قال السيد محمد عثمان الميرغنى أن استغلال اسم الشريعة في تطبيق نماذج اجتهادية أضر بصورتها وسيضر بها، وأن رفعها كأداة سياسية وشعار مرحلي من أجل كسب الدنيا أمر يجب مراجعته ،وذلك فى نفى لأنباء قد ذكرت أن السيد الميرغنى اتصل بالرئيس البشير بعد إعلانه أنه سيقيم حكما إسلاميا وأيده . وأكد الميرغنى أن خيار الوحدة الذى تم طرحه على أبناء جنوب السودان طيلة الفترة الماضية لم يكن مرضيا ،وأضاف فى بيان له بمناسبة عيد إستقلال السودان إن الفترة الانتقالية التي جاءت لتدعم خيار الوحدة ، وتعمل على تأسيس وضع يستوعب الجميع لم تفلح في ذلك ، فقد اعترتها الكثير من المكدرات ، ولم يراع الشريكان ضرورة استيعاب آراء المجتمع السياسي ، وتضمنت الكثير من المشاكسات ، وصارت الممارسات البرلمانية لا تعبر عن رغبات السلام والوحدة ، و لقد نبهنا مبكراً إلى العيوب والنواقص التي اشتملت عليها القوانين وعلى رأسها قانون الاستفتاء ، وقلنا إن الأخير اقتضته اتفاقية نيفاشا للسلام ونص عليه الدستور الانتقالي لعام 2005م ، وقام الشريكان بوضع قانونه وتشكيل مفوضيته ثنائياً ، بالرغم من أن القضايا المتعلقة به (قضايا ما قبل وما بعد الاستفتاء) ذات طبيعة عامة وتخص الشعب السوداني بأكمله . إن إقامة الاستفتاء في جو من الاستقطاب الحاد ، أطلق صافرة الإنذار لمحاذير الانفصال ، حتى أن الوحدة الجاذبة ، أُلبست ثوب القهر و الاستبداد والنفاق ، وأصبحت وحدة كاذبة بكل أسف، ولم يُفسح للصادقين المؤمنين بوحدة البلاد أن يبشروا بها ، أو يسعوا لتثبيتها في أرجاء الوطن . إن عوائق الشريكين وإخفاقاتهما المتتالية، لم ولن تُثبِط من عزيمتنا، وسنظل نعمل من أجل الوحدة حتى آخر لحظة . وأضاف الميرغنى :إن الاستفتاء في ظل هذا الجو المشحون يُعتبر مغامرة كبيرة ، أيًا كانت نتيجته ، فهو في حد ذاته عُبئ بما لا يقوى على مغالبته، و مُلئ بأطماع أجنبية نخشى أن عواقبها تتعدى حدود الوطن، وقد تم تحميله بُعداً دينياً ينذر بالدخول في موجة من التطرف. لأجل هذا قدمنا رؤيتنا الإسعافية لإنقاذ وحدة السودان ، متمثلة في طرح الكونفيدرالية ، طريقًا ثالثاً بين الوحدة والانفصال ، ولو كمرحلة انتقالية، تسمح لنا بالتبشير بخيارات الوحدة في مناخ بعيد من هذا الاستقطاب الحاد . بغض النظر عن النتائج التي سيتمخض عنها الاستفتاء ، في حال إصرار الجهات على قيامه دون مراعاة للمصاحبات الأمنية المهمة، فإننا سنواصل حمل لواء الدعوة إلى الوحدة . وأعلن في خطابه قيام المبادرة الوطنية لتوحيد السودان (متخذًا من ميثاقي مع الراحل الدكتور جون قرنق مدخلاً لها، حيث سنبحث في المؤتمر العام القادم للحزب، إقامة اسبوع وحدة السودان الثقافي الرياضي الاجتماعي ، في 16 نوفمبر من كل عام ، وتقام فيه بطولة الميرغني / قرنق الرياضية ، ويتضمن حوارات علمية سياسية فكرية عن أسس وحدة السودان ، وهموم مواطن السودان ، و كذلك العديد من المناشط المصاحبة التي نسعى من خلالها رتق النسيج الاجتماعي وضمان استمرار التواصل بين أهل الجنوب وأهل السودان، وسيكون ذلك بصفة دورية بين الخرطوم وجوبا ، وتقام فعالياتها الثقافية في دار السيد علي الميرغني رمز الوحدة في الشمال وعند ضريح الدكتور جون قرنق رمز الوحدة في الجنوب، على أن تقوم اللجان المختصة بدراسة ذلك ومباشرة الإعداد له، في كل الحالات الانفصال أو الوحدة ) . وتساءل السيد الميرغني :إن العالم كله يمضي في طريق التوحد ، فلماذا يُراد لنا التفرقة ؟ إن الأوربيين وما بينهم من تاريخ دموي وتنافر وتعدد، أجبرتهم مصالحهم على المُضي والزحف نحو الائتلاف والاتحاد، وإن الولاياتالمتحدةالأمريكية مزجت بين عرقيات مختلفة ، وضمت أعراقًا مختلفة . ولهذا فإننا نجدد الدعوة لقيام اتحاد يجمع مصر والجماهيرية الليبية واريتريا وتشاد والسودان ، وفي حالة انفصال الجنوب، يجمع الاتحاد دولة شمال السودان ودولة جنوب السودان، وقد عبرنا عن ذلك في لقائنا مع وجوه المجتمع الدولي، ونرى أن هذا الاتحاد يحقق السلام والاستقرار في المنطقة ، ويؤسس لوحدة تضامنية جاذبة في مستقبل الأيام. وألقى باللائمة على المؤتمر الوطنى فقال :إن الانتخابات الأخيرة وما شهدتها من أحداث ألقت بظلالها على الساحة السياسية ، زادت الجو تعقيدًا ، ونفَّرت الجميع من العمل السلمي ، ومنحت إشارات سلبية لمآلات الحكم في البلاد ، وما أعقبها من تجاهل لاتفاقيات السلام ، زاد الوضع احتقانًا ، وأنذر بأن حالة اللاحرب أضحت مهددة بالانفراط . كما أن تضييق مساحة الحريات ، والتعامل مع الاحتجاجات بشكل غير موفق ، زاد الأوضاع سوءًا ، وضاعف ذلك السوء معاناة شعبنا الاقتصادية المريرة ، واستشراء الفساد ، وظهور الأسواق الوهمية، وما أفرزته من نتائج سالبة. إن موقفنا من كل ذلك يأتي مناصراً ومنحازًا للشعب وطوائفه المسحوقة ، حتى نسترد لهم الحقوق ، ونؤمن لهم العيش الكريم . وأضاف :لازال جرح أهلنا في دارفور ينزف ، و لازال تحقيق السلام في دارفور يحتاج إلى الكثير من الجدية . وقد تابعتم جميعاً آخر تطورات الوضع المتأزم من وقف المفاوضات. إننا عبر حزبكم العملاق بصدد التحرك في جولة للقاء فرقاء دارفور تهدف إلى الاستماع إلى الأطراف المختلفة ، وحثها على تحمل المسؤولية وتقديم تنازلات حقيقية، تحقق الضمانة اللازمة لانتهاء هذه الأزمة . إن العام المقبل سيكون عامًا مفصليًا في تاريخ السودان، وعلينا جميعًا أن نعتمد الحوار و المفاكرة ، ونبتعد عن المزايدات التي أجّجت الصراع في أنحاء الوطن . وأكد :إن الإسلام السمح يدعونا إلى الاتحاد والاعتصام وضمان لُحمة الأمة، ويرشدنا إلى منح الحريات، ويجبرنا على احترام الآخر و يعلمنا التعايش والتسامح، واحترام سيادة القانون . وإننا إيماناً بكل هذه المقاصد ، نرفض المزايدة بالإسلام واستغلال شريعته السمحاء . وقال :. إننا نؤكد بأن استغلال اسم الشريعة في تطبيق نماذج اجتهادية أضر بصورتها وسيضر بها، وأن رفعها كأداة سياسية وشعار مرحلي من أجل كسب الدنيا أمر يجب مراجعته. وأضاف إن ظواهر التطرف التي بدأت تستشري في السودان ، أصبحت تمثل تحديًا كبيرًا، نبهنا له منذ تسعينيات القرن الماضي، وإننا نكرر وننبه لها من جديد ، وندعو إلى التوعية بخطرها، ونؤكد أن الإسلام دين المحبة والسلام ، و ليس بدين إرهاب: إن مجتمع السودان متعدد الأعراق ، وهذا الاختلاف الإثني والعرقي في المجتمع كانت تصهره الطرق الصوفية و الأحزاب السياسية والنقابات الوطنية ، واستطاعت تحقيق الحد الأدنى من الوحدة ، ولكن هذه المكونات الأساسية تعرضت لحملات تخريب أضرت بالكثير من قيمه، فظهرت بضعف أدوارها الكثير من الأمراض في المجتمع ، وعلى الذين غرسوا معاول التخريب والهدم أن يرفعوا أيديهم من تهديم النسيج الاجتماعي ، فإن مآلات هذه الأعمال المؤذية والأفكار الهدامة أضرت بوحدة وأمن واستقرار البلاد . إن مستقبل السودان يجب أن يتم التواضع والاتفاق عليه ، وذلك لا يتم إلا بحملات من الحوار لذلك فإننا سنعيد طرح مبادرتنا للوفاق الوطني، بعد الاستفتاء ما دام المناخ السلمي موجودًا ومواتيًا لها، وما دامت الحرية مكفولة، وسنعمل على تحقيقها لتمهد للمصالحة الوطنية .