الاثنين 3 يناير 2011م استلمت رسائل عبر البريد بعنوان المكتب، وعندما نظرت إلى تاريخها وجدت أنها قد أُرسلت قبل أكثر من خمسة شهور!!!!!!!، وحمدت الله أنها وصلت حتى بعد كل هذا التأخير!!!!!!!!. عندما فتحتها وجدت أنها قد أُرسلت من أصدقائنا بجنوب السودان، يبدون فيها عميق أسفهم وحزنهم لسماعهم نبأ سجن أبوذر!!!!!!!. من العام 2007 إلى 2009م، عشنا طيلة هذه الفترة بمدينة ملكال، حاضرة ولاية أعالي النيل، حيث درس أبنائي بالمدراس الجنوبية، وعقدوا صداقات مع أطفال من الدينكا والشلك والنوير!!!!!!!. أبوذر كذلك، كانت له صداقات متفردة وعديدة، وأذكر أنني تلقيت كثير من الاتصالات الهاتفية من جنوبيين يعبرون فيها عن عميق أسفهم ويبدون دعم ومواساة كبيرين!!!!!!!. كانت الرسائل، وهي ستة رسائل أتت من أبناء النوير الذين كانوا يسكنون بالقرب منّأ، وتتحدث عن الفراغ الذي تركناه بعد أن غادرنا ملكال، ويؤكدون على أنهم لم ينسوننا وأن ما حدث لأبوذر قد مسهم في أعماقهم، وبكوا رجالاً ونساءاً لما شاهدوا صورة التعذيب على صفحات الجرائد!!!!!!!!. إحدى الرسائل، وهي من ويليام كوج، يقول فيها، أن لحظة ما أن عرفوا بالحدث، علت أصواتهم وأخذوا يصيحون من الألم حيث لم يستطيعوا أن ينظروا مرة أخرى لصورة التعذيب!!!!!!!، وقال مواصلاً، ولحظة أن سمعنا بحكم المحكمة أقمنا مأتم وكنا نتلقي العزاء من بقية الجيران!!!!!!!!. مسحت دمعتي بكفي، إذ كنت أعرف صدقهم وإخلاص نواياهم وحبهم اللامحدود لأبوذر ولأطفالي!!!!!!!. أذكر أن أبوذر مرض يوماً بالملاريا بحيث لم يستطع الخروج لثلاثة أيام متتالية!!!!!!!، ولا أنسى كيف أن الحشود أخذت تتوافد على منزلنا بملكال، من كل حدب وصوب!!!!!!!، وعلق (أحمد) ابني قائلاً، يا ماما، كأنه رئيس الجمهورية!!!!!!!!. عرفت أن ما حدث لأبوذر سوف يصيب أحبائه الجنوبيين في مقتل، وسوف يحزنون حزناً عميقاً على ذلك، وصدق حدسي!!!!!!!. بعد ذلك أخبرتني (رؤى) ابنتي، بما دهشت له، حيث قالت: أنها تلقت عدد من الاتصالات التلفونية من زميلاتها السابقات بمدرسة الملكية يخبرنها فيه، بمدى أسفهم لما حدث لوالدها!!!!!!!!، وقالت (رؤى) الغريب أن شريحتي جديدة ولا أعرف كيف تحصلن عليها!!!!!!!!!. عرفت أن أبوذر سوف يحزن، حين يعلم بمدى القلق الذي أصاب أحباؤه الجنوبيين جراء ما حدث له، وسيظل يذكرهم دوماً ويذكر مودتهم وإخلاصهم!!!!!!!!!!، وسوف يفرح وتنفرج أساريره كذلك، حين يعلم بمدى اهتمام الأصدقاء من كل حدب وصوب!!!!!!!!. وأذكر أنه حدثت بعض التوترات في ملكال، وخفنا أن يصيبنا مكروه، وقال لنا جارنا (النوير)، إن حدث شئ، فسوف أدافع عنكم قبل أسرتي، فأنتم في وسط أهليكم!!!!!!. وكنا نحس باطمئنان شديد، ونثق فيما سمعناه!!!!!!، ولا زالت أواصر الصداقة والمودة تنبت جسورها بيننا، وما حدث لأبوذر لم يزدها إلا رسوخاً وثباتاً!!!!!!!!.