق من ذهب .. بل تم استخراج الرقم الوطنى لللاجئيين من كل دول الجوار والقادمين من بلاد شنقيط والهاربين من افغانستان وكابول والنازحين حتى من قبائل الارنؤوط المتاخمه للاتحاد السوفيتى …حتى الهنود استمتعوا بالرقم الوطنى مع انهم لم يتمازجوا بايه قبيله سودانيه وحافظوا على دياناتهم بعيدا عن المجتمع يعبدون الله بطريقتهم فى صمت .. واحدث قبيله سودانيه وصلت الىالسودان قبل قرن واحد فقط اصبحت سودانيه 100 % لانهم عرب . لابناء السودان من اصول جنوبيه مشكله حقيقيه ومحنه حقيقيه لم تنتبه لها الدوله حتى الان . مع انهم لم يرفعوا السلاح فى يوم من الايام ضد ايه شرعيه دستوريه وادوا اعمالهم بامانه وبرز منهم العديد فى الساحه العسكريه والساحات العلميه والسياسيه … وتغيرت ملامحهم نتيجه الزواج وتغيرت اسمائهم لم يعد دينق او مبيور او جيمس من ضمن الاسم الخماسى … ولكن بالرغم من ذلك يعترف بان اصوله من الدينكا او الشلك او النوير وعتز بهذا الانتماء … واذكر فى زمن ما كان هناك سوال باورنيك التقديم للحصول على الجنسيه السودانيه . كان السوال ( متى دخل اسلافك الى السودان ؟)و كانت اجابه الشمالى ( بعد دخول العرب الى السودان ) وكانت اجابه الزنجى ( قبل دخول العرب الى السودان ) سبحان الله مغير الاحوال … والبعض من هولاء ذوى الاصول الجنوبيه وفى سبيل الحصول على الرقم الوطنى غيروا قبائلهم بواسطه المحكمه الشرعيه عن طريق اصدار اعلام شرعى يغير قبيلته الى المسيريه الزرق او الفور او الداجو او النوبه او ايه قبيله اخرى من قبائل غرب السودان غير هيابين من انكشاف امرهم وتعرضهم للمسائله القانونيه حيث انهم قدموا بينات كاذبه وغير صحيحه فى سبيل الحصول على الرقم الوطنى .. نقول فى ختام ماذكرناه ان على الدوله ان تهتم بشأن هولاء الذين اوجدهم القدر بالشمال …كان ميلادهم بالشمال …. عملوا وتزاوجوا بالشمال … لا يعرفون مكان اخر غير الشمال واظن ان ميثاق حقوق الانسان يحقق لهم الحمايه اللازمه وان القوانين تحقق ايضا هذه الحمايه … فالوطن هو مكان الميلاد ومكان العمل والبيت والزوجه والابناء .واننى اناشد الرئيس وكل من يحمل هم السودان ان يلتفتوا الى هولاء والظلم ظلمات والظلم يولد اشياء اخرى اقلها الكراهيه والبغضاء . واقول لهم لا تكونوا طوبوب اليكس هيلى … والله المستعان . عبد الله احمد خير السيد المحامى بكسلا